الأحد، 25 يناير 2009

عفوا نصر الله......هل فعلا مات الشعب المصري ؟


قررت ان اسال نفسي هذا التساؤل وانا اقرا قصة قام بها احد علماء الطبيعة على ضفدع، حيث قام باحضار اناء به ماء يغلي ووضع به ضفدع حي فاذا به يقفز هاربا من الاناء شاعرا بسخونة الماء ثائرا عليه ومقررا تركه الى مكان اخر رغم انف واضعه وصاحب قرار القاءه في هذا الاناء ، لكن العالم لم يستسلم بل احضر اناء اخر ووضع به ماء بارد ووضع فيه ذات الضفدع ، فاستشعر الضفدع الراحة والسكينة وترك جسده يسبح في الماء الذي تعود عليه في حياته في البرية ، الا ان هذا العالم لم يكتف بذلك بل احضر شمعة(نعم شمعه) ووضعها تحت الاناء وتركها مدة ليست بالقصيرة وبدا الماء يسخن ويسخن حتى وصل الى درجة الغليان ، الا ان الغريب ان الضفدع لم يقفز وحتى عندما حاول العالم ركله بعصا بيده لم يتحرك ، وفوجئ العالم انه وعند اخراجه للضفدع من الاناء بانه قد مات دون ان يحرك اي ساكن دون ان ينتفض كما فعل قبل ذلك وترك الاناء الذي كان بداخله الماء المغلي . استسلم الضفع وترك العالم الذكي يفعل فيه اي شئ وكل شئ فالعالم قد سخن له الماء تدريجيا وهو لم يستشعر ذلك وترك جسده يتحلل من سخونة الماء حتى فارق الحياة وصارة حسدا هامدا بلا حراك تفعل به الافاعيل ولا فعل له او بمعنى ادق لا حول ولا قوة له .
والذي ادهشني بالفعل هو هذا التشابه الدقيق بين قصة هذا الضفدع وقصة الشعب المصري الان في ظل دعوة السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله للشعب المصري للخروج الى الشوارع بالملايين من اجل فتح معبر رفح وفي ظل ايضا موجة الغلاء الملتهبة والمستمرة التي يتعرض لها وخاصة بعد ارتفاع اسعار موارد الطاقة المختلفة والتي ترتب عليها ارتفاع اسعار سلع اخرى اساسية وغير اساسية ، والمدهش ان احدا من المصريين لم يحرك ساكنا ، وارتضوا الاسعار الجديدة وهو صاغرون ، لم يلتفت احد الى سائق الميكروباص وهو يعلن زيادة تعريفة الركوب واكتفوا بان وضعوا ايديهم في جيوبهم مخرجين الزيادة التي طلبها ، ماذا حدث ؟؟؟ كيف يتم ذلك بهذا الهدوء وهذه الاستكانة والاستسلام ، هل بالفعل مات الشعب المصري مثله مثل الضفدع ، يفعل به الان الافاعيل ولا يحرك ساكنا ، يصدر غازه الى دوله كان ولا يزال يعتبرها عدوة ولا يحرك ساكنا، يقتل ابناءه في عرض البحار، ويهانون كل يوم في الداخل والخارج ولا يحرك ساكنا ، تنتهك حرمات حدوده ولا يحرك ساكنا يقتل جنود له من قبل حرس حدود اسرائيلين ولا يحرك ساكنا ، تحبس زعاماته وتزور انتخاباته محلية كانت او برلمانية او حتى رئاسية ولا يحرك ساكنا ، ماذا حدث ؟؟؟ اندهش اكثر عندما اقرا في كتب التاريخ عن ما فعله المصريين عندما تم نفي احد اهم زعمائهم في عام 1919 وكيف هب المصريين للدفاع عن زعيمهم وزملاؤه ضاربين عرض الحائط بقوانين السلطة والاحتلال ، وكذلك فعلوا مع النحاس في معارضته للاحتلال او لبعض الحكومات غير المنتخبه ،وكذلك فعلوا مع عبد الناصر عندما هزمنا في حرب 1967 وقرر التنحي خرجوا عن بكرة ابيهم للشوارع مطالبينه بالعودة ومصممين على اخذ الثار من العدو الاسرائيلي وعندما احسوا من السادات ترددا في حربه خرجو ايضا منددين بتردده هذا ، و عندما قرر السادات زيادة اسعار بعض السلع خرجوا ايضا الى الشوارع فيما عرف انذاك بانتفاضة الخبز عام 1976 حتى قررت الحكومة التراجع عن قراراتها ، ايضا عندما وقع السادات معاهدة كامب ديفيد استخدموا كل الوسائل لمعارضته سواء كانت وسائل مشروعه او غير مشروعه حتى انتهي الامر بمقتله ، حتى في عهد الرئيس مبارك خرج المصريين مثمثلين هذه المرة في جنود الامن المركزي في مطلع ثمانينات القرن الماضي معترضين على بعض سياسات الدولة ، ام الان فالشعب المصري يفعل به الافاعيل ولا يحرك ساكنا اخر ما استطاع فعله هو الكلام ثم الكلام ثم الكلام ولا فعل . لا اعرف ما حدث اماتت فينا النخوة ام ماتت فينا الرجولة وقيمة اخرى اقترنت دائما بها اسمها الشجاعة . لكن يبدو ان قصة الضفدعة غير بعيدة عن قصة هذا الشعب فالنظام قد استخدم كل الوسائل لاماتة هذا الشعب سواء وسائل سياسية (تزوير انتخابات عن طريق شراء الاصوات والتي استشرت بشدة في السنوات الاخيرة ) اجتماعية (اثارة قضايا هامشية لالهاء الشعب بها من قبيل قضايا عبدةالشيطان ، والمثليون ، والجمعيات الاهلية ومدى انحرافها) واقتصاديا ( الرفع التدريجي للاسعار والرفع المماثل للمرتبات والتعشيم بزيادات وهمية من آن لاخر ثم التحجج بان الوضع لا يسمح وان الاستقرار يقتضي الانتظار وان الغلاء ظاهرة عالمية وغيرها من هذا الحجج البلهاء) .
يبدو ان الشعب المصري قد مات بالفعل ويبدو انه لا امل في افاقته الا بشخص في وزن جمال عبد الناصر ان لم يكن اثقل وزنا ، شخصا تستطيع جموع العامة ان تقف خلفه وتؤمن به وتعمل على تنفيذ اوامره الاصلاحية حتى يتم افاقتهم من غيبوبتهم او قل موتهم . لقد اصبح الامر في حاجه الى معجزة حقيقية ، دعونا لا نقلل من قيمة الديمقراطية كنظام حكم ولكن الازمة ان لم يكن الكارثة التي يعاني منها الشعب المصري لا يستطيع اي نظام حكم مهما كانت درجة مرونته وحصافته ان يقوم بحلها ،فالديمقراطية ينبغى ان يوجد من يستطيع الدفع بها دفعا وفرضها فرضا حتى يستطيع الممسكين على السلطة التنازل عن سلطتهم وترك الامور لجموع الشعب المرحوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى ثقافيا .من الاهمية ان يوجد هذا الكاريزما من اجل ان يعيد الروح في جسد فقد روحه منذ زمن ليس بقريب.