الجمعة، 18 مارس 2011

مواطن مصري من معمعة لعم

تعيش مصر هذه الايام في اجواء ملتهبه جدا من الحوار الثري والجدل البناء بين ابناء الوطن الواحد ، هذا الوطن الذي يبدو انه يمر يايام هي بالفعل غريبة عليه ، فهو لم يعشها من قبل فقد عاش هذا الشعب طوال اكثر من ستين عاما معتادا على ان حاكمه يرشح له عضو البرلمان على سبيل المثال ويختاره له ايضا ، كما ان هذا الحاكم يقترح له التعديلات الدستورية ويوافق له عليها ايضا ، وبالتالي فان المواطن المصري في هذه الايام كان دائما مواطنا مفعولا به ، ولم يكن ابدا مواطن فاعل باي شكل من الاشكال ، حتى عندما يطلب منه الادلاء بصوته تحت اشراف قضائي كامل فانه يكون ايضا مفعولا به ومسلوب الارادة عندما يجد من يدفع له مئات الجنيهات حتى يوجه صوته وجهه معينة تاتي متفقة مع تطلعات ورغبات الحاكم . الا انه بتفجر ثورة 25 يناير انقلب الوضع واصبح المصري ولاول مرة منذ ستين عاما فاعلا ويصبح صوته ذي قيمة ، ولاول مرة ندخل استفتاء ونحن نجهل نتيجته . وهذا انجاز عظيم يحسب للثورة .

الا انني وفي هذه الايام فاني حريص على حضور اكبر عدد من الندوات التي تؤيد او تعارض التعديلات وقد خرجت منها بعدد من الملاحظات على هذا النوع من الندوات والتي شاركت فيها هذا الاسبوع وهي :

ان معظم الندوات المؤيدة للتعديلات هي ندوات ينظمها اخوان مسلمين او احزاب متعاطفة معهم .

ان معظم الندوات التي تقولا لا للتعديلات هي ندوات منظمة من قبل العلمانيين ياطيافهم المختلفة سواء كانوا ليبراليين او يساريين او ناصريين .

انه رغم انتمائي للفريق العلماني الا انني لاحظت قدرا كبيرا من عدم الموضوعية والتعالي في الندوات التي ينظمها العلمانيين وادعائهم المستفز بانهم هم الاقدر على الفهم وانهم الاخرين "مش فاهمين حاجه" ( يقصدون من يقولون نعم )

ان الاسلاميين كان لهم راي اكثر هدوءا واذكر كلمة قالها شيخ جليل لا اعرف اسمه "ان الثورة وحدتنا ولن ننقسم بعد ذلك ابدا ، وان من يقول نعم فانه يقولها من اجل مصر وكذلك من يقول لا"

ان لاحظت قدرا كبيرا من الاحتفاء بالشعب لمصري في مجموعه في ندوات الاسلاميين في حين راي العلمانيين ان الشعب المصري ما زال غير مستوعب للديمقراطية وانه يجب ان نتركه فترة حتى ينضج .

ان الاسلاميين كان لديهم قدرا كبيرا من التنظيم فهم يعرفون ماذا بفعلون وهم يوزعون منشوراتهم في اماكن محدده وفي اوقات محددة وهذا راجع الى خبراتهم الكبيرة في هذا الامر .

ان الفريق العلماني لا يعرف من الذي يوزع وقد وصل لامر الى ان بعض المنشورات تتهم من يقولون نعم بانهم خانوا الثورة وهو كلام جد خطير .

ان الندوات التي نظمها الاسلاميين كان بها قدر كبير من قبول الاخر اما الندوات التي نظمها الليبراليين فقد كان بها قدرا كبيرا من التمترس حول الذات ومحاولة تسفيه راي الاخر والهجوم عليه بل واتهامه بالعماله للنظام البائد .

انه اذا كان هناك من الاسلاميين من اخطا وادعا ان من يقول نعم واجب شرعي فانه هناك من العلمانيين من اخطا ايضا باتهام من قالوا نعم بانهم خونة واغبياء ومش فاهمين حاجه .

في كل لم اكن سعيدا وسط اخواني العلمانيين وسوف اكون اسعد اذا قاموا بابداء قدرا اكبر من المرونة مع اخوانهم الاسلاميين وليعلم الجميع ان هذه الثورة صنعها الكل ولا فضل لاحد على اخر فيها ، فاذا كان العلمانيين من فجر الثورة فان الاسلاميين هم من حموها ، واذا كان العلمانيين هم من اطلق الشرارة فان الاسلاميين هم من اشعلوها لتكون نارا على اعدائها ونورا على ابناءها .

