الثلاثاء، 13 مايو 2008

نظرة على كتب فرج فوده


قراءة في فكر د. فرج فوده

قراءة / خالد فياض
رغم اغتيال الدكتور فرج علي فوده منذ ما يزيد عن اثني عشر عاما علي يد احد اعضاء جماعة الجهاد الاسلامي في ظهيرة الثامن من يونيو عام 1992 ،فان اسمه لا يزال مطروحا علي ساحة الجدال بين الدولة العلمانية والدولة الدينية ، ولعل الجمعية- التي نشأت تخليدا لذكراه - ما زالت تمارس نشاطها حتي الان ، وتحمل اسم كلمة رددها كثيرا وبل كانت احد اسباب اغتياله امامها، وهي التنوير(جمعية التنوير)
والدكتور فرج فوده هو من مواليد مركز الزرقا بمحافظة دمياط عام 1945 ، حصل علي بكالوريوس الزراعة في يونية عام 1967 ثم ماجستير في الاقتصاد الزراعي عام 1975 وحصل عل الدكتوراه عام 1981 ، وقد عمل معيدا في كلية الزراعة ثم مدرسا بذات الكلية ، وانتقل بعد ذلك للعمل في العاصمة العراقية بغداد ليعمل في كلية الزراعة هناك ، عاد إلى مصر بعد ذلك ليؤسس شركة استشارية متخصصة في دراسة وتقييم المشروعات.
ورغم هذه الخلفية الاقتصادية البحته فانه وفي عام 1982 صدر له كتاب الوفد والمستقبل وذلك قبيل استقالته من حزب الوفد بسبب تحالف هذا الاخير مع التيار الاسلامي عام 1984 ، واخذ بعد ذلك يصدر في كتب حتي بلغ عددها حوالي تسعة كتب ، وقبل عرض افكاره وارائه التي وردت فيها فاننا نريد أن نجمل بعض الملاحظات عليها وهي :
1- جميع كتبه من الحجم الصغير الذي لم يتجاوز ال 250 صفحة ، بل قد وصل عدد صفحاته احد كتبه إلى ثلاثين صفحة وهو كتاب "التطرف السياسي والديني في مصر" ، والذي كان قد نشر في كتاب حوار حول العلمانية .
2- من بين تسعة كتب صدرت له اصدرت له الهيئة العامة للكتاب خمسة كتب في عام واحد ونعتقد أن سر ذلك يرجع إلى رغبة الدولة في مواجهة خطر التطرف الديني فوجدت في كتابات د. فرج فوده نموذجا مناسبا لهذه المواجهة .
3- رغم أن كتاب قبل السقوط كان اول كتاب قام بتاليفة في يناير عام 1985 إلا انه لم ير النور إلا في عام 1992 أي بعد تاليفه بسبعة اعوام ولعل ذلك مرجعه إلى جراة الافكار المطروحه فيه والتي لم تصبح ملحة إلى مع صعود ظاهرة العنف الاسلامي في مطلع التسعينات .
4- أن هناك ثلاث من كتبه هي عبارة عن مقالات مجمعة ارسلت لصحف ونشرت أو لم تنشر . وهذا يدفعنا إلى القول أن المقالة عادة ما تحمل راي الكاتب دون تفصيل في الاسباب العلمية التي دفعته لتبني مثل هذا الراي ، الأمر الذي لا يستطيع معه القارئ المتخصص أن يستند عليها كمرجع علمي .
أما عن كتبه والتي استطعنا تجميعها له وهي : قبل السقوط ، الحقيقة الغائبه ، الملعوب ، النذير ،حوار حول العلمانية ، التطرف السياسي والديني في مصر ،نكون أو لا نكون ، والارهاب . وقد قمنا بتصنيف موضوعاتها إلى عدة اقسام :
اولا : الخلافة الإسلامية (وجهة نظر تاريخية ).
