تجددت منذ أشهر أعمال العنف لتضرب بقوة في أكثر من مدينة وقرية جزائرية، فمن غليزان إلى المدية إلى تيبازة وجيجل وغيرها من القرى والمدن، عادت بحدة في الأشهر الأخيرة عمليات القتل والتفجير والذبح المجاني لتنشر الرعب في الطرقات والمنازل والأسواق، وتذكر مجددًا بوجودها، ولتزهق في كل أسبوع العشرات من أرواح الجزائريين الأبرياء. فلماذا عاد العنف إلى الجزائر مجددًا بهذه القوة؟ وكيف أخفق قانون الوئام المدني في معالجة الأزمة الجزائرية، بالرغم من مرور أكثر من عام على إقراره في استفتاء شارك فيه الشعب الجزائري مشاركة واسعة؟
· عودة العنف إلى الساحة الجزائرية :
اسفرت العمليات الانتحارية والاعتداءات التي نفذها تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي) منذ بدء نشاطه في الجزائر في فبراير 2007 وحتى الآن عن مقتل 147 شخصا وجرح 449 آخرين.وتشهد الجزائر منذ نحو 18 شهرا تصعيدا في وتيرة عمليات العنف منذ ظهور تنظيم القاعدة في المشهد الامني في البلاد غير ان الهجوم الذي استهدف مدرسة تدريب الدرك الوطني في مدينة (يسر) شرقي العاصمة الجزائرية وادى الى مقتل 43 شخصا واصابة 45 بجروح..يعد الاعنف والاكثر دموية في محصلة ضحاياه حتى الآن.فقد شهدت مناطق بومرداس والبويرة وتيزي وزو الواقعة شرقي البلاد سلسلة تفجيرات انتحارية متزامنة في 13 فبراير 2007 استهدفت مراكز للأمن وثكنات عسكرية وفرقا لحرس السواحل خلفت مقتل 14 شخصا وجرح 23 أخرين.وشهدت الجزائر أعنف تفجير انتحاري قبل هجوم مدرسةالدرك في 11 أبريل 2007 استهدف قصر الحكومة الجزائرية وسط العاصمة ومركزا للشرطة باحد الضواحي الشرقية منها وخلف 33 قتيلا و 222 مصابا.وأعقب هذا التفجير هجوم انتحاري بشاحنة تبريد استهدف ثكنة للجيش بمدينة الأخضرية على بعد 110 كيلومترا شرقي العاصمة واسفر عن مقتل 10 عسكريين وجرح 13 آخرين.وفي 6 سبتمبر 2007 استهدف انتحاري موكبا شعبيا للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وسط مدينة باتنة على بعد 460 كيلو مترا شرقي العاصمة خلف مقتل 22 شخصا وجرح 50 آخرين.وبعدها بقليل استهدف تفجير انتحاري بسيارة مفخخة ثكنة لحرس السواحل بمنطقة (دلس) بولاية بومرداس خلف مقتل ستة عسكريين تلاه اعتداء انتحاري استهدف مقر هيئة الأمم المتحدة ومقر المجلس الدستوري في الجزائر العاصمة ادى الى مقتل 41 شخصا بينهم 17 من موظفي الأمم المتحدة وجرح 37 آخرين.ونفذ تنظيم القاعدة كذلك تفجيرا انتحاريا يوم 23 يوليو الماضي بواسطة دراجة نارية استهدفت شاحنة عسكرية بمنطقة الأخضرية بولاية البويرة ما أدى الى جرح 15 جنديا.واستهدف تفجير انتحاري وقع في 3 اغسطس الجاري مقر مصلحة الاستعلامات التابعة للشرطة وسط مدينة تيزي وزو الشرقية اسفر عن اصابة 25 شخصا وبعدها بخمسة ايام نفذ التنظيم اعتداءا انتحاريا ضرب مركزا للدرك بمنطقة زموري خلف ثمانية قتلى و 19 مصابا.وبات الاعتداء الارهابي الذي استهدف اليوم مدرسة عناصر الدرك الوطني بواسطة سيارة مفخخة رابع هجوم انتحاري خلال اقل من شهر غير انه الأعنف والأكثر دموية منذ مطلع العام حيث خلف بحسب محصلة لا تزال اولية 43 قتيلا و45 جريحا.
