الاثنين، 31 أكتوبر 2011

مفهوم الحركات الاجتماعية

تعريف الحركة الاجتماعية :-
هناك صعوبة في محاولة تعريف مفهوم الحركة من خلال كلمات أو عبارات مختصرة؛ فالحركة – بالمعنى الجسدي – تعني التحرك من مكان إلى آخر، أو تحريك شيء من مكان إلى آخر، أو تحرك في الوضع حيث لا يعني بالضـرورة الانتقال إلى موقع جغرافي مختلف، كأن نقول – مثلا - أن رد الفعل الذي يتجلى في تعبيرات وجه شخص ما يشير إلى الدهشة أو الاستغراب. أما بالمعنى الاجتماعي، فيمكن الإشارة إلى:
• ان الحركة تقوم بعدد من الأنشطة للدفاع عن مبدأ ما، أو للوصول إلى هدف ما.
• انها تتضمن وجود اتجاه عام للتغيير.
• انها تشمل مجموعات من البشر يحملون عقيدة أو أفكار مشتركة، ويحاولون تحقيق بعض الأهداف العامة.
• أن الحركة الاجتماعية هي محاولة قصدية للتدخل في عملية التغيير الاجتماعي، وهي تتكون من مجموعة من الناس يندرجون في أنشطة محددة، ويستعملون خطابا يستهدف تغيير المجتمع، وتحدي سلطة النظام السياسي القائم.
• كما يقترن مفهوم الحركة الاجتماعية بمفهوم القوة الاجتماعية، والقدرة على التأثير وإحداث التغيير.
• انها تعبر عن التحركات الجماعية لفئات أو جماعات أو منظمات بهدف انتزاع حقوق أو مواجهة مخاطر ويشترط لهذه التحركات أن تكون جماعية فى الهدف والحركة .
الا ان عالم السياسة الأمريكي تشارلز تيلي. Charles Tilly ,والذي ينتمي الى المدرسة الجديدة في البحث الاجتماعي فيقدم من خلال كتابه الحركات الاجتماعية (1768-2004)تعريفاُ واضحاً ومختصراً أو ما يمكن القول بأنه ما قل ودل في تعريف الحركات الاجتماعية، حيث وصفها على أنها:"سلسلة من التفاعلات بين أصحاب السلطة وأشخاص ينصّبون أنفسهم وباقتدار كمتحدثين عن قاعدة شعبية تفتقد للتمثيل النيابي الرسمي، وفي هذا الإطار يقوم هؤلاء الأشخاص بتقديم مطالب على الملأ من أجل التغيير سواء في توزيع أو في ممارسة السلطة، وتدعيم هذه المطالب بمظاهرات عامة للتأييد."
ويرى الباحث ان هذا التعريف يحتاج الى بعض التطوير فليس من المعقول ان يكون من شروط الحركة هو قيامها بالتظاهر فهذا هو المعني التقليدي لنشاطية الحركة اما المعني الحديث فمن الاهمية ان يضع في اعتباره ثورة الاتصالات وما رافقها من تطور في الاساليب جعلت من امكانية انشاء مجموعة على الانترنت (facebook , twitter ) او انشاء منتديات تهدف الى حث الناس على تبني افكار ورؤى معينة او الدعوة الى مطالبات محددة بديلا عن هذا التوع التقليدي من التظاهرات وحتى الاعتصامات .
اما مشروطية التمثيل النيابي الرسمي فان الباحث لديه عليها بعض التحفظات باعتبار ان تيلي يربط بين وجود الحركة وعدم وجود تمثيل نيابي رسمي لها في مؤسسات الدولة وهو امر يحتاج الى قدر من المراجعة حيث انه ينفي فكرة الحركات التي تعتبر التمثيل الرسمي غير كاف لها وتنشا بناء على ذلك . ولو كان الامر كما يقول تيلي فانه ما تفسير وجود حركات احتماعية نشطة في العديد من الدول الغربية والتي تدعي وجود تمثيل لكافة الحركات الاجتماعية داخل مؤسساتها الرسمية؟

النظريات الرئيسة المفسرة لنشأة الحركات الاجتماعية :-
1- نظرية السلوك الجماعي (collective behavior theory) التي أطلقها بعض المفكرين حول الحركات الاجتماعية في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. وقد ربطت هذه النظرية مفهوم الحركات الاجتماعية بحدوث أنشطة مثل: الهبات الجماهيرية، والمظاهرات، وأشكال من الهستريا الجماعية؛ أي بردود أفعال – ليست بالضرورة منطقية تماما – في مواجهة ظروف غير طبيعية من التوتر الهيكلي بين المؤسسات الاجتماعية الأساسية؛ ويرى أصحاب هذه المدرسة أن الحركات بهذا المعنى قد تصبح خطيرة (مثل الحركات الفاشية في ألمانيا، وإيطاليا، واليابان). كما تعتبر مقاربة السلوك الجماعي أن الحركات الاجتماعية انعكاس لمجتمع مريض؛حيث لا تحتاج المجتمعات الصحية إلى حركات اجتماعية، بل تتضمن أشكال من المشاركة السياسية والاجتماعية.
وكما هو واضح فان هذه المقاربة ترى ان الحركات الاجتماعية تنشأ في المجتمعات المريضة فقط وهو امر يحتاج الى قدر كبير من المراجعة خاصة اذا نزلنا به الى الواقع وطبقنا عليه ما ذهب اليه هؤلاء حيث نجد ان اكثر الحركات الاجتماعية نشاطية موجوده في دول غربية .
2- نظرية تعبئة الموارد (resource mobilization theory) التي تطورت منذ الستينيات؛ وتستند هذه المقاربة إلى تشكل الحركات الاجتماعية وطرق عملها وفقا لتوافر الموارد (خاصة الموارد الاقتصادية، والسياسية، والاتصالية) المتاحة للمجموعة، والقدرة على استعمال تلك الموارد. ويرى منظرو هذه المقاربة أن الحركات الاجتماعية عبارة عن استجابات منطقية لمواقف وإمكانيات طرأت حديثا في المجتمع؛ وبالتالي، لا ينظر إليها على أنها مظاهر لخلل اجتماعي، بل جزء من العملية السياسية. وتهتم هذه المقاربة بالتأثير المباشر للحركات – القابل للقياس – على القضايا السياسية؛ بينما لا تعير اهتماما كبيرا لأبعاد هذه الحركات على المستوى الفكري، ومستوى رفع الوعي، وبلورة الهوية.
ويرى الباحث ان هذه المقاربة ايضا عليها بعض التحفظ حيث انها تهتم بتاثير الحركة على الامد المنظور من خلال استخدام منهج المدخلات والمخرجات القابل للقياس دون ان تضع في الاعتبار البعد الاستراتيجي التراكمي لدور هذه الحركات والدور التوعووي الذي تقوم به والتاثير غير المباشر الذي تتركه على المجتمع .
3- نظرية الحركة الاجتماعية الجديدة (new social movement theory) التي تطورت في أوروبا لتبرير مجموعة من الحركات الجديدة التي تمت خلال الستينيات والسبعينيات. وتنظر تفسيرات هذه النظرية إلى الحركات الاجتماعية باعتبارها انعكاس للمتناقضات الكامنة في المجتمع الحديث نتيجة للبيروقراطية المفرطة، وكحل لها. كما يرى أصحاب هذه النظرية أن الحركات الاجتماعية الجديدة – اختلافا مع الحركات الاجتماعية القديمة – ناتجة عن بروز تناقضات اجتماعية جديدة، متجسدة في التناقض بين الفرد والدولة؛ وهو ما يجعل هذه المقاربة تنتقل من المصالح الطبقية إلى المصالح غير الطبقية المتعلقة بالمصالح الإنسانية الكونية. ويقال أن هذه الحركات الاجتماعية الجديدة تهتم أكثر بتطوير الهوية الجماعية عن اهتمامها بالأيديولوجيات القائمة؛ كما تميل إلى البروز من صفوف الطبقة المتوسطة بدلا من الطبقة العاملة.
ويرى الباحث ان هذه المقاربة تقصر ظروف نشاة الحركات الاجتماعية على التناقض الحادث بين الدولة وبين الفرد دون ان تضع في الاعتبار ان بعض الحركات الاجتماعية تنشا نتيجة حالة عدم الرضا من جانب فئات اجتماعية معينة في فترة زمنية محددة ضد نظام اجتماعي محدد ، يتراجع دور الحركة بمجرد الاستجابة لمطالبها او تغيير النظام لسلوكياته وبالتالي فان الامر لا يتصل ابدا بفكرة الدولة في حد ذاتها بقدر اتصاله بفكرة النظام الرسمي واولياته .
4- نموذج الفعل-الهوية (action-identity paradigm) وهي النظرية التي ترى أن الحركات الاجتماعية تحول دون الركود الاجتماعي، وهي تقوم ضد الأشكال المؤسسية القائمة والمعايير المعرفية المرتبطة بها؛ أي أنها تقوم ضد المجموعات المهيمنة على عمليات إعادة الإنتاج الاجتماعي والاقتصادي، وتشكيل المعايير الاجتماعية. ويرى بعض المروجين لهذه النظرية أن هناك إحلالا تدريجيا يتم فيه استبدال الشكل القديم للرأسمالية الصناعية بمجتمع مرحلة ما بعد التصنيع القائم على "البرمجة"، والذي يتميز بأنماط مختلفة تماما من العلاقات والصراعات الطبقية. ففي المجتمع "المبرمج" يشكل التكنوقراط الطبقة المهيمنة، بينما ينتهي دور الطبقة العاملة كمناضل أساسي ضد الأوضاع القائمة؛ وبالتالي يرون أن الصراع الطبقي أساسا ذو طبيعة اجتماعية-ثقافية، وليس ذو طبيعة اجتماعية-اقتصادية.
ورغم وجاهة هذا التعريف ودقته وارتباطه بالتطورات التكنولوجية الحادثة في العالم الان الا انه يهمل البعد الاجتماعي الاقتصادي في نشاة الحركات الاجتماعية ، فقد يتراجع هذا البعد الا انه يبقي موجودا وموجها للعديد من المنطلقات التي تقوم عليها الحركات الاجتماعية .
ثورة الاتصالات وتطور الحركات الاجتماعية الجديدة :-
شهد العالم تطوراً ملحوظاً في الأدوات والمناهج والأساليب التي تستخدمها الحركات الاجتماعية، والتي تضم التقنيات الحديثة.
• كانت البداية في التليفزيون والذي كان له الفضل في نشر حركة الحقوق المدنية الأفرو- أمريكية إلى كافة أنحاء القارة في أواخر الستينيات من القرن العشرين.
• وفي أواخر السبعينيات من القرن نفسه، شهد العالم "ثورة شرائط الكاسيت" التي انتشرت عبر توزيع خطب الخوميني والتي لم يفطن اليها شاه ايران آنذاك وكانت سببا فيما حدث في ايران من اضطرابات ادت الى الاطاحه بحكمه ، وقد حاول عمر عبد الرحمن في مصر نقل التحربة باستخدام ذات الوسيلة من مقر اقامته في الولايات المتحدة الا ان المحاولة باءت بالفشل نتيجة لحصار الاجهزة الامنية المصرية لها واجهاضها في مهدها .
• الفاكس : جاء اختراع الفاكس ليزيد ثورة الاتصالات زخما وقوة حيث ساهم في التقريب بين الحركات الاجتماعية بعضها البعض كما زاد من تاثير هذه الحركات على قطاع عريض من الشارع ، ولعل الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1988-1993) كانت نموذجا للحركات التي اعتمدت على هذه التقنية في نشر توجيهاتها ومطالبها داخليا وخارجيا .
• ثم كانت الثورة الاكبر في عالم الاتصالات وهو الانترنت بوسائله المختلفة من مواقع الكترونية ومدونات وشبكات اجتماعية اليكترونية والتي كان لها النصيب الاوفر من الاستخدام في حشد اعضاء للحركات الاجتماعية ونشر افكار ومبادئ هذه الحركات بل والتشارك في انشطة وفعاليات اجتماعية من خلال الشبكة . ثم جاءت ثورة الهواتف النقالة والتي شكلت عن حق انتقالا كبيرا وغير متوقع في تطور وسائل الاتصالات. وساهمت في تفعيل وتنشيط الحركات الاجتماعية الجديدة من خلال التشبيك فيما بينها وسرعة التواصل ونقل الافكار والمعلومات .
ادارة الحركات الاجتماعية :-
تتطلب إدارة الحركات الاجتماعية إتاحة المجال للتنوع الواسع والتعقيد الداخلي. والحركات الاجتماعية يمكن أن تنتفع أو تساعد على خلق مناخ يتيح المجال لتآلف أو تركيب ثلاث عناصر وظيفية:
1. مجهود عام مستدام ومنظم يملي مطالب جماعية على سلطات مستهدفة (أو بمعنى أخر حملة campaign)
2. تركيبة من التحركات الاجتماعية تشمل: خلق جمعيات وتحالفات ذات أهداف خاصة، لقاءات عامة، مواكب مهيبة، سهرات تحضيرية، مسيرات، مظاهرات، حملات مناشدة، بيانات في الإعلام العام وإليه، منشورات أو مطويات (مجموعة متكاملة متغيرة من الأداءات أو ذخيرة أداءات الحركة الاجتماعية social movement repertoire).
3. تمثيل المشاركين لجملة من الصفات العامة والمتوافقة تتمثل في:
• الجدارة: تصرف بوقار؛ ملبس مهندم؛ حضور رجال الدين، الوجهاء، والأمهات مع أطفالهن.
• الوحدة: شارات متضاهية،أو لافتات، أو أزياء موحدة؛ السير في صفوف؛ غناء وترانيم.
• العدد: أعداد المشاركين، الحاضرون، الموقعون على التماس، رسائل من القاعدة الشعبية أو المساندين، ملأ الشوارع.
• الالتزام: تحدي الطقس السيء، مشاركة واضحة من قبل كبار السن والمعاقين؛ التضحية المتباهية، تسديد الاشتراك / التبرع
اشكال الحركات الاجتماعية :-
1- معيار النشاط:-
تميزت الحركات الاجتماعية على مدى العقود الماضية بتنوع ثري على مستوى الاهتمامات والأهداف؛ حيث احتوت ضمن مجالات كثيرة على:
مجالات بيئية
• الحماية البيئية.
• القضاء على الألغام
مجالات اجتماعية
• تعزيز حقوق المرأة
• مكافحة الفقر والبطالة
مجالات دينية
• حركات أصولية .
• حركات إصلاح ديني .
مجالات حقوقية
• معارضة عقوبة الإعدام
• تعزيز حقوق الحيوان
• معارضة الإجهاض
• حماية الأقليات
2- معيار الاهداف:-
حيث علماء الاجتماع الذين لهم تصنيف اخر قائم على معايير اخرى يميزون بين نوعين من الحركات الاجتماعية هما:
• الحركات التي تسعى إلى تغيير القواعد والأحكام المعمول بها.
• الحركات التي تهدف إلى تغيير القيم وتجديد الأخلاق.
ويتحفظ كل من "ريمون بودون-رئيس قسم العلوم الانسانية في جامعة باريس – وفرانسوا بوريكو وهو زميل مشارك في تاليف المعجم النقدي لعلم الاجتماع-على هذا التمييز، فالمواجهة بين مفهوم نفعي وآخر مثالي للحركة الاجتماعية- في رأيهما- هي مواجهة خادعة؛ إذ أن المشاركون في حركة اجتماعية واحدة قد تحركهم دوافع مثالية وأخرى نفعية في آن واحد. وفضلاً عن ذلك فإن الحركات الموجهة نحو القيم لا تشكل كلا متجانساً؛ فالإرهاب "الروسي" كان حركة اجتماعية على غرار المقاومة السلبية لغاندي، وإن كان الأول يلجأ إلى العنف، والثاني يجعل من تنكره للعنف أحد مبادئه الأساسية. ومع ذلك يمكننا اكتشاف سمة مشتركة بين كل الحركات الموجهة نحو القيم، وهي أنها المكان الراجح لليقين الذاتي حسب تعبير "ماكس فيبر".
3- المعيار الماركسي :-
أما الفكر الماركسي فنجده في عمومه يميز بين خمسة أنواع من الحركات الاجتماعية وهي (العمالية، والطلابية، والفلاحية، والنسائية، والثقافية)، ويستند هذا التمييز إلى أن الفئات الاجتماعية الداخلة فيه هي التي تشكل القوى الرئيسية المكونة لأغلبية الشعوب والمجتمعات المعاصرة، وهي في الوقت ذاته القوى الرئيسية للإنتاج، كما أنها أكثر القوى الاجتماعية تخلفا فيما يتعلق بظروف عملها وأحوال معيشتها.
ورغم وجاهة الطرح الماركسي الا انه يقصر الحركات الاجتماعية على القوى الاجتماعية المتخلفة ويغض الطرف عن الحركات الاجتماعية الاخرى التي تقوم على اساس مطالبي تكنوقراطي في الاساس وليس البعد الطبقي فقط .
ومن الطبيعي عند السعي إلى الوقوف على تصنيف مميز للتحرك الاجتماعي الجماعي أن نجد من الأهمية أيضاً التعرف على أن الحركات الاجتماعية تتداخل وتتضاهى من وقت لأخر لأسباب استراتيجية وتكنيكية. وفي المقابل، يمكن للحركات الاجتماعية أن تشكل علاقات أكثر مأسسة، تتداخل فيها الوظائف وتتلاشى فيها الحدود الفاصلة. وبعض الحركات الاجتماعية أيضاً يمكن أن تتمثل في تحالفات وشبكات ويمكن أن تشكل أنواع أخرى من التحالف ويمكن في الحقيقة أن تتألف من منظمات مجتمعية محلية ومنظمات غير حكومية.