في البداية يتحدث عن دولة الخلافة الراشدة وقسمها إلى نصفين الأول ساد فيه الاستقرار ويرجع ذلك إلى أن هذه الفترة، الممتدة منذ ولاية أبو بكر الصديق وحتى قبل نهاية فترة عثمان بن عفان بسنوات قلائل، كانت اكثر فترات الصدر الأول للإسلام اتجاها نحو الفتوحات الخارجية ، أما النصف الآخر الممتد منذ قرب نهاية حكم عثمان وحتي انتهاء حكم علي بن ابي طالب حيث سادت هذه الفترة عدم استقرار اخذ اشكال الاعتراض حينا والانقسام أحيانا والاقتتال غالبا فيما عرف في التاريخ الاسلامي بالفتنة الكبرى ، ويؤكد أن هدفه من تسليط الضوء علي هذه الفترة رغم ثرائها الروحاني هو محاولة اثبات انه لا يوجد مجتمع مثالي سوي في العالم الآخر ، هذا من جهة من جهة اخري فان فترة الخلافة الراشدة شهدت بعض من صور عدم تطبيق الشريعة الإسلامية ففودة يري أن حرب الردة علي سبيل المثال والتي اندلعت في بدايات حكم ابو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين ، لم تكن من اجل الإسلام ، بل كانت من اجل دولة الإسلام والحفاظ علي أركانها ، هذا في عهد أبو بكر أما في عهد عمر بن الخطاب فقد أوقف بعض أوامر الرسول فيما يخص الزكاة المدفوعة للمؤلفة قلوبهم باعتبار انه يري أن الإسلام قد صار قويا وانه ليس في حاجة إلى تأليف قلوب أحد ، وهنا عمر لو يلتزم بالنص وانما التزم بالوقعة والظروف المحيطة بها ، أما عن الحدود فحدث في عهد عمر عندما أوقف حد السرقة في عام الرماده حيث وضع في اعتباره أسباب النزول وحكمة النص أو العقوبة ، ويصل فوده إلى نتيجة مؤداها انه ليس كل ما كان مقبولا في عهد الصحابة مقبولا وصحيحا في عصر غير العصر ، فقواعد الدين ثابتة وظروف الحياة المتغيرة وفي المقابلة بين الثابت والمتغير لا بد وان يحدث جزء من المخالفة ويقصد بالمخالفة أما أن يتغير الثابت أو يثبت المتغير .
أما الدولة الأموية فقد كانت عهدا مختلفا في تاريخ الدولة الإسلامية ، ولكنها شهدت أيضا من الفتوحات وقوة الدولة الكثير ، فنجاح بعض خلفاء الدولة الأموية ارتبط بفصلهم الدين والدولة عند قيامهم بأمانة الحكم .
وفي الدولة العباسية فهو يزعم أنها لم تكن من الإسلام سوي في الاسم فقط وكانت في حقيقتها خلافة عربية قرشية وأنها لم تحمل من الإسلام إلا الاسم .
يصل فوده من ذلك إلى نتيجة مؤداها ، أن الإسلام دين لا دولة والحجة في رأيه التاريخ ، وإذا كان من بد من الالتقاء فذلك يكون من خلال الاجتهاد المستنير والقياس الشجاع والأفق المتنور
ثانيا- الدولة الدينية والدولة المدنية – أسباب رفض الأولى وتفضيل الثانية –:
يري فوده أن الحوار السياسي في الدولة الدينية علي سبيل المثال يدور علي أساس الحرام والحلال ،وبالتالي فان الفصل بين الدين والسياسة ارحم بالإسلام والمسلمين فنحن إذا اختلفنا في الرأي السياسي انطلاقا من الدين فسوف يتعصب كل منا لرأيه لاعتقاده بأنه لم يعد رأيا صحيحا من الدين بالضرورة أما في السياسة فنحن نتحاور ونختلف ولكن لا نقتتل .كما انه في الدولة المدنية تتمتع الاقليات بحقوق متساوية مع حقوق الأغلبية أما في الدولة الدينية فرغم التشدق بكلمات التسامح الديني فان فترات هذا التسامح كانت قصيرة جدا تاريخيا إذا قورنت بفترات الاضطهاد . أما الدولة المدنية فهي تقوم علي : 1- أن حق المواطنة هو الأساس في الانتماء .2- وان الأساس في الحكم هو الدستور .3- أن المصلحة العامة والخاصة هي أساس التشريع .4- أن نظام الحكم المدني يستمد شرعيته من الدستور والقانون وميثاق حقوق الإنسان . أما الدولة الدينية فلا يوجد أساس واضح لها كما انه لا يوجد نظام حكم معين للحكم الإسلامي في التاريخ أو في اجتهادات الفقهاء .
ثالثا: تصنيف التيارات الإسلامية :
يقسم فوده التيارات الإسلامية إلى ثلاث اتجاهات وهي :
1- الاتجاه الإسلامي التقليدي : وتتمثل في جماعة الإخوان المسلمين والتي يصنفها باعتبارها جماعة معتدلة وهو يعتبر اكثر جماعات الإسلام السياسي قدرة عي العمل السياسي وقابلية للتجاوب معه .
