الاثنين، 2 ديسمبر 2013

العسكرة رغم انف الجميع

في مسرحيته الشهيرة "الزعيم" يسأل الفنان عادل امام نفسه أمام الجمهور سؤال ويجيب عليه بنفسه والسؤال هو "لماذا قمنا بالثورة؟" ثم يجيب نفسه بنفسه" أنا مش عارف لماذا قمنا بالثورة انا كنت نايم ساعتها " . ورغم هزلية الحوار وفكاهيته إلا أنه يبدو أنه ينطبق إلى حد كبير على العديد ممن شاركوا فيما أطلقوا عليه في حينه ثورة 30 يونية ، فقط كانت المطالب الجوهرية هي انتخابات رئاسية مبكرة ، وتعديل الدستور الذي في رأيهم قد احتوى على العديد من النصوص التي تنفي عن الدولة مدنيتها ، سواء المدنية المضاده للديني او المدنية المضادة للعسكري ، ففي رأي البعض منهم أن دستور 2012 قد اعطى للمؤسسة العسكرية بعض الحقوق التي لا تستحقها ،وهو ما شكل عند العديد من الحقوقيين انتكاسة كبيرة على حد زعمهم لثورة يناير ،وما نتج عنها من أحلام وردية بالحرية والمساواة ، ونهاية الحكم العسكري لمصري الذي امتد على مدار اكثر من ستين عاما . ولكن هل حقق الدستور الجديد أو المعدل أحلام هؤلاء؟ في هذه السطور سوف نحاول الإجابة على هذا السؤال بقراءة في التعديلات التي قامت بها الجنة المعينة من قبل رئيس الجمهورية المؤقت والمعروفة اعلاميا باسم لجنة الخمسين . الموازنة العامة للمؤسسة العسكرية اعتقدت أن هؤلاء الذين خرجوا ينادون بسقوط حكم العسكر ويتهمون نظام ما قبل الانقلاب العسكري بمهادنة الجيش خوفا وطمعا، أن يخرجوا علينا بمواد أكثر مدنية، أو إن شئت الدقة أكثر تحررا من هيمنة المؤسسة العسكرية،والتي جعلها نظام ما قبل الانقلاب العسكري دولة فوق الدولة على حد تعبير المنتقدين لدستور الجمعية التأسيسية المنتخبة .ولكن امراً من ذلك لم يحدث، ففي المادة الخاصة بمناقشة الموازنة العامة للقوات المسلحة نصت مادة دستور 2012 وهي المادة رقم 195 على وجود مجلس دفاع وطني من مهامه مناقشة الموازنة العامة للقوات المسلحة ووضعها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة ، وهي في ذلك تسحب حق مجلس النواب في مناقشة الموازنة العامة للقوات المسلحة،من خلال مجلس معظمه من المعينين ،بالإضافة إلى هيمنة العسكريين على تشكيل المجلس فهو يضم سبعة مدنيين هم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيسا مجلسي النواب والشوري ووزراء الخارجية والداخلية والمالية ، ويضم من العسكريين ثمانية وهم وزير الدفاع ورئيس المخابرات العامة ورئيس أركان القوات المسلحة وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع . وانتظرنا في دستور المدنيين تخفيفاً ولو محدودا للهيمنة العسكرية، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث ،حيث نصت المادة 203 على تشكيل ذات المجلس ،وان تراجعت هيمنة المدنيين قليلا فبعد أن كان سبعة مدنيين في مقابل ثمانيين عسكريين في دستور 2012 صارت ستة مدنيين في مقابل ثمانية عسكريين بعد إلغاء مجلس الشورى وإلغاء منصب رئيسه معه . ورغم أن المادة قد حاولت استدراك الامر بنصها أنه عند مناقشة موازنة المؤسسة العسكرية ينضم لعضوية المجلس كل من رئيسا لجني الأمن القومي والموازنة وهما مدنيين ، إلا انها اضافت ايضا رئيس هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة ،ليحافظ العسكريين على أغلبيتهم بمعدل تسعة عسكريين الى ثمانية مدنيين . الأمر الذي يجعل أمر ميزانية الجيش بعيد عن رقابة المؤسسة المنتخبة وكأن انقلابا لم يحدث !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! المحاكمات العسكرية وتأتي المفاجأة الأكبر وهي الخاصة بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري ، فرغم الانتقادات الحادة لدستور 2012 في أنه سمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ، إلا أنه بقراءة متأنية لنص المادة والتي حملت رقم 198 في دستور 2012 نجدها لم تشر إلى محاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية إلا بقولها " ويجوز استثناء محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى فى الحالات التى يحددها القانون، ويبين القانون اختصاصاتها الأخرى، وذلك كله فى حدود المبادئ الواردة بالدستور" أي ان الدستور ترك مهمة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية للمشرع القانوني فإن شاء أباحها وإن شاء رفضها . بل إن الدستور قد قيد حق المشرع بقوله أن ذلك يتم في حدود المبادئ الورادة بالدستور . أما دستور 2013 فلم يترك الأمر للمشرع القانوني ونصت مادته التي حملت رقم 204 تحديدا واضحا للمدنيين الذين من الممكن محاكمتهم عسكريا وشملت قائمة الجرائم سلسلة الجرائم التي تمثل اعتداءا مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة لذلك أو معداتها أو مركباتهم أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي تمثل اعتداءا مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم . أي ان الدستور هنا قد جعل أي جريمة طرفها عسكري والآخر مدني يحاكم المدني أمام المحكمة العسكرية رغم تشكيلها وآليات العمل داخلها وعدم شفافية اجراءاتها ، ومع ذلك فإن بعض من الثوار ما زالوا يرددون هتافاتهم التي ملأت الدنيا ضجيجا في عهد أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر بأن يسقط يسقط حكم العسكر ،وكأن انقلابا لم يحدث !!!!!!!!!!!!!!!!!!!! وزير دفاع بدرجة رئيس جمهورية إلا أن المادتين المذكورتين رغم دعمهما الواضح لهيمنة المؤسسة العسكرية لا تشكل تأثيرا كبيرا على الدور المتضخم للم}سسة العسكرية في الدستور اذا قورنت بالمادة 234 ، والتي أتت بالقول الفصل في أننا بالفعل أمام دستور من نوع خاص . يشرع لهيمنة المؤسسة العسكرية ويحصن المسئولين فيها أكثر من حصانة رئيس الجمهورية المنتخب ذاته ، فقد نصت المادة على أن يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتسري أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور . وهذا يعني انه ليس من حق رئيس الجمهورية المنتخب تعيين وزير الدفاع ولا حتى عزله ، أي أنه مهمها فعل هذا الوزير حتى ولو هزم في حرب او أخل بواجباته الوظيفية اخلالا جسميا فإنه ليس من حق رئيس الجمهورية بأي حال من الأحوال عزله أو حتى تحويله للمحاكمة، فالأمر كله بيد المجلس الأعلى للقوات المسلحة ،الذي صار بهذه المادة ،دولة داخل الدولة، أو إن شئت الدقة دولة فوق الدولة لمدة ثمانية سنوات لا يعلم ما سيحدث فيهم إلا الله والمجلس الأعلى للقوات المسلحة . وفي الختام فإن دستورا يتم صياغة مواده في ظل هذا الاحتقان المجتمعي المتوتر ، يجعل من القائمين عليه بين اختيارين إما ان ينتصروا للإرادة الشعبية التي ليس لها أي فضل عليهم فقد جاءوا معينين بالكامل من رئيس الجمهورية المؤقت المعين بدوره من وزير الدفاع في كوميديا قل أن تحدث في تاريخ الأمم والشعوب،أو ينتصروا لإرادة من عينهم وهو الأمر الأكثر واقعية واتساقا مع توازنات القوة المادية بين من يملكون السلاح ومن يملكون الإرادة . ولكن ابدأ لن تكون الدساتير أداة لإخضاع إرادة أمة مهما تجبر المتجبرين وصاح المطبلين وراقصيهم.

الأحد، 24 نوفمبر 2013

العنف السياسي في مصر .........من الثورة إلى الانقلاب

مرت كل الثورات التي حدثت في تاريخ الإنسانية بمراحل طويلة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي،هذه الحالة ظهرت بأشكال متعددة فمنها من أخذ شكل الصراع بين الطبقات الغنية والفقيرة مثل الثورة البلشفية في روسيا،ومنها من اخذ شكل صراع بين النظام السابق والنظام الذي حكم بعد الثورة،ومنها ما اخذ شكل صراع بين علمانيين ودينيين مثل الثورة الايرانية،ومنها ما اخذ صراع بين العسكر والمدنيين كما حدث ويحدث في العديد من الدول الافريقية. إلا انه بقدر سلمية الصراع ،بقدر قدرة الثوار على ادارة المرحلة الانتقالية حتى تثبيت اركان النظام الجديد،ولكن بتحول هذا الصراع إلى اشكال عنيفة، فإن الامر قد يتطور بشكل سلبي قد يصل إلى تهديد كينونة الدولة في حد ذاتها.بسبب تطور هذا العنف احيانا وتحوله إلى حرب اهلية ممتدة،قد تؤدي بين ما تؤدي إلى تفتيت وحدة الدولة ذاتها. من الصراع السلمي إلى العنيف وفي مصر ومنذ ثورة 25 يناير 2012 والبلاد تعيش على فوهة بركان ساخن،ادى إلى حالة مستدامة من عدم الاستقرار على كافة المستويات،فتارة صراع بين العسكر والثوار،،وتارة صراع بين ثوار وفلول،وتارة صراع بين علمانيين واسلاميين.الا انه كان أهم ما يميز كل انواع هذه الصراعات انها كانت صراعات سلمية في معظم الاحيان،وإن تخللها قدر محدود من العنف الذي يذهب ضحيته افراد هنا او هناك،ومع ذلك فقد ظل الأمر في نطاق الصراع المنضبط الذي لم يتطور ليصبح حالة عنف عامة في المجتمع. ولكن باندلاع أحداث 30 يونية وما قبلها بأسابيع،بدأ الصراع ياخذ منحى آخر،فقد زادت حدة العنف،وتحول من عنف ضد مؤسسات الدولة إلى عنف بين جماعات واتجاهات سياسية مختلفة،ووقفت الدولة بمؤسساتها الامنية والعسكرية متفرجة حينا ومشاركة احيانا عدة في هذا العنف الموجه لفصيل سياسي معين وهو في حالتنا هذه جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة،ومن وقف في ذات خندقها من الحركات والاحزاب السياسية الاخرى وانتهى الامر ببيان وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي الذي تلاه في مساء الثالث من يوليو الماضي. إلا أن بعض الحالمين قد اعتقد أن الامر سينتهي عند هذه النقطة ويرضى كل طرف بما قسمه له السيسي واعوانه.ولكن شيئا من ذلك لم يحدث،فهذا النظام الذي نشأ بعد 3 يوليو لجأ إلى استخدام كل اساليب البطش والعنف والاقصاء لكل من ينتمون بشكل مباشر او غبر مباشر للسلطة المنتخبة قبل 3 يوليو،ووصلت ذروة هذا العنف إلى ما عرف بمذبحة ميداني رابعة العدوية والنهضة في محافظتي القاهرة والجيزة وما تلاهما من مذبحة في ميدان رمسيس احد اكبر الميادين في شوارع القاهرة.والتي وصفتها منظمة العفو الدولية بانها اكبر المذابح دموية في تاريخ مصر الحديث، الاستبداد كسبب مباشر للعنف السياسي واستمر مسلسل العنف وامتد إلى بقاع أخرى في المحروسة التي صارت غير محروسة بسبب عودة الأمن لاستخدام سلاح البلطجية والذي كان قد توقف عن استخدامه (بشكل مباشر )منذ قيام ثورة يناير،ودخلت سيناء المشهد بعد طول غياب،ولكن دخولها هذه المرة كان اكثر ضراوة وحدة،فاستخدمت الطائرات العسكرية والمروحيات والدبابات والصورايخ،وكأن حربا قد اندلعت من جديد،وتحول العنف من حالة استثنائية إلى ثقافة عامة داخل المجتمع...لانستثني من ذلك احدا. فالاستبداد الذي خلقته الدولة،أو بمعنى أدق السلطة الانقلابية ، كان سببا مباشرا في خلق حالة العنف في المجتمع،وهي ما دفعت المواطنين إلى الممارسة الفعلية له والذي يمثل العنف السياسي أحد أشكاله فالاستبداد في اي مجتمع يخلق مناخاً مسدوداً ديموقراطياً ولا يكون أمام الناس سوى العنف طريقاً للحصول على حقوقهم.ذلك أن حرمان القوى السياسية من حق التعبير السياسي الشرعي...وحق القوى السياسية في الحصول على حقها في تداول السلطة والمشاركة السياسية كل هذا يمثل مناخاً مواتياً للعنف.هذا بالاضافة للبعد الاقتصادي والذي قد يشكل نقطة الذروة في حالة العنف المتصاعد الآن،والذي يصعب حينها ايقاف تمدده. حيث أن ذلك قد يؤدي إلى القضاء على كل جسور الثقة بين القوى السياسية (انقلابيون/ / أحزاب / منظمات/حركات سياسية/ مجتمع مدني/إعلام ) ويعدم كل فرص الالتقاء بين القوى المتصارعة ويقضي على القواسم مشتركة بين الجانبين،وتوفر هذه الظاهرة روافد جديدة للصراع السياسي والعنف السياسي.قد يصعب ايقافه وعدم تطوره إلى صور اكثر عشوائية ودموية. ثلاث سيناريوهات مستقبلية إن هذه الحالة الكارثية التي يمر بها المجتمع المصري،والتي كانت نتيجة مباشرة للانقلاب العسكري الذي وقع في الثالث من يوليو الماضي،إن لم يتم التعامل معها برؤية وطنية تحتوي الجميع ،فان احتمال اشتعالها اكثر يصبح امرا قاب قوسين أو أدنى. لذلك فإنه وبافتراض استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه،فإن مستقبل الدولة المصرية يصبح أمام ثلاث سيناريوهات : الأول:هو حاله تشبه الحالة الجزائرية،إن لم تكن السورية،وهو تحول المجتمع إلى حالة الكل ضد الكل،مما قد يؤدي إلى تحول العنف العشوائي ،الواقع الأن في الشارع ،إلى عنف منظم خاصة مع توافر مصادر التسليح لكل طرف من أطراف الصراع السياسي الحالي،فالحدود المستباحة من الجهة الليبية أو السودانية أو حتى الاسرائيلية الفلسطينية،بالاضافة إلى الحدود البحرية،قد تسهل عملية تسليح الجماعات السياسية،وهو سيناريو ،إن تحقق، يجعل وحدة الدولة المصرية ذاتها معرضة للخطر للمرة الأولى منذ توحدها عام 3500 قبل الميلاد على يد الملك مينا.وهو سيناريو رغم كارثيته وتناقضه مع الطبيعة المصرية السمحه فإنه يبقى مطروحا ما دام أطراف العملية السياسية مصممين على التناطح غير المنضبط. السيناريو الثاني : يتمثل في حالة من العنف العشوائي ،الناتج عن ثورة جياع،تأكل الأخضر واليابس،وهو سيناريو له ما يبرر طرحه خاصة في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تمر بالمجتمع ،والتي وان استطاعت المسكنات الخليجية تهدئتها، فإنها ابداً لن تستطيع القضاء عليها نهائيا.وهذا السيناريو في حالة تحققه قد يفتح الباب أمام صراع اجتماعي- اقتصادي ممتد بين من يملكون ومن لا يملكون. السيناريو الثالث : وهو إن شئنا تسميته ،فمن الممكن ان نطلق عليه ،السيناريو السوداني، والمتمثل في ظهور ما يعرف بسوار الذهب المصري،داخل المؤسسة العسكرية،يستطيع أن يقود انقلابا داخليا يستبعد على أثره الرموز التي شاركت في الانقلاب العسكري ويبدأ مرحلة جديدة بأجندة سياسية اكثر تسامحا وقبولا لكل أطراف العملية السياسية،وبخارطة طريق واضحة المعالم يستطيع من خلالها خلق مؤسسات منتخبة تعبر عن التوازانات السياسية الحقيقية على الساحة السياسية المصرية،ورغم أن هذا السيناريو لا يوجد ما يؤيده من معلومات،إلا أن استمرار وجود الجيش في الميادين ووقوفه ضد تيار سياسي معين وتورطه في عمليات عنف بهذا الشكل الحاد لأول مرة في تاريخه منذ إنشائه على يد محمد علي،قد يشجع بعض الضباط وخاصة من القيادات الوسطى على تبني هذا السيناريو والذي في رأي الكاتب سيكون أقل السيناريوهات دموية،واستيعابا لكل أطراف العملية السياسية.

