السبت، 12 مارس 2011

لماذا نعم للتعديلات الدستورية المؤقتة؟

أولا: لأنها مؤقتة حيث تلك التعديلات لن تكون دائمة هي فقط تمهد لبناء مؤسسات منتخبة تقوم بإدارة عملية الانتقال السلمي للسلطة حيث تنص المادة 189 مكرر علي إلزام مجلسي الشعب والشوري التاليين لهذا الاستفتاء في خلال ستة أشهر من انتخاب المجلسين بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد

 

ثانيا : ضرورة إنهاء الوضع الاستثنائي القائم حالياً متمثلا في استمرار المجلس العسكري في السلطة تاركاً مهامه الاصلية معطلة ومحملاً عبئاً ثقيلا علي اخواننا ضباط وصف وجنود القوات المسلحة ، وكذلك يحمل  مؤشراً ولو نفسياً لحالة من عدم الاستقرار في البلاد

 

ثالثا : ان تسليم السلطة الي حكومة مدنية منتخبة في أسرع وقت ممكن هو أهم الأولويات العاجلة لحماية الثورة من مآل يوليو 1952 عندما تكرر مشهد مماثل حيث كان قادة الحركة من ضباط الجيش يصرون علي اجراء انتخابات في غضون ستة أشهر وكان رئيس الحكومة المدنية علي ماهر يرغب في التأجيل لعامين وكان وقتها هو وسليمان حافظ والسنهوري وأخرون يتخوفون من أن إجراء انتخابات سريعه سوف يأتي بحزب الوفد !! وتعلمون أنه بعد ذلك أجلت الانتخابات النزيهه ستون عاما

 

رابعاً : هناك تخوف موهوم من أن تفرز الانتخابات القادمة تيارات غير ديمقراطية ويذكر عادة بالاسم الحزب الوطني أو جماعة الاخوان المسلمين ، أما عن الحزب الوطني فلا يمكن بمنطق عقلي بسيط أن يفوز في انتخابات حرة نزيهه فعلي مدي عقود كان فيها هذا الحزب يملك السلطة كاملة ويحتل البلاد شرقها وغربها أرضها وماءها لم يقنع الناس بانتخابه ولجأ الي التزوير الكامل لارادتهم فمن غير المعقول أن نتوهم انه من الممكن أن يحصل علي حصة أقلية معتبرة من المقاعد فضلا عن حصوله علي أغلبية بافتراض أنه نجا من الحل في القضية المنظورة حاليا أمام القضاء الاداري ، أما الإخوان فبالاضافة الي اعترافهم في كل أدبياتهم السياسية بقبول الالية الديمقراطية في العمل السياسي أوضحوا علي مستويات مختلفة أنهم سوف ينافسون علي ثلاثين في المائه فقط من المقاعد وذلك حسب اسبابهم انهم يرون ان السلطة في الوقت الحالي مغرم لا مغنم وكذلك يريدون ان يوجهوا رسالة طمأنينة للأخر في الداخل والخارج وأنهم يحتاجون الي وقت لتحسين صورتهم المشوهة علي مدي الستين عاما الماضية

 

خامساً : البعض يتحدث عن سقوط الدستور الحالي وعمليات ترقيع وأوضاع غير دستورية وتلك مقولات تشبه العناوين البراقة ولا ترقي الي أي تطبيق عملي فنحن نقر بأن الدستور الحالي ساقط ويجب وضع دستور جديد وهذا ما نفعله الان كما أوضحت في البند أولا ، حيث تلك الطريقة التي من خلالها نضع دستوراً جديدا يحتاج الي وقت للجدل حوله ليعبر عن صراع وتوافق القوي السياسية في مجتمع مغلق منذ ستين عاما ولا أحد يعرف علي وجه الترجيح الأوزان المختلفة لمختلف التيارات السياسية فيه.

 

سادساً : البعض يتحدث عن عدم جاهزية والقوي السياسية التي تشكلت مع الثورة لخوض انتخابات الآن ، وهذا تخوف غريب حقا حيث الآن والآن فقط تملك هذه القوي الوطنية زخم لا نظير له ربما يذبل بعد عام او اثنين بعد ان تتمكن قوي النظام السابق من جمع شتاتها وتجميل حروقها ، ولكم ان تتخيلوا أن صفحة كلنا خالد سعيد أحد مفجري الثورة عدد مشتركيها تجاوز المليون ، ولنا أن نقول ان هناك أحزاب قائمة منذ ما يقرب من أربعين عاماً لم تكن يوما جاهزة للمنافسة ولن تكون جاهزة ابدا وإذا اردنا انتظارهم سوف ننتظر قرون وليس عقود

 

سابعاً : هذه التعديلات سوف تمكننا من اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهه تحت اشراف قضائي كامل وتمكن القضاء من الفصل في طعون الانتخابات باحكام ملزمة وتفتح فرص الترشح لمنصب رئيس الجمهورية والذي كان حكرا علي الحزب الحاكم وتقصر فترة رئيس الجمهورية علي أربع سنوات ويعاد انتخابه مرة واحدة فقط ثم تلزم المجلسين بالعمل علي وضع دستور جديد للبلاد وهذه التعديلات كلها ضمن المطالب الوطنية لسنوات مضت

 

إن المسألة تحتاج فقط الي كثير من الثقة بالنفس في أننا عندما نختار سوف نختار بطريقة صحيحة لنا أن نسترجع تلك الأوهام التي سقطت تحت اقدام الثوار من تخاذل الشعب ومواته وانعدام وعيه وعدم قدرته علي تنظيم صفوفه كما سقطت تلك الاوهام والتي كانت مسلمات سوف تسقط امام صناديق الاقتراع الشفافة كل أوهام الخائفين من قرار الشعب

 

إننا اذا رفضنا تلك التعديلات فإنما بذلك نطيل أمد الخطوة الاولي لبناء دولتنا ونعرض ثورتنا لتغيرات في النفوس والصفوف ولعل ما تابعناه من فتن ومؤامرات خلال الايام الماضيه ينبهنا الي ذللك الخطر الكامن في عنصر الوقت

 

فلنقل نعم للتعديلات الدستورية ليس كدستور نهائي ينهي الحالة الثورية بل كخطوة علي طريق بناء مصر الجديدة في ظل بقاء هذه الحالة الثورية رقيباً وضابطاً علي المؤسسات ولنتحمل مسؤليتنا في التوعية بها والدعوة اليها