2- الاتجاه الإسلامي الثوري : يعتبر تنظيم الجهاد اقوي تنظيماته وهدفه الوحيد هو التغيير من خلال الاستيلاء علي السلطة ، والعنف هو أسلوبه الوحيد لتحقيق ذلك .
3- الاتجاه الثروي : استخدم هذا المصطلح رغم غرابته للتعبير عن الاتجاه الذي جمع أمواله بالمصادفة من خلال العمل في السعودية ودول الخليج الأخرى ومصر ، ويهدف هذا الاتجاه إلى استغلال الإسلام لتحقيق تراكم في الثروة ، وهو يعتبر اقوي هذه الاتجاهات لكونه غير منظور .
يري د. فوده أن الاتجاهات الثلاثة تملك مجتمعة عناصر القوة الأساسية الثلاث ، وهي قبول الفكر (الاتجاه الأول) العنف (الاتجاه الثاني)سطوة المال (الاتجاه الثالث) ولكن يعيبها أنها غير مجتمعة وتعاني من اختلافات فكرية وتنظيمية كبيرة.
ثم يبرر بعد ذلك يعدد أسباب تنامي هذه الاتجاهات وهي متعددة في كتبه ولكن من المكن إجمالها في :
1-هزيمة 1967 وانهيار المشروع القومي ومحاولة البحث عن مشروع اكثر أصالة من المشروع القومي .
2- غياب القضية الوطنية التي من الممكن أن تكون مركز اهتمام الناس ومحور تفكيرهم .
3- الأزمة الاقتصادية نتيجة لتراكم فشل السياسات الاقتصادية المتبعة من جانب أنظمة سياسية متعاقبة .
4- الانتحار الساداتي .
5- السماح الديمقراطي :والذي أتى من الحاكم بإرادته حيث يردي فرج فوده أن السماح للتيار الإسلامي التقليدي بالتواجد من خلال الصحف والمجلات منحه كل نقاط القوة ، وحجب عنه كثيرا من نقاط الضعف وإمكانيات مواجهة الآخر له .
6- الحرب الباردة وما سببته من مساعدة الولايات المتحدة لبعض عناصر التيار الإسلامي ضد السوفيت في أفغانستان .
7- الصراع بين التيارين الثروي والراديكالي .
8- الأحزاب الجبهوية .
9- أخطاء المعالجة الأمنية والسياسية .
10- مناطق الحوار المحرمة : والتي وضعتها الدولة ورضي بها المجتمع والتي شكلت عائقا أمام حرية الحوار مع أنصار الاتجاه الإسلامي .
رابعا: الموقف من جماعة الإخوان المسلمين:
رغم انه لا يفرق أحيانا بين جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات الإسلامية إلا أننا أردنا أن نفرد لها عنوانا مستقلا نستطيع من خلاله عرض موقفه منها حيث أن موقفه من جماعة الإخوان المسلمين تحديدا غير واضح ويتراوح ما بين القبول بهم كحزب سياسي ، ثم التراجع أحيانا واعتبار أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة تفتقد للشرعية الدستورية والقانونية ولا ينبغي التحاور معها ، وتارة يتهمها بأنها لا تمتلك برنامج سياسي وإذا أعلنت برنامجها السياسي قال انه برنامج علماني وليس إسلامي وإذا طرح برنامج إسلامي انتقده تاريخيا باعتبار أن الدولة الإسلامية علي مدي ألف وأربعمائة عام لم تشهد حكما إسلاميا كالذي تنادي به جماعة الإخوان ، وهكذا يتمحور انتقاد فوده للإخوان علي ثلاث محاور: المحور الأول تاريخي/ وهو الذي أشرنا إليه سلفا والمحور الثاني معاصر وهو ضرب أمثلة لما حدث في إيران والسودان وأفغانستان للتدليل علي عدم وجود نموذج إسلامي صالح للحكم ، أما المحور الثالث فهو انتفاده للجماعة لسلوكيات وأفكار كانت تتبناها في مرحلة النشأة في عام 1928 وما بعده وهو الأمر الذي دائما ما يتبناه فوده علي اعتبار أن ذلك حجة عليهم في رفضهم للديمقراطية ، إلا أننا لو نظرنا هذه النظرة لكافة الأحزاب السياسية الموجودة في العالم وليس في مصر فقط وتتبعنا أصولها لرفضناها جميعا باعتبار أنها أحزاب غير ديمقراطية ، بالإضافة إلى ذلك فان موقفه المتشدد من الجماعة قد دفعه أحيانا لاتخاذ مواقف غريبة كنفيه الشهادة عن مؤسس الجماعة حسن البنا باعتبار أن قتله كان ردا علي قتلهم للنقراشي الأمر الذي يضعنا أمام تساؤل هل تحول نظام الدولة إلى نوع من الفوضى فمجرد قتل النقراشي يقتل أبنا ثارا له بلا قانون أو محاكمة تبين من المسئول عن قتل النقراشي وكيف ؟ يبدو أن فوده في رفضه لفكر الجماعة قد تجاوز بعض مما تدعو له دولة القانون التي ننشدها جميعا من أهمية أن يطبق القانون بوسائله المشروعة دون تعصب أو تحيز لطرف علي حساب طرف آخر مهما كان الاختلاف مع هذا الآخر .