مراحل تطور الحركات الاجتماعية :-
1- التعبئة الاولية :-
إن تاريخ كل حركة اجتماعية يبدأ في الغالب الأعم بمرحلة من ’’التعبئة’’ الأولية؛ بالمعنى الذي قصده باحث بارز مثل كارل دويتش، حيث قصد بالتعبئة حالة اجتماعية متسمة بتزايد الحركية الجغرافية (الهجرة الداخلية) والمهنية، وسرعة توصيل الأفكار وانتشارها، وكثافة الاتصالات؛ أي أن تعبئة المجتمع -في المعنى الذي استعمله دويتش- تشكل واحدة من مقدمات ظهور الحركات الاجتماعية.
2- قدرة تنظيمية :
إذ يقتضي أن يتحرر الأفراد من القيود التقليدية، وأن يطوروا قدرة تنظيمية يستطيعون بفضلها تحديد أهداف مشتركة، ووضع الموارد المطلوبة للوصول إلى هذه الأغراض موضع العمل.
3- مبادرات لا مركزية وغير منسقة :حيث تطبع بدايات الحركة، وتليها مرحلة العمل المنظم.
الا ان بعض علماء الاجتماع يختزلون مراحل تطور الحركات الاجتماعية في مرحلتين:
• الأولى هي المرحلة التلقائية: حيث لا تتميز إلا بشيء قليل من التنظيم، وتكون الأدوار غير واضحة، والأهداف غير متبلورة بشكلٍ كافٍ.
• والثانية هي مرحلة التنظيم الواضح، والبناء الاجتماعي الذي تحددت فيه الأدوار، وتبلورت الأهداف في إطار أيديولوجية متكاملة.
ويمكن القول بأن الحركات الاجتماعية بشكل عام تمر بثلاث مراحل هي:
1 - تبلور فكر الجديد واتساع دوائر انتشاره.
2 - حشد التأييد الاجتماعي له.
3- تغيير الواقع، أو الإسهام في تغييره.
خصائص الحركات الاجتماعية :-
• الاختلاف عن منظمات المجتمع المدني: يرى بعض علماء الاجتماع والكتاب السياسيين أن انتعاش المجتمع المدني إبان السنوات الماضية قد جاء على حساب الحركات الاجتماعية، خاصة في الدول الشيوعية أو الاشتراكية سابقاً، وربما في البلاد العربية. ومع ذلك فإن تحركات مؤثرة قامت بها حركات اجتماعية على مستوى العالم في الحقبة الأخيرة يمكن أن تقودنا لدحض هذا الاستنتاج، حيث يرى أخرون ان المجتمع المدني يتألف من أشكال مختلفة من التنظيم، تتطور في سياقات خاصة. والإيمان الزائد بالمجتمع المدني قد يلقي بشيء من الغموض على الفروق المهمة بين المنظمات غير الحكومية ومنظمات الجماهير القاعدية والحركات الاجتماعية وأشكال أخرى من التحرك أو العمل المدني. كما الأدوار المتزامنة للمجتمع المدني سواء فيما يخص المقرطة/ التحول الديمقراطي أو الأدوار النزاعية، نجدها" تعزز مفهوم مفاده أن الفاعلين غير الحكوميين وما لديهم من رأسمال اجتماعي يمكن أن يعول عليهم في القيام بخدمات من النوع الذي يجعل الدولة ترفع يدها عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه توفير الخدمات. وهذا المفهوم متميز عن الوظيفة المعتادة للحركات الاجتماعية.
• الاختلاف عن الاحزاب : نميز الحركة الاجتماعية عن الأحزاب السياسية. في ان الحركات الاجتماعية تسعى للتأثير في صنع القرار، أو يرفع مطالب لدى الدولة، إلا أنها لا تسعى إلى الاستحواذ على السلطة السياسية ولا مراكمتها ولا تعمل من خلال آليات العمل السياسي المباشر، كما هو شأن الأحزاب.
• التشابه مع الحركات الدينية : الحركات الدينية هي نوع من الحركات الاجتماعية، وإن كانت تتميز عن غيرها بكونها تمتلك مطلقات ومراجع كونية؛ كما هو الحال مثلا في الحركات الإسلامية، فلديها ’’مطلقات’’ عقيدية وإيمانية تجعل المنتمين إليها مستعدين للموت في سبيلها، كما أن لديها مرجعية متجاوزة للواقع المادي وتفسيراته الوضعية؛ كما أن رسالتها تسمو فوق الفوارق بين التجمعات الطبقية والإثنيات العرقية، واللون والجنس؛ ولذلك نجد أن خطاب هذه الحركات يتجه إلى الناس أجمعين دون تمييز، وتتسم أهدافها بالشمول والكلية، مثل هدف ’’تغيير الحياة’’، و’’تجديد الأخلاق’’، و’’إصلاح المجتمع والقضاء على الفساد’’ و’’إقامة حكم الله في أرضه’’.
• التركيز على القضايا الاجتماعية : قد تسعى الحركات الاجتماعية إلى نوع مغاير من السلطة الاجتماعية. ويمكن أن نضيف إن مطالب الحركات الاجتماعية تتعلق في المقام الأول بقضايا اجتماعية، رغم ما قد يكون لها من انعكاسات سياسية غير مباشرة.
• عدم اشتراط وجود برنامج عمل: إنه لا يشترط في الحركة تحديد برنامج عمل يعكس تصورا لسياسة منهجية للحكم ورغم هذا ينبغي أن تتوفر على وعي بذاتها داخل محيطها وتحديد لهويتها. وهي تسعى إلى إنجاز تغيير في إطار هذا الوعي، كما أن لها نسقًا قيميًا مرجعيًا ورمزيًا وقواعد للمشروعية. كما أنها تسعى إلى الاستقلال والاستقواء بالذات. وفي الوقت ذاته تشارك الحركات الاجتماعية في تهيئة مناخ مختلف سياسيا واجتماعيا وثقافيا، كما أنها تثير الصراعات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية المتشابكة. و ما تثيره من قضايا قد ينغمس في الفضاءات العامة ويكون له تأثير سياسي واضح. و يمكن أن تقتصر على النطاق المحلي الذي وجدت فيه، وليس بالضرورة أن يكون لها بعد وطنى.
• عدم اشتراط الشعبوية او النخبوية : فيما يتعلق بشعبية أو نخبوية الحركة فإن الحركة الشعبية هي أحد تجليات الحركات الاجتماعية، ولكنها ليست التجلي الوحيد لها. فهناك ضرورة لفهم حركات النخب حيثما وجدت وتلمس اتجاهاتها نحو الفئات الشعبية المختلفة، ودور الأخيرة في رؤية الأولى للتغيير.
• مستوى للتنظيم : فينبغي أن يتوفر للحركة الاجتماعية قادة يمكن تمييزهم عن القواعد، وأيضا آليات لتعبئة الموارد المادية والرمزية. وهي تختلف عن الهبة أو التمرد العفوي الذي يفتقد إلى أي درجات من الوعي والتنظيم. وإذا كان كل تنظيم ليس بالضرورة حركة اجتماعية فإننا نستبعد المنظمات التنموية، والخدمية والخيرية، أو الهياكل التنظيمية الفارغة، التي لا يتوفر لها مطالب اجتماعية تسعى من خلالها إلى تغيير في الحالة الراهنة التي لا تمثل مشكلة بالنسبة لها، أو لا تنطوي على هوية محددة أو مرجعية أو رموز خاصة بها، وإذا كانت الحركات الاجتماعية تنحى إلى البعد عن المؤسسات التي تخضع لتنظيم تراتبي صارم وعضوية ثابتة منتظمة، فإن وجود هذا التنظيم لا ينفي صفة الحركة الاجتماعية.
• مرونة الاستمرارية : فإننا نأخذ في الاعتبار أن الحركات الاجتماعية تمر بدورات تزدهر فيها أحيانا أنشطتها، وفي أحيان أخرى تخبو وتسكن.
مستقبل الحركات الاجتماعية
من اصول نشاتها في القرن الثامن عشر فصاعدا لم تمض الحركات الاجتماعية كأداءات فردية او منفرده ولكن كحملات تفاعلية . وبالتالي فان اي حديث عن هذه الحركات ينبغي ان يوضع في الاعتبار هذه المعلومة والتي تشير الى ان التنبؤ بالحركات الاجتماعية المستقبلية يتضمن التفكير حول العلاقات المتغيرة وسط المطالبين بالحقوق واهداف هذه المطالب والجماهير والسلطات وليس مجرد استنتاج الملامح الاكثر ظهورا لاداءات الحركات الاجتماعية ولنتذكر تفاعل الحركات والحركات المضاده والسلطات والجماهير والقوى الخارجية . لذلك فانه من الممكن تخيل اربعة سيناريوهات لمستقبل هذه الحركات وهي :
• التدويل .
بمعني ان يحدث تحولا دقيقا للحركات الاجتماعية المحلية والاقليمية والقومية في اتجاه نشاط الحركة الاجتماعية العالمية .ويعود الفضل في ذلك تحديدا الى ثورة الاتصالات وما رافقها من تجنيد لاعضاء هذه الحركات من خلال شبكة الانترنت .
• انحدار الديمقراطية :
حيث ان ذلك من شانه ان يحبط جميع انواع الحركات الاجتماعية خاصة ذات الحجم الكبير ولكنها قد تترك جيوبا لنشاط الحركة الاجتماعية المحلية او الاقليمية حيث تعيش بعض المؤسسات الديمقراطية . فالمقرطة غالبا مرتبطة بنشاطية الحركات الاجتماعية .
• الاحترافية :
وهي تعني نوع من مأسسة هذه الحركات ومن ثم انحدار الابتكار في الحركات الاجتماعية ومن ثم يصبح تعامل هذه الحركات نخبويا على مستوى طرح القضايا والمشاكل وهو الأمر الذي قد يؤدي بأصحاب المشاكل الحقيقيين بالانفضاض عنها. وهي في الغالب ستقلص من الاهمية النسبية للحركات الاجتماعية المحلية والاقليمية بينما تحول الطاقات الخاصة بالنشطاء والمنظمين الى مستويات قومية او على الاخص مستويات دولية وعالمية .
• الانتصار :
وهي ان تعمل على كل المستويات من المحلي العالمي كوسيلة لتقديم مطالب شعبية وهو امر في رايي ما زال بعيد المنال نظرا لتعقد المشاكل والمعوقات التي تجابه الحركات الاجتماعية واختلاف ظروف كل حركة عن مثيلاتها في دول اخرى.
والخلاصة هي أن الحركات الاجتماعية تتشكل حول مبادئ و’’مصالح معينة’’ بهدف الدفاع عنها، أو للسعي من أجل تحقيقها، وتشمل كلمة ’’المصالح’’ -هنا- الجوانب المادية الملموسة، والجوانب الأخلاقية والمعنوية والقيمية. فهل تتمكن هذه الحركات من الاسهام في حل مشكلات المجتمعات المعاصرة والتحديات التي تجابهها في عصر العولمة؟