الجمعة، 22 نوفمبر 2013

ليس بالانتخابات فقط تكون الديمقراطية..... ولكن

منذ احداث 30 يونية 2013 ومصر تعيش في مناظرات ومناقشات صاخبة حول توصيف ما حدث بعدها في الثالث من يوليو وهل هو انقلاب عسكري ام ثورة شعبية استجاب لها الجيش وخطط ودبر لها اعوانه من قوى المجتمع التقليدية منها والحديثة ، الا ان هذا المعسكر الاخير وهو من يعتبر ما حدث ثورة شعبية يثور ايضا جدل فيما بينهم حول مفهوم الديمقراطية ، وهل نظام ما قبل 3 يوليو 2013 كان نظاما ديمقراطيا وفشل ام انه لم يأخذ من الديمقراطية الا قشورها فقط والمتمثلة في حكم الصندوق بما له وما عليه ، وانقلب على كل قيم الديمقراطية الاخرى والمتمثلة في حرية الراي والتعبير واستقلالية المؤسسات والتغاضي عن حقوق الاقليات . بين هذا الفريق وذاك كانت الديمقراطية بما لها وما عليها محورا لمناقشات ساخنه ولكنها تبقى انها صاحبة قدرة نادرة بين غيرها من المفاهيم الاجتماعية -السياسية على التطور والتغير ، فهي ليست عقيدة جامدة ولا هي حقيقة مطلقة تعالج خارج إطار الزمان والمكان بل هي قيمة مرنة ونسبية تعبر عن نزوع الإنسان نحو الحرية وتطلعه إلى المساواة. لقد اخذت الديمقراطية صور وتطبيقات عديدة عبر تطور المجتمعات وتنوع ثقافاتها. وهو ما ادى الى انقسام المفكرين في ادراكهم لهذا المفهوم الى مدرستين وهما المدرسة الإجرائية وهي المدرسة التي تهتم بالشكل على حساب الجوهر وهناك المدرسة الموضوعية التي تهتم بالشكل والجوهر ايضا . ففي المدرسة الأولى وهى ما تعرف بمدرسة الديمقراطية الإجرائية ترتبط الديمقراطية – وجوداً وعدماً – بعدد من الترتيبات والإجراءات التي تشمل حق التصويت للجميع، وانتخابات دورية نزيهة، ووجود مجتمع مدني قوي، والفصل بين السلطات، وحرية تداول المعلومات، واحترام الحقوق المدنية الأساسية. ويرى أنصار هذا الرأى إن جوهر عملية الانتقال الديمقراطي هو إقامة هذه المؤسسات وحمايتها والعمل على استمرارها. ووفقاً لهم، فإن الديمقراطية هى مجموعة من الترتيبات والإجراءات لانتخاب أشخاص يمارسون السلطة بحكم اختيارهم من الشعب في انتخابات تنافسية حرة. أما المدرسة الثانية وهي المدرسة الموضوعية فإنها تنطلق من الاعتراف بأن إقامة تلك المؤسسات هو شرط ضروري ، ولكنه غير كاف لتحقيق الديمقراطية، وأنه من الضروري ان نضع في الاعتبار الثقافة الديمقراطية للمجتمع ، ودور السلطة في تعزيز هذه الثقافة بما تتيجه من حرية راي وتعبير ، وتشجيعها لحالة من الحوار الدائم والايجابي بين كافة اعضاء المجتمع . لأنه إذا كان هدف الديمقراطية هو صون حرية الإنسان وحقوقه وكرامته، وتحقيق المساواة في فرص الحياة بين الجميع، فإنها لا يمكن أن تتحقق بإقامة المؤسسات والإجراءات وحسب، ولكن بالتأكد من الشق الكيفي أي ماذا ادت اليه الانتخابات؟ ومن أوصلته للحكم؟ وماذا حقق بالنسبة لتجذير حالة الديمقراطية داخل المجتمع ؟ فإجراءات الديمقراطية وترتيباتها ليست ضمانه لاحترام الحقوق المدنية والسياسية أو لتمثيل المصالح الشعبية، فقد تكون تلك الترتيبات والإجراءات واجهة لنشأة نظم تسلطية، ولا يقصد أصحاب هذا الرأى التهوين من قدر أو قيمة المفهوم الإجرائي للديمقراطية، فبدونه لا يوجد الأساس القانوني للنظام الديمقراطي. ولكن المقصود أنه لا يمكن قصر مفهوم الديمقراطية عليه لأنه إذا كان أحد أهم المآخذ على النظم التسلطية هو الظلم الاجتماعي، وعدم احترام الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين، فإنه يكون من الضروري محاسبة النظام الديمقراطي الجديد وفقاً لالتزامه بتحقيق هذه الأهداف. ولعل في التطور التاريخي للدول العديد من النماذج التي تثبت أنه يمكن أن توجد الممارسات والترتيبات الديمقراطية بشكلها الظاهر ، دون الجوهر، فالانتخابات قد تؤدي إلى توفير الغطاء للنظم الاستبدادية لتصدر قوانين وقرارات تعتدي على الحريات العامة وتحد من حرية المؤسسات الشرعية في ممارسة دورها . وهو ما قد يمتد أيضا إلى قيام الحكومات المنتخبة بإصدار تشريعات تقّيد من حرية الرأى والتعبير، وتعيق نشاط مؤسسات المجتمع المدني، وغير ذلك من الممارسات التي تُهدر القيم الديمقراطية. فالقوانين الصادرة عن الهيئات المنتخبة قد تكون ملتزمة بالقواعد التي وضعها الدستور للتشريع من حيث الشكل، ولكنها تكون مخالفة لدورها الاساسي في تعزيز ثقافة ديمقراطية مدنية من حيث الموضوع والجوهر . وعليه فإن الديمقراطية هي ظاهر وجوهر ، وليست مجرد شكل للحكم، وهي تعني ما هو أوسع من مجرد ورقة تلقى في صندوق الانتخاب أو مقعد تحت قبة البرلمان ،حيث أنها تشمل مبادئ تتمثل في الحرية والمساواة التي تكفلها الدساتير الديمقراطية وحرية الرأي والعقيدة وحرية الاختيار وغيرها من الحريات العامة التي تكفلها الدساتير الديمقراطية وتنظمها القوانين في السعي لاقامة ثقافة ديمقراطية مدنية . وبالتالي فإنه لا ينبغي أبداً الإكتفاء بالتركيز على الجانب الإجرائي-الشكلي من الديمقراطية المتعلق بالحريات، وتنظيم الانتخابات، والفصل بين السلطات، وإنما ينبغي إضافة الجانب الموضوعي المرتبط بمحتوى السياسات العامة، فإقامة النظم الديمقراطية لا تكتمل بدون الانتقال من «الإجراءات» إلى «الموضوع»، ومن الشكل الى الجوهر . ومع ذلك فان احدا لا يستطيع ابدا ان يقلل من قيمة الديمقراطية بمعناها الاجرائي كمدخل لا غنى عنه لاقامة نظام ديمقراطي ثابت ومستقر ، فقدرة المجتمع على اختيار النظام الديمقراطي، مرتبطه الى حد كبير بما يملكه المجتمع من ثقافة ديمقراطية مدنية، وهذه الثقافة هي ثقافة مكتسبة ، يمتلكها المجتمع من خلال قدرته على الاختيار الحر بين متنافسين لديهم القدرة على التواصل مع الجماهير واقتاعهم بافكاره ورؤاه . هذا الاختيار الحر مرتبط بامكانية ان يخطأ الشعب مرة واخرى ولكن هذا الخطأ ايضا مرتبط بقدرة المجتمع على التعلم من اخطاءه واصلاحها في اي فعالية انتخابية تتاح له ،دون ان يرتبط ذلك ابدا باي محاولة من جانب فئة معينة لضرب الديمقراطية في شكلها الاجرائي بحجة عدم تمكن المجتمع من الثقافة المدنية الديمقراطية ، والتشكيك في قدرته على الاختيار الصحيح والمثالي ، فغير مطلوب من الشعب في اي مكان او زمان ان يكون اختياره مثاليا ولكن المطلوب فقط ان تكون القدرة على الاختيار الحر والدوري متاحة له . ان الحديث عن غياب الديمقراطية الموضوعية كمبرر لضرب الديمقراطية في شكلها الاجرائي هو حديث استبدادي في المقام الاول بل هو اشبه بمن يحاولون اعادة الساعة الى الوراء بالحديث عن الخبز اولا قبل الحرية ، وهي الرؤية التي قادت العديد من الاوطان الى مستنقع الفقر والجهالة فلا هم وجدوا ، ولا ذاقوا طعم الحرية . ان الديمقراطية لا تعني ابدا صندوق الانتخابات ولكني تعني ،بالاضافة الى ذلك ، التوافق بين ابناء المجتمع على الثقافة المدنية الديمقراطية ، ولكن ذلك يكون من خلال وجود نقطة بداية محددة لهذا التحول من مجتمع شمولي الى مجتمع ديمقراطي، هذه النقطة توافقت العديد من المدارس الفكرية الغربية والعربية على كونها ...... صندوق الانتخابات .

السبت، 3 أغسطس 2013

الى كل المصريين في الخارج

لا ضريبة بدون تمثيل (بالإنجليزية: No taxation without representation) كان شعارا و مبدئ رفعه مناصرو الانفصال في الولايات المتحدة الأمريكية أيام حرب الاستقلال الأمريكية عن لندن. حيث كانو يرون أنه من المجحف أن يدفعو ضرائب للندن دون أن يكون لهم تمثيل برلماني في البرلمان البريطاني. و قد كان يرون أن دفعهم للضريبة يشكل خرقا للماغنا كارتا. واليوم ونحن نمر بازمة سياسية طاحنة في مصر نتيجة لوجود انقلاب عسكري انحاز لفئة على حساب فئة اخرى واسقط اول نظام سياسي منتخب في تاريخ المصريين ، ولم يكفل اي ضمانة حقيقية لوجود تمثيل حقيقي للمصريين في الداخل والخارج .. ليس ذلك فقط بل بدأت تتداول على مسامعنا عن وجود سحوبات بمبالغ ضخمة من ودائع المصريين في صورة اقتراض من الحكومة من ودائع المصريين الذي جمعوا هذه الاموال بجهد وشقاء ما بعده شقاء .... لذا وازاء هذه السياسات العشوائية من جانب الحكومة الانقلابية وعدم وجود استعداد حتى الان من جانبهم للتنحي طواعية عن السلطة المنتخبة فإني اطالب المصريين في الخارج بما يلي : 1. التوقف عن ارسال أي اموال من جانب المصريين في الخارج للبنوك المصرية باعتبار ان هذه الاموال تحت ادارة غير رشيدة ومغتصبة للسلطة . 2. التوقف عن دفع اي ضرائب مستحقة على المصريين في الخارج . 3. الاكتفاء فقط بارسال ما يكفي لاهلنا في مصر من اموال على ان يكون الارسال اما من خلال مكاتب صرافة خاصة او مصريين في طريقهم للسفر لمصر لقضاء اجازتهم هناك . 4. ان يكون ارسال الاموال فقط بالعملة المصرية دون اي عملة اخرى . وفي النهاية انصح كل المصريين في الخارج بالعمل على افشال الانقلاب في مصر بكل الوسائل بما يكفل لنا اقامة نظام مدني ديمقراطي منتخب .

الجمعة، 19 يوليو 2013

براءة من الليبراليين المصريين وليس الليبرالية

يعترف كاتب هذه السطور انه يتبرأ بشكل كامل من كافة المواقف السياسية التي تنباها رموز التيار الليبرالي في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 ، هذه المواقف التي بدات برفض الارادة الشعبية وانتهاءا بتاييد انقلاب عسكري لمجموعة من الخونة تآمروا على الوطن وحريته في اختيار من يمثله وفي اختيار المبادئ والافكار التي تعبر عن طموحاته لمستقبل بلاده متمثلا في دستور حاز على رضا اغلبية شعبية .... اني اتبرا من هؤلاء واعتبرهم قد خانوا الليبرالية التي نؤمن بها بما تحمله من مبادئ التعددية السياسية والحرية الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات نزيهه ومن خلال حرية راي وتعبير يعبر عنها من خلال وسائل اعلام حره ومسئولة ... اقر اني اتبرا من هؤلاء الذين انقلبوا على الليبرالية واتوا الى حكم البلاد على فوهات الدبابات وهو ما يتعارض مع اقل مبادئ الليبرالية مما جعلها آلية الوصول للحكم هي الآلية السلمية التي تضمن عدم الانجرار الى العنف الذي قد يمحي من الوجود اي امكانية لصراع اجتماعي -سياسي سلمي يتسع للجميع . اني اتبرأ من هؤلاء الذين احتقروا الشعب وابوا الا ينصتوا لاهاته وآلامه واكتفوا فقط بشاشات الفضائيات التي يتحدثون فقط من خلالها الى شعب ادعوا تمثيلهم له ... اني اتبرأ من هؤلاء الذين غضوا الطرف بشكل فج ومهين عن ممارسات قمعية دموية اوقعت العديد من القتلي والجرحى في صفوف تيار مصري هو جزء اساسي من مكونات هذا الوطن . اني اتبرأ من هؤلاء الذين شوهوا وجه الوطن من اجل مقعد في السلطة او مغنمة قصيرة النظر ضيقة البصيرة . واعاهد نفسي الا اتوقف ابدا عن ايماني بالليبرالية كنظام حكم يستطيع ان يبني وطن يتسع للجميع على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. مؤمنا تمام الايمان بان الله قد ارسل رسالته السماوية للبشر لكي يهديهم الى سواء السبيل وينظم لهم علاقتهم الروحانية مع ذاته العلية ... الا انه قد ترك امر الناس لهم بسوسوها اني يحلو لهم بما يتلاءم مع متطلبات مجتمعاتهم وتطلعات شعوبهم . ومع ذلك فاني اردد خلف فيلسوف الادباء ، وأديب الفلاسفة، فولتير مقولته الشهيرة التي يقول فيها "أخالفك الرأي لدرجة أني علي استعداد لأن أدفع حياتي ثمنا لكي تقول رأيك ". فما أجمل فولتير .. وهو يذكرنا بضرورة تقبل الآخر واحترام رأيه مهما كان درجة اختلافي معه . هكذا يكون الاختلاف وتلك ضريبة الديمقراطية التي يجب ان ندفعها، حتى لو كان ذلك على حساب مصالحنا القصيرة المدي ، اما طويلة المدى فتلك قضية اخرى ، فالامم العظمى ترقي وتتقدم باحترام شعوبها للمبادئ والقيم التي تنشا مجتمعاتها عليها ، وهذا الامر يضمن بقوة استقرار المجتمع واستعداده لتخطي ازماته بشكل متحضر وعقلاني يجنبه الامراض الاستثنائية التي تحدث في المجتمعات الضعيفة . نتيجة لاسئثار الاقلية بالراي وعدم احترامها لرأي الأغلبية . لذلك ومن أجل ذلك فإني اتبرأ من الليبراليين وافتخر بليبراليتي

السبت، 15 يونيو 2013

موقفي من الثورة في عامها الثالث......للتذكير والتوضيح والتأكيد

• أني لا انتمي لا تنظيميا ولا فكريا لجماعة الاخوأن المسلمين ومن شاء فليصدق ومن شاء فهو حر فيما يعتقده عني . • اني اعتبر جماعة الاخوان المسلمين هي من اكثر التنظيمات السياسية تنظيما وحرفيه سياسية • أني اعتبر جماعة الاخوأن من اكثر الحركات التي عانت من النظام السابق والتي لاقت من جراء معارضتها له الكثير من الويلات بعكس حركات أخرى فضلت الركون إلى المواءمات السياسية والتي كانت ايضا احد اساليب جماعة الاخوأن مع النظام البائد ولكنها لم تكن القاعدة عكس التنظيمات السياسية الاخرى . • أن جماعة الاخوأن قد شاركت مشاركة رمزية مثل كل الاحزاب منذ اليوم الاول للثورة • أن جماعة الاخوأن هي التي دافعت عن الميدأن منذ موقعة الجمل وهو دور لم يشاركها فيه اي حزب اخر او جماعة سياسية اخرى • أن المؤسسة العسكرية وفي القلب منها المجلس العسكري قد لعبت دورا وطنيا عظيما في تامين الثورة ومقاومة المتآمرين عليها وأن هذا الدور سوف يكتب في كتب التاريخ بحروف من نور شاء من شاء وابى من ابى . • أني اعتقد أن وجود فخامة الرئيس الدكتور مرسي في منصب الرئاسة هو نتاج طبيعي لقوة هذه الجماعة ودقة تنظيمها عكس العديد من الاحزاب والجماعات الاخرى وانه لو وجد ممثل اخر لجماعة اخرى لما كأن لهذا المنصب الاستمرار كل هذه الفترة . • أني اتذكر جيدا عندما قابلت فتاة صغيرة تبلغ من العمر حوالي الخمس سنوات مع ابيها في ميدأن التحرير اثناء الثورة قلت لابيها نصا " أننا نقوم بهذه الثورة من اجل امثال هذه الطفلة ونعي اننا سنعاني الكثير لو نجحت هذه ا لثورة" وما توقعته قد تحقق . • أني ارى أن ما حققه دكتور مرسي وجماعته حتى الأن من انجازات على ارض الواقع بحسب شهادة العديد من الشهود وبحسب ما لمسته بنفسي وفي ظل الظروف التي يعمل بها هو انجاز جيد يحتاج إلى من يساعده ويشجعه ولا يبخل عليه بالمساعدة . • أني ادرك حجم التحديات التي يواجهها النظام المصري على المستوى الاقليمي والدولي وأن ذلك امر متوقع وكان على كل الاطراف الداخلية في مصر أن تتوقع ذلك وأن تساعد على حله وحلحلته لا أن تشجع عليه وتقدم له المبررات . • رغم محدودية الخبرة السياسية للدكتور مرسي وجماعته فإن ذلك امر متوقع ولو كان هناك من يقدر ذلك ما حدث كل ما حدث من تربص بأي فعل أو رد فعل من مؤسسة الرئاسة بما فيها أزمة انقطاع الكهرباء على سبيل المثال . • أن الإعلام قد لعب دورا كبيرا في تشوية أي فعل أو رد فعل صدر عن النظام الحاكم الحالي وأن ما فعله الاعلام لن يسامحه عليه التاريخ مهما مر من زمن . • أن بعض من مؤسسات الدولة وعلى راسها مؤسسة القضاء قد تآمرت على التجربة السياسية الحالية وأن في تآمرها ذلك كانت تهدف إلى الحفاظ على مصالحها التي حصلت عليها بطرق ليست بالشريفة من النظام البائد . • أن هناك العديد من القوى السياسية التي تنتمى إلى النظام البائد او تتخذ موقفا مسبقا من جماعة الاخوأن كتنظيم سياسي او طائفية تتخد موقفا دينيا من اي شئ له صلة بالاسلام من الاساس قد ساعدت بعض المؤسسات المحسوبة مصلحيا على النظام البائد من التربص بالنظام الحالي والتآمر عليه . • أني اؤيد فخامة الرئيس الدكتور مرسي وحكومته تاييدا كاملا وشاملا وأني لن اؤيد اي نظام ياتي بغير الآلية التي اتى بها الدكتور مرسي وسوف اكون في موقف المعارضة في حالة حدوث اي شئ قد يؤدي إلى الانقلاب على النظام الحالي وسوف اساعد على بقاء هذا النظام بكل ما اوتيت من قوة مادية كانت او معنوية . • أن هذا موقفي الذي اؤمن به وعلى استعداد أن ادفع حياتي ثمنا له وفي حالة عدم قبول اي من اصدقائي في اي مكأن في العالم الواقعي او الافتراضي وعدم تحمله لقبول هذا الموقف فانه حر تماما في اتخاذ الموقف المناسب في حذفي من قائمة اصدقائه او قطع اي علاقة بي وما عدا ذلك فأني لن اسمح باي تجاوز ضد موقفي هذا مهما كأن صاحب هذا الموقف .

الأحد، 20 يناير 2013

العنف السياسي ...مخاطر على الادارة السلمية للصراع

تابعنا في الفترة الاخيرة بدايات لعنف عشوائي قاده بعض الصبية في شارع محمد محمود وذلك عشية الاحتفال بذكرى شهداء هذاالشارع في العام الماضي والذين قتلوا نتيجة لاستخدام العنف المفرط من جانب قوات الشرطة، وقد امتدت احداث العنف العشوائي هذه لتشمل حرق مقر قناة الجزيرة مباشر مصر ، احد اهم منابر الثورة المصرية منذ انطلاقها في الخامس والعشرين من شهر يناير 2010 ، ولم يقتصر الامر على ذلك بل امتد ليشمل بعض المنشآت العامة الموجوده في شارع محمد محمود ويوسف صديق ، ومع بداية ليل يوم الخميس الثاني والعشرين من نوفمبر ، بدات امور اخرى تتغير على الارض فقد اعلن السيد رئيس الجمهورية د. محمد مرسي اعلانا دستوريا جديدا واتخذ بعض القرارات الهامة التي راى فيها تحصينا لمكاسب واهداف الثورة من عبث البعض خاصة بعض القضاة المحسوبين من وجهة نظر البعض على النظام السابق ، وهو الامر الذي فجر موجه من الغضب من جانب بعض القوى السياسية المحسوبة على الثورة وواخرى محسوبة على النظام السابق بالاضافة الى بعض مؤسسات الدولة مثل المؤسسة القضائية ، وقد اختلفت اسباب كل طرف في الاعتراض ، فالقوى المدنية رات في هذا الاعلان تكريس لسلطة استبدادية ، في حين راى اتبارع النظام السابق انه سيفتح عليهم جبهة سبق وان اغلقت وهي اعادة المحاكمات ، ورات المؤسسة القضائية ان في ذلك انتقاص من هيبتها بعد ما ظنت انها انتصرت في تراجع مؤسسة الرئاسة عن قراراها قبل ذلك بتعيين النائب العام سفيرا لمصر في الفاتيكان ، ومع اختلاف كل طرف في اسباب اعتراضه اختلفت ايضا اليات التعبير عن هذا الاعتراض ، فهناك من طالب بالعصيان المدني واخرين طالبوا بالتظاهر السلمي وطرف ثالث طالب باضراب القضاة ، الا انه مع هؤلاءوهؤلاء ظهر طرف رابع قرر ان يستخدم العنف في ادارة عملية الصراع السياسي مع الدولة وراوا فيما حدث في شارع محمد محمود في الثلاث ايام السابقة على الاعلان الدستوري نموذجا مثاليا لما يجب ان يكون عليه رد فعلهم ، فذاد الهجوم على مقر وزارة الداخلية ،,وامتد الامر ليشمل محاولات من جانبهم لاقتحام مقر مجلس الشورى حيث مكان انعقاد الجمعية التاسيسية ،كذلك تم حرق بعض المنشآت العامة مثل مدرسة الليسية احد اقدم المدارس في مصر ، وبدات بعض المجموعات المنظمة في محافظات مصر المختلفة في الهجوم على مقرات الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ،وهي الاعتداءات التي يبدو انها كانت استجابة في جزء منها لدعوات بعض الثوار الى حرق مقرات الاخوان اسوة بما حدث في ايام ثورة 25 يناير عندما قام بعض الثوار بحرق مقرات الحزب الوطني الحاكم في مصر آنذاك ووصل البعض في تبريره لهذا المنهج العنيف الى القول انه كما كان الاعلان الدستوري الذي اصدره رئيس الجمهوية استثنائي فكذلك هو العنف ايضا استثنائي ، ثم امتدت عمليات العنف بعد ذلك لتطال بعض الرموز السياسية من الطرفين فتعرض النائب السابق ابو العز الحريري لاعتداء قيل انه من جانب عناصر اخوانية في مدينة الاسكندرية، كما تعرض المحامي حمدي الفخراني صاحب قضية مناجم السكري الشهيرة لذات الاعتداء في مدنية المحلة ، ومن الجانب الاخر تعرض الصحفي الاخواني قطب العربي لاعتداء من جانب بعض المعارضين للاعلان الدستوري المكمل في ميدان التحرير ، وذات الامر تكرر مع الدكتور حسن البرنس القيادي في حزب الحرية والعدالة ونائب محافظ الاسكندرية . وهكذا تدور دائرة العنف ويخرج الجميع اسوأ اسلحة المعارضة وهو سلاح العنف والذي لم يستخدم باي حال من الاحول في ايام الثورة العظيمة الا كرد فعل يوم جمعة الغضب ويوم موقعة الجمل . ولكن المثير للانتباه هو رد الفعل الاخواني المتحفظ عن اي تصعيد ، فقد خرج بيان من حزب الحرية والعدالة في الاسكندرية وهو اولى المقرات التي تم حرقها ليؤكد ان ما حدث تم ومقر الحزب خالي من اعضاءه حيث كانوا في مظاهرة تاييد لقرارات الرئيس في قصر الاتحادية بالقاهرة ، واكدوا انهم لديهم القدرة على الرد ورد الصاع صاعين على حد قول البيان الا انهم ابدا لن يستخدموه ، ولكنهم في ذات الوقت لن يسمحوا بتكراره مرة اخرى . ويبدو ان جماعة الاخوان المسلمين تدرك الشرك الذي اعد لها فهناك من يجاول استفزازهم من اجل ان يدفعهم دفعا للعنف وهنا تكون الفوضي الشاملة والتي قد تدفع الجيش دفعا الى التدخل وانهاء حالة الانقسام المجتمعي الحادة وتولي الحكم وهو ما يبدوا ان البعض يتمناه باعتبار انهم يدركون ان نار العسكر افضل مرات من جنة الاخوان . ان الوضع الان في الدولة المصرية على المحك فاما ان تسير الدولة في اتجاهها الذي رسم لها من اجل اقامة ديمقراطية المؤسسات بصياغة دستور جديد للبلاد وانتخاب برلمان قوي او ننتظر فترة ليست بالقصيرة حتى يهدا الشارع ويبدا كل طرف في البحث عن مخرج عقلاني للازمة قد يكون البدء من نقطة الصفر ، ولكن في كل فان الرهان على سلمية الصراع بين الاقطاب السياسية المتنافسة قد بدا يتراجع امام دخول لغة العنف والتي يبدو ان ما يحدث في هذه الايام هو مقدمة لدائرة عنف لن ينجو منها احد وخاصة ان حدود البلاد مستباحة لمهربي السلاحي والذين نجحوا على ما يبدو من تهريب كميات كبيره منه الى الدولة المصرية وصارت الاطراف المسلحة داخل الساحة السياسية تقترب من الدخول المباشر والقوي الى حلبة الصراع وهو ما قد يهدد مصير الدولة المصرية ذاته ويدفعنا دفعا نحو النموذج الليبي في الصراع. فرغم ان معظم التجارب العالمية في التحول الديمقراطي قد مرت بالعديد من الصراعات السياسية ووصلت احيانا الى حد صناعة المؤامرات والنقد الجارح والهدام ، الا ان ذلك غالبا ما يكون جزء من الادارة السلمية للصراع اثناء عملية التحول الديمقراطي وهو ما يميل معظم علماء الاجتماع السياسي الى توقعه باعتباره جزء من حالة السخونة السياسية التي تمر على البلاد الخارجة للتو من مرحلة ثورة شعبية ، ويزداد هذا الصراع سخونة في حالة عدم تبلور قوة سياسية معينة قائدة للثورة وخضوع معظم المواقف وردود الافعال السياسية للاجتهادات الشخصية والرؤى الفردية والتي تكون غالبا تنقصها الكثير من الخبرة والحنكة السياسية . الا ان الخطورة على عملية التحول الديمقراطي تاتي غالبا من تحول هذا الصراع السلمي الى صراع عنيف تخرج فيه القوى السياسية المختلفة اسلحتها المادية كما هو متوقع للحالة المصرية حاليا ، والليبية منذ بدء الثورة على نظام القذافي . وخطورة هذا النوع من الصراع كونه يحتكم الى القوة بمعناها المادي فيصير توازن القوى السياسية غير محكوم بما يملكه البعض من قبول داخل الشارع بقدر ما يصبح انعكاس لما يملكه كل طرف من اسلحة تستطيع ان تحقق اكبر قدر من الخسائر الدموية في الطرف الاخر ، وهنا مكمن الخظر على اي ثورة شعبية حيث عادة ما لا يستطيع طرف حسم الامر لصالحه بشكل كامل وهو ما قد يضطر المؤسسة المنظمة الوحيدة في الدولة والتي تمتلك بحكم الدستور والقانون القوة بمعناها المادي الى التدخل لحسم الامر لصالح بقاء الدولة في حد ذاتها وهي في الحالة المصرية المؤسسة العسكرية ،ويبدو لي ان بعض القوة السياسية تريد بالفعل ذلك وهو ما ظهر من تصريحات بعضهم ،من خلال جر البلاد الى سلسلة من العنف والعنف المضاد تجد المؤسسة العسكرية نفسها مضطرة الى التدخل لحفظ الامن واعادة الامور الى نقطة الصفر مرة اخرى حيث لا رئيس منتخب ولا سلطة تشريعية او حتى قضائية ، واعتقد ان الطرف الذي يمتلك التواجد الفعلي في الشارع سيحاول قد الامكان منع هذا الامر بشتى الطرق من خلال محاولة تجنب تصعيد العنف مع بعض القوى المحسوبة على الثورة .وما المبادرات والتفاهمات التي بدات تظهر مقدماتها في الافق الا مقدمة لهذه المحاولات لوقف مسلسل العنف الذي لن يجنى منه خير الا هؤلاء المتربصين بالوطن والذي يستكثروت عليه عودة مصر القوية مرة اخرى الى محيطها العربي كما كانت في عهود سابقة .

قــــبول الآخر

حين الحديث عن التنوع والتعددية في الحياة الاجتماعية والإنسانية، دائماً ما يتم تداول مفهوم “قبول الآخر”. وهو مفهوم يمتد ليتناول طبيعة العلاقة بين المختلفين والمغايرين دينيا أو قبليا أو عرقيا أو مناطقيا أو حتى نوعيا.... الخ وهو مصطلح يقصد به أن لكل ذات إنسانية ذات إنسانية أخرى، ومن خلال تحديد معنى الذات، يتحدد بطبيعة الحال نوعية الآخر.. فإذا كان الحديث بعنوان ديني فإن الآخر هو كل من ينتمي إلى دين آخر،وهذا ينطبق على مقولات القومية والعرقية والمناطقية والنوعية، فالآخر يتحدد من خلال تحديد معنى الذات والاعتراف به في صورته الأولية يعني الاعتراف بوجوده وكينونته الإنسانية وبحقوقه الآدمية بصرف النظر عن مدى القبول أو الاقتناع بأفكاره أو قناعاته العميقة أو الشكلية،فلا يمكن لأي إنسان أن يدعي الاعتراف بالآخر وهو يهدده في وجوده وكينونته الإنسانية،فالذي يعترف بالآخر لا بد أن يحترم وجوده، وكل متطلبات حياته الإنسانية، لهذا فإن مفهوم “قبول الآخر”، يناقض بشكل تام، مع استخدام وسائل الفرض لإقناع الآخر أو دفعه إلى تغيير قناعاته، حيث ينبغي القبول به كما هو، بعيدا عن الخلفيات الأيدلوجية أو القومية أو الدينية. فلا يمكن أن ينسجم هذا المفهوم مع أساليب الفرض والدفع بوسائل مادية لتغيير المواقف الأيدلوجية أوالفكرية وتبديلها. فـ”القبول بالآخر” في صورته الأولية، يعني احترام حياته الإنسانية وكينونته الذاتية ومتطلباتهما. وقد يحاول البعض في سياق الحديث عن مفهوم “قبول الآخر” أن يحدد بعض الشروط ،إلا أن عادة ما يعني ذلك أن يتخلى الآخر عن ما هو عليه كشرط لقبوله. وهذه من المفارقات العميقة، والتي تكشف رفض الكثير من الناس لهذا المفهوم. فليس مطلوباً من أحد أن يتخلى عن قناعاته من أجل أن يقبله الطرف الآخر. فللجميع حق رفض قناعات الآخر والتعبير بوسائل سلمية عن هذا الرفض ولكن ليس من حقهم تهوين آو تهويل أو تشويه القناعات والأفكار،كما لا يجوز أن يطلب من الآخر تغيير قناعاته كشرط لقبوله. فـ”قبول الآخر” لا يلغي الحق في امتلاك وجهة نظر نقدية عن أفكار وقناعات الطرف الآخر. ولكن في ذات الوقت فإن مقتضى مفهوم “قبول الآخر” القبول به كما هو يريد وليس كما يراد له. فـ”قبول الآخر” ينبغي أن يقود إلى التعايش الذي يضمن حقوق الجميع بدون تعد وافتئات من قبل أي طرف على الأطراف الأخرى، إلا أن ذلك لا ينبغي أبداً أن يترك لأهواء العامة يتحدثون عن قيم “قبول الآخر” دون أن يمتد ذلك لتطبيق هذه القيم في الحياة المعاصرة. لهذا فإن وجود مبادرات مؤسسية وطنية وقومية لحماية حقيقة التنوع الديني والمذهبي والقومي والنوعي يعتبر أحد المداخل الأساسية لصيانة وحفظ الأمن الوطني وتعزيز قوته وسد الثغرات التي قد ينفذ منها الخصوم الحقيقيون للوطن والذين يعملون على تحقيق أغراضهم ومصالحهم الخاصة. فـ”قبول الآخر” لا يحتاج إلى الخطب الرنانة والمواعظ الأخلاقية المجردة، وإنما يحتاج لوقائع ميدانية ومبادرات مؤسسية تستوعب جميع أطياف الوطن وتحمي تنوعه بقانون وإجراءات دستورية. إن الاعتراف والإقرار بثقافة التسامح و”قبول الآخر” والاعتراف به هو أمر جيد ومقبول نظرياً ولكن يجب العمل من أجل ترسيخ قيمة هذه الثقافة وتطبيقها في الحياة اليومية بشكل يعود بالفائدة على الجميع دون استثناء. إن ممارسة ثقافة “قبول الآخر” المختلف عنا إذا أُحسن إدارتها والتعامل معها، فإنها تزيد أي مجتمع قوة وثراء على مختلف الأصعدة والمستويات. وفي ذات الوقت فإن وجود توترات وأزمات في طبيعة العلاقة بين هذه المكونات لا يعني أن المشكلة هي في طبيعة التعدد والتنوع، وإنما في طبيعة الخيارات السياسية والاجتماعية والثقافية التي أوجدت تصنيفات حادة بين أهل الوطن الواحد تحت عناوين ويافطات دينية أو مذهبية أو قومية أو عرقية. فالسبب الجوهري الذي أدى إلى بروز توترات بين أبناء الوطن والمجتمع الواحد هو في الخيارات المستخدمة مع هذه الحقائق. فخيارات القتل والإرهاب والاستئصال تفضي إلى توترات أفقية وعمودية بين جميع مكونات المجتمع العرقية والقبلية والمذهبية والنوعية. أما خيارات الحوار والحرية والتسامح والمساواة وصيانة حقوق الإنسان واحترام خصوصيات جميع الأطراف، فإنها تفضي إلى نسج علاقات إيجابية بين جميع الأطراف والمكونات وبناء استقرار سياسي واجتماعي عميق في المجتمع، علاقات لا تهدمها عواصف السياسة ومتغيرات الراهن، بل تزيدها صلابة ووقوفا بوجه كل المؤامرات التي تستهدف تفتيته وضرب وحدته الوطنية. والاعتراف بحقيقة التعدد والتنوع في الفضاء الاجتماعي والثقافي، وتوفير مقتضيات ومتطلبات حمايتها، هو الخطوة الأولى في مشروع إنهاء التوترات الاجتماعية وصيانة الأوضاع الداخلية. فمطلب التجانس الوطني بين جميع الأطراف لا يتحقق بالعنف ورفض الآخر، وإنما من خلال ثقافة تحترم التعدد وتدافع عن مقتضياته وخيارات سياسية تقوم بعملية الاستيعاب والدمج انطلاقا من مفهوم المواطنة وبعيدا عن النزعات الضيقة التي تحول دون بناء فضاء وطني مشترك وجامع.

نحو مفهوم وطني للديموقراطية

قد يكون من الصعب الأن على العديد من القوى السياسية انكار الديمقراطية او التحجج بكونها لا تصلح كنظام حكم الا انه ينبغي أن يوضع في الاعتبار اهمية اقلمة هذا المفهوم بالشكل الذي يلائم بيئتنا واولوياتنا الوطنية،مع الوضع في الاعتبار أن الديموقراطية التى نعنيها هى فى الجوهر تلك التى جربتها البشرية وطمحت لها فى دول كثيرة من دول العالم،وأنها تنبنى على خبرات مشتركة بين مختلف الشعوب وليست شيئا يتم تعريفه لأول مرة ولا هى مفهوم يؤخذ بشكله الظاهري دون الولوج إلى فلسفة هذا النوع من انظمة الحكم ولا هو ايضا نظام حكم يؤخذ كاطار خارجي لتجميل وجه نظام معين للتغطية على ممارسات تسلطية استبدادية بعيدة كل البعد عن الديموقراطية. كما لابد أبضا أن يبدأ أى مفهوم وطني للديموقراطية بالاعتراف بأن مصر هى ايضا كيأن ثقافى متميز ومنتمى إلى عدد من الدوائر الحضارية المتداخلة(الفرعونية والقبطية والإسلامية والعربية والافريقية والاسيوية) كما أن لها ظروفها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الخاصة،وتقاليدها السياسية الممتدة والمتجذرة وخاصة فيما يتعلق بالتأكيد على قيم العدالة وأنها قادرة على اثراء مفهوم الديموقراطية والتمتع بتجربة أصيلة لا تقوم على تقليد أو نسخ لغيرها من التجارب وأن التوق لتجربة ديموقراطية اصيلة لا يمكن أن يعنى الاجحاف بأى شكل من الأشكال بالقيم المشتركة للانسانية أو بالمبادىء والمعايير الأساسية للديموقراطية،وانما يعنى تجسيد هذه القيم بصورة تستجيب للحاجات الأصيلة والمشروعة لكل القوى الاجتماعية الكبرى،ولحاجات البلاد ككل،وللضرورات التى يمليها التكوين الثقافى المصري،فالديمقراطية ليست مجرد نظام سياسى أو كيأن قانونى شكلى فحسب،بل أن لها ماهية و فحوى يتلمسها الناس بالتجربة وبالممارسة ايضا،وأن كل استخدام لقاعدة قانونية شكلية ديموقراطية لتحقيق نتائج معاكسة للهدف منها أو للغرض الذى وضعت لتحقيقه هى غدر بالديموقراطية واجحاف بها.ومن هذا المنطلق فانه يجب أن نضع نصب أعيننا الفحوى الجوهرية للديموقراطية فى كل العصور،وهى أنها النظام الذى يقوم على سلطة الشعب وسيادة الأمة. وبصورة عامة فأن الممارسة الديموقراطية هى الجانب الأكثر أهمية،وفق مبادىء عامة وأساسية لا يجوز خرقها ولا يقبل أن يتم تنظيمها بصورة تؤدى إلى مصادرتها.مثل تنظيم محدد للعلاقة بين سلطات الدولة والمجتمع وبناء نظام نيابى يقوم على الانتخابات العامة الدورية والنزيهة،ونظام حكم يقوم على مبدأ حكم الأغلبية مع الاحترام التام لحقوق الأقلية،ووضع ضمانات تحول دون تركيز السلطة أو احتكارها أو تأبيدها،مع وضع الأسس السليمة التى تضمن ممارسة الحكم بصورة فعالة وفى حدود حكم القانون. وتحتاج الديموقراطية إلى شروط تمهيدية أساسية،وهى شروط تسمح بتطور ديموقراطى سليم وصحى دون أن تكون بذاتها جزءا من تعريف الديموقراطية.وتشمل هذه الشروط العناصر الأساسية التالية: أ‌) استقلال الارادة الوطنية: اذ يصعب أن تعيش الديموقراطية فى ظل فقدان الاستقلال السياسى والحد الأدنى من الاستقلال الاقتصادى الوطنى. ب‌) التوافق على القيم الجوهرية للمجتمع وأركان ثقافته الوطنية مع الوعى بالاضافات العظيمة التى يمكن أن تؤدى اليها الممارسة الثقافية الخلاقة والأصيلة التى تترجم الأهداف السامية والأساسية للمجتمع والدينين الاسلامي والمسيحي.حيث أن هناك ضرورة على التوافق على الدور الكبير الذى يلعبه الدين فى تكويننا الثقافى والأخلاقى والقومى.فتعزيز هذا الدور مطلوب وضرورى.ويجب البناء على القيم الأخلاقية الرفيعة التى أكدها الدين،وتأصلت فى نسيجنا الحضارى والمجتمعى.الا أن جانبا من هذا التوافق ينبغي أن يقوم على استبعاد بناء دولة دينية بمعنى منح أى جماعة- وخاصة رجال الدين- امتياز سياسي ما.وبالمقابل فإن بناء الدولة ونظامها وسياساتها يجب أن لا يصطدم أو يتناقض مع القيم الأساسية للدين الاسلامى. ت‌) التوافق على معانى الاعتراف بالآخر والتسامح السياسى والفكرى وحقوق المواطنة المتساوية واقامة الممارسة السياسية على قاعدة المشاركة فى الوطن والمساواة فى حقوق المواطنة واستبعاد كل صور التمييز على أساس الدين أو الجنس أو الأصل العرقى أو جهة الميلاد والاقامة أو أى اعتبار غير شخصى أخر.ويجب بصورة خاصة أن تتم مكافحة جميع صور الطائفية وتأكيد الوحدة الوطنية وابعاد المؤسسات الدينية عن المجال السياسى،واعتبارها مرافق عامة مفتوحة ومتاحة للجميع يرأسها أشخاص يتمتعون بالاحترام العام على ألا يسمح لهم بمزاولة الوظائف أو الأدوار السياسية اثناء شغل وظائفهم الدينية.وفى الحد الأدنى يجب إقامة العلاقات الدينية على أساس التسامح والإحترام المتبادل وتحصين المعقتدات الدينية من الهزل والسخرية أو الإهانة،دون اجحاف بحق المناقشة العاقلة والمفيدة لكل الأفكار والنصوص أو الممارسات فى سياقات تضمن حرية البحث والابداع. ث‌) تحقيق الحد الأدنى من النهوض الاقتصادى والمجتمعي.وذلك يعتبر شرط ضرورى لمواصلة وتنمية تجربة ديموقراطية ذات معنى وقابلة للحياة والازدهار.وفى هذا السياق،فأن أى نظام ديموقراطى يفقد جانبا كبيرا من ضرورته أن لم يُمكن المجتمع من الانطلاق النهوضى فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واحداث شبه قطيعة مع الفقر والتخلف. إن الديمقراطية تعنى سيادة وسلطة الأمة والشعب،ويجب أن تحافظ الممارسة السياسية الفعلية على هذا المعنى.فاضافة إلى الوسائل النيابية يجب أن تشجع القوانين والممارسات الفعلية على مشاركة المواطنين،كأفراد وهيئات واحزاب أو جمعيات عمومية للمؤسسات العامة،فى اتخاذ القرارات وصنع السياسات.فمستويات معنية من الديموقراطية المباشرة صارت ممكنة بل وضرورية لترجمة مبدأ سيادة الشعب وسلطته من خلال كل الوسائل الضرورية للتعرف على آرائه فى السياسات المختلفة.وذلك من خلال تأكيد الصلة المتواصلة والحميمية بين النواب وناخبيهم وفتح الباب أمام الناخبين لمحاسبة نوابهم فى أى وقت،والتزام النواب باستشارة ناخبيهم حول مختلف القضايا التشريعية والرقابية.

إلى اين تتجه المحروسة ؟

الوضع الحالي في مصر هو من التعقيد والتشابك بحيث يصعب على اي متابع توقع اتجاهه نحو الاستقرار من عدمه ، فهناك اطراف دولية وإقليمية وداخلية تلعب داخل الساحة المصرية ولها مصالحها بالشكل الذي قد يعيق عملية الاستقرار على المدى القصير. ولكن هناك اطراف اخرى في الاقليم يهمها استقر ار الدولة المصرية خاصة الدول الخارجة للتو من ثورات شبيهه بالثورة المصرية وبالتالي يسعون إلى رؤية الاستقرار المصري من اجل ان يكون نموذج لدولهم من الممكن ان يسيروا على نهجه وأيضا للاستفادة من الامكانيات المصرية في دعم استقرار بلادهم خاصة ليبيا التي تتشوق إلى استيراد عمالة مصرية تستطيع المساهمة في عملية الاعمار في ليبيا دون ان تتحول هذه العمالة في حالة عدم تنظيمها إلى قنابل متنقلة بدلا من ان تنفجر في مصر تنفجر في ليبيا. وكذلك الحال في سوريا التي يترقب فيها الاحرار مساعدة النظام السياسي القادم في مصر لهم حتى يتمكنوا من القضاء على نظام بشار الاسد ورجاله. كما ان دول الخليج رغم تحفظاتها العديدة على الوضع في مصر وصعود تيارات سياسية غير مرضي عنها من جانب النخبة الحاكمة في دول الخليج فإنها تسعى إلى ايجاد قدر من الاستقرار السياسي في مصر يساعدها في محاولاتها لاحتواء الخطر الايراني الذي بات قاب قوسين او ادني من انتهاك امن الخليج الهادئ . كذلك الحال مع الاطراف الدولية فالولايات المتحدة تسعى إلى وجود نظام قوي في مصر يستطيع ان يخرج من مصر من الحالة الضبابية التي يعيش فيها الان ، كما ان دول الاتحاد الاوربي باتت مؤمنة بان جماعة الاخوان المسلمين هي البديل المعتدل والمقبول لديها بعد الثورة ، اما عن روسيا والصين فرغم ان خيوط اللعبة المصرية خارجة إلى حد كبير عن ايدي هؤلاء فإنهم ايضا يسعون إلى رؤية مصر مستقرة ويتطلعون إلى التعاون مع نظام كان في يوم من الايام عدو واضح وجاد للغرب ومن امامه اسرائيل(الحقبة الناصرية)، ويعولون على امكانية تحقيق تعاون مثمر بين الطرفين يقرب مصر من الشرق ويحفظ مصالحهم في المنطقة خاصة في ضوء التقارير التي بدأت تشير إلى قرب سقوط النظام السوري وما يترتب عليه من سقوط احد قلاعهم في المنطقة . إلا ان ذلك لا يمنع من وجود بعض النخب الاقتصادية والسياسية في المنطقة (في الحكم او في المعارضة ) تحاول جر البلاد إلى الفوضى ادراكا منهم ان مصر الاخوانية هي اخطر الف مرة من مصر المستقرة . ويزيد بعضها على ذلك في أن نجاح الثورة المصرية قد يغري بعض شعوب المنطقة إلى استلهام نموذج الثورة المصرية في التغيير وهو الأمر الذي وجد صداه في بعض دول الخليج والعراق ، ووصل الامر ببعض من هؤلاء إلى الترويج بكثافة لفكرة فشل الثورة المصرية وضرورة التفكير الف مرة قبل الاقدام على مثل ما اقدم عليه المصريون الذين يعانون –على حد قولهم – من مساوئ ما جنت ايديهم عليهم. بالإضافة إلى ذلك فان الطرف الاسرائيلي ما زال يراقب الوضع في مصر عن كثب ويرى ان اي هدوء على الساحة المصرية يقابله دفع إلى حالة من عدم الاستقرار في العلاقات الاسرائيلية العربية وذلك رغم التطمينات الامريكية لإسرائيل . أما عن الاطراف المحلية فرغم أن الفترة التي سبقت اقرار الدستور كانت من الحدة والسخونة بما كان إلا انها بدأت تهدأ بشكل واضح خلال هذه الفترة ولعل ذلك راجع إلى الآفة الاساسية التي تعاني منها الحالة السياسية المصرية والمتمثلة في عدم تبلور معارضة منظمة حتى اللحظة واقتصار الامر على احتشاد هنا واحتشاد هناك دون ان يتحول هذا الاحتشاد إلى عمل سياسي منظم قادر على التأثير في حركة الشارع . فإذا قلنا ان قوة المعارضة تكمن في تحقيقها للاحتشاد داخل الشارع إلا ان هذه القدرة تظل محدوده التأثير نظر لأنها قدرة مؤقتة تشتعل لفترة زمنية لا تزيد عن يوم واحد فقط وتنفض بعد ذلك تاركين خلفهم قلة قليلة من الشباب الثائر الذي يجد نفسه وحيدا في وسط الميدان دون اي دعم حقيقي من أية قوة سياسية على ارض الواقع الامر الذي يدفعهم احيانا إلى ترك الميدان تحت ضغط ارهاب البلطجية والباعة الجائلين . اضف إلى ذلك فإن المعارضة قد بدأت تفقد بعض بريقها في الشارع نتيجة لعدم بلورتها لموقف سياسي واضح من الأحداث فتارة تدعو إلى مقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور وتارة اخرى تدعو إلى المشاركة بكثافة وتارة تدعو إلى قصر التصويت على فئة معينة(المتعلمين دون الاميين ) وتارة اخرى تؤكد انها لا تفرق بين مصري وآخر ، وتارة تؤكد أنها ستخوض معركة من أجل اسقاط الدستور من خلال الحشد في الشارع وتارة تؤكد انها ستشارك في الانتخابات البرلمانية من اجل اسقاط الدستور . والطرفة الاخيرة انها تنتوي النزول في تحالف في انتخابات مجلس النواب القادمة ولكن بقائمتين .. وهو امر يثير السخرية اكثر مما يثير الضحك. هذا الأمر الذي جعل رصيدها في الشارع يتراجع إلى حد كبير خاصة في ظل الاوضاع الاقتصادية المتردية التي بدأت تظهر ملامحها في البلاد في الفترة الأخيرة من انخفاض لسعر الجنيه مقابل الدولار والتراجع الحاد في الاحتياطي النقدي وارتفاع معدل البطالة والتراجع الحاد في الدخل المحلي من السياحة . من هنا اعتقد أن الفترة القادمة وان كانت ستشهد بعض الاحتشادات إلا انها ستكون استثنائية وليس بها طابع الاستدامة ولكن من الممكن أن يتخلل هذه الاحتشادات بعض اعمال العنف ضد بعض مؤسسات الدولة ومؤسسات بعض الأحزاب والجمعيات والأفراد إلا أن الطرف الآخر الموجود في السلطة سيحاول قدر الامكان ضبط انفعالاته بالشكل الذي يستطيع أن يصل برسالة انتخابية تتضمن حرصه على الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة في مقابل تيارات اخرى تهتم اكثر بمصالحها السياسية الضيقة . او هكذا سيتم الترويج لهذه الفكرة .