وعلى الجانب الاخر تمكنت قوات الامن الجزائرية من احداث بعض الخسائر في صفوت تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي فقد تمكنت قوات الامن من قتل 12 مسلحا إسلاميا في السابع من اغسطس الماضي في شرقي الجزائر.وقالت بيان صادر عن وزارة الداخليه إن كمينا نصب قرب بلدية بني دوالا في ولاية تيزي وزو في منطقة القبائل, على بعد 110 كلم شرق الجزائر العاصمة.وفي نهاية شهر اغسطس قامت قوات الامن الجزائرية قامت بقتل عشرة إسلاميين خلال عملية للجيش في قضاء طارق بن زياد بولاية عين دفلة غرب البلاد.
· هل هو عودة للعنف ام عودة للاعلان عن اعمال العنف :
امام هذا العنف المتصاعد في الفترة الاخيرة في الجزائر لا يستطيع المرء ان ينظر نظرة جادة الى تصريحات بعض المسئولين الجزائريين من ان العنف في الجزائر الى تراجع او على حد قول احد المسئولين انه يعيش الربع ساعة الاخيرة ولا نعرف كم هم مدة هذا الربع بالحسابات الحكومية الجزائرية . لقد ادت عودة الوضع بهذا الشكل في الجزائر الى ان البعض من الجزائريين بدا يشكك في مقولة عودة العنف إلى الساحة الجزائرية، ويقولون: إن سقف العمليات المسلحة منذ عدة سنوات لم ينخفض عما هو عليه الآن، وأن كل ما في الأمر أن السلطة تمكنت، في فترة زمنية محددة، من لفت الأنظار عن العمليات المسلحة، ونجحت في التكتم عليها، وهاهي قد عادت لتظهر من جديد على السطح الإعلامي ، الا انه ورغم هذه العودة لاعمال العنف -وانصافا للموضوعيه- لا يستطيع أي متابع للعنف في الجزائر الا ان يلاحظ قدرا من التراجع في هذه الظاهرة، ففي الواقع، فإن هذه المزاعم باستمرار وتيرة العنف بذات معدلاتها ، ينقصها الكثير من الدقة، فبالرغم من استمرار العمل المسلح المعارض للدولة، حتى في أزهى مرحلة من قانون الوئام المدني، بما في ذلك الأشهر الأولى من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التي حملت آمالاً عريضة للجزائريين في الخروج من وضعهم المتردي، فإن تلك العمليات، كانت قليلة، وغير مؤثرة، على خلاف ما هو عليه الحال تلك الايام . ولا يمكن إنكار أن خطاب الرئيس بوتفليقة، إثر توليه السلطة في شهر إبريل من عام 1999، ونجاحه في تمرير قانون الوئام المدني في البرلمان الجزائري، ثم في استفتاء شعبي واسع، قد أحدث رجّات ضخمة في الشارع السياسي الجزائري، مثلما أحدث رجّات بنفس الضخامة أيضًا في صفوف الجماعات المسلحة، التي تهافت العديد من عناصرها على قانون الوئام المدني للاستفادة من تدابيره، ومغادرة الجبال، التي ظلوا حبيسين فيها سنوات طويلة، وخاصة جماعة "الجيش الإسلامي للإنقاذ". وقد التقت وعود بوتفليقة الخلاّبة لدى الكثير من المسلحين الجزائريين مع إحساس متزايد بانحراف العمل المسلح عن أهدافه، وعجزه الواضح عن إسقاط الحُكم، وتحوله إلى ما يشبه عمل قطاع الطرق والعصابات، التي تحترف القتل والنهب والإقامة في الجبال، الأمر الذي زهّد فيه الشارع الجزائري، مثلما زهّد فيه أصحابه.. وكان ذلك يعني أن بوتفليقة قد بدأ يحصد ثمار وضع نضج تمامًا وتداعى من نفسه للسقوط، وهو ما جعل العديد من المسلحين يبحثون عن أي مبرر أو مخرج لإلقاء السلاح، وهو ما جعل العنف يتقلص إلى أبعد الحدود في تلك المرحلة.