الخميس، 25 أغسطس 2011

بؤس الايدلوجيا نقد مبدأ الأنماط في التطور التاريخي


يعتبر كارل بوبر احد اهم الذين كانت لهم بصمة في وجهة الفكر الاجتماعي والسياسي المعاصر فقد جاءت اراؤه لتكسر القوالب التي اتسم بها الفكر الغربي لمدة تزيد عن قرن من الزمن ، ويعتبر كتاب بؤس الايدلوجيا احد اهم اعماله البارزة في نقد الاراء القائلة بوجود قوانين يسير التطور التاريخي وفقا لها .ولقد صحح بوبر اخطاء شائعة عن المناهج الاجتماعية وميز بين التنبؤ والنبؤة متوقفا عند التفسير التاريخاني والنزعة الكلية ووحدة المنهج في العلوم . كانت الفرضية التي طرحها " بوبر" في هذا الكتاب هي أن مسار التاريخ الإنساني يتأثر بقوة بنمو المعرفة الإنسانية، ولذلك لا نستطيع أن نتنبأ ولا نتمثل المستقبل لأننا لا نعرف حين يحضر هذا المستقبل عند أي صفحة ستكون معرفتنا موجودة. وبطريقة أخرى، حين نتأمل الوضع والمتغيرات علينا التخفف من الذهنية التاريخية التنظيرية والالتفات أكثر إلى الواقع المشاهد فقد كانت الدعوى الاساسية في هذا الكتاب هو اعتقاده بان فكرة المصير التاريخي هي مجرد خرافة ضاربا بذلك العديد من الايدلوجيات التي كانت سائده انذاك وخص بوبر بالذكر الفاشية والشيوعية والتي اكدت انه ثمة قوانين لا مهرب منها للقدر التاريخي .
وقد قسم بوبر كتابة لاربعة اقسام تناول فيها دعاوي التاريخانية المعارضة للمذهب الطبيعي من وجهة نظره وقد فند وجهة نظر التاريخانيين في مجموعة من الحجج الرئيسية وهي التعميم و التجربة و تعقد الظراهر الاجتماعية و صعوبة التنبؤات الدقيقه ، وصعوبة تكرار الظواهر الاجتماعية التي يرى انها فكرة مستحيلة منطقيا، فيقول انه حتى لو سلمنا بامكان التنبؤ بالثورات في العلوم الاجتماعية فمثل هذا التنبؤ لا يمكن ان يكن دقيقا ولا بد من ان ينقصه التحديد فيما يتعلق بتفاصيل الثورات وازمنة حدوثها ..
ان المحدثين من وجهة نظر كارل بوبر من اصحاب المذهب التاريخاني لا يدركون قدم مذهبهم .بل ان هؤلاء خائفون من العقل ومن خلفه التغير والذي يجعلهم عاجزين عن مواجهة النقد بما يتفق والموقف العقلي ، فالتاريخانيين يبدو كانهم يحاولون تعويض انفسهم عن فقدان عالم لا يتغير فيتشبثون بالاعتقاد بان الغير يمكن التنبؤ به لانه محكومة بقانون لا يتغير . ان المطالبة بالتحكم العلمي في الطبيعة الانسانية لا يدرك ما في هذا الطلب من دعوة الى الانتحار فالباعث على التطور والتقدم هو تنوع المادة التي يمكن ان تكون موضوعا للانتخاب الطبيعي .
ويتساءل ألا يمكن التحكم في العنصر الانساني بواسطة العلم وهو نقيض النزوة ؟ ويجيب بان علم الحياة وعلم النفس باستطاعتهما او يكون في استطاعتهما ان يتوصلا الى حل مشكلة تغير الانسان . لكن كل من يقبل على هذه المحاولة مضطر الى القضاء على الموضوعية العلمية وبذلك يقضي على العلم نفسه فالعلم والموضوعية كلاهما يعتمدان على حرية التنافس الفكري اي انهما يعتمدان على الحرية فاذا كان للعقل ان يستمر في نموه واذا كان للانسانية ان تحافظ على حظها من الرشاد فلا يجب التدخل ابدا بما يمنع التنوع بين الافراد وارائهم واهدافهم واغراضهم الا في الحالات المتطرفة التي تتعرض فيها الحرية السياسية للخطر بل ان الدعوة الجذابة الى اتخاذ هدف مشترك ممهما بلغ من السمو ليست الا دعوة الى نبذ كل ما يتعارض معه من اراء اخلاقية وكل ما يؤدي اليه هذا التعارض من نقد وحجج مخالفة . انها دعوة الى نبذ الفكر الراشد .
ويؤكد كارل بوبر ان التطور الذي يطلب التحكم العلمي في الطبيعة الانسانية لا يدرك ما في هذا الطلب من دعوة الى الانتحار فالباعث على التطور والتقدم هو تنوع المادة التي يمكن ان تكون موضوعا للانتخاب الطبيعي وهذا الباعث في حالة التطور الانساني هو حرية الشخص في الانفراد بصفة من الصفات وحريته في الاختلاف عن جاره وحريته في عدم موافقة الاغلبية والسير في طريقه الخاص اما التحكم الكلي الذي يؤدي الى المساواة بين العقول بدلا من ان يؤدي الى المساواة بين الحقوق فمعناه القضاء على التقدم .
ويرى ان هناك فرق بين العلوم التاريخية والعلوم النظرية ففي العلوم النظرية تؤدي القوانين وظائف عدة منها انها مركز الاهتمام الذي تصل به المشاهدات او وجهة النظر التي نسترشد بها في مشاهداتنا . ولكن لما كانت القانونية الكلية في التاريخ قليلة الشان في اكثر الامر ولا يكون استخدامها عن وعي فليس باستطاعتها ان تقوم بهذه الوظيفة ولا بد ان يضطلع بها شئ اخر ولا شك ان التاريخ مستحيل بدون وجهة نظر فعلم التاريح كالعلوم الطبيعية يجب ان يكون انتقائيا في اختيار وقائعه والا خنقة سيل الوقائع المجدية التي لا تربط بينها رابطة ولا جدوى من محاولة تعقب العلل في الماضي البعيد لان وراء كل معلول عيني واحد نبدا منه عددا هائلا من العلل الجزئية المختلفة ، ولا مخرج من هذه الصعوبة في راي بوبر الا بان نقصد في كتابتنا للتاريح الى اتخاذ وجهة نظر انتقائية نتصورها اولا اي ان نكتب التاريح الذي تهمنا كتابته ولا يعني هذا تزييف الوقائع حتى تلائم الاطار الفكري الذي تصورناه اولا ولا يعني اهمال الوقائع التي لا نجد لها مكانا في ذلك الاطار بل يجب على العكس من ذلك ان نمتحن كل البيئات المتصلة بوجهة نظرنا امتحانا مدققا وموضوعيا ولكننا لا حاجة بنا الى البحث عن كل الوقائع والصفات التي لا صلة بوجهة نظرنا والتي لا نهتم بها نتيجة لذلك . مثل هذه النظرة الانتقائية او هذه البؤرة التي نركز فيها اهتمامنا التاريخاني اذا كان يستحيل التعبير عنها في صورة فرض قابل للاختبار فنحن نطلق عليها عبارة التاويل التاريخي . والمذهب التاريحي يفهم هذه التاويلات خطا على انها نظريات وهذه مثالية فمن الممكن تاويل التاريخ باعتباره تاريخ الصراع بين الطبقات او تاريخ الصراع بين الاجناس البشرية من اجل السيادة ومن الممكن تاويله باعتباره تاريخ الصراع بين الافكار الدينية او بين المجتمع المفتوح والمجتمع المقفل . ولكن ذلك لا يزيد عن كونه وجهة نظر من بين وجهات كثيرة وانها حتى اذا بلغت الى مرتبة النظرية فقد لا يمكن اختبارها .
ويضيف بوبر ان كل تفسير لحادث مفرد يمكن وصفه بانه تاريخي ما دامت العلة يدل عيها بشروط اولية خاصة وهذا موافق للاعتقاد الشائع بان تفسير الحادث تفسيرا عليا يقوم في بيان كيف وقع ولم وقع اي انه يقوم في حكاية قصته ولكننا لا نهتم حقا بتفسير الحوادث الخاصة او المفردة تفسيرا عليا الا في التاريخ ففي العلوم النظرية تكون مثل هذه التفسيرات العلية في الاكثر وسائل لغاية مختلفة هي اختبار القوانين الكلية .
ويختلف ايضا بوبر مع من اسماهم بالتطوريين التاريخانيين الذين يحتقرون التاريخ بمعناه القديم ويهتمون بالمسائل المتعلقة بالاصول ويريدون الارتقاء به الى مرتبة العلم النظري ويرى ان ذلك اهتمام في غير موضعه ذلك ان المسائل المتعلقة بالاصول هي مسائل تختص بكيف ولماذا وهي ليست ذات اهمية نظرية نسبيا وغالبا ما لا تكون لها الا اهمية محدودة .
ويختتم بوبر كتابه بالقول بان النظرة التاريخية معناها الاعتقاد بالمعجزات الاجتماعية والسياسية والتي تنكر على العقل الانساني ان يكون له القدرة على تحقيق عالم اكثر مطابقة للعقل بمعنى انه متجه بطبيعته نحو حالة افضل واكثر قبولا لدي العقل ولكن هذه النظرة معناها الاعتقاد بالمعجزات الاجتماعية والسياسية لانها تنكر على العقل الانساني ان يكون له القدرة على تحقيق عالم اكثر مطابقة للعقل.