اننا ادعو كل المصريين الى الذهاب الى صناديق الاقتراع يوم السبت القادم 19/3/2011 لابداء رايهم ايا كان هذا الراي دون تسفيه او تخوين او تكفير لراي الاخر مهما كان هذا الراي فالجميع يحبون مصر والجميع حريصين على نهضتها وعزتها مهما حاول المغرضون الايقاع بين ابناء الوطن الواحد .

السبت، 12 مارس 2011

لماذا نعم للتعديلات الدستورية المؤقتة؟

أولا: لأنها مؤقتة حيث تلك التعديلات لن تكون دائمة هي فقط تمهد لبناء مؤسسات منتخبة تقوم بإدارة عملية الانتقال السلمي للسلطة حيث تنص المادة 189 مكرر علي إلزام مجلسي الشعب والشوري التاليين لهذا الاستفتاء في خلال ستة أشهر من انتخاب المجلسين بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد

 

ثانيا : ضرورة إنهاء الوضع الاستثنائي القائم حالياً متمثلا في استمرار المجلس العسكري في السلطة تاركاً مهامه الاصلية معطلة ومحملاً عبئاً ثقيلا علي اخواننا ضباط وصف وجنود القوات المسلحة ، وكذلك يحمل  مؤشراً ولو نفسياً لحالة من عدم الاستقرار في البلاد

 

ثالثا : ان تسليم السلطة الي حكومة مدنية منتخبة في أسرع وقت ممكن هو أهم الأولويات العاجلة لحماية الثورة من مآل يوليو 1952 عندما تكرر مشهد مماثل حيث كان قادة الحركة من ضباط الجيش يصرون علي اجراء انتخابات في غضون ستة أشهر وكان رئيس الحكومة المدنية علي ماهر يرغب في التأجيل لعامين وكان وقتها هو وسليمان حافظ والسنهوري وأخرون يتخوفون من أن إجراء انتخابات سريعه سوف يأتي بحزب الوفد !! وتعلمون أنه بعد ذلك أجلت الانتخابات النزيهه ستون عاما

 

رابعاً : هناك تخوف موهوم من أن تفرز الانتخابات القادمة تيارات غير ديمقراطية ويذكر عادة بالاسم الحزب الوطني أو جماعة الاخوان المسلمين ، أما عن الحزب الوطني فلا يمكن بمنطق عقلي بسيط أن يفوز في انتخابات حرة نزيهه فعلي مدي عقود كان فيها هذا الحزب يملك السلطة كاملة ويحتل البلاد شرقها وغربها أرضها وماءها لم يقنع الناس بانتخابه ولجأ الي التزوير الكامل لارادتهم فمن غير المعقول أن نتوهم انه من الممكن أن يحصل علي حصة أقلية معتبرة من المقاعد فضلا عن حصوله علي أغلبية بافتراض أنه نجا من الحل في القضية المنظورة حاليا أمام القضاء الاداري ، أما الإخوان فبالاضافة الي اعترافهم في كل أدبياتهم السياسية بقبول الالية الديمقراطية في العمل السياسي أوضحوا علي مستويات مختلفة أنهم سوف ينافسون علي ثلاثين في المائه فقط من المقاعد وذلك حسب اسبابهم انهم يرون ان السلطة في الوقت الحالي مغرم لا مغنم وكذلك يريدون ان يوجهوا رسالة طمأنينة للأخر في الداخل والخارج وأنهم يحتاجون الي وقت لتحسين صورتهم المشوهة علي مدي الستين عاما الماضية

 

خامساً : البعض يتحدث عن سقوط الدستور الحالي وعمليات ترقيع وأوضاع غير دستورية وتلك مقولات تشبه العناوين البراقة ولا ترقي الي أي تطبيق عملي فنحن نقر بأن الدستور الحالي ساقط ويجب وضع دستور جديد وهذا ما نفعله الان كما أوضحت في البند أولا ، حيث تلك الطريقة التي من خلالها نضع دستوراً جديدا يحتاج الي وقت للجدل حوله ليعبر عن صراع وتوافق القوي السياسية في مجتمع مغلق منذ ستين عاما ولا أحد يعرف علي وجه الترجيح الأوزان المختلفة لمختلف التيارات السياسية فيه.

