تعيش مصر هذه الايام في اجواء ملتهبه جدا من الحوار الثري والجدل البناء بين ابناء الوطن الواحد ، هذا الوطن الذي يبدو انه يمر يايام هي بالفعل غريبة عليه ، فهو لم يعشها من قبل فقد عاش هذا الشعب طوال اكثر من ستين عاما معتادا على ان حاكمه يرشح له عضو البرلمان على سبيل المثال ويختاره له ايضا ، كما ان هذا الحاكم يقترح له التعديلات الدستورية ويوافق له عليها ايضا ، وبالتالي فان المواطن المصري في هذه الايام كان دائما مواطنا مفعولا به ، ولم يكن ابدا مواطن فاعل باي شكل من الاشكال ، حتى عندما يطلب منه الادلاء بصوته تحت اشراف قضائي كامل فانه يكون ايضا مفعولا به ومسلوب الارادة عندما يجد من يدفع له مئات الجنيهات حتى يوجه صوته وجهه معينة تاتي متفقة مع تطلعات ورغبات الحاكم . الا انه بتفجر ثورة 25 يناير انقلب الوضع واصبح المصري ولاول مرة منذ ستين عاما فاعلا ويصبح صوته ذي قيمة ، ولاول مرة ندخل استفتاء ونحن نجهل نتيجته . وهذا انجاز عظيم يحسب للثورة .
الا انني وفي هذه الايام فاني حريص على حضور اكبر عدد من الندوات التي تؤيد او تعارض التعديلات وقد خرجت منها بعدد من الملاحظات على هذا النوع من الندوات والتي شاركت فيها هذا الاسبوع وهي :
ان معظم الندوات المؤيدة للتعديلات هي ندوات ينظمها اخوان مسلمين او احزاب متعاطفة معهم .
ان معظم الندوات التي تقولا لا للتعديلات هي ندوات منظمة من قبل العلمانيين ياطيافهم المختلفة سواء كانوا ليبراليين او يساريين او ناصريين .
انه رغم انتمائي للفريق العلماني الا انني لاحظت قدرا كبيرا من عدم الموضوعية والتعالي في الندوات التي ينظمها العلمانيين وادعائهم المستفز بانهم هم الاقدر على الفهم وانهم الاخرين "مش فاهمين حاجه" ( يقصدون من يقولون نعم )
ان الاسلاميين كان لهم راي اكثر هدوءا واذكر كلمة قالها شيخ جليل لا اعرف اسمه "ان الثورة وحدتنا ولن ننقسم بعد ذلك ابدا ، وان من يقول نعم فانه يقولها من اجل مصر وكذلك من يقول لا"
ان لاحظت قدرا كبيرا من الاحتفاء بالشعب لمصري في مجموعه في ندوات الاسلاميين في حين راي العلمانيين ان الشعب المصري ما زال غير مستوعب للديمقراطية وانه يجب ان نتركه فترة حتى ينضج .
ان الاسلاميين كان لديهم قدرا كبيرا من التنظيم فهم يعرفون ماذا بفعلون وهم يوزعون منشوراتهم في اماكن محدده وفي اوقات محددة وهذا راجع الى خبراتهم الكبيرة في هذا الامر .
ان الفريق العلماني لا يعرف من الذي يوزع وقد وصل لامر الى ان بعض المنشورات تتهم من يقولون نعم بانهم خانوا الثورة وهو كلام جد خطير .
ان الندوات التي نظمها الاسلاميين كان بها قدر كبير من قبول الاخر اما الندوات التي نظمها الليبراليين فقد كان بها قدرا كبيرا من التمترس حول الذات ومحاولة تسفيه راي الاخر والهجوم عليه بل واتهامه بالعماله للنظام البائد .
انه اذا كان هناك من الاسلاميين من اخطا وادعا ان من يقول نعم واجب شرعي فانه هناك من العلمانيين من اخطا ايضا باتهام من قالوا نعم بانهم خونة واغبياء ومش فاهمين حاجه .
في كل لم اكن سعيدا وسط اخواني العلمانيين وسوف اكون اسعد اذا قاموا بابداء قدرا اكبر من المرونة مع اخوانهم الاسلاميين وليعلم الجميع ان هذه الثورة صنعها الكل ولا فضل لاحد على اخر فيها ، فاذا كان العلمانيين من فجر الثورة فان الاسلاميين هم من حموها ، واذا كان العلمانيين هم من اطلق الشرارة فان الاسلاميين هم من اشعلوها لتكون نارا على اعدائها ونورا على ابناءها .
اننا ادعو كل المصريين الى الذهاب الى صناديق الاقتراع يوم السبت القادم 19/3/2011 لابداء رايهم ايا كان هذا الراي دون تسفيه او تخوين او تكفير لراي الاخر مهما كان هذا الراي فالجميع يحبون مصر والجميع حريصين على نهضتها وعزتها مهما حاول المغرضون الايقاع بين ابناء الوطن الواحد .