الثورة المصرية الصراع بين الادراكي والموضوعي


تمر الثورة المصرية هذه الايام بمرحله حساسه يحاول خلالها الاعلام -حكومي - حزبي -مستقل ان يشحذ هممه لتوصيف معركه بين طرفين هما لم يتبلورا بعد في الواقع ،معسكر الاسلاميين ومعسكر العلمانيين . ورغم وهمية هذ الصراع في رايي والذي لا يزيد عن كونه صراعا منحصرا في اذهان من يطرحوه ، فقد صور الاعلام الجدال والمناظرة المحتدمة فى الفضاء المصرى الراهن، في أن مصر تعيش فى إطار ما يمكن اعتباره مرحلة «ما قبل المعرفى» وأعنى بها تلك المرحلة التى ينحبس فيها الناس داخل صناديق انتماءاتهم وتحيزاتهم الأيديولوجية والدينية والمذهبية. وحاول الاعلام تصوير الناس بانهم لا يعجزون، فحسب، عن رؤية ما يقع خارج الصناديق الايديولوجية والمذهبية التى يحبسون رؤوسهم داخلها، بل والأهم - أنهم لا يقبلون التفكير فى جملة المفاهيم والتصورات المضمرة التى يقوم عليها بناء ما يتحيزون له من إيديولوجيات ومذاهب، باعتبار أنها من قبيل المطلقات التى تعلو على أى تفكير. وأن مرحلة ما قبل المعرفى التى تسود الفضاء المصرى الراهن لا تقدم إلا عقلاً منحبساً وراء أسوار الأيديولوجيا بأطيافها المختلفة (وأعنى علمانية ودينية ومذهبية وغيرها).
الا ان الواقع الذي يراد له ان ينحبس، بدوره وراء تلك الأسوار يختلف عن الادراك الاعلامي كثيرا .وقد تطرق لهذا الامر الفيلسوف "كارل بوبر" ففي كتابه الذي تمت ترجمته إلى العربية تحت عنوان "بؤس الايديولوجيا"، كانت الفرضية التي طرحها هي أن مسار التاريخ الإنساني يتأثر بقوة بنمو المعرفة الإنسانية، ولذلك لا نستطيع أن نتنبأ ولا نتمثل المستقبل لأننا لا نعرف حين يحضر هذا المستقبل عند أي صفحة ستكون معرفتنا موجودة. وبطريقة أخرى، حين نتأمل الوضع والمتغيرات علينا التخفف من الذهنية التاريخية التنظيرية والالتفات أكثر إلى الواقع المشاهد، ولكن الذي يحدث عادة هو أن الناس لديهم تجارب سابقة وتنظير واسع يمارسون المقايسة والمقارنة عبره، ولذا لا يزالون مصدومين من ما يحدث أمامهم في الواقع كل مرة، فهم لا ينتظرون أن يحدث إلا ما رسموه في أذهانهم. ولنا أن نتخيل اليوم أي مستوى معرفي "قافز" قد تحصلنا عليه بسبب الانترنت والتقنية الحديثة!. إنه مستوى عالي يصعب جداً أن نلاحق تأثيره ونتائجه. الا الاعلام قد ابى ان يعكس ذلك وانبري في خلق مشاهد وهمية لصراعات كاذبه بعيده عن ارض الواقع .
فاذا كان من ميزة لهذه الثورة المصرية العظيمة فهي انها جعلت الايدلوجيا تتخلى عن مكانها لما هو طبيعي وواقعي من صفات إنسانية عامة يشترك فيها كل الناس. فحين تخف وطأة الايدلوجيا سيقل التمايز الحاد بين الناس الذي يتأتى من تمايز ايدلوجي أو طائفي أو قبلي أو غيره من حدود؛ زرعها الناس كحدود "تنظيرية" بينهم وهي تفرق أكثر مما تجمع.
ففي الثورة المصرية كان الكل يلاحظ مسألة التشديد على انها ثورة غير مؤدلجة، ولا تلتزم أي خط معين سوى ما تناضل من أجله من مفاهيم إنسانية مشتركة (خبز ،حرية ،عدالة اجتماعة ) وهذا ما جعلها بالتأكيد ثورة فاعلة وتحظى بالتأييد الواسع. ونجاحها سيعقب أيضاً "ارتدادا" مجتمعياً إلى هذا الخط، وسنشاهد لغة شعبية في المجتمعات العربية تؤكد على هذه الحقوق بوعي وتتخلص من زوائد التنظير والايدلوجيا التي أتعبتها، وجعلت صوتها الطبيعي ومطالبها كمجتمعات لا تكاد تظهر.
لقد وصل الوضع العربي قبل ثورة مصر ومن قبلها تونس إلى مرحلة انسداد، وكان العقد الأخير أيدلوجياً بامتياز، فالمشهد الاعلامي كان مشغولا بالعديد من مشاهد الصراع والاستقطاب، والتي وصلت إلى الذروة، تحديداً، قبل الثورة بأيام مع تقسيم السودان، وتصريحات غربية توحي بالتدخل لحماية "الأقليات" في المنطقة نتيجة تفجيرات العراق ومصر(تفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية )،وهو ما جعل هواجس التقسيم والتفتت نتيجة الصراعات الداخلية أو التدخل تتزايد وتهدد كل أحد.. وفرق كبير نجده الآن بين مجتمع كان يعيش هواجس التقسيم، وآخر يعيش المطامح التي زرعتها الثورة الشعبية التي نجحت في مصر حتى الان ..
ومن حسن الحظ أن إشتغالاً معرفياً على معظم المفاهيم والتصورات والإفتراضات الايدلوجية التى يؤسس عليها الاعلام أبنية يريد لها أن تحدد معالم المسار السياسى والإجتماعى لمصر، إنما يكشف عن كونها أضعف من أن تكون أساساً لبناء راسخ؛ وأعنى من حيث تبدو جميعاً أضيق من أن تستوعب حركة الواقع، وأعجز- بالتالي - من أن تقدم حلولاً ناجزة لمشكلاته الجاثمة. فالثورة المصرية قدما نمطاً من التحول غير المعتاد المفاجئ والجذري من حالة إلى أخرى. فقد بينت الثورة المصرية ان مسار تداول مصطلح "المعرفة" يسير في إطراد إيجابي في مجمله.
بينما كان، بشكل عام، مسار تداول مصطلح "الأيديولوجيا" يسير في إطراد سلبي في مجمله.
وهكذا ولد، في الفكر السياسي الثوري الحديث والمعاصر، ما يمكن أن نسميه "جدلية الأيديولجي والمعرفي".
وهكذا وصل الأمر بين الأيديولوجي والمعرفي إلى أن يصبح بينهما تضاد وتناقض، حينما يتعلق الأمر بالفكر السياسي الثوري. فقد أصبحت "الأيديولوجيا" تعبر عن المنظومة الفكرية والخطابية العتيقة القابعة في لاوعي أفراد المجتمع والتي تجعلهم يقبلون الوضع الراهن وتحبط داخلهم أي رغبة للتغيير، من خلال قيامهم بتعمية وتغطية المشكلات الواقعية بأغطية بالية من التبريرات اللفظية التي تحبط الرغبة في تدشين أي تغيير ثوري .بينما أصبحت المعرفة (والعلم) هي المنظومة الفكرية الأكثر تعبيرا عن مشكلات الواقع الحقيقية، والتي تزيل العماء والتمويه عن حقيقة ما يجري في الواقع الفعلي، بما يدفع العقل الثوري إلى تحديد مسار واضح للتعامل مع هذه المشكلات للقضاء عليها جذريا من خلال التغيير الثوري للواقع.
وبذلك تكرس في تراث الفكر الثوري أن الأيديولوجيا مرتبطة بتزييف الوعي والتعمية على حقائق الواقع. في مقابل أن المعرفة العلمية هي وحدها القادرة على تبديد تبريرات وتزييفات الأيديولوجيا لصالح إنجاز الفعل الثوري المطلوب لتغيير الواقع البائس
وقد حاولت الاحزاب المصرية وبعض الحركات السياسية ومن يقف معها من وسائل اعلامية مختلفة في تسويق الادراك الايدلوجي للواقع الحالي بحيث يسود الاعتقاد بأن المجال الوحيد المتاح هو التداول والانتقال السلمي للسلطة من حزب لآخر من خلال الإحتكام إلى نفس الإطار السياسي بنفس عناصره وآلياته، بحيث تكون النتيجة النهائية هي مجرد "إصلاح" وليس "تغيير" أو "ثورة .
(ووفقا لهذا التصور الثوري، فإن الأحزاب القائمة في المجتمع تصبح جزءا لا يتجزأ من النظام السياسي القائم، وتصبح متوافقة وقابلة لكافة آليات وقواعد اللعبة السياسية مع النظام القائم، من خلال قبولها الاحتكام إلى صناديق الانتخاب والاقتراع، كمسار وحيد لتداول السلطة.
وفي الثور المصرية نجد ان الوضع قد انقلب على هذه الاحزاب مما أدى إلى كسر الإطار الأيديولوجي السائد الذي قبلته كافة الأحزاب المصرية (بما فيها أحزاب المعارضة). وظهور ما يعرف بالحركات الإجتماعية الجديدة .

فقد أدى ظهورها في الواقع السياسي المصري مؤخرا إلى قلب (وعكس) آليات وقواعد التفاعل السياسي بين اللاعبين، بحيث ركزت على "المعرفي" ورفضت تماما "الأيديولوجي" بصفته يعمل على تكريس الوضع الراهن .
وقد اعتمدت هذه الحركات على الوسائل الاتصالية الجديدة لتخلق شبكات اجتماعية من نوع جديد. فهذه الحركات الإجتماعية تتميز باعتمادها على الشبكات الإجتماعية الإلكترونية الجديدة التي أتاحتها الوسائط الجديدة مثل شبكات المحمول وشبكة الإنترنت،. وهي الوسائل التي تتجاوز حوائط وعوائق العلاقات الإجتماعية التقليدية التي تتميز بالبطء والثبات والتقليدية والجهوية، لتفارقها إلى إقامة نوع جديد من العلاقات الإجتماعية التي تتمحور حول قضايا محددة، دون أن تتمحور حول أشخاص أو عائلات محددة أو مناطق محددة. بل لقد مكنت الوسائل الإتصالية الجديدة هذه الحركات الإجتماعية من تجاوز عوائق المكان والروابط الجهوية والعائلية والتقليدية، ليجمعها أهداف محددة حول قضايا محددة..
وبهذا أرتبطت الحركات الإجتماعية الجديدة بالمعرفي، دون أن ترتبط بالجهوي أو الأيديولوجي أو التقليدي. فلم تتبنى الحركات الإجتماعية الجديدة قضايا شخصية أو عائلية أو أيديولوجية أو دينية بل تبنت قضايا إجتماعية محددة وربما ذات طابع مؤقت وعارض بحيث لم يكن لها طابع سياسي مباشر.
ذلك أن الحركات الإجتماعية الجديدة لا تسعى بالمرة إلى الوصول للحكم (على عكس الأحزاب السياسية)، كما لا تسعى للحصول على مناصب لأعضائها، ولكنها تهتم فقط برفع مطالبها إلى أصحاب القرار الموجودين بالفعل في مناصب الحكم.
ولذلك تتميز الحركات الإجتماعية غالبا بسمة - السلمية - وتنعدم فيها الإنتهازية السياسية إلى درجة كبيرة إذا ما قورنت بالمجموعات السياسية التقليدية، مثل الأحزاب أو جماعات الضغط المعروفة في السياق السياسي المعاصر.
فهي تتميز عن الأحزاب السياسية بأنها لا تهدف للوصول إلى الحكم، كما لا تهدف إلى توزير أعضائها أو الدفع بهم إلى مناصب عامة. كذلك تختلف عن جماعات الضغط في أنها لا تمارس التهديد أو الإبتزاز السياسي أو الإقتصادي، مثل التهديد بسحب أموال أو التمويلات.
ولكن للتوضيح فان نقدنا هذا غير موجه للايدلوجيا نفسها، فهي في النهاية نسق فكري ومُعطى طبيعي يحق لمن أراد أن يراه ويسلكه، لكن ما يحدث هو أنه، وفي أحيان كثيرة، تتجه الايديولوجيا إلى حقل جدل واجتهاد تنظيري لا يكون له تأُثير واقعي وعملي، وتنحرف بذلك عن مسارها نتيجة تصعيد "نفسي" أو"تحزبي" فتتداخل فيها المقاصد مع البحث عن الحظوظ والعقلية الصراعية فينتج لنا في النهاية شيئا مشوها لا يمت للفكر والحياة إلا بصلة عداوة.
فالمفاهيم الواقعية والبسيطة مثل الحرية والحقوق والحياة الكريمة وغيرها هي بسيطة وقريبة ولكن قد يكون هناك محيطات من التنظير "الفارغ" بين الفرد وبينها ، وهذا ما حدث في ثورتنا المصرية التي نتمنى على الاعلام ان يتعاطى معها حتى لا تسقطه توابعها كما اسقطت قبل ذلك حوائط من الاستبداد والوهم ظننا كل الظن ان لا سقوط لها .