· أسباب عودة العنف وإخفاق الوئام :
يرجع تجدد العنف الجزائري إلى عدد من العوامل المعقدة والمتشابكة وعلى رأسها العوامل التالية:
1. أن المعالجة التي أدت إلى دحر العنف في المرحلة الماضية، لم تكن معالجة ذات نفس طويل، بل كانت معالجة قصيرة النفس، تعمد إلى التعامل مع أعراض المشكلة لا مع أسبابها العميقة. وقد نجحت تلك المعالجة في إسكات صوت العنف لمرحلة محددة، لكنها لم تستأصل أسبابه من جذورها. فقانون الوئام المدني - وهو في أصله ترجمة قانونية لاتفاق الهدنة بين الجيش الجزائري والجيش الإسلامي للإنقاذ، وضعته المؤسسة العسكرية قبل مجيء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم بنحو عامين كاملين - قد تعاطى مع المشكلة الجزائرية تعاطيًّا أمنيًّا صرفًا، يترجم بوضوح عقلية واضعيه من عسكريين وأمنيين جزائريين، وذلك بالرغم من أن المشكلة التي وضع لمعالجتها مشكلة سياسية بالدرجة الأولى. والمعضلة أن فشل المؤسسة العسكرية ومن ورائها المؤسسة السياسية الرسمية الجزائرية في معالجة الأزمة السياسية، التي تعاني منها البلاد، ويأس معظم الجزائريين من إيجاد حلول لما تعاني منه بلادهم من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، وتزايد الفقر، وتزايد أزمة الثقة بين الحاكم والمحكوم، وتشكل لوبيات فساد مالي وسياسي، تنخر جسم الدول الجزائرية، قد أعاد للجماعات المسلحة قدرتها على تجنيد عناصر جديدة، ناقمة على الوضع، وهو ما جعل تلك الجماعات، ، قادرة على تجديد دمائها، وتعويض عدد قتلاها بأعداد جديدة من الشبان الجزائريين ليواصلوا مسيرة العمل المسلح. الأمر الذي يعني أن تركيز المؤسسة العسكرية على المعالجة الأمنية، وإن حقق نتائج بدت باهرة في فترة من الفترات، إلا أن تلك النتائج كانت من الهشاشة، بحيث أنها كانت مؤقتة فحسب
2. . انتشار الفقر والتفاوت الطبقي الحاد بين أبناء المجتمع الجزائري، وظهور أثرياء جدد تبدو عليهم مظاهر النعمة والثراء الفاحش، في محيط تتزايد فيه غالبية السكان الفقراء، إلى الحد الذي جعل أكثر من نصف الشعب الجزائري تحت خط الفقر الدولي، إذ تذكر إحصائيات جزائرية رسمية وأخرى دولية أن حوالي 14 مليون جزائري يقل دخل الفرد الواحد منهم عن دولار واحدفي اليوم. وبما أن الجزائر، قد مرت بمرحلة من النظام الاشتراكي منذ استقلالها، توسعت فيها الطبقة الوسطى كثيرًا على حساب الطبقتين الدنيا والعليا، ثم انتقل النظام بشكل فجائي من الاشتراكية إلى الرأسمالية واقتصاد السوق، وبطريقة أقرب إلى الفجاجة والتوحش، وانسحقت فيها الطبقة الوسطى لصالح طبقة عليا صغيرة العدد، وطبقة دنيا تضم أغلب أبناء الجزائر، فقد غذت هذه التحولات نقمة الشباب الجزائري على كل ما له صلة بالدولة، باعتباره يرى أنها السبب في بطالته وفقره وعزوبيته وعجزه عن توفير السكن والمأكل والملبس والشغل اللائق. ويذكر في هذا السياق أن نسبة البطالة بين الشباب الجزائري، ممن هم دون 29 عامًا من العمر، وهم الذين يمثلون عماد الجماعات المسلحة، تصل إلى حدود 85 في المائة، حسب إحصاءات أوردها رئيسه الحكومة الجزائرية الأسبق الدكتور "عبد الحميد الإبراهيمي". في حين تنتشر ظاهرة العزوبية بشكل حاد في