خامسا/ موقفه من النظام الحاكم :
رغم تأكيده في كتابه "النذير" علي تأجيله لخلافه مع الدولة إلى مرحلة تالية تستقر السفينة غلي بر الأمان ،فان هذا لم يمنعه من توجيه بعض الانتقادات لأداء الدولة في مواجهة خطر الإسلام السياسي ويعدد ذلك في :
أ‌- وجود مؤسسات اقتصادية قوية كانت مؤيد ومساند قوي لجماعات الإسلام السياسي (شركات توظيف الأموال).
ب‌- السماح بتحايل الإخوان المسلمين ووصولهم إلى مجلس الشعب لأول مرة في تاريخهم في انتخابات 1984 بعد اكثر من ثلاثين عام من منعهم من الوصول للمجلس .
ت‌- وجود المؤسسة الدينية الرسمية كمحفز ومساند لتيار الإسلام السياسي.
ث‌- السماح لتيار الإسلام السياسي بالسيطرة علي العديد من مجالس النقابات المهنية .
ج‌- عدم وجود استراتيجية إعلامية واضحة في الأعلام المصري تستطيع من خلاله الدولة مواجهة تنامي تيار التطرف الديني .واتباع أسلوب الحملات الإعلامية بديلا عن سياسة الخط الإعلامي الثابت .
ح‌- تبني الدولة لسياسة الاحتواء والاحتماء بديلا عن التصدي والمواجهة.وافتقاد التنسيق والترابط بين أجهزة مؤسسة الحكم.
خ‌- غياب الحزب الوطني عن ساحة المواجهة واعتماده الكامل علي دور الحكومة منفردة في المواجهة .
د‌- تأثير التربية والتعليم والأعلام في مجمعاتنا حيث التفكير دائما خاضع للتوجيه .
سادسا/ رؤيته لشركات توظيف الأموال :
عادة ما تطرق د.فرج فوده في كتاباته لقضية شركات توظيف الأموال ، ولكن اقترابه منها كان سطحيا وهامشيا ، لذا فيبدو انه قد قرر أن يخصص كتابا كاملا عن هذا الأمر وهو كتاب الملعوب ورغم أن فوده قد تعمد اختيار هذا الاسم الشعبي لكتابة لكي يوصف الوضع – علي حد قوله- بشكل دقيق لكن يبدو أن شعبيته في اختيار الاسم قد دفعته أن يكون شعبي أيضا في طرحه للقضية ا وان شئت الدقة غير علمي يفتقر للمعلومات الدقيقة ويكتفي فقط بالانطباعات الذاتية المتأثرة علي ما يبدو بخبرته الشخصية .
يقول فوده أن شركات توظيف الأموال نشأت في ظل تنامي العمالة المصرية المهاجرة لدول الخليج ومضاعفة تحويلاتها إلى مصر ، في ذات الوقت ظهور حركة كساد عام في منطقة الخليج ، وضالة إمكانيات الاستثمارات الصغيرة وانعدام فرصها .بالإضافة إلى تغلغل الروتين الحكومي ، وعدم معقولية أسعار الفائدة التي تقدمها الأوعية الادخارية ، بالإضافة إلى تنامي النزعة الإسلامية في مصر . أما الملعوب فقد تمثل في نجاح هذه الشركات في تحقيق قدر كبير من الثقة لدي الحكومة والجمهور في وقت واحد ، هذا بالإضافة إلى حرصهم علي تامين أنفسهم من الناحية القانونية بعقد فضفاض لا تلزم نفسها به باس شئ ، ضاعف من سيطرة هذه الشركات تخزينها لكميات كبيرة من العملة الصعبة .