الأحد، 26 يونيو 2011

على استعداد ان ادفع حياتي ثمنا لكي تقول رايك

هذه العبارة هي جزء من مقولة فيلسوف الادباء ، وأديب الفلاسفة، فولتير التي قال فيها "أخالفك الرأي لدرجة أني علي استعداد لأن أدفع حياتي ثمنا لكي تقول رأيك ". فما أجمل فولتير .. وهو يذكرنا بضرورة تقبل الآخر واحترام رأيه مهما كان درجة اختلافي معه . هكذا يكون الاختلاف وتلك ضريبة الديمقراطية التي يجب ان ندفعها، حتى لو كان ذلك على حساب مصالحنا القصيرة المدي ، اما طويلة المدى فتلك قضية اخرى ، فالامم العظمى ترقي وتتقدم باحترام شعوبها للمبادئ والقيم التي تنشا مجتمعاتها عليها ، وهذا الامر يضمن بقوة استقرار المجتمع واستعداده لتخطي ازماته بشكل متحضر وعقلاني يجنبه الامراض الاستثنائية التي تحدث في المجتمعات الضعيفة . نتيجة لاسئثار الاقلية بالراي وعدم احترامها لراي الاغلبية .
اقول هذا بمناسبة ما تشهده مصر هذه الايام من دعوات خبيثة للقفز على نتيجة الاستفتاء على النعديلات الدستورية والتي قال الشعب فيها باغلبية ساحقة انه لا يوافق فقط على التعديلات ولكنه يوافق ايضا على ما يسمى بخريطة طريق تقود مصر الى الدولة الديمقراطية المنشوده ، ويخرج علينا بعض من اصحاب الصوت العالي والفكر المنخفض ليقدموا مبررات في بعضها هزلية وفي الاخري تدعو للتوجس والشك في نية هؤلاء ،ويقدمون في ذللك حجج منها :
1- ان الاستفتاء جرى على عجل وغاب عنهم ان هذا الاستفتاء الذي جرى على عجل شارك وصوت فيه اعداد من المواطنين فاقت كل اعداد الانتخابات والاستفتاءات الحقيقية والمزورة التي جرت في مصر في العصر الحديث ، وقد كانوا هم يشكلون شريحة كبيرة ممن صوتوا ، ألم يكن لهم ان كانوا من المؤمنين بان الاستفتاء سيتم على عجل ان يدعوا لمقاطعته حينها كنوع من المقاومة السلبية المحموده والمعروفه في كل دول العالم؟ ولكن الذي حدث هو العكس فقد شاركوا ودعوا الاخرين الى المشاركة وبكثافة، بل ان منهم من اعلن قبل النتيجة انه على استعداد لقبولها مهما كانت . ولكن يبدو انهم حنوا الى الماضي الذي كان يحتقرهم ويصوت لهم وهم في بيوتهم ويريدون ان يقفزوا على ارادة الشعب كما كان المخلوع يفعل .
2- الحجة الثانية التي يقدمها هؤلاء وهي ايضا طريفة وهزلية انهم يقولون اننا قد استفتينا على تعديل الدستور وليس اعلان دستوري ويشغلون انفسهم بكلام بعض ممن اطلقوا عليهم كبار القانويين وفقهاءه والذين كان يطلق عليهم في عهود مضت ترزية القوانين . تحول هؤلاء بقدرة قادر الى فقهاء . وفات عليهم ان القانوني يختلف عن السياسي فاذا كان القانوني ينظر لشكل النص فان السياسي ينظر لروح لنص وشتان بين الامرين ، فالقضية ليست مادة هنا او فقرة هناك وليس قضية تعديل او تغيير ولكنها قضية خريطة طريق خير الشعب فيها بين ان تكون الانتخابات اولا تليها انتخاب جمعية تاسيسية تضع دستور جديد للبلاد ، وبين تشكيل جمعية تاسيسية -حتى الان لم يتفق من يقولوا الدستور اولا على شكلها بعد- تضع دستور جديد للبلاد يليها انتخابات . هذه هي القضية كما يراها الساسه الذين كان كل عملهم دائما ينطلق من الواقع وليس من كتب القانون التي تحوي العديد من الاشياء ونقيضها في ان واحد . هذان هما الخياران اللذان استفتي عليهما الشعب وقال الشعب كلمته بقوة مؤيدا ان تكون الانتخابات اولا ، وغير ذلك فهي تفاصيل لا تهم سوى الاقلية التي تشغل نفسها بقضايا ثانوية ليست هي مجالنا الان في مصر بعد الثورة .
3- اما الحجة الثالثة وهي من الحجج موضع شك نتيجة لغرابتها ولكنها هزلية ايضا ،وهو انه من المتوقع ان جرت الانتخابات في موعدها فسوف يفوز بها الاسلاميين باعتبار انهم الاكثر خبرة وتنظيما ومالا . اما هزلية الحجة فتنبع من تشابهها مع حجة التلميد البليد قبل الامتحان فقرنائه اجتهدوا وصبروا وصابروا وناضلوا من اجل الفوز في الامتحان وهو كان نموذجا للتلميد المتكاسل الذي ركز كل جهده في ليلة ما قبل الامتحان وهي في موضعنا هنا الثورة ويريد ان يتساوى مع من ثار وناضل وقاوم منذ اكثر من ثمانين عاما واخص بالذكر هنا جماعة الاخوان المسلمين . فمع اختلافي مع هؤلاء فانهم دفعوا ضريبة اكبر بكثير مع اخرين شاركوا في الثورة وكان لهم فضل فيها عظيم ولكن لا يستويان . اما عن الشك الذي تثيره هذه الحجه فهي كونها تصدر عن تيارات عرفت بتعاطف الغرب معها الامر الذي يجعلنا نعتقد ان هناك ثمة اتفاقا بين تلك التيارات وهذه الدول وهو امر ان صح فهو يفقد هذه التيارات جزءا كبيرا من وطنيتها ويفقد مصر ان نجحوا فيما يخططون له جزء كبيرا من استقلاليتها .
ان قضية الديمقراطية تقتضي منا ان نقبل الاخر مهما كان هذا الاخر ونعطيه الفرصة لكي يحكم واثقين كل الثقة ان مصر بعد الثورة لن تسمح ابدا بان الصندوق الذي اوصل الاخوان الى الحكم ان يكون الاخير كما ان الدستور الذي من الممكن ان تصيغه اكثرية اسلامية ليس مقدسا عن التعديل او الالغاء مرة اخرى فقد حددت وستحدد مواد كثيرة اليات تعديل وتغيير الدستور اعتقد انها لن تكون جامدة بالشكل الذي يمنعنا من دستوراخر نصيغه نحن –الليبراليين – ان تمكنا من الحكم في المستقبل .
ان الثورة لم نقم بها من اجل ان تعيد انتاج ذات الثقافة التي جذرها فينا نظام المخلوع وهي ان الاقلية صاحبة الصوت العالي تسيطر على الاغلبية التي تفضل العقلانيةوالهدوء في التعامل . وهذه الاقلية حتى الان لا تدري خطورة ما تفعل، فهي ان استطاعت ان تمرر رغبتها في ان يكون الدستور اولا وقفزت فوق ارادة الشعب فهي تكون قد ارتكبت جريمة في حق مصر كلها وهدمت اهم ركن من اركان الثورة وهو ثقة الجماهير الغفيرة في ذاتها وفي قدرتها على احداث التغييرالذي تصبوا اليه ، فهي ان اهمل رايها مرة اخرى سوف لا يكون امامها الا امرين اما ان تتحول الى قنابل غير موقوته قابله للانفجار في اي لحظة او تعود الى بيتها مرة اخرى كما كانت من قبل وتلك النكسة الكبري .
ان الامر يحتاج منا الى العمل والتضحية معا ، فالعمل فهو من اجل ان نزيد دورنا في الشارع ونتعلم من تجارب من سبقنا في ضرورة صياغة دستور توافقي للبلاد يضمن عدم اضرار الاغلبية بمصالح الاقلية ، اما التضحية فهو قبول نتيجة الانتخابات النزيهه ايا كانت والقبول براي الاخر ايا كان قسوته علينا واثقين كل الثقة في قدرتنا على العمل داخل الشارع من جديد في ظل مناخ تسوده روح الديمقرطية في مصر بعد الثورة . مرديين مقولة الفيلسوف الفرنسي فولتير "أخالفك الرأي لدرجة أني علي استعداد لأن أدفع حياتي ثمنا لكي تقول رأيك"

الاثنين، 20 يونيو 2011

استقالتي من حزب الجبهة الديمقراطية

السيد الاستاذ الدكتور رئيس الحزب
تحية طيبة وبعد .....
اعترف في البداية اني استفدت كثير من اطاركم النظري في العمل السياسي واندمجت واتسقت بشكل كامل مع ما تدعون اليه من افكار تؤكد على قيم الحريةوالمساواة والاخاء والعداله لكل الناس .
الا انه بقيام ثورة 25 يناير المباركة كنت اتوقع من الحزب حركة اكبر واوسع على الساحة السياسية باعتبار انها هذه الفرصة المناسبة لطرح الافكار وتسابقها لنيل رضا المواطنين الهدف الاسمى لاي حزب . الا انني لاحظت ان ما يحدث في الفترة الاخيرة عكس ذلك تماما فقد بدا لي هناك تصميم على التقوقع على الذات وعدم التناغم مع الحركة الديمقراطية في الشارع والاصرار على ان يكون الحديث داخل الحزب حديث نخبوي نخبوي بل ان الحزب تعرض لبعض الانشقاقات الغريبة من جانب من كان يعتبرهم الحزب رموز الثورة ومفجريها على حد قول قيادات الحزب ، والذي زاد الامر دهشة في ادراكي هو هذه التعيينات الغريبة التي تمت في صفوف القيادات العليا للحزب لشخصيات لا نعرفها ولا تعرفنا ، بل انني ازعم ان اول لقاء بيني وبينها في فندق سميراميس كان مفاجئة بالنسبة لي ان يكون ممثل الحزب في هذا الاجتماع هو بمثل ما رايته وهو امر يدعو للدهشة والتعجب والقلق على مستقبل الحزب .
اضيف الى ذلك ايضا موقف الحزب من الدعوة المسماه "الدستور اولا" وهي دعوة نراها لا تتفق بشكل جذري مع ما نؤمن به في حق الاغلبية في الحكم وان السيادة للشعب وحده حتى لو كان هذا الحكم يتعارض مع ما نصبو اليه ونتمناه الامر الذي اعتبره قمة الاستهتار براي الشعب وحكم الديمقراطية وهو ما يتعارض جذريا مع طموحاتي وادركاتي للحزب الذي اتمنى الانتماء له والاخلاص للعمل معه .
لذا فقد قررت وبعد طول فترة تفكير اتخذا قراري بالاستقالة من الحزب بشكل كامل ، والبحث عن حزب ليبرالي اخر يتسق مع طموحاتي واهدافي في صناعة مستقبل عظيم لمصر الحرة .
تقبلي تمنياتي بالتوفيق والنجاح العظيم في مهمتكم الوطنية
خالد احمد محمد فياض
عضو حزب الجبهة الديمقراطية
محمول رقم : 0123502437

السبت، 18 يونيو 2011

د. شرف ...... توقف


اعترف في البداية ان شخصية د. عصام شرف من الشخصيات التي تشدني بتواضعها الجم وادبها الرفيع ووطنيتها النقيه ، وخاصة انه جاء بعد عهد طويل من التعالي على الناس واستخدام افظع الالفاظ في التعامل مع المواطنين والاستهانة بهم هذا بالاضافة إلى التعامل مع الوطن بمنطق تاجر الشنطة ، والرجل وللامانة استطاع ان يهدأ الكثير من المشاكل لفترة من الزمن اعتقد انها لن تكون طويلة ، فالعمل السياسي لا يكفيه ابدا عفة اللسان وغيرها من الاشياء الرائعة في شخص د. شرف ، ولكن يحناج ال العمل على ارض الواقع ، وللحقيقه فان العمل على ارض الواقع غير مطلوب من د. شرف ولا من وزرائه ، فدروهم كما هو مخول لهم من المجلس العسكري الحاكم الفعلي للبلاد هو تسيير امور الدولة لفترة الشهور القليلة المحدده لهم ، فغير مطلوب منهم على سبيل المثال اقتراح او تنفيذ مشاريع كبرى باعتبار ان هذه المشاريع تحتاج إلى ميزانيات تقر من جانب مؤسسات الدولة المختلفة وبالتالي فان غياب مؤسسات الدولة التشريعية والرقابية يمنع شرف ورجاله من مثل هذه النوع من المشروعات حتى نمنع القيل والقال واين ذهبت الاموال او الي اين ستذهب ، كما انه غير مطلوب من د. شرف التحدث باسم الثورة والثوار ، فاذا كان د. شرف قد اتى من الميدان فان اقل مواطن ملم بقضايا وطنه يعرف ان د. شرف هو فقط القادم من الميدان ولا نستطيع ان نتصور ابدا ان الميدان كان به سمير رضوان او فايزة ابو النجا او محمد فتحي البرادعي او حتى جوده عبد الخالق ومنير فخري عبد النور ، فجميع هؤلاء باستثناء جوده وفخري هم من رجال مبارك والذين اقسموا امامه اليمين وعلى استعداد للقسم امام اي احد مهما كانت شرعيته . وبالتالي فان احدا عاقلا لا يمكن ان يقول ابدا ان هذه الحكومة هي حكومة الثورة ، او حتى د. شرف نفسه هو رئيس وزراء الثورة فليس معنى ان احدا كان من بين المتظاهرين يصبح ممثلا لهم فقد كنا في التحرير اطيافا وفرق وتيارات لا تعد ولا تحصى . ولكن المشكلة اليوم ان بعض من حملة المباخر في كل العصور ومن راغبي الشهرة واللعب على كل الاحبال يحاولون الدفع بالرجل وحكومته الغير ثورية إلى اتون معركة لا قبل لهم بها حتى وصل باحد الاعلاميين المعروف عنهم متابعتهم الدقيقه لأحداث الثورة من على شاشات التلفزيون وهو يرتدي بيجامته الحريرية، منتظرين من هو الفائز حتى يهللوا له ويكونوا من رجاله ، ان يدفع د. شرف دفعا إلى اتخاذ قرارات لا يملك هو او من اتى به إلى السلطة ان ينقلب عليها واتحدث هنا بشكل واضح عن الإستفتاء الذى اقرته غالبية الشعب بالموافقة على ان تكون الإنتخابات اولا يليها انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد ينتخبها البرلمان بمجلسية (الشعب والشورى ) . حيث نلاحظ هذه الايام خروج بعض المتحدثين نيابة عن د. شرف ليقولوا ان انه يؤيد ان يكون الدستور اولا وان لديه شرعية ثورة وانه وانه ... من هذا الكلام غير المسئول وغير المنضبط ، فايا كان رأي د. شرف فهو لا يزيد عن كونه رأي من بين اكثر من 18 مليون مصري قالوا رايهم في هذا الإستفتاء ، والتجج بالشرعية الثورية او ان هناك اكثر من خمسين او الف حزب يقولون نعم للدستور اولا هو حديث اهوج وخبيث فاذا كان هناك اكثر من مليون حزب قالوا الدستور اولا فاني اتساءل من يمثل هؤلاء ، الشعب قال كلمته باغلبية ساحقه واي تراجع عن رأي الشعب هو انقلاب على الديمقراطية لا نقبله ايا كان من يدعو اليه حتى لو كان المجلس العسكري ذاته ، قال الشعب كلمته وانتهت المكلمة الذي يريد بعض من اصحاب الصوت الذاعق اعاداتنا اليها مرة اخرى ، والذي للاسف من بينهم من كان اثناء الثورة رضى باقل اقل القليل من الرئيس المخلوع وكانوا يتوسلون لثوار الميدان بان يتوقفوا ويعودوا إلى منازلهم واحص بالاسم للاسف رجل كل العصور يحيي الجمل الذي كانت له مواقفه مع مبارك ومع احمد شفيق ومع الجميع من اذناب النظام السابق وكان يردد في كل خطوة يخطوها النظام البائد بان يكفي هذا والثوار يعرفون مكان الميدان وعليهم ان يعودوا الان واذا لم تنفذ مطالبهم يعودوا مرة اخرى وكأن هؤلاء الثوار دمى يحركها امثال الجمل أنى شاء .
لقد حسمت القضية وستجرى الإنتخابات اولا وليهدا هؤلاء الذي يحاولون اعادة عقارب الساعه إلى الوراء اعتقادا منهم ان اصواتهم هذه من الممكن ان تؤثر على ارادة من يمتلكون سلطة اتخاذ القرار ، فلا احد اليوم يمتلك هذه السلطة الا الشعب ولن يكون الشعب العوبة في يد احد بعد الان حتى لو صارت قنواتهم الفضائية الدعائية بالمئات ، لن يقبل الشعب الا بالديمقراطية ، وسيعلم الذي يفكرون في الانقلاب عليها اي منقلب سينقلبون ان هم مسوا ارادة الشعب مهما كان لهؤلاء من نفوذ او ابواق اكل عليها الزمن وشرب .
واخيرا اقول لدكتور عصام شرف لا تدخل هذه المعركة حتى لا يدفعك من اتوا بك إلى خارج الحلبه نهائيا وبدلا من ان تكون رئيس وزراء المرحلة الانتقالية تكون رئيس وزراء كان للمرحلة الانتقالية وانتهت صلاحيته . ارجوك يا دكتور شرف لا تتطوع للقيام بادوار انت غير مخول بها . وتذكر انك رئيس وزراء لمرحلة انتقالية ووظيفتك هي تصريف الاعمال وكفى واي دور لك غير ذلك يصوره لك بعض من المزايدين او المطبلين فهو ليس لك ولا قبل لك به وقد اعذر من انذر .