 

سادساً : البعض يتحدث عن عدم جاهزية والقوي السياسية التي تشكلت مع الثورة لخوض انتخابات الآن ، وهذا تخوف غريب حقا حيث الآن والآن فقط تملك هذه القوي الوطنية زخم لا نظير له ربما يذبل بعد عام او اثنين بعد ان تتمكن قوي النظام السابق من جمع شتاتها وتجميل حروقها ، ولكم ان تتخيلوا أن صفحة كلنا خالد سعيد أحد مفجري الثورة عدد مشتركيها تجاوز المليون ، ولنا أن نقول ان هناك أحزاب قائمة منذ ما يقرب من أربعين عاماً لم تكن يوما جاهزة للمنافسة ولن تكون جاهزة ابدا وإذا اردنا انتظارهم سوف ننتظر قرون وليس عقود

 

سابعاً : هذه التعديلات سوف تمكننا من اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهه تحت اشراف قضائي كامل وتمكن القضاء من الفصل في طعون الانتخابات باحكام ملزمة وتفتح فرص الترشح لمنصب رئيس الجمهورية والذي كان حكرا علي الحزب الحاكم وتقصر فترة رئيس الجمهورية علي أربع سنوات ويعاد انتخابه مرة واحدة فقط ثم تلزم المجلسين بالعمل علي وضع دستور جديد للبلاد وهذه التعديلات كلها ضمن المطالب الوطنية لسنوات مضت

 

إن المسألة تحتاج فقط الي كثير من الثقة بالنفس في أننا عندما نختار سوف نختار بطريقة صحيحة لنا أن نسترجع تلك الأوهام التي سقطت تحت اقدام الثوار من تخاذل الشعب ومواته وانعدام وعيه وعدم قدرته علي تنظيم صفوفه كما سقطت تلك الاوهام والتي كانت مسلمات سوف تسقط امام صناديق الاقتراع الشفافة كل أوهام الخائفين من قرار الشعب

 

إننا اذا رفضنا تلك التعديلات فإنما بذلك نطيل أمد الخطوة الاولي لبناء دولتنا ونعرض ثورتنا لتغيرات في النفوس والصفوف ولعل ما تابعناه من فتن ومؤامرات خلال الايام الماضيه ينبهنا الي ذللك الخطر الكامن في عنصر الوقت

 

فلنقل نعم للتعديلات الدستورية ليس كدستور نهائي ينهي الحالة الثورية بل كخطوة علي طريق بناء مصر الجديدة في ظل بقاء هذه الحالة الثورية رقيباً وضابطاً علي المؤسسات ولنتحمل مسؤليتنا في التوعية بها والدعوة اليها