ثم يتحدث بعد ذلك عن علاقتهم بالسياسة ويؤكد انهم ليس لديهم اتجاه سياسي واضح رغم انتمائهم الظاهري لتيار الإسلام التقليدي ، ومع ذلك ففوده يبحث عن أي رابط بينهم وبين جماعات الإسلام السياسي فانه يصل إلى نتيجة مفادها أن هذا الغموض الحادث في علاقتهم مع جماعات الإسلام السياسي يثير قدرا كبيرا من الشك والريبة في دعمهم لهذه الجماعات ، وبالتالي فان فوده يخرج من طور المعلومة والتحليل إلى طور مرحلة الشك وهو ما لا يستوي مع كاتب يتحدث عن ظاهرة في خطورة شركات توظيف الأموال وعلاقتها مع جماعات الإسلام السياسي .
سابعا/ موقفه من الصحافة والأحزاب القائمة :
ينتقد أحزاب الوفد والعمل والأحرار لتحالف الأول مع الإخوان المسلمين في انتخابات عام 1984والثاني والثالث في عام 1987
معظم مقالاته ردا علي مقالات كتبت في صحف اللواء الإسلامي وجريدة النور والاعتصام والأهرام والوفد والشعب والأحرار والأخبار والأمة ، وهو في رده علي المقالات التي تنشر فر هذه الصحف ينتقدها بشدها لأنها أعطت لهولاء ضوءا اخضر ليبثوا افكارهم الهدامه من خلالها ، كما ينتقد الصحف القومية والتي افسحت اعمدة لكتاب متطرفين للكتابة بها ويتساءل اذا كان هذا هو حال الصحافة القومية فما بالنا بالصحافة الحزبية والمستقلة . ولكن تلاحظ أن د. فوده يتاح له مساحات واسعة في هذه الصحف من اجل نشر مقالاته المعقبه عليهم حينا والمناقشة لفكرة أو لموضوع أحيانا ومن بين هذه الصحف كانت صحيفة الأحرار لسان حال حزب الاحرار والذي سبق وانتقده لتحالفه مع الإخوان ، وكذلك جريدة الاعتصام ذات العلاقة القوية مع جماعة الإخوان المسلمين .
ثامنا/ الموقف من تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان .
يبدو أن تأثر فوده بعضويته السابقة في حزب الوفد المعروف بعلاقاته التاريخية القوية مع السودان ، قد وضعت قضية تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان في مرتبة متقدمة من اهتماماته وقد خصص لها العديد من المقالات في كتبه العديدة التي أصدرها ، فتحدث عن الرئيس السوداني جعفر نميري والذي اصدر قرارا بتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان وبدا في تعديل بعض مواد الدستور والتي حاول من خلالها الانفراد بالحكم مدي الحياة ، وينتقد فوده الاراء التي اشادت بتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان مثل آراء د. محمد الغزالي ، الشيخ عبد الحميد كشك ، والشيخ عبد اللطيف حمزة مفتي الجمهورية والشيخ عبد اللطيف المشتهري ، والشيخ عمر التلمساني والشيخ صلاح ابو اسماعيل ، والشيخ يوسف القرضاوي ولاعب الملاكمة الشهير محمد علي كلاي ، ويصف التقارير التي اشارت إلى انخفاض معدل السرقة في السودان إلى غلظة العقوبة الموضوعة علي السارق وليس إلى إيمان السودانيين بالشريعة.
تاسعا/ مقترحات لمواجهة مشكلة الارهاب والتطرف في مصر :
من خلال قراءة سريعة في كتب د. فرج فوده نستطيع أن تستخلص عدد من الحلول أهمها :
1-المسئولية المشتركة بين الحكومة والمجتمع في مواجهة الإرهاب
2- الحوار داخل إطار الشرعية الدستورية والقانونية
3- تقديم حلول مدروسة وواقعية ولو جزئيا لمشكلة الإسكان
4- حل المشكلة الاقتصادية وعلاج الخلل في هيكل الأسعار والأجور
5- إتاحة مناخ ديمقراطي اكثر رحابة والسماح بوجود أحزاب دينية إسلامية ومسيحية
6- الاجتهاد المستنير والقياس الشجاع والأفق المتنور
7- وجود إعلام حر وواعي ذو إستراتيجية واضحة .
8- تطوير التعليم و وتعزيز الوحدة الوطنية .