الأحد، 3 أبريل 2011

اعتذار لتونس الثورة – النموذج والمثل والقدوة للثورة المصرية


نحن ابناء ثورة 25 يناير نتقدم بكل الاعتذار عن ما بدر من بقاياالنظام البائد من سلوكيات حقيرة ووقحة في مباراة الزمالك المصري والافريقي التونسي ، ونعتبر ان هذا العمل قد دبر له بشكل منظم ، فما حدث في استاذ القاهرة لم يكن هدفه الفريق التونسي الشقيق بقدر ما كان يهدف الى اهانة النموذج التونسي الملهم للثورة المصرية ، فنحن ثوار مصر نعتبر ما حدث جزء من مخطط الثورة المضاده التي رات ان هذه المباراة بدلا من ان تكون فرصة لتقارب الشعوب الثائرة تكون فرصة لزيادة الشحن والتباعد والفرقة بين الشعبين الشقيقيان . لذا فاننا نطالب بالاتي :
دعوة كل ثوار مصر للتجمع غدا الساعه الثانية عشر ظهرا امام السفارة التونسية بالزمالك لتقديم الاعتذار الشعبي لشعب تونس الثورة .
مطالبة المجلس الاعلي للقوات المسلحة بضرورة محاسبة المسئولين في نادي الزمالك والذين يعتبروا مسئولين عن اعطاء اشارة الهجوم للعصابة المنظمة الموجوده في المدرجات والتي دفعت دفعا الى هذه المباراة . وخاصة ان من اعضاء الجهازالفني لنادي الزمالك من كان يدعو الى محاصرة الثوار في ميدان التحرير وتجويعهم .
مساءلة السيد وزير الداخلية عن هذا الاخفاق الامني في تامين اول مباراة بين فريق من تونس النموذج والمفجر للثورة المصرية ، وفريق من مصر بعد الثورة ، الامر الذي كان من الاهمية ان يوضع في الحسبان عند التعامل مع مباراة بهذه الاهمية والحساسية خاصة ان الحكومة المصرية هم اول من اعلن عن وجود ثورة مضاده .
مطالبة جماهير نادي الزمالك بمقاطعة كل مباريات فريقهم طالما استمر الجهاز الفني دون تغيير وهم من كانوا في يوم من الايام جزء من النظام البائد .

الجمعة، 18 مارس 2011

مواطن مصري من معمعة لعم

تعيش مصر هذه الايام في اجواء ملتهبه جدا من الحوار الثري والجدل البناء بين ابناء الوطن الواحد ، هذا الوطن الذي يبدو انه يمر يايام هي بالفعل غريبة عليه ، فهو لم يعشها من قبل فقد عاش هذا الشعب طوال اكثر من ستين عاما معتادا على ان حاكمه يرشح له عضو البرلمان على سبيل المثال ويختاره له ايضا ، كما ان هذا الحاكم يقترح له التعديلات الدستورية ويوافق له عليها ايضا ، وبالتالي فان المواطن المصري في هذه الايام كان دائما مواطنا مفعولا به ، ولم يكن ابدا مواطن فاعل باي شكل من الاشكال ، حتى عندما يطلب منه الادلاء بصوته تحت اشراف قضائي كامل فانه يكون ايضا مفعولا به ومسلوب الارادة عندما يجد من يدفع له مئات الجنيهات حتى يوجه صوته وجهه معينة تاتي متفقة مع تطلعات ورغبات الحاكم . الا انه بتفجر ثورة 25 يناير انقلب الوضع واصبح المصري ولاول مرة منذ ستين عاما فاعلا ويصبح صوته ذي قيمة ، ولاول مرة ندخل استفتاء ونحن نجهل نتيجته . وهذا انجاز عظيم يحسب للثورة .

الا انني وفي هذه الايام فاني حريص على حضور اكبر عدد من الندوات التي تؤيد او تعارض التعديلات وقد خرجت منها بعدد من الملاحظات على هذا النوع من الندوات والتي شاركت فيها هذا الاسبوع وهي :

ان معظم الندوات المؤيدة للتعديلات هي ندوات ينظمها اخوان مسلمين او احزاب متعاطفة معهم .

ان معظم الندوات التي تقولا لا للتعديلات هي ندوات منظمة من قبل العلمانيين ياطيافهم المختلفة سواء كانوا ليبراليين او يساريين او ناصريين .

انه رغم انتمائي للفريق العلماني الا انني لاحظت قدرا كبيرا من عدم الموضوعية والتعالي في الندوات التي ينظمها العلمانيين وادعائهم المستفز بانهم هم الاقدر على الفهم وانهم الاخرين "مش فاهمين حاجه" ( يقصدون من يقولون نعم )

ان الاسلاميين كان لهم راي اكثر هدوءا واذكر كلمة قالها شيخ جليل لا اعرف اسمه "ان الثورة وحدتنا ولن ننقسم بعد ذلك ابدا ، وان من يقول نعم فانه يقولها من اجل مصر وكذلك من يقول لا"

ان لاحظت قدرا كبيرا من الاحتفاء بالشعب لمصري في مجموعه في ندوات الاسلاميين في حين راي العلمانيين ان الشعب المصري ما زال غير مستوعب للديمقراطية وانه يجب ان نتركه فترة حتى ينضج .

ان الاسلاميين كان لديهم قدرا كبيرا من التنظيم فهم يعرفون ماذا بفعلون وهم يوزعون منشوراتهم في اماكن محدده وفي اوقات محددة وهذا راجع الى خبراتهم الكبيرة في هذا الامر .

ان الفريق العلماني لا يعرف من الذي يوزع وقد وصل لامر الى ان بعض المنشورات تتهم من يقولون نعم بانهم خانوا الثورة وهو كلام جد خطير .

ان الندوات التي نظمها الاسلاميين كان بها قدر كبير من قبول الاخر اما الندوات التي نظمها الليبراليين فقد كان بها قدرا كبيرا من التمترس حول الذات ومحاولة تسفيه راي الاخر والهجوم عليه بل واتهامه بالعماله للنظام البائد .

انه اذا كان هناك من الاسلاميين من اخطا وادعا ان من يقول نعم واجب شرعي فانه هناك من العلمانيين من اخطا ايضا باتهام من قالوا نعم بانهم خونة واغبياء ومش فاهمين حاجه .

في كل لم اكن سعيدا وسط اخواني العلمانيين وسوف اكون اسعد اذا قاموا بابداء قدرا اكبر من المرونة مع اخوانهم الاسلاميين وليعلم الجميع ان هذه الثورة صنعها الكل ولا فضل لاحد على اخر فيها ، فاذا كان العلمانيين من فجر الثورة فان الاسلاميين هم من حموها ، واذا كان العلمانيين هم من اطلق الشرارة فان الاسلاميين هم من اشعلوها لتكون نارا على اعدائها ونورا على ابناءها .

اننا ادعو كل المصريين الى الذهاب الى صناديق الاقتراع يوم السبت القادم 19/3/2011 لابداء رايهم ايا كان هذا الراي دون تسفيه او تخوين او تكفير لراي الاخر مهما كان هذا الراي فالجميع يحبون مصر والجميع حريصين على نهضتها وعزتها مهما حاول المغرضون الايقاع بين ابناء الوطن الواحد .

السبت، 12 مارس 2011

لماذا نعم للتعديلات الدستورية المؤقتة؟

أولا: لأنها مؤقتة حيث تلك التعديلات لن تكون دائمة هي فقط تمهد لبناء مؤسسات منتخبة تقوم بإدارة عملية الانتقال السلمي للسلطة حيث تنص المادة 189 مكرر علي إلزام مجلسي الشعب والشوري التاليين لهذا الاستفتاء في خلال ستة أشهر من انتخاب المجلسين بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد

 

ثانيا : ضرورة إنهاء الوضع الاستثنائي القائم حالياً متمثلا في استمرار المجلس العسكري في السلطة تاركاً مهامه الاصلية معطلة ومحملاً عبئاً ثقيلا علي اخواننا ضباط وصف وجنود القوات المسلحة ، وكذلك يحمل  مؤشراً ولو نفسياً لحالة من عدم الاستقرار في البلاد

 

ثالثا : ان تسليم السلطة الي حكومة مدنية منتخبة في أسرع وقت ممكن هو أهم الأولويات العاجلة لحماية الثورة من مآل يوليو 1952 عندما تكرر مشهد مماثل حيث كان قادة الحركة من ضباط الجيش يصرون علي اجراء انتخابات في غضون ستة أشهر وكان رئيس الحكومة المدنية علي ماهر يرغب في التأجيل لعامين وكان وقتها هو وسليمان حافظ والسنهوري وأخرون يتخوفون من أن إجراء انتخابات سريعه سوف يأتي بحزب الوفد !! وتعلمون أنه بعد ذلك أجلت الانتخابات النزيهه ستون عاما

 

رابعاً : هناك تخوف موهوم من أن تفرز الانتخابات القادمة تيارات غير ديمقراطية ويذكر عادة بالاسم الحزب الوطني أو جماعة الاخوان المسلمين ، أما عن الحزب الوطني فلا يمكن بمنطق عقلي بسيط أن يفوز في انتخابات حرة نزيهه فعلي مدي عقود كان فيها هذا الحزب يملك السلطة كاملة ويحتل البلاد شرقها وغربها أرضها وماءها لم يقنع الناس بانتخابه ولجأ الي التزوير الكامل لارادتهم فمن غير المعقول أن نتوهم انه من الممكن أن يحصل علي حصة أقلية معتبرة من المقاعد فضلا عن حصوله علي أغلبية بافتراض أنه نجا من الحل في القضية المنظورة حاليا أمام القضاء الاداري ، أما الإخوان فبالاضافة الي اعترافهم في كل أدبياتهم السياسية بقبول الالية الديمقراطية في العمل السياسي أوضحوا علي مستويات مختلفة أنهم سوف ينافسون علي ثلاثين في المائه فقط من المقاعد وذلك حسب اسبابهم انهم يرون ان السلطة في الوقت الحالي مغرم لا مغنم وكذلك يريدون ان يوجهوا رسالة طمأنينة للأخر في الداخل والخارج وأنهم يحتاجون الي وقت لتحسين صورتهم المشوهة علي مدي الستين عاما الماضية

 

خامساً : البعض يتحدث عن سقوط الدستور الحالي وعمليات ترقيع وأوضاع غير دستورية وتلك مقولات تشبه العناوين البراقة ولا ترقي الي أي تطبيق عملي فنحن نقر بأن الدستور الحالي ساقط ويجب وضع دستور جديد وهذا ما نفعله الان كما أوضحت في البند أولا ، حيث تلك الطريقة التي من خلالها نضع دستوراً جديدا يحتاج الي وقت للجدل حوله ليعبر عن صراع وتوافق القوي السياسية في مجتمع مغلق منذ ستين عاما ولا أحد يعرف علي وجه الترجيح الأوزان المختلفة لمختلف التيارات السياسية فيه.

