تعليقا علي ما يسمي بالحملة الأمريكية ضد مسلسل فارس بلا جواد
وقفة تعقل مع الموقف الأمريكي
تتابعت في الأسابيع القليلة الماضية مسلسلات الهجوم علي السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط ،ومع إيماننا الكامل بان هذه السياسات قد توضع أحيانا في الميزان السلبي للسياسات الأمريكية تجاه المنطقة العربية ،آلا أن ذلك لا ينبغي أن يدفعنا إلى تفسير كل موقف أمريكي علي انه ضد المصالح العربية ،فيجب أن نفرق ما بين الانتقادات الأمريكية لسياسات الحكومات العربية والتعارض الأمريكي مع المصالح العربية ، لقد كان الموقف الأمريكي واضحا علي لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جورج بوتشر والذي انتقد عرض هذا المسلسل في وسائل الإعلام الحكومية العربية ،لذا فان لنا مع هذا الموقف الأمريكي وقفة ،فقد عرض هذا المسلسل في وسائل الإعلام الحكومية العربية ، ومن هنا مصدر سوء الفهم الذي لحق بالموقف العربي ،الذي انبرت مؤسساته الحكومية وغير الحكومية في مهاجمة الموقف الأمريكي وتصويرها لذلك بالصفات التي اعتادت وسائل الإعلام العربية وصف جميع المواقف الأمريكية بها دون انتظار لأي مراجعة عقلانية لهذا الموقف أو ذاك ،والواقع أن الموقف الأمريكي في ذاته لا يشكل –حسب اعتقادنا- أي حجرا علي حرية الرأي والتعبير أو أي ازدواجية في النظرة الأمريكية لضرورات التحول الديمقراطي في هذه المنطقة ،بل أن الازدواجية الحقيقية تأتي من الجانب العربي ،فمن العبث كل العبث أن تقيم بعض الحكومات العربية علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل ،ويقيم البعض الأخر علاقات غير رسمية معلنة أحيانا وسرية أحيانا أخرى ،بل انه ما يدعو للعجب أن البترول الذي تسير به الدبابات والمصفحات الإسرائيلية التي تقتل وتشرد مئات الإسرائيليين يأتي من دول عربية ،وفي ذات الوقت تقود حملة من اجل هذا المسلسل الذي يصف إسرائيل بالعنصرية والهمجية والفاشية وغيرها من مصطلحات القاموس العربي الذي لا ينضب ،وهكذا تكون الازدواجية في أوضح معانيها ،فإذا كانت هذه الدولة بهذا القبح الذي يصوره لنا الإعلام الحكومي فما الداعي أساسا إلى الاعتراف بها القامة علاقات دبلوماسية معها ورفض أي دعوات لقطع أو للحد من العلاقات معها ،بل واعتبار السلام معها خيار استراتيجي كما قررت القمم العربية الأخيرة .
إننا نضع هذه الانتقادات الأمريكية في وضعها الصحيح ووزنها الدقيق في انه لا يجوز لإعلام حكومي المفروض انه يعبر عن وجهة النظر الرسمية ،الحديث بهذه اللغة المزدوجة التي تمارسها الأنظمة العربية منذ اكثر من خمسين عاما ،إننا لا نستطيع أن نفسر هذه اللغة الحنجورية العربية إلا في إطار رغبة هذه الحكومات في التنفيس عن الكبت الذي تعيش فيه شعوبها بسبب سياسات الفشل المتتالية خاصة فيما يتعلق بإدارتها للصراع العربي الإسرائيلي ،بل أن ما يعزز وجهة نظرنا تلك هو انه لم نسمع –تحديدا قبل أحداث سبتمبر- أي انتقاد أمريكي لقناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني قائد المقاومة العربية الحقيقية ،ألم تكن هذه القناة أولى بالهجوم الأمريكي عليها باعتبارها قناة حسب اعتقاد الغوغائيين تدعو إلى الإرهاب وتشجعه ؟،ولكن هناك فرق بين من يفعلون في السر أشياء ويعلنون أخرى وبين من تتسق أفعالهم مع أقوالهم في رفضه للدولة الإسرائيلية سرا وعلنا .
هكذا كان الموقف الأمريكي وهكذا كان الموقف العربي والذي يبدو انه ينظر لموقف هذا الأول من خلال نظارته هو لا من خلال الحقيقة التي نتذوق مرارتها كل يوم تطلع علية شمس الوطن العربي الكبير!!!!! .
ومع ذلك فإننا لا نطلب من الحكومات العربية أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الصهيوني وترفع راية النضال ضد المستعمر الصهيوني فنحن نعرف إننا لو طالبنا بذلك فسوف نكون بمثابة من يحارب طواحين الهواء معتقدا انه سيأتي عليه اليوم وينتصر عليها ،فالكل يعلم العلاقات القوية التي تربط بين الحكومات العربية ونظيرتها الأمريكية ،بل أن ما ندعو إليه فقط هو أن نفسح المجال للمؤسسات غير الحكومية وقوي المجتمع المدني لكي تعبر عن رأيها من خلال وسائل إعلام حرة مملوكة لها ،تستطيع من خلالها رفع الحرج عن حكوماتها أو التأثير علي استقرارها وديمومتها المقدسة .
إننا بهذا الشكل نكون قد اتسقتا مع أنفسنا وفوتنا الفرصة علي المتربصين بنا ،وأيضا نكون قد اتسقنا مع الموقف الأمريكي الداعي الآن إلى وجود ديمقراطية حقيقية في العالم العربي ،وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية ،ورفع القيود عن ممارسات المجتمع المدني ،وهو ما نعتبره غاية سامية نسعى أليها ونلح عليها أيا كان صاحب هذه الدعوة ،ومن اجل نفوت الفرصة أيضا علي أعداء الداخل المؤمنون بالعنف وسيلة للتحول السياسي وإدارة العلاقة بين السلطة والمجتمع .فهل من مستجيب؟ .
خالد فياض
باحث مصري
وقفة تعقل مع الموقف الأمريكي
تتابعت في الأسابيع القليلة الماضية مسلسلات الهجوم علي السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط ،ومع إيماننا الكامل بان هذه السياسات قد توضع أحيانا في الميزان السلبي للسياسات الأمريكية تجاه المنطقة العربية ،آلا أن ذلك لا ينبغي أن يدفعنا إلى تفسير كل موقف أمريكي علي انه ضد المصالح العربية ،فيجب أن نفرق ما بين الانتقادات الأمريكية لسياسات الحكومات العربية والتعارض الأمريكي مع المصالح العربية ، لقد كان الموقف الأمريكي واضحا علي لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جورج بوتشر والذي انتقد عرض هذا المسلسل في وسائل الإعلام الحكومية العربية ،لذا فان لنا مع هذا الموقف الأمريكي وقفة ،فقد عرض هذا المسلسل في وسائل الإعلام الحكومية العربية ، ومن هنا مصدر سوء الفهم الذي لحق بالموقف العربي ،الذي انبرت مؤسساته الحكومية وغير الحكومية في مهاجمة الموقف الأمريكي وتصويرها لذلك بالصفات التي اعتادت وسائل الإعلام العربية وصف جميع المواقف الأمريكية بها دون انتظار لأي مراجعة عقلانية لهذا الموقف أو ذاك ،والواقع أن الموقف الأمريكي في ذاته لا يشكل –حسب اعتقادنا- أي حجرا علي حرية الرأي والتعبير أو أي ازدواجية في النظرة الأمريكية لضرورات التحول الديمقراطي في هذه المنطقة ،بل أن الازدواجية الحقيقية تأتي من الجانب العربي ،فمن العبث كل العبث أن تقيم بعض الحكومات العربية علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل ،ويقيم البعض الأخر علاقات غير رسمية معلنة أحيانا وسرية أحيانا أخرى ،بل انه ما يدعو للعجب أن البترول الذي تسير به الدبابات والمصفحات الإسرائيلية التي تقتل وتشرد مئات الإسرائيليين يأتي من دول عربية ،وفي ذات الوقت تقود حملة من اجل هذا المسلسل الذي يصف إسرائيل بالعنصرية والهمجية والفاشية وغيرها من مصطلحات القاموس العربي الذي لا ينضب ،وهكذا تكون الازدواجية في أوضح معانيها ،فإذا كانت هذه الدولة بهذا القبح الذي يصوره لنا الإعلام الحكومي فما الداعي أساسا إلى الاعتراف بها القامة علاقات دبلوماسية معها ورفض أي دعوات لقطع أو للحد من العلاقات معها ،بل واعتبار السلام معها خيار استراتيجي كما قررت القمم العربية الأخيرة .
إننا نضع هذه الانتقادات الأمريكية في وضعها الصحيح ووزنها الدقيق في انه لا يجوز لإعلام حكومي المفروض انه يعبر عن وجهة النظر الرسمية ،الحديث بهذه اللغة المزدوجة التي تمارسها الأنظمة العربية منذ اكثر من خمسين عاما ،إننا لا نستطيع أن نفسر هذه اللغة الحنجورية العربية إلا في إطار رغبة هذه الحكومات في التنفيس عن الكبت الذي تعيش فيه شعوبها بسبب سياسات الفشل المتتالية خاصة فيما يتعلق بإدارتها للصراع العربي الإسرائيلي ،بل أن ما يعزز وجهة نظرنا تلك هو انه لم نسمع –تحديدا قبل أحداث سبتمبر- أي انتقاد أمريكي لقناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني قائد المقاومة العربية الحقيقية ،ألم تكن هذه القناة أولى بالهجوم الأمريكي عليها باعتبارها قناة حسب اعتقاد الغوغائيين تدعو إلى الإرهاب وتشجعه ؟،ولكن هناك فرق بين من يفعلون في السر أشياء ويعلنون أخرى وبين من تتسق أفعالهم مع أقوالهم في رفضه للدولة الإسرائيلية سرا وعلنا .
هكذا كان الموقف الأمريكي وهكذا كان الموقف العربي والذي يبدو انه ينظر لموقف هذا الأول من خلال نظارته هو لا من خلال الحقيقة التي نتذوق مرارتها كل يوم تطلع علية شمس الوطن العربي الكبير!!!!! .
ومع ذلك فإننا لا نطلب من الحكومات العربية أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الصهيوني وترفع راية النضال ضد المستعمر الصهيوني فنحن نعرف إننا لو طالبنا بذلك فسوف نكون بمثابة من يحارب طواحين الهواء معتقدا انه سيأتي عليه اليوم وينتصر عليها ،فالكل يعلم العلاقات القوية التي تربط بين الحكومات العربية ونظيرتها الأمريكية ،بل أن ما ندعو إليه فقط هو أن نفسح المجال للمؤسسات غير الحكومية وقوي المجتمع المدني لكي تعبر عن رأيها من خلال وسائل إعلام حرة مملوكة لها ،تستطيع من خلالها رفع الحرج عن حكوماتها أو التأثير علي استقرارها وديمومتها المقدسة .
إننا بهذا الشكل نكون قد اتسقتا مع أنفسنا وفوتنا الفرصة علي المتربصين بنا ،وأيضا نكون قد اتسقنا مع الموقف الأمريكي الداعي الآن إلى وجود ديمقراطية حقيقية في العالم العربي ،وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية ،ورفع القيود عن ممارسات المجتمع المدني ،وهو ما نعتبره غاية سامية نسعى أليها ونلح عليها أيا كان صاحب هذه الدعوة ،ومن اجل نفوت الفرصة أيضا علي أعداء الداخل المؤمنون بالعنف وسيلة للتحول السياسي وإدارة العلاقة بين السلطة والمجتمع .فهل من مستجيب؟ .
خالد فياض
باحث مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نرحب بتعليقاتكم لخدمة هدفنا الاسمى في الاصلاح المنشود