البلاد. ويعاني الجزائريون، وخاصة سكان المدن منهم، من مشكلة إسكان هائلة، إلى الحد الذي لا يجد فيه الكثير من شبان الجزائر موضعًا ينامون فيه ليلاً، فيتركون المجال للإناث في العائلات لينمن ليلاً، في حين ينام الذكور نهارًا، بعد أن يكونوا قد قضوا ليلهم يتسكعون في الشوارع وعلى أرصفة الطرقات. وإذا تذكرنا أن الجزائر بلد نفطي، وأنه غني بالعديد من الثروات المعدنية، ولاحظنا أن هناك طبقة محدودة العدد من شعبها تعيش بذخًا هائلاً، في مقابل حرمان وفقر مدقع يعاني منه كثير من الجزائريين، أمكننا أن نفهم لماذا يلجأ العديد من الشبان الجزائريين للجبال وحمل السلاح في وجه الدولة، التي يعتبرونها مسؤولة عن كل ما حاق بهم من مصائب. الضعف الذي بدات تعانية مؤسسة الرئاسة : أصبح من "الأسرار الشائعة" في الجزائر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مصاب بسرطان خطير، ألزمه القعود والانعزال، وأرغم أجهزة الدولة على إعادة الحسابات حيال استقرار المؤسسات و تحديد هوية خليفته الآتي من بعده.فالبلاد "كلها متوقفة، لأن الرئيس متوقف"، مثلما يردد البعض.وبدا البعض يفكر في الخليفة القادم بعد بوتفليقة ، أهو أحمد أويحيى، رئيس الحكومة السابق والأمين العام الحالي للتجمع الوطني الديمقراطي؟ أم هو علي بن فليس، رئيس الحكومة السابق والأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني؟ ام شخصيات اخرى تتردد في اروقة السلطة في الجزائر؟ في كل فان ملئ الفراغ الذي قد يسببه وفاة بوتفليقه هو من الصعوبة بما كان وذلك نتيجة للقدرة التي كان يتمتع بها بوتفليقه في جمع الاضداد ونجاحه في تنفيذ بعض من خطط الدولة الساعية الى خلق جو سلمي جديد . الا ان انباء مرضة بدات تطغى على ما عداها من اخبار وتؤرق بعض الاسلاميين الذي بداوا ينظرون الى الوضع في الجزائر علىانه في اتجاه العودة الى ما قبل المرحلة البوتفليقية –ان شئنا وصفها-
· عودة العنف إلى الساحة الجزائرية :
اسفرت العمليات الانتحارية والاعتداءات التي نفذها تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي) منذ بدء نشاطه في الجزائر في فبراير 2007 وحتى الآن عن مقتل 147 شخصا وجرح 449 آخرين.وتشهد الجزائر منذ نحو 18 شهرا تصعيدا في وتيرة عمليات العنف منذ ظهور تنظيم القاعدة في المشهد الامني في البلاد غير ان الهجوم الذي استهدف مدرسة تدريب الدرك الوطني في مدينة (يسر) شرقي العاصمة الجزائرية وادى الى مقتل 43 شخصا واصابة 45 بجروح..يعد الاعنف والاكثر دموية في محصلة ضحاياه حتى الآن.فقد شهدت مناطق بومرداس والبويرة وتيزي وزو الواقعة شرقي البلاد سلسلة تفجيرات انتحارية متزامنة في 13 فبراير 2007 استهدفت مراكز للأمن وثكنات عسكرية وفرقا لحرس السواحل خلفت مقتل 14 شخصا وجرح 23 أخرين.وشهدت الجزائر أعنف تفجير انتحاري قبل هجوم مدرسةالدرك في 11 أبريل 2007 استهدف قصر الحكومة الجزائرية وسط العاصمة ومركزا للشرطة باحد الضواحي الشرقية منها وخلف 33 قتيلا و 222 مصابا.وأعقب هذا التفجير هجوم انتحاري بشاحنة تبريد استهدف ثكنة للجيش بمدينة الأخضرية على بعد 110 كيلومترا شرقي العاصمة واسفر عن مقتل 10 عسكريين وجرح 13 آخرين.