 

سادساً : البعض يتحدث عن عدم جاهزية والقوي السياسية التي تشكلت مع الثورة لخوض انتخابات الآن ، وهذا تخوف غريب حقا حيث الآن والآن فقط تملك هذه القوي الوطنية زخم لا نظير له ربما يذبل بعد عام او اثنين بعد ان تتمكن قوي النظام السابق من جمع شتاتها وتجميل حروقها ، ولكم ان تتخيلوا أن صفحة كلنا خالد سعيد أحد مفجري الثورة عدد مشتركيها تجاوز المليون ، ولنا أن نقول ان هناك أحزاب قائمة منذ ما يقرب من أربعين عاماً لم تكن يوما جاهزة للمنافسة ولن تكون جاهزة ابدا وإذا اردنا انتظارهم سوف ننتظر قرون وليس عقود

 

سابعاً : هذه التعديلات سوف تمكننا من اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهه تحت اشراف قضائي كامل وتمكن القضاء من الفصل في طعون الانتخابات باحكام ملزمة وتفتح فرص الترشح لمنصب رئيس الجمهورية والذي كان حكرا علي الحزب الحاكم وتقصر فترة رئيس الجمهورية علي أربع سنوات ويعاد انتخابه مرة واحدة فقط ثم تلزم المجلسين بالعمل علي وضع دستور جديد للبلاد وهذه التعديلات كلها ضمن المطالب الوطنية لسنوات مضت

 

إن المسألة تحتاج فقط الي كثير من الثقة بالنفس في أننا عندما نختار سوف نختار بطريقة صحيحة لنا أن نسترجع تلك الأوهام التي سقطت تحت اقدام الثوار من تخاذل الشعب ومواته وانعدام وعيه وعدم قدرته علي تنظيم صفوفه كما سقطت تلك الاوهام والتي كانت مسلمات سوف تسقط امام صناديق الاقتراع الشفافة كل أوهام الخائفين من قرار الشعب

 

إننا اذا رفضنا تلك التعديلات فإنما بذلك نطيل أمد الخطوة الاولي لبناء دولتنا ونعرض ثورتنا لتغيرات في النفوس والصفوف ولعل ما تابعناه من فتن ومؤامرات خلال الايام الماضيه ينبهنا الي ذللك الخطر الكامن في عنصر الوقت

 

فلنقل نعم للتعديلات الدستورية ليس كدستور نهائي ينهي الحالة الثورية بل كخطوة علي طريق بناء مصر الجديدة في ظل بقاء هذه الحالة الثورية رقيباً وضابطاً علي المؤسسات ولنتحمل مسؤليتنا في التوعية بها والدعوة اليها

الأربعاء، 9 مارس 2011

في توابع الثورة المصرية ..... نسامح ولا ننسى

تعيش مصر هذه الايام آلام ما بعد الولادة وهناك حرص من جانب عموم المصريين على ان تمر هذه المرحلة بسلام وخاصة بعد قدوم مولود جديد وهو بالفعل يستحق تحمل آلام ما بعد الولادة ، فهو مصري تندمج فيه الاصالة مع المعاصرة ، وهو مصري تذوب فيه الخلافات الطائفية ، وهو مصري تتحطم فيه الحدود الطبقية الاقتصادية منها والاجتماعية ، وهو ايضا مصري شديد العزم كالرجل ولكنه رقيق الحس كالمراة ،وهو اخيرا مصري بحكمة الكهول وحيوية الشباب . تحطمت كل الحدود وتجسرت الفجوة بين كل الفئات والطوائف والاجيال واصبحنا نستشعر جميعا اننا في وطن واحد به قلب ينبض وروج وثابة للحياة والعمل والانجاز .
ومع ذلك فان آلام ما بعد الولادة هذه غالبا ما تسبب بعض المشاكل لهذا الوليد العظيم فألم الام لا يستطيع المولود ان لا يتاثر به فهو منها وهي منه . ولكن الام قادرة على ان تتعافي فهي تحملت الكثير ويجب عليها ايضا ان تتحمل الاكثر حتى تصل بوليدها الى بر الامان والسلام . ونقصد بالام ما بعد الولادة هنا هو هذه المشاكل المختلفة التي تظهر بين الفينة والاخري لتشغل الراي العام وتوجه وجهته الى غير الوجهه التي من المفترض انه قابع على انجازها ، فلا يمر يوم على مصر المحروسه الان الا ونسمع عن خلافات بين مؤيدين للثورة ومعارضين لها ، او حتى بين مؤيدين للثورة ومؤيدين جدد لها فما ان ننتهي من مشكلة ما حتى تظهر اخري وكأن لسان حال المجتمع يقول ان دليل حيويتي هي تلك المشاكل التي انتجها كل يوم ، ولكن امرا من ذلك لا يؤشر ابدا لحيوية لكنه يؤشر لامراض اجتماعية ينبغي محاصرتها بسرعة. والغريب في الامر ان معظم هذه المشاكل يثيرها من كان في يوم من الايام حملة مشاعل النظام البائد.
فهذه اعتراضات طائفية تم التضخيم منها وظهرت بالشكل الذي يعطي انطباعا انها الاضخم في تاريخ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ، ولكن ومع ذلك فان تعامل بحكمة تم مع هؤلاء الذين كانت اصواتهم تعلو على كل الاصوات المؤيدة للنظام البائد والداعية للاستقرار الذي هو في قاموسهم يرادف الاذعان والطاعة لنظام هو بكل المقاييس الافسد في تاريخ مصر .
ولم يقتصر الامر على هؤلاء فقط بل امتد ليشمل قوى الشرطة والتي يبدو انها لديها الرغبة في قلب الآية بدلا من ان يقدموا الاعتذار للمواطنين على سنين من الاستبداد والاذلال والافساد تعرض لها هذا الشعب على يد هذا الجهاز . فما ان نفرغ من غيابهم عن الشارع ( في رايي هو غياب غير محسوس المخاطر نتيجة لعدم تعود الشعب اصلا على وجود جهاز يضمن الامن الفعلي لهم ) حتى تنفجر فضائحهم ورغباتهم في الايقاع بين ابناء الشعب الواحد من خلال قيامهم بدفع جموع الغاضبين لاقتحام مقارهم والاستيلاء على ما فيها بعد ان قاموا بالتخلص من معظم الاوراق التي تدينهم وتركهم للاوراق التي تدين فئات الشعب بعضها البعض ، فهذا اعلامي مدلس واخر صحفي عمل لحسابهم كمرشد وثالث استاذ جامعي فاسد ، ورابع رجل اعمال راشي ومرتشي ، وخامس وسادس وسابع ، وبدلا من ان ننتبه لوطننا ونحاول اصلاحه والنهوض به يتحول الامر الى ما يشبه التفتيش في النفوس ليس ذلك فقط بل اصبح اتهام التخوين سلاحا يتم اشهاره في وجه الجميع في اي وقت وكل وقت وكل شئ بالمستندات والوئائق التي تركها هؤلاء عامدين متعمدين .
وامتدت آلام ما بعد الولاده هذه لتصل الى فئات الموظفين والعمال ، الذين استيقظوا فجاة ليروا ثورة وقد انجزت فقرروا المطالبة بمساواتهم في الاجور وتحقيق امتيازات لهم لم يكونوا ليحلمون بها في ظل النظام الذي ارتضوا به في السابق واوصلهم الى ما هم يحاولون تغييره الان وكان الثورة هي من فعلت بهم ذلك . واصبحت لغة الحقد والكراهية لكل شئ والرغبة في هدم كل شئ سائدة بينهم وكان لسان حالهم يقول " اخطف واجري" من ثورة كانت تزأر في شوراع مصر وكان هم يرددون بعد كل قرار من جانب النظام البائد مهما كان تواضعه كلمة "كفاية كده وخلينا نشوف"
ومع ذلك دعونا الان نبحث عن حل في العلاقة بين قوي المجتمع المختلفة من مشاكل طائفية وامنية وفئوية . وذلك حتى لا نترك السفينة لقوى الجهل هذه تديرها لتعيد عقارب الساعة الى الوراء .ولتكن دعوة لنا جميعا الى التسامح ، وهذا ما فعله المناضل الاكبر نلسون مانديلا بعد اكثرمن اربعين عاما في سجون جنوب افريقيا ، فقد اطلق فور استتباب الامر له شعاره العظيم "نسامح..لكن..لا ننسى"..هذا الشعار كنت أحسبه..
فالحقد والغل يبقى في الصدر..حتى وإن كانت هناك مسامحة..لأن قيمة المسامحة..تكمن في الأمور التي لا تنسى فعلاً..أما إذا كانت المسامحة في أمر نسي بعد حدوثه..فهذا امتهان للمسامحة..فما فائدة المسامحة هنا..هل للاستعراض ليس إلا!!فنحن نسامح ولا ننسى وذلك رغبة في احترام للنفس وللآخرين وخلق توازن لا بد منه لنظل واقفين .فمن خانني مرة ، أسامحه ، لكن لن أثق فيه مرة أخرى ومن كذب علي مرة ، أسامحه ، لكن لن أصدقه مرة أخرى ولا أنسى ، لا تعني الانتقام ، ولكن تعني أنني لن أهيء الظروف مرة أخرى لحدوث الخطأ .نسامح ولكن لا ننسى حتى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. ولتبقي روح الثورة وثابة كما ولدت من اجل مجتمع يتسع للجميع ويمارس حرياته فيه الجميع .

الخميس، 17 فبراير 2011

جهاز الشرطة المصري .... كان صرحا من خيال فهوي

لم يكن لعاقل ان يتصور ان جهاز الشرطة المصري سوف تتساقط اوراقه بهذه السرعة بل ان اكثر المتفائلين لهذه الثورة توقع نجاحها لكن بعد ان تكون قد قدمت اكثر من الف شهيد على الاقل وعشرون الفا من الجرحي باعتبار ان هذه الثورة كانت ستواجه جيشا جرارا من رجال الشرطة وقوات الامن المركزي عرف عنه عالميا انه الاكبر كما في العالم حيث انه هو الجهاز الاول الذي يفوق في تعداد افراده والعاملين فيه من جنود وامناء شرطة وضباط عدد الجيش الوطني المصري النظامي ففي اخر احصاءات اشارت الى ان عددهم تجاوز السبعمائة وخمسون الفا بالمقارنة بقوات الجيش البالغة ربعمائة وخمسون الفا فقط ، ليس هذا فقط بل ان هذا العدد ( عدد رجال الشرطة ) يفوق في تعداده عدد قوات الامن الداخلي لدول الاتحاد الاوربي ال25 مجتمعه ، وهو شئ يدعو الى التعجب والاندهاش فكيف بدولة المفترض انها خاضت حروبا كثيرة قبل ذلك والمفترض انها في بيئة اقليمية غير مستقرة ان يكون عدد افراد جيشها اقل عددا من افراد قوات امنها الداخلي ، الا اذا كان الشعب لمصري يشكل تهديدا لامن الدولة اكبر من التهديد الذي قد تشكله دولة اسرائيل على الامن المصري القومي ، بل ان الصادم فعلا للمهموم بالشان المصري ان يعرف ان هذه العدد لا يشمل عدد افراد قوات الامن المركزي وهم عبارة عن مجموعة من المجندين المفترض فيهم تامين حدود الوطن الخارجية الا ان النظام البائد ابى ان يوجههم هذه الوجهة الشريفة واصر على الاستعانه بهم لخدمة اغراض الشرطة الغير شريفة ، وقد تضخم هذه العدد ليصل الى اكثر من مليون فرد(تصوروا ) اي ان مجموع عدد افراد الشرطة وقوات الامن المركزي يقترب من الاثنان مليون فرد ، اليس ذلك مدعاه للدهشة والذهول ايضا ان تسخر دولة كاملة حوالي 2 مليون شخص لتامين الجبهة الداخلية على حد قولهم ، ولكن هل امنت هذه الجبهة ؟

المتابع للشان المصري الداخلي قبل قيام الثورة يستطيع ان يرى ان هذا الجهاز لم يكن له اي صلة بالنراعات الشعبية الداخلية من سرقة وقتل ومشاجرات وخلافه بل انه عرف عنه انه لا يات الا بعد انتهاء المعركة ، ولكل افراد الشعب المصري خبرات كثيفة وقصص طويلة عن ازمات تعرضوا لها سرقة وقتل ومشاجرات ولم يجدوا فيها من يحميهم او يدافع عنهم بل ان الامر المثير انهم كانوا قبل وصولهم يطمانوا اولا بانتهاء الشجار او برحيل القاتل او حتى بمغادرة السارق للمكان الذي سرق منه ( ان اتوا اصلا )، اما عن المخدرات فان ما يضبط منها هو بالكاد اقل من عشر ما يدخل منها البلاد وبافتراض انه تم ضبط كميات معينة منها نتيجة لرغبة لاثبات الذات او حتى تصفية حسابات مع بعض تجار المخدرات فان ما يحدث عقب ذلك هو فقط اثبات الجريمة من خلال كمية معينة يتركوها للنيابة العامة لتحقق فيها والباقي يقوم رجال الشرطة بتوزيعها على انفسهم كنوع من المجاملات الاجتماعية والمتداخل مع فئات الشعب المصري المختلفة له ان يلحظ ان اكبر كميات من نبات البانجو والحشيش توزع في افراح واحتفالات رجال الشرطة وخاصة امناء الشرطة. وهذه الفئة الاخيرة تحديدا هم من ابطال تنظيم حالة المرور في مصر ، فيكفي فقط ان تسير بسيارتك او باي وسيلة مواصلات عامة او خاصة لتكتشف بنفسك كم الرشوة والفساد التي تورط فيها هؤلاء الرجال والتي رصدتها بعض الكاميرات الخاصة ونشرتها على العديد من المواقع والشبكات الاجتماعية الاليكترونية ( الفيس بوك ، اليوتيوب ، التويتر .... الخ ) ولكن احقاقا للحق فانه في الفترة الاخيرة وعندما فاحت الرائحة بشكل ازكم الانوف كثيرا عند المواطن العادي وقليلا عند قيادات رجال الشرطة ، تحول هؤلاء من تلقي رشاوي مباشرة الى تلقي رشاوي غير مباشرة ( كروت شحن هواتف محملة ، سجائر ، وجبات غذائية ...... الخ ) واستمر هذا الوضع المستفز والمقيت حتى قامت الثورة العظيمة في 25 يناير ، لتقضي بصرخات مدوية على صرح من خيال ، هوى في اربع ساعات ( من الساعة الواحدة ظهر يوم جمعة الغضب الموافق الثامن والعشرون من يناير ، حتى الخامسة عصر ذات اليوم ، موعد اعلان نزول الجيش في شوارع محافظات القاهرة والاسكندرية والسويس .

الا ان المثير للفكاهة ان يخرج الان بعض افراد رجال الشرطة ليقولوا "اننا رفضنا اوامر بفتح الرصاص الحي على المتظاهرين لانهم اخوة لنا وابناء واباء" وهو كلام لو تعلمون عبيط . لان من يقول ذلك يفترض اولا في نفسه القدرة على هذا الفعل اي فتح الرصاص الحي ، ويفترض ثانيا ايضا انه لم يفعل ذلك البتة ، ويفترض ثالثا ان الشهداء الذين تجاوزوا الخمسمائة والمصابين الذين تجاوزوا الخمسة الاف قتلوا خطا او بنيران صديقة من جانب رفقائهم المتظاهرين . ان امرا كهذا ينبغي الا يؤخذ بسطحية وتبسط ، فالذين واجهوا المتظاهرين بكل قسوة في شوارع القاهرة والمحافظات الاخرى كانوا رجال الشرطة ، والذين لقنوهم درسا لن ينسوه ابدا الدهر هم الثوار ومن خبرة ذاتية اقول اننا ووجهنا بخمسة عربات امن مركزي وسيارتان مدرعتان في نهاية المعركة كانت الحصيلة هو هروب عربة مصفحة والسيطرة على اخرى وتدمير ثلاث عربات امن مركزي والسيطرة على اثنان ، وما حدث معي حدث في كل المواقع التي واجهت فيها الشرطة المتظاهرين العزل واؤكد على العزل لان من قاموا بمواجهة الشرطة لم يكن معهم الا سواعدهم الفتية وروحهم الوثابة للثورة ، وحبهم للموت كما يحب رجال الشرطة الحياة ، وبالتالي فلا مجال لقول بانهم رفضوا فتح الرصاص بل قل لم يكن لديهم القدرة على الاستمرار في فتح الرصاص الحي على الثوار ، نتيجة لتساقطهم امام الزحف العظيم لهؤلاء الشرفاء المجاهدين . كما لا يجوز الادعاء بانهم رفضوا تنفيذ اوامر لان في هذا اليوم تحديدا انقطعت الاتصالات عن كل من هو موجود في مصر المحروسة من رجال شرطة وثوار باعتراف رجال الشرطة انفسهم وبالتالي فان الاوامر كانت لديهم قبل ان تقوم الثورة ذاتها بفتح الرصاص على المتظاهرين ، ليس ذلك فقط بل ان عشرات الشهداء قد سقط امام مبنى وزارة الداخلية العظيم الموجود في شارع الشيخ ريحان في قلب القاهرة من قناصة وجدوا داخله .

ومع ذلك فانني لا اهدف ابدا مما اقول صب الزيت على النار في العلاقة بين رجال الشرطة والمواطنون فلا مناص من التصالح بين الطرفين ولكن هذا الصلح لا يتم الا بشروط ، اولها هو الاعتذار الواضح والصريح والذي لا لبس فيه من جانب رجال الشرطة للمواطنين ، ليس عما حدث في ايام الثورة الاولى فقط ولكن عما حدث في تاريخ وزارة الداخلية منذ تولي الوزير السابق حبيب عادلي ، على ان يكون هذا الاعتذار على لسان رمز وزارة الداخلية الان وهو وزيرها الحالي الذي تشير المعلومات المبدئية الى انه من رجال الشرطة الشرفاء عن حق هذه المرة ، والاعتذار يحمل في معناه النية بعدم العودة الى السلوكيات التي مورست في السابق ، وثانيا ان يترافق مع ذلك رغبة من جانب النظام السياسي الجديد في وضع قوانين ولوائح تنظم عمل جهاز الشرطة بالشكل الذي يضمن التنفيذ الفعلي لشعارهم الجديد القديم ( الشرطة في خدمة الشعب ) عند ذلك وذلك فقط من الممكن ان نتحدث عن صفحة جديدة في العلاقة بين رجال الشرطة والشعب المصري .

الأربعاء، 19 يناير 2011

نعم ستصبح دول الساحل والصحراء قاعدة لتنظيم القاعدة لو اقتصر التعامل معها على الشق الامني فقط


صدر عن معهد كارنيجي للسلام دراسة عن تنظيم القاعدة في دول المغرب العربي للكاتب الفرنسي الاشهر جان بيير فيليو:الاستاذ في معهد باريس للدراسات السياسية والتي راي فيها اهمية وحتمية التعامل الامني مع تنامي جماعات الاسلام السياسي المسلح في دول المغرب العربي وذلك من خلال التعاون مع الانظمة السياسية في هذه المنطقة على ن يكون النعاون حذر وغير ظاهر حتى لا يكون ذلك زريعة للهجوم على تلك الانظمة بحجة تحالفها مع الغرب الكافر ،وفي القراءة المتفحصة لهذه الورقة قد يخرج القارئ باستنتاج انك امام خبير امني يحاول ان يدير معركة عسكرية بهدف اخضاع العدو دون النظر الي اية اسباب موضوعية اخرى من الممكن القضاء على العدو فيها دون اللجوء الى الحسم العسكري . ولكن بالاقتراب اكثر مش شخصية الكاتب نجد انه استاذ علوم سياسية في معهد باريس للدراسات السياسية ، وعمل كأستاذ زائر بجامعة جورج تاون وقد منح معهد التاريخ الفرنسي جائزته الرئيسية لكتابه "أحداث النهاية في الإسلام" وبالتالي فانه من المفترض انه كاتب يتمتع برؤية شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية ولكن ما سطره في هذه الورقة يكاد يكون رؤية مخابراتية امنية ركزت على كيفية المواجهة الامنية لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء دون أي التفات الي لماذا نشا هذا التنظيم ، ولا الحديث عن لماذا كانت هذه التنظيمات في الاساس . وذلك رغم تنويهاته البسيطه في هذا لاتجاه والتي لا ترتقي ابدا الى حجم الكارثة التي تعاني منها دول هذه المنطقة وادت الى ان تتحول الى مثير جاذب لفلول الجراد الهارب من التضييق عليه في افغانستان والعراق واليمن ، وغيره من مناطق الصراعات كنوع من الانسحاب التكتيكي الذي لا يلبس ان ينظم صفوفه ويعود اكثر قوة وشراسة
ان المطلوب في التعامل مع تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المسلحة ليس المواجهة الامنية فعشران السنين من المواجهات مع هذه التنظيمات اثبتت عدم جدواها وانهم يتلقون الضربات تلو الضربات فلا يزيدهم ذلك الا اصرارا وعنادا ، بل واتساعا ، ولعل في التجربة العراقية واستمرار التوتر والعنف فيها حتى الان لدليل على محدودية الحل الامني في القضاء على ظاهرة بحجم ظاهرة العنف الاسلامي المسلح . والغريب في الامر ان الكاتب يخرج علينا بفكرة يبدو انه يعتقد انها الحل الامثل لعدم تكرار تجربة افغانستان والعراق حيث يقول في ختام مقالته ان من شأن استفزاز "العدو البعيد" والتحريض على تدخل أمريكي أو أوروبي مباشر، أن يخلقا بيئة تمكن القاعدة في المغرب الإسلامي من الصمود والتوسع.وبالتالي فإن حكومات منطقة الساحل يمكنها منع القاعدة من ترسيخ وجودها في منطقتها كما فعلت في أفغانستان، إذا ما تعاونت وكانت جهات فاعلة أساسية، في الوقت الذي تتلقى فيه الدعم الدولي الحذر.
فقد تناسى الكاتب ان هذه التنظيمات تستمد استمراريتها وقدرتها على تقويه ضرباتها من الترسيخ في الاذهان ان العدو الغربي هو المستهدف وهو الداعم لهذه الانظمة المحلية التي ذاقته العذاب بسبب دعم الغرب عموما لهم والولايات المتحدة واسرائيل لهذه الانظمة . فالقضية لم تعد قضية دعم مباشر او غير مباشر فقد اثبتت الاحداث ان الامر لا يتعلق بشكل الدعم ولكنه يتعلق بادراك هذه التنظيمات ذاتها لوجود الدور الغربي من عدمه .
وهو ما سطره ما يسمي الشيخ ابو مسلم الجزائري في رسالة له نشرها على احد المدونات حيث يقول إنّ الخطّة الأمنية الّتي يصبوا إليها الأعداء هي بمثابة البديل لخطّة بوش بإنشاء قاعدة أمريكية " أفريكوم " في الصحراء ، و بعد الضربات الموجعة الّتي نالت النظام الأمريكي و حلفائه و الخسائر الإقتصادية الكبيرة الّتي مُنيت به هذه الدولة الصهيونية و مجيء أوباما و تخوّف أنظمة المنطقة من تزايد عدد المجاهدين إن هم أقدموا على السماح بوجود هذه القاعدة الأمريكية ، كلّ ذلك جعل العدوّ يفكّر في إستراتجية جديدة ، و هي أن تتولّى أنظمة المنطقة بهذه المهمّة برعاية المجموعة الدّولية و على رأسها أمريكا ، مع العلم أنّ مهام القاعدة الأمريكية أفريكوم هي موجودة في الواقع العسكري حيث إختارت أمريكا شتوتغارت الألمانية مقرّا مؤقّتا لها .
ويعدد ابو مسلم الدور الغير مباشر الذي تتبناه الدول الغربية في دعمها للانظمة المحلية في المنطقة وكانه يقرا فكر جان بيير فيليو ولكن قبل ان يسطره بشهرين حيث نشرت هذه المقالة في 23 مارس 2010 ، وهو الامر الذي نرى ان أي استراتيجية امنية فقط في التعامل مع التنظيمات الاسلامية المسلحة ثبت فشلها او على الاقل عدم جدواها علىا لامد البعيد .
ان الدور الغربي يبدو انه يفقد بوصلته لصالح افكار وسياسات تغلب الجانب الامني على غيره من الجوانب فاذا اقتربنا من الصورة بشكل واضح ودقيق من الظروف التي نشات وترعرعت فيها الحركات الاسلامية عموما والمسلحه منها خصوصا نستطيع ان نحددها في اربعة نماذج :
الاولي :دول بها صراعات بمعناها الشامل
حيث الصدامات القبلية او الدينية او العرقية ، ولعل النموذج الاكثر وضوحا لنا في هذه المنطقة هو نزاع الصحراء بين المغرب والجزائر التي تدعم البولساريو، وهناك توتر في حالة كمون في جنوب موريتانيا بين القبائل الافريقية والعربية. وما تزال هناك خلافات بين حكومة السنغال والانفصاليين في كاسامانس على الرغم من توقيع اتفاقية سلام بين الجانبين حيث تعارض ثلاثة فصائل متمرده في حركة كاسامانس على الأقل خطوة توقيع اتفاق السلام. وكانت حركة القوى الديموقراطية لكاسامانس بدأت تمردا مسلحا منذ عام 1982 أسفر عن مقتل أكثر من 3500 شخص. وفي النيجر يوجد توتر بين قبائل عرب المحاميد الذين يبلغ تعدادهم 150 ألف شخص وباقي قبائل النيجر، وكانت النيجر قد قررت ابعاد هذه القبائل الى تشاد مما خلق توترا في شرق البلاد. وفي تشاد هناك جماعات متمردة على حكومة انجامينا ولها قواعد قرب الحدود السودانية التشادية، وأخيراً تبادلت الخرطوم وانجامينا الاتهامات حول هذا الموضوع. أما النزاع الاكثر تعقيداً هو بالتأكيد الذي يوجد بين الطوارق والعرب وحكومة مالي، حيث يخوض التنظيم المسلح لقبائل الطوارق والتي تسمى «حركة التحالف من أجل التغيير» حرباً تهدأ وتتصاعد. وقد راهنت القاعدة على هذا النزاع من أجل استثماره خاصة قبائل الطوارق وتعدادها ثلاثة ملايين منتشرة في دول الساحل حيث توجد في مالي والنيجر وبوركينافاسو وليبيا والجزائر. وهكذا فان القاعدة في نشاطها في هذه المنطقة تعتبرها عمقا استراتيجيا تستطيع من خلاله تنظيم صفوفها عسكريا ، ودعم وضعها المادي الذي تاثر بتعدد الجبهات التي تخوضها القاعدة . حيث تتاجر في هذه المنطقة في السلاح والتهريب سواء البشر او المخدرات .
الثانية :دول تعاني من ضعف وضعها الاقتصادي
تعاني العديد من دول هذه المنطقة من ضعف هياكلها الاقتصادية فدول هذه المنطقة تتسم بتفاوت المستوى والاداء الاقتصادي فبلدان الساحل هي من بين الأكثر فقرا في العالم. ويبلغ نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي السنوي 1042 دولار أمريكي في موريتانيا، و 657 دولارا في مالي، و 390 دولارا في النيجر، التي تحتل المرتبة الأخيرة بين 182 دولة في تصنيف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية. (لا تتدبر موريتانيا ولا مالي أمورهما بشكل أفضل، إذ تحتل موريتانيا المرتبة 154 ومالي المرتبة 178). ويمكن للقاعدة في المغرب الإسلامي أن تتحمل القيام بأنشطة حرب عصابات خفيفة في مثل هذه البيئة، فقط لأن الشراكة في الجريمة توفر تدفقا مستمرا للمجندين، مهما كان التزامهم الجهادي ضئيلا. كما ان هناك تفاوت يحدث بين اقتصاديات تتسم بالضعف الشديد اساسا ومن ثم يصعب احداث نمو اقتصادي حققيقي بها كما ان عملية التبادل والتجارة البينية وفقا لذلك ربما تكون نتيجتها ايضا سلبية اكثر منها ايجابية.بالاضافة الى ذلك فان هناك ضعف عام في الاستثمارات الموجهه لهذه الدول ومعظم دول هذه المنطقة من الدول المدينة والفقيرة .
ثالثا :دول تعاني من ازمة ديمقراطية
في مقالته المدعمه بالعديد من الارقام والمعلومات والتخليلات ايضا لم يكلف الكاتب نفسه بالاقتراب من قضية الديمقراطية في هذه المنطقة واكتفي فقط بالعروج عليها سريعا والاستعانة بامثلة تناقض نفسها احيانا ومنزوعه من سياقها احيانا اخرى فعلى سبيل يتحدث الكاتب عن تجربة الديمقراطية في مالي كدليل على ان القاعدة تشكل تهديدا امنيا وليس سياسيا فاعمال العنف في مالي من جانب تنظيم القاعدة لم تتوقف رغم الديمقارطية الموجوده في هذا البلد كما انها لم تتوقف في موريتانيا التي انقلب على نظامها الديمقراطي الجيