** ماذا عن الضغط الشعبى المتوقع لفرض التغيير الديمقراطى ؟
رغم تعدد الحركات والمنظمات المنادية بضرورة وجود اصلاح ديمقراطي حقيقي في مصر ، ووصول عدد هذه المنظمات الي اكثر من ثلاثين منظمة وحركة (جميعها حركات غير رسمية ) فان محدودية الدور الذي تقوم به داخل الشارع يظل محل تساؤل ، فمعظم هذه الحركات- وطبقا للعديد من الدراسات التي تناولت نشوء ونشاط هذه الحركات - قائمة علي اسس اما نخبوية او شللية محدودة ، بل ان بعض هذه الحركات لا يتجاوز حجم المشاركين فيه عدد اصابع اليد الواحده، كما انه وباستثناء حركات معينة – علي سيبيل الحصر ( حركة كفاية ، الجبهة الوطنية للتغيير ، حركة الحرية الان ) فان هذه الحركات لا وجود لها في الشارع ، وقد يرجع ذلك لمجموعة من العوامل :
1-تجذر ثقافة الخوف في المجتمع المصري وخاصة في الفترة الاخيرة مما افقد الشارع المصري اي رغبة او سعي حقيقي للاصلاح قد يترتب عليها ضرر امني له وللمحيطين به. او بمعنى ادق رفض المواطن المصري لاي نوع من التضحية في سبيل حريته.
2- اخراج النخبة السيايسة الحاكمة للكثيرين من الناشطين السياسيين من جعبة العمل السياسي ، وذلك من خلال تشوية صور البعض باتهامات لا محل لها ترتب عليها قضائهم شهور وسنوات خلف اسوار السجن او بين ردهات المحاكم الجنائية الامر الذي ترتب عليه خروج شريحة كبيرة من هؤلاء من النشاط السياسي التطوعي رغما عنهم بسبب انحسار التاييد الشعبي المصاحب لانشطتهم في السابق .
3- الزج ببعض نشطاء العمل السياسي داخل السجون ، ونقصد بهؤلاء كل من له صوت او تاثير داخل الشارع السياسي من امثال د. ايمن نور ، ود. عصام العريان ، والعديد من الكوادر الساسية سواء من احزاب او حركات منعت وعلي مدي فترات طويلة من العمل السياسي نتيجة لتهم ملفقة وادعاءات كاذبة.
وبالتالي فان التعويل علي الضغط الشعبي المؤثر علي النظام الحاكم يصبح امرا من الصعب جنى ثماره في الفترة القريبة القادمة وذلك اذا اردنا ديمقراطية حقيقية وليس كبسولات تهدئة . ولس هذه انتقاصا من دور الشارع في الضغط علي النظام ولكنها نظرة واقعية للامور ، ومع ذلك فاني اعول علي دور الشارع في ارسال رسائل الي الخارج االاقليمي و الدولي بانه ليس هناك من استحسان لاداء النظام المصري وان من يحاول ان يقنع الغرب بعكس ذلك هو اما صاحب مصلحة او مغيب .
** هل من توقعات بحزب جديد مناظر للحزب الوطنى الحاكم ؟
اما عن التوقعات بوجود حزب جديد يستطيع ان يناظر الحزب الوطني ، فلا اعتقد ان ذلك من الممكن ان يحدث في الفترة القريبة القادمة ، ولا ينبغي ابدا ان يصور للبعض ان ذلك من الممكن ان يكون مدخلا لاصلاح الحياة الحزبية في مصر . فنحن لا نسعي ابدا لتكرار صورة الامس في اليوم ، فما زالت تجربة حزب مصر الاشتراكي في الاذهان وانشاء الحزب الوطني كحزب مناظر له او هكذا صور ، ولم يكن الامر سوى تغيير في الاسم دون المضمون او الاعضاء ( من حزب مصر الاشتراكي الي الحزب الوطني ) هذه واحد اما الاخرى فاري ان اي حديث عن حزب اخر بل ان شئت اي حديث عن اصلاح في ظل النظام الحالي يظل من قبيل التجميل الخارجي دون الجوهر فمن الصعب علي اي نظام في خريف عمره ان يقدم علي اصلاحات جذرية قد لا تتفق مع موروثاته السابقة ومعتقداته ، اني اعتقد انه لا توجد اية رغبة حقيقية من جانب النظام الحاكم في تغيرات ديمقراطية حقيقية وما الامر الذي نشهده هذه الايام ما هو الا محاولة للتملص من الضغط الخارجي المطالب بتغييرات سياسية ديمقراطية في النظام السياسي الحالي ، وبالتالي فان سعي النظام الحالي سيقتصر علي ردود الافعال ومحاولة ايهام الاخر الخارجي بوجود اصلاحات تدريجية ن وان السبب في بطئ الاصلاحات راجع الي الرغبة في عدم تمهيد الساحة للاسلاميين الذين يشكلون خطرا علي المصالح الغربية ، او هكذا يعتقد من هم في الحكم ، وهكذا ايضا يتصورون ان الغرب يتفهم تباطؤهم ذلك .