وفي 6 سبتمبر 2007 استهدف انتحاري موكبا شعبيا للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وسط مدينة باتنة على بعد 460 كيلو مترا شرقي العاصمة خلف مقتل 22 شخصا وجرح 50 آخرين.وبعدها بقليل استهدف تفجير انتحاري بسيارة مفخخة ثكنة لحرس السواحل بمنطقة (دلس) بولاية بومرداس خلف مقتل ستة عسكريين تلاه اعتداء انتحاري استهدف مقر هيئة الأمم المتحدة ومقر المجلس الدستوري في الجزائر العاصمة ادى الى مقتل 41 شخصا بينهم 17 من موظفي الأمم المتحدة وجرح 37 آخرين.ونفذ تنظيم القاعدة كذلك تفجيرا انتحاريا يوم 23 يوليو الماضي بواسطة دراجة نارية استهدفت شاحنة عسكرية بمنطقة الأخضرية بولاية البويرة ما أدى الى جرح 15 جنديا.واستهدف تفجير انتحاري وقع في 3 اغسطس الجاري مقر مصلحة الاستعلامات التابعة للشرطة وسط مدينة تيزي وزو الشرقية اسفر عن اصابة 25 شخصا وبعدها بخمسة ايام نفذ التنظيم اعتداءا انتحاريا ضرب مركزا للدرك بمنطقة زموري خلف ثمانية قتلى و 19 مصابا.وبات الاعتداء الارهابي الذي استهدف اليوم مدرسة عناصر الدرك الوطني بواسطة سيارة مفخخة رابع هجوم انتحاري خلال اقل من شهر غير انه الأعنف والأكثر دموية منذ مطلع العام حيث خلف بحسب محصلة لا تزال اولية 43 قتيلا و45 جريحا.
وعلى الجانب الاخر تمكنت قوات الامن الجزائرية من احداث بعض الخسائر في صفوت تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي فقد تمكنت قوات الامن من قتل 12 مسلحا إسلاميا في السابع من اغسطس الماضي في شرقي الجزائر.وقالت بيان صادر عن وزارة الداخليه إن كمينا نصب قرب بلدية بني دوالا في ولاية تيزي وزو في منطقة القبائل, على بعد 110 كلم شرق الجزائر العاصمة.وفي نهاية شهر اغسطس قامت قوات الامن الجزائرية قامت بقتل عشرة إسلاميين خلال عملية للجيش في قضاء طارق بن زياد بولاية عين دفلة غرب البلاد.
· هل هو عودة للعنف ام عودة للاعلان عن اعمال العنف :
امام هذا العنف المتصاعد في الفترة الاخيرة في الجزائر لا يستطيع المرء ان ينظر نظرة جادة الى تصريحات بعض المسئولين الجزائريين من ان العنف في الجزائر الى تراجع او على حد قول احد المسئولين انه يعيش الربع ساعة الاخيرة ولا نعرف كم هم مدة هذا الربع بالحسابات الحكومية الجزائرية . لقد ادت عودة الوضع بهذا الشكل في الجزائر الى ان البعض من الجزائريين بدا يشكك في مقولة عودة العنف إلى الساحة الجزائرية، ويقولون: إن سقف العمليات المسلحة منذ عدة سنوات لم ينخفض عما هو عليه الآن، وأن كل ما في الأمر أن السلطة تمكنت، في فترة زمنية محددة، من لفت الأنظار عن العمليات المسلحة، ونجحت في التكتم عليها، وهاهي قد عادت لتظهر من جديد على السطح الإعلامي ، الا انه ورغم هذه العودة لاعمال العنف -وانصافا للموضوعيه- لا يستطيع أي متابع للعنف في الجزائر الا ان يلاحظ قدرا من التراجع في هذه الظاهرة، ففي الواقع، فإن هذه المزاعم باستمرار وتيرة العنف بذات معدلاتها ، ينقصها الكثير من الدقة، فبالرغم من استمرار العمل المسلح المعارض للدولة، حتى في أزهى مرحلة من قانون الوئام المدني، بما في ذلك الأشهر الأولى من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التي حملت آمالاً عريضة للجزائريين في الخروج من وضعهم المتردي، فإن تلك العمليات، كانت قليلة، وغير مؤثرة، على خلاف ما هو عليه الحال تلك الايام . ولا يمكن إنكار أن خطاب الرئيس بوتفليقة، إثر توليه السلطة في شهر إبريل من عام 1999، ونجاحه في تمرير قانون الوئام المدني في البرلمان الجزائري، ثم في استفتاء شعبي واسع، قد أحدث رجّات ضخمة في الشارع السياسي الجزائري، مثلما أحدث رجّات بنفس الضخامة أيضًا في صفوف الجماعات المسلحة، التي تهافت العديد من عناصرها على قانون الوئام المدني للاستفادة من تدابيره، ومغادرة الجبال، التي ظلوا حبيسين فيها سنوات طويلة، وخاصة جماعة "الجيش الإسلامي للإنقاذ". وقد التقت وعود بوتفليقة الخلاّبة لدى الكثير من المسلحين الجزائريين مع إحساس متزايد بانحراف العمل المسلح عن أهدافه، وعجزه الواضح عن إسقاط الحُكم، وتحوله إلى ما يشبه عمل قطاع الطرق والعصابات، التي تحترف القتل والنهب والإقامة في الجبال، الأمر الذي زهّد فيه الشارع الجزائري، مثلما زهّد فيه أصحابه.. وكان ذلك يعني أن بوتفليقة قد بدأ يحصد ثمار وضع نضج تمامًا وتداعى من نفسه للسقوط، وهو ما جعل العديد من المسلحين يبحثون عن أي مبرر أو مخرج لإلقاء السلاح، وهو ما جعل العنف يتقلص إلى أبعد الحدود في تلك المرحلة.
· أسباب عودة العنف وإخفاق الوئام :
يرجع تجدد العنف الجزائري إلى عدد من العوامل المعقدة والمتشابكة وعلى رأسها العوامل التالية:
1. أن المعالجة التي أدت إلى دحر العنف في المرحلة الماضية، لم تكن معالجة ذات نفس طويل، بل كانت معالجة قصيرة النفس، تعمد إلى التعامل مع أعراض المشكلة لا مع أسبابها العميقة. وقد نجحت تلك المعالجة في إسكات صوت العنف لمرحلة محددة، لكنها لم تستأصل أسبابه من جذورها. فقانون الوئام المدني - وهو في أصله ترجمة قانونية لاتفاق الهدنة بين الجيش الجزائري والجيش الإسلامي للإنقاذ، وضعته المؤسسة العسكرية قبل مجيء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم بنحو عامين كاملين - قد تعاطى مع المشكلة الجزائرية تعاطيًّا أمنيًّا صرفًا، يترجم بوضوح عقلية واضعيه من عسكريين وأمنيين جزائريين، وذلك بالرغم من أن المشكلة التي وضع لمعالجتها مشكلة سياسية بالدرجة الأولى. والمعضلة أن فشل المؤسسة العسكرية ومن ورائها المؤسسة السياسية الرسمية الجزائرية في معالجة الأزمة السياسية، التي تعاني منها البلاد، ويأس معظم الجزائريين من إيجاد حلول لما تعاني منه بلادهم من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، وتزايد الفقر، وتزايد أزمة الثقة بين الحاكم والمحكوم، وتشكل لوبيات فساد مالي وسياسي، تنخر جسم الدول الجزائرية، قد أعاد للجماعات المسلحة قدرتها على تجنيد عناصر جديدة، ناقمة على الوضع، وهو ما جعل تلك الجماعات، ، قادرة على تجديد دمائها، وتعويض عدد قتلاها بأعداد جديدة من الشبان الجزائريين ليواصلوا مسيرة العمل المسلح. الأمر الذي يعني أن تركيز المؤسسة العسكرية على المعالجة الأمنية، وإن حقق نتائج بدت باهرة في فترة من الفترات، إلا أن تلك النتائج كانت من الهشاشة، بحيث أنها كانت مؤقتة فحسب