ورغم عقلانية هذه الحلول ، إلا انه قد تلاحظ وجود بعض الآراء التفصيلية التي لا تتناسب مع كونه مثقف ليبرالي يؤمن التعددية السياسية فعلي سبيل المثال عند عرضه لأسلوب حل مشكلة التطرف في أسيوط يتحدث عن إعلان حالة الطوارئ وفصل الطلبة المتطرفين واعتقال الاخرين وهو حل وان كان ينهي المشكلة فورا إلا انه لا يعالجها وغالبا ما تعود للظهور مرة اخري .
خاتمة :
لا يستطيع منصف أن ينكر علي د. فرج فوده جسارته وشجاعته في الدفاع عن قضية امن بها ، كما أننا لا نستطيع أيضا أن ننكر تأثير كتاباته علي شرائح عريضة من الشباب المصري رات فيها منقذا لها من الوقوع في براثن التطرف والارهاب ، ولا شك أن مقتلة قد هز قلوب المصريين جميعا ووضع ايديهم علي الجرح الذي طالما اهملناه ولم نعره اهتماما وهو الجرح الناتج عن تنامي تيار الإسلام السياسي في مصر وما ترتب عليه من زيادة حدة العنف السياسي الأمر الذي كاد أن يجعل من مصر جزائر اخري لولا جسارة رجال من امثال د. فوده ، لا يستطيع منصف ابدا نفي ذلك ، ولكن ما دام التاريخ دائما هو معمل السياسة أو أن شئنا التعميم هو معمل كيفية التعاطي مع المجتمع ، فاننا نقول أن كتابات د. فوده رغم جسارتها إلا أنها افتقدت غالبا وجود منهج علمي يحكمها ورغم ادعاءه ذلك فانه ابدا لم يحدث حتي عندما اراد أن يخلع ثوب كاتب المقال ويلبس ثوب الباحث المدقق وذلك في كتابه" التطرف الديني والسياسي في مصر "وجدناه أيضا يكتب البحث بالية كاتب المقال حتي انه في معلوماته القليلة التي ساقها لم يقل لنا من اين اتي بهذه المعلومات مثل المعلومة التي قال فيها" أن التطرف يزداد في المدن ويقل في القري ،" حيث أن رايا كذلك ينبغي أن يكون قائله قد اخضعة للعديد من الدراسات والابحاث أو حتي استند إلى العديد من الدراسات والابحاث التي توصلت إلى تلكم النتيجة . هذا من جهة من جهة اخري فان د. فرج فوده اخذ عليها دخوله في قضايا تصادمية لا طائل من ورائها مثل مقالته التي وضع لها عنوان حياك الله والتي نشرها في كتابه "نكون أو لا نكون" وتحدث فيها عن ما وصفه بانتهاك فاضح للقوانين المصرية ولسيادة مصر ، فظن الجميع انه يتحدث عن كارثة اصابت مصر في مقتل ، ولكن وجدناه يتحدث عن قيام احد الاثرياء السعوديين بشراء فندق في الاقصر وبدلا من أن يتحدث فوده عن فوائد وجود مثل هذا الفندق من خدمة للسياحة باعتبارها احد اهم مصادر العملة الصعبة في مصر ، يتحدث عن منع هذا الثري المقيمين في الفندق من تعاطي الخمور باعتبار أن ذلك انتهاكا لقوانين مصر، وكان القوانين المصرية لا تنتهك إلا اذا منع شرب الخمر ، ليست هذه هي القضية الوحيده ولكن هذا مثال فقط . من جهة ثالثة فانه قد تلاحظ تاثر د. فوده في ارائه ببعض مصالحه الذاتية ، وهو ما لا يستقيم مع ضرورة أن يكون المؤلف حريصا أن يكون موضوعيا وحياديا في تحليله لاية ظاهرة ، مثال ذلك دفاعه الدائم عن العراق باعتباره البوابة الشرقية للامة العربية ووصفه لايران كانها الطرف المعتدي حيث يبدو أن تاثر بذلك بفترة ليست بالقصيرة قضاها في بغداد مدرسا لمادة الاقتصاد الزراعي . وهكذا فان احدا لا يستطيع أن يقلل من شان الرجل وفضله في الدفاع عن الدولة العلمانية وتمهيده لطريق الوصول اليها الأمر الذي يجعل من اسمه مكتوبا بحروف من نور علي صدر كل مصري ينشد لهذا الوطن الرفعة والتقدم .









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بتعليقاتكم لخدمة هدفنا الاسمى في الاصلاح المنشود