الأربعاء، 9 مارس 2011

في توابع الثورة المصرية ..... نسامح ولا ننسى

تعيش مصر هذه الايام آلام ما بعد الولادة وهناك حرص من جانب عموم المصريين على ان تمر هذه المرحلة بسلام وخاصة بعد قدوم مولود جديد وهو بالفعل يستحق تحمل آلام ما بعد الولادة ، فهو مصري تندمج فيه الاصالة مع المعاصرة ، وهو مصري تذوب فيه الخلافات الطائفية ، وهو مصري تتحطم فيه الحدود الطبقية الاقتصادية منها والاجتماعية ، وهو ايضا مصري شديد العزم كالرجل ولكنه رقيق الحس كالمراة ،وهو اخيرا مصري بحكمة الكهول وحيوية الشباب . تحطمت كل الحدود وتجسرت الفجوة بين كل الفئات والطوائف والاجيال واصبحنا نستشعر جميعا اننا في وطن واحد به قلب ينبض وروج وثابة للحياة والعمل والانجاز .
ومع ذلك فان آلام ما بعد الولادة هذه غالبا ما تسبب بعض المشاكل لهذا الوليد العظيم فألم الام لا يستطيع المولود ان لا يتاثر به فهو منها وهي منه . ولكن الام قادرة على ان تتعافي فهي تحملت الكثير ويجب عليها ايضا ان تتحمل الاكثر حتى تصل بوليدها الى بر الامان والسلام . ونقصد بالام ما بعد الولادة هنا هو هذه المشاكل المختلفة التي تظهر بين الفينة والاخري لتشغل الراي العام وتوجه وجهته الى غير الوجهه التي من المفترض انه قابع على انجازها ، فلا يمر يوم على مصر المحروسه الان الا ونسمع عن خلافات بين مؤيدين للثورة ومعارضين لها ، او حتى بين مؤيدين للثورة ومؤيدين جدد لها فما ان ننتهي من مشكلة ما حتى تظهر اخري وكأن لسان حال المجتمع يقول ان دليل حيويتي هي تلك المشاكل التي انتجها كل يوم ، ولكن امرا من ذلك لا يؤشر ابدا لحيوية لكنه يؤشر لامراض اجتماعية ينبغي محاصرتها بسرعة. والغريب في الامر ان معظم هذه المشاكل يثيرها من كان في يوم من الايام حملة مشاعل النظام البائد.
فهذه اعتراضات طائفية تم التضخيم منها وظهرت بالشكل الذي يعطي انطباعا انها الاضخم في تاريخ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ، ولكن ومع ذلك فان تعامل بحكمة تم مع هؤلاء الذين كانت اصواتهم تعلو على كل الاصوات المؤيدة للنظام البائد والداعية للاستقرار الذي هو في قاموسهم يرادف الاذعان والطاعة لنظام هو بكل المقاييس الافسد في تاريخ مصر .
ولم يقتصر الامر على هؤلاء فقط بل امتد ليشمل قوى الشرطة والتي يبدو انها لديها الرغبة في قلب الآية بدلا من ان يقدموا الاعتذار للمواطنين على سنين من الاستبداد والاذلال والافساد تعرض لها هذا الشعب على يد هذا الجهاز . فما ان نفرغ من غيابهم عن الشارع ( في رايي هو غياب غير محسوس المخاطر نتيجة لعدم تعود الشعب اصلا على وجود جهاز يضمن الامن الفعلي لهم ) حتى تنفجر فضائحهم ورغباتهم في الايقاع بين ابناء الشعب الواحد من خلال قيامهم بدفع جموع الغاضبين لاقتحام مقارهم والاستيلاء على ما فيها بعد ان قاموا بالتخلص من معظم الاوراق التي تدينهم وتركهم للاوراق التي تدين فئات الشعب بعضها البعض ، فهذا اعلامي مدلس واخر صحفي عمل لحسابهم كمرشد وثالث استاذ جامعي فاسد ، ورابع رجل اعمال راشي ومرتشي ، وخامس وسادس وسابع ، وبدلا من ان ننتبه لوطننا ونحاول اصلاحه والنهوض به يتحول الامر الى ما يشبه التفتيش في النفوس ليس ذلك فقط بل اصبح اتهام التخوين سلاحا يتم اشهاره في وجه الجميع في اي وقت وكل وقت وكل شئ بالمستندات والوئائق التي تركها هؤلاء عامدين متعمدين .
وامتدت آلام ما بعد الولاده هذه لتصل الى فئات الموظفين والعمال ، الذين استيقظوا فجاة ليروا ثورة وقد انجزت فقرروا المطالبة بمساواتهم في الاجور وتحقيق امتيازات لهم لم يكونوا ليحلمون بها في ظل النظام الذي ارتضوا به في السابق واوصلهم الى ما هم يحاولون تغييره الان وكان الثورة هي من فعلت بهم ذلك . واصبحت لغة الحقد والكراهية لكل شئ والرغبة في هدم كل شئ سائدة بينهم وكان لسان حالهم يقول " اخطف واجري" من ثورة كانت تزأر في شوراع مصر وكان هم يرددون بعد كل قرار من جانب النظام البائد مهما كان تواضعه كلمة "كفاية كده وخلينا نشوف"
ومع ذلك دعونا الان نبحث عن حل في العلاقة بين قوي المجتمع المختلفة من مشاكل طائفية وامنية وفئوية . وذلك حتى لا نترك السفينة لقوى الجهل هذه تديرها لتعيد عقارب الساعة الى الوراء .ولتكن دعوة لنا جميعا الى التسامح ، وهذا ما فعله المناضل الاكبر نلسون مانديلا بعد اكثرمن اربعين عاما في سجون جنوب افريقيا ، فقد اطلق فور استتباب الامر له شعاره العظيم "نسامح..لكن..لا ننسى"..هذا الشعار كنت أحسبه..
فالحقد والغل يبقى في الصدر..حتى وإن كانت هناك مسامحة..لأن قيمة المسامحة..تكمن في الأمور التي لا تنسى فعلاً..أما إذا كانت المسامحة في أمر نسي بعد حدوثه..فهذا امتهان للمسامحة..فما فائدة المسامحة هنا..هل للاستعراض ليس إلا!!فنحن نسامح ولا ننسى وذلك رغبة في احترام للنفس وللآخرين وخلق توازن لا بد منه لنظل واقفين .فمن خانني مرة ، أسامحه ، لكن لن أثق فيه مرة أخرى ومن كذب علي مرة ، أسامحه ، لكن لن أصدقه مرة أخرى ولا أنسى ، لا تعني الانتقام ، ولكن تعني أنني لن أهيء الظروف مرة أخرى لحدوث الخطأ .نسامح ولكن لا ننسى حتى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. ولتبقي روح الثورة وثابة كما ولدت من اجل مجتمع يتسع للجميع ويمارس حرياته فيه الجميع .