2. . انتشار الفقر والتفاوت الطبقي الحاد بين أبناء المجتمع الجزائري، وظهور أثرياء جدد تبدو عليهم مظاهر النعمة والثراء الفاحش، في محيط تتزايد فيه غالبية السكان الفقراء، إلى الحد الذي جعل أكثر من نصف الشعب الجزائري تحت خط الفقر الدولي، إذ تذكر إحصائيات جزائرية رسمية وأخرى دولية أن حوالي 14 مليون جزائري يقل دخل الفرد الواحد منهم عن دولار واحدفي اليوم. وبما أن الجزائر، قد مرت بمرحلة من النظام الاشتراكي منذ استقلالها، توسعت فيها الطبقة الوسطى كثيرًا على حساب الطبقتين الدنيا والعليا، ثم انتقل النظام بشكل فجائي من الاشتراكية إلى الرأسمالية واقتصاد السوق، وبطريقة أقرب إلى الفجاجة والتوحش، وانسحقت فيها الطبقة الوسطى لصالح طبقة عليا صغيرة العدد، وطبقة دنيا تضم أغلب أبناء الجزائر، فقد غذت هذه التحولات نقمة الشباب الجزائري على كل ما له صلة بالدولة، باعتباره يرى أنها السبب في بطالته وفقره وعزوبيته وعجزه عن توفير السكن والمأكل والملبس والشغل اللائق. ويذكر في هذا السياق أن نسبة البطالة بين الشباب الجزائري، ممن هم دون 29 عامًا من العمر، وهم الذين يمثلون عماد الجماعات المسلحة، تصل إلى حدود 85 في المائة، حسب إحصاءات أوردها رئيسه الحكومة الجزائرية الأسبق الدكتور "عبد الحميد الإبراهيمي". في حين تنتشر ظاهرة العزوبية بشكل حاد في البلاد. ويعاني الجزائريون، وخاصة سكان المدن منهم، من مشكلة إسكان هائلة، إلى الحد الذي لا يجد فيه الكثير من شبان الجزائر موضعًا ينامون فيه ليلاً، فيتركون المجال للإناث في العائلات لينمن ليلاً، في حين ينام الذكور نهارًا، بعد أن يكونوا قد قضوا ليلهم يتسكعون في الشوارع وعلى أرصفة الطرقات. وإذا تذكرنا أن الجزائر بلد نفطي، وأنه غني بالعديد من الثروات المعدنية، ولاحظنا أن هناك طبقة محدودة العدد من شعبها تعيش بذخًا هائلاً، في مقابل حرمان وفقر مدقع يعاني منه كثير من الجزائريين، أمكننا أن نفهم لماذا يلجأ العديد من الشبان الجزائريين للجبال وحمل السلاح في وجه الدولة، التي يعتبرونها مسؤولة عن كل ما حاق بهم من مصائب. الضعف الذي بدات تعانية مؤسسة الرئاسة : أصبح من "الأسرار الشائعة" في الجزائر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مصاب بسرطان خطير، ألزمه القعود والانعزال، وأرغم أجهزة الدولة على إعادة الحسابات حيال استقرار المؤسسات و تحديد هوية خليفته الآتي من بعده.فالبلاد "كلها متوقفة، لأن الرئيس متوقف"، مثلما يردد البعض.وبدا البعض يفكر في الخليفة القادم بعد بوتفليقة ، أهو أحمد أويحيى، رئيس الحكومة السابق والأمين العام الحالي للتجمع الوطني الديمقراطي؟ أم هو علي بن فليس، رئيس الحكومة السابق والأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني؟ ام شخصيات اخرى تتردد في اروقة السلطة في الجزائر؟ في كل فان ملئ الفراغ الذي قد يسببه وفاة بوتفليقه هو من الصعوبة بما كان وذلك نتيجة للقدرة التي كان يتمتع بها بوتفليقه في جمع الاضداد ونجاحه في تنفيذ بعض من خطط الدولة الساعية الى خلق جو سلمي جديد . الا ان انباء مرضة بدات تطغى على ما عداها من اخبار وتؤرق بعض الاسلاميين الذي بداوا ينظرون الى الوضع في الجزائر علىانه في اتجاه العودة الى ما قبل المرحلة البوتفليقية –ان شئنا وصفها-