اما عن الاحاديث عن وجود رغبة من جانب الاصلاحيين داخل الحزب الوطني في تكوين حزب جديد ، فلم يكن سوى محاولة لامتصاص غضبة الشارع علي الشعبية المتدنية التي وصل اليها الحزب الوطني عقب الانتخابات البرلمانية الاخيرة ، لكن قوة سطوة المتنفذين في النظام الساسي منعت هذه الفكرة باعتبار انه من شان هذه الخطوة سحب جزء من قوتهم الساسية ، المتمثلة في الحزب الوطني ، وبالتالي فقد فضل ما يطلق عليه الحرس القديم واد هذه الفكرة في مهدها ، ولم يكن للحرس الجديد من اعتراض باعتبار ان مصالحهم مرتبطة بتماسك النخبة الحاكمة ورضاها ن وبالتالي اي محاولة للتمرد علي هذه النخبة قد يؤدي الي الاضرار بمصالح ما اصطلح علي تسميته بالحرس الجديد . وقد كانت هذه المصالح هي السبب في دخولهم العمل السياسي في المقام الاول وبالتالي فهم لا يريدون ان يكون هذا العمل الساسي الذي دخلوا له مكرهين سببا في اضرار قد تلحق بمصالحهم .
** هل تبقى الديمقراطية المصرية تتلقى الإصلاح من أعلى ؟
ليس من العيب ابدا ان تاتي الديمقراطية من اعلي فهناك العديد من الدول التي حدث بها هذا الامر واستمر ونجح ، وبالتالي فلا ينبغي ابدا التقليل من شان الديمقراطية التي تاتي من اعلي فالمعيار ليس من الاعلي ام الادني ، المعيار بامكانية تحقق الديمقراطية بالفعل ، ولكن المشكلة في مصر ان من في الاعلي لا يؤمن بالديمقراطية ولا يعمل علي انفاذها ويستخدم طرق عديدة لتاجيل هذه اللحظة ، وبالتالي فان الدور الشعبي يجب ان يؤمن بذلك ويجب ان يؤمن بان بقواعد اللعبة التي تتعامل بها مع هذا النظام ، اي التاصير فيه بالوسائل التي تؤثر فيه بالفعل ، وعدم الانجرار وراء شعارات رفض وادانة ، لن تجلب لنا الا تاخير المشروع الديمقراطي الذي نسعى اليه . هذا من جهة ، من جهة اخرى فان الاصلاح في مصر علي مر التاريخ لم يات الا من اعلي ، صحيح انه كان هناك دور معين للحركات الشعبية ، الا ان الامر الواضح ان الاصلاح ا لناجح دائما ما كان ياتي من اعلي .
** هل تتكيف السلطة مع التغيرات المحدودة لتبقى الأمر الواقع كما هو ؟
المتابع لممارسات السلطة في الفترة الاخيرة ، من المؤكد ان يقتنع انها ما فتات تستخدم نفس الاساليب والوسائل لتاخير الاصلاح الديمقراطي ، والكارثة انها ترى ان اسلوبها ذلك نجح في السابق وبالتالي فمن المؤكد انه سينجح اليوم ايضا ، وما الاعتقالات في صفوف بعض الحركات ( وان قلت ) وتلفيق التهم ، ومنع الصحف وحبس الصحفيين ، واثارة قضايا ثانوية وتسليط الضوء عليها للتغطية على سلبيات اخرى ، ورشوة بعض العاملين في جهاز الدولة (الموظفون) من خلال ما اصطلح علي تسميته بالحوافز والعلاوات . كل هذه الوسائل ما زال النظام يعتقد انه قادر علي اتباعها والتكيف معها للحد من انجازه لخطوات اصلاحية حقيقية .
** هل يتعين الانتظار حتى يمتلك النظام السياسي المصرى شروط التغيير الديمقراطى ؟.
الاجابة بالقطع لا ولكن لا بد من العمل علي اكثر من مستوى للتاثير علي النظام لعزله ، واستبداله بنظام اخر نستطيع التعاطي معه :
المستوى الاول : المستوى الخارجي : فرغم ادانة الكثيرين لهذا المستوى لكن من الاهمية ان يؤمن الجميع ان الدور الخارجي دائما ما كان موجودا في التغييرات في كل دول العالم ، فلا يستطيع احد ان ينكر دور الغرب في المانيا الغربية ودور الاتحاد السوفيتي في المانيا الشرقية ، كما لا يستيطيع احد ان ينكر دور الحلفاء في استقلال فرنسا ن ودور الحافاء في اليابان ، كما لا يستطيع احد ان ينكر الدور الخارجي في القضاء علي نظام التمييز العنصري الذي كان سائدا في الكثير من الدول كانت اخرهم جنوب افريقيا . وفي مصر فان حركات الاصلاحات دائما ما كانت لها علاقات بالخارج ، حتى الاصلاحيين الذي قادوا عمليات اصلاح التعليم كانوا متاثرين بهذا الاخر الخارجي ( رفاعه الطهطاوي ، قاسم امين ، علي مبارك) وبالتالي فنحن لا نطالب ابدا بعراق ارخي فهذا لا نقبل ونرفضه رفضا شديدا ، ولكن ما نقول به هو ان من اتي بهذا النظام وبسط له البساط حتى يبقي جاسما علي صدور المصريين كل هذه الفترة عليه ان يسحب هذا البساط وعلينا ان نقنعه بذلك . من خلال فضح هذا النظام وممارساته والاخطار التي يمارسها هذا النظام علي مصالح الخارج . وهذا ليس عيبا في شئ فالمثل الشعبي يقول من اتي بعفريت عليه ان يصرفه.
المستوى الثاني : تفعيل الحياة السياسية المصرية من خلال تكثيف الحركة داخل الشارع المصري ومضاعفة دور هذه الحركات من خلال تقوية ا لموجود منها وخلق حركات جديدة ، تستطيع ان تقترب من الشارع اكثر ، وتتجنب سلبيات بعض الحركات القائمة . ومن الاهمية ان يكون تعاطي هذه الحركات مع الشارع السياسي من خلال رفضها للقوانين المقيدة لحرية عمل هذه الحركات داخل الشارع ، علي غرار ما تقوم به حركة كفاية في التظاهر دون الالتفات الي قانون الطوارئ المقيد لهذا الحق .
المستوى الثالث : تفعيل دور وسائل الاعلام المختلفة واستخدام تكنولوجيا الاتصال الحديثة في فضح انتكاسات النظام وفساد الياته ومنتجات ممارساته سواء كانت هذه الوسائل انترنت او فضائيات او حتى رسائل اجهزة محمول ،بالاضافة الي الصحف والمجلات المصرية والعربية والدولية ، وعلينا ان نعلم ان الثورة الايرانية نجحت في تغيير نظام الشاه من خلال وسائل اعلامية بسيطة(شرائط كاسيت) شارك فيها الجميع (اسلاميين – الخوميني ورفاقه ، وعلمانيين – حزب توده)
المستوى الرابع :تضافر جهود جميع الاحزاب للتاثير في الشارع السياسي وان يكون عملهم فرادي او مجتمعين المهم ان يصب في النهاية هذا النشاط في اتجاه التاثير علي النظام الحاكم الموجود حاليا . وان يتركز نشاط كل هذه الحركات في مطلب اساسي هو تغيير النظام الموجود حاليا ، والكف عن المطالبات الجزئية من قبيل تعديل او تغيير الدستور او الغاء هذا القانون او ذاك ، فكما قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لن يستطيع نظام في خريف عمره ان يغير التغيير الذي تتمناه اجيال ما زالت في ربيع عمرها او تتمني للوطن ان يعيش في ربيع عمرها الفائت .
رغم تعدد الحركات والمنظمات المنادية بضرورة وجود اصلاح ديمقراطي حقيقي في مصر ، ووصول عدد هذه المنظمات الي اكثر من ثلاثين منظمة وحركة (جميعها حركات غير رسمية ) فان محدودية الدور الذي تقوم به داخل الشارع يظل محل تساؤل ، فمعظم هذه الحركات- وطبقا للعديد من الدراسات التي تناولت نشوء ونشاط هذه الحركات - قائمة علي اسس اما نخبوية او شللية محدودة ، بل ان بعض هذه الحركات لا يتجاوز حجم المشاركين فيه عدد اصابع اليد الواحده، كما انه وباستثناء حركات معينة – علي سيبيل الحصر ( حركة كفاية ، الجبهة الوطنية للتغيير ، حركة الحرية الان ) فان هذه الحركات لا وجود لها في الشارع ، وقد يرجع ذلك لمجموعة من العوامل :
1-تجذر ثقافة الخوف في المجتمع المصري وخاصة في الفترة الاخيرة مما افقد الشارع المصري اي رغبة او سعي حقيقي للاصلاح قد يترتب عليها ضرر امني له وللمحيطين به. او بمعنى ادق رفض المواطن المصري لاي نوع من التضحية في سبيل حريته.
2- اخراج النخبة السيايسة الحاكمة للكثيرين من الناشطين السياسيين من جعبة العمل السياسي ، وذلك من خلال تشوية صور البعض باتهامات لا محل لها ترتب عليها قضائهم شهور وسنوات خلف اسوار السجن او بين ردهات المحاكم الجنائية الامر الذي ترتب عليه خروج شريحة كبيرة من هؤلاء من النشاط السياسي التطوعي رغما عنهم بسبب انحسار التاييد الشعبي المصاحب لانشطتهم في السابق .
3- الزج ببعض نشطاء العمل السياسي داخل السجون ، ونقصد بهؤلاء كل من له صوت او تاثير داخل الشارع السياسي من امثال د. ايمن نور ، ود. عصام العريان ، والعديد من الكوادر الساسية سواء من احزاب او حركات منعت وعلي مدي فترات طويلة من العمل السياسي نتيجة لتهم ملفقة وادعاءات كاذبة.
وبالتالي فان التعويل علي الضغط الشعبي المؤثر علي النظام الحاكم يصبح امرا من الصعب جنى ثماره في الفترة القريبة القادمة وذلك اذا اردنا ديمقراطية حقيقية وليس كبسولات تهدئة . ولس هذه انتقاصا من دور الشارع في الضغط علي النظام ولكنها نظرة واقعية للامور ، ومع ذلك فاني اعول علي دور الشارع في ارسال رسائل الي الخارج االاقليمي و الدولي بانه ليس هناك من استحسان لاداء النظام المصري وان من يحاول ان يقنع الغرب بعكس ذلك هو اما صاحب مصلحة او مغيب .
** هل من توقعات بحزب جديد مناظر للحزب الوطنى الحاكم ؟
اما عن التوقعات بوجود حزب جديد يستطيع ان يناظر الحزب الوطني ، فلا اعتقد ان ذلك من الممكن ان يحدث في الفترة القريبة القادمة ، ولا ينبغي ابدا ان يصور للبعض ان ذلك من الممكن ان يكون مدخلا لاصلاح الحياة الحزبية في مصر . فنحن لا نسعي ابدا لتكرار صورة الامس في اليوم ، فما زالت تجربة حزب مصر الاشتراكي في الاذهان وانشاء الحزب الوطني كحزب مناظر له او هكذا صور ، ولم يكن الامر سوى تغيير في الاسم دون المضمون او الاعضاء ( من حزب مصر الاشتراكي الي الحزب الوطني ) هذه واحد اما الاخرى فاري ان اي حديث عن حزب اخر بل ان شئت اي حديث عن اصلاح في ظل النظام الحالي يظل من قبيل التجميل الخارجي دون الجوهر فمن الصعب علي اي نظام في خريف عمره ان يقدم علي اصلاحات جذرية قد لا تتفق مع موروثاته السابقة ومعتقداته ، اني اعتقد انه لا توجد اية رغبة حقيقية من جانب النظام الحاكم في تغيرات ديمقراطية حقيقية وما الامر الذي نشهده هذه الايام ما هو الا محاولة للتملص من الضغط الخارجي المطالب بتغييرات سياسية ديمقراطية في النظام السياسي الحالي ، وبالتالي فان سعي النظام الحالي سيقتصر علي ردود الافعال ومحاولة ايهام الاخر الخارجي بوجود اصلاحات تدريجية ن وان السبب في بطئ الاصلاحات راجع الي الرغبة في عدم تمهيد الساحة للاسلاميين الذين يشكلون خطرا علي المصالح الغربية ، او هكذا يعتقد من هم في الحكم ، وهكذا ايضا يتصورون ان الغرب يتفهم تباطؤهم ذلك .
اما عن الاحاديث عن وجود رغبة من جانب الاصلاحيين داخل الحزب الوطني في تكوين حزب جديد ، فلم يكن سوى محاولة لامتصاص غضبة الشارع علي الشعبية المتدنية التي وصل اليها الحزب الوطني عقب الانتخابات البرلمانية الاخيرة ، لكن قوة سطوة المتنفذين في النظام الساسي منعت هذه الفكرة باعتبار انه من شان هذه الخطوة سحب جزء من قوتهم الساسية ، المتمثلة في الحزب الوطني ، وبالتالي فقد فضل ما يطلق عليه الحرس القديم واد هذه الفكرة في مهدها ، ولم يكن للحرس الجديد من اعتراض باعتبار ان مصالحهم مرتبطة بتماسك النخبة الحاكمة ورضاها ن وبالتالي اي محاولة للتمرد علي هذه النخبة قد يؤدي الي الاضرار بمصالح ما اصطلح علي تسميته بالحرس الجديد . وقد كانت هذه المصالح هي السبب في دخولهم العمل السياسي في المقام الاول وبالتالي فهم لا يريدون ان يكون هذا العمل الساسي الذي دخلوا له مكرهين سببا في اضرار قد تلحق بمصالحهم .
** هل تبقى الديمقراطية المصرية تتلقى الإصلاح من أعلى ؟
ليس من العيب ابدا ان تاتي الديمقراطية من اعلي فهناك العديد من الدول التي حدث بها هذا الامر واستمر ونجح ، وبالتالي فلا ينبغي ابدا التقليل من شان الديمقراطية التي تاتي من اعلي فالمعيار ليس من الاعلي ام الادني ، المعيار بامكانية تحقق الديمقراطية بالفعل ، ولكن المشكلة في مصر ان من في الاعلي لا يؤمن بالديمقراطية ولا يعمل علي انفاذها ويستخدم طرق عديدة لتاجيل هذه اللحظة ، وبالتالي فان الدور الشعبي يجب ان يؤمن بذلك ويجب ان يؤمن بان بقواعد اللعبة التي تتعامل بها مع هذا النظام ، اي التاصير فيه بالوسائل التي تؤثر فيه بالفعل ، وعدم الانجرار وراء شعارات رفض وادانة ، لن تجلب لنا الا تاخير المشروع الديمقراطي الذي نسعى اليه . هذا من جهة ، من جهة اخرى فان الاصلاح في مصر علي مر التاريخ لم يات الا من اعلي ، صحيح انه كان هناك دور معين للحركات الشعبية ، الا ان الامر الواضح ان الاصلاح ا لناجح دائما ما كان ياتي من اعلي .
** هل تتكيف السلطة مع التغيرات المحدودة لتبقى الأمر الواقع كما هو ؟
المتابع لممارسات السلطة في الفترة الاخيرة ، من المؤكد ان يقتنع انها ما فتات تستخدم نفس الاساليب والوسائل لتاخير الاصلاح الديمقراطي ، والكارثة انها ترى ان اسلوبها ذلك نجح في السابق وبالتالي فمن المؤكد انه سينجح اليوم ايضا ، وما الاعتقالات في صفوف بعض الحركات ( وان قلت ) وتلفيق التهم ، ومنع الصحف وحبس الصحفيين ، واثارة قضايا ثانوية وتسليط الضوء عليها للتغطية على سلبيات اخرى ، ورشوة بعض العاملين في جهاز الدولة (الموظفون) من خلال ما اصطلح علي تسميته بالحوافز والعلاوات . كل هذه الوسائل ما زال النظام يعتقد انه قادر علي اتباعها والتكيف معها للحد من انجازه لخطوات اصلاحية حقيقية .
** هل يتعين الانتظار حتى يمتلك النظام السياسي المصرى شروط التغيير الديمقراطى ؟.
الاجابة بالقطع لا ولكن لا بد من العمل علي اكثر من مستوى للتاثير علي النظام لعزله ، واستبداله بنظام اخر نستطيع التعاطي معه :
المستوى الاول : المستوى الخارجي : فرغم ادانة الكثيرين لهذا المستوى لكن من الاهمية ان يؤمن الجميع ان الدور الخارجي دائما ما كان موجودا في التغييرات في كل دول العالم ، فلا يستطيع احد ان ينكر دور الغرب في المانيا الغربية ودور الاتحاد السوفيتي في المانيا الشرقية ، كما لا يستيطيع احد ان ينكر دور الحلفاء في استقلال فرنسا ن ودور الحافاء في اليابان ، كما لا يستطيع احد ان ينكر الدور الخارجي في القضاء علي نظام التمييز العنصري الذي كان سائدا في الكثير من الدول كانت اخرهم جنوب افريقيا . وفي مصر فان حركات الاصلاحات دائما ما كانت لها علاقات بالخارج ، حتى الاصلاحيين الذي قادوا عمليات اصلاح التعليم كانوا متاثرين بهذا الاخر الخارجي ( رفاعه الطهطاوي ، قاسم امين ، علي مبارك) وبالتالي فنحن لا نطالب ابدا بعراق ارخي فهذا لا نقبل ونرفضه رفضا شديدا ، ولكن ما نقول به هو ان من اتي بهذا النظام وبسط له البساط حتى يبقي جاسما علي صدور المصريين كل هذه الفترة عليه ان يسحب هذا البساط وعلينا ان نقنعه بذلك . من خلال فضح هذا النظام وممارساته والاخطار التي يمارسها هذا النظام علي مصالح الخارج . وهذا ليس عيبا في شئ فالمثل الشعبي يقول من اتي بعفريت عليه ان يصرفه.
المستوى الثاني : تفعيل الحياة السياسية المصرية من خلال تكثيف الحركة داخل الشارع المصري ومضاعفة دور هذه الحركات من خلال تقوية ا لموجود منها وخلق حركات جديدة ، تستطيع ان تقترب من الشارع اكثر ، وتتجنب سلبيات بعض الحركات القائمة . ومن الاهمية ان يكون تعاطي هذه الحركات مع الشارع السياسي من خلال رفضها للقوانين المقيدة لحرية عمل هذه الحركات داخل الشارع ، علي غرار ما تقوم به حركة كفاية في التظاهر دون الالتفات الي قانون الطوارئ المقيد لهذا الحق .
المستوى الثالث : تفعيل دور وسائل الاعلام المختلفة واستخدام تكنولوجيا الاتصال الحديثة في فضح انتكاسات النظام وفساد الياته ومنتجات ممارساته سواء كانت هذه الوسائل انترنت او فضائيات او حتى رسائل اجهزة محمول ،بالاضافة الي الصحف والمجلات المصرية والعربية والدولية ، وعلينا ان نعلم ان الثورة الايرانية نجحت في تغيير نظام الشاه من خلال وسائل اعلامية بسيطة(شرائط كاسيت) شارك فيها الجميع (اسلاميين – الخوميني ورفاقه ، وعلمانيين – حزب توده)
المستوى الرابع :تضافر جهود جميع الاحزاب للتاثير في الشارع السياسي وان يكون عملهم فرادي او مجتمعين المهم ان يصب في النهاية هذا النشاط في اتجاه التاثير علي النظام الحاكم الموجود حاليا . وان يتركز نشاط كل هذه الحركات في مطلب اساسي هو تغيير النظام الموجود حاليا ، والكف عن المطالبات الجزئية من قبيل تعديل او تغيير الدستور او الغاء هذا القانون او ذاك ، فكما قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لن يستطيع نظام في خريف عمره ان يغير التغيير الذي تتمناه اجيال ما زالت في ربيع عمرها او تتمني للوطن ان يعيش في ربيع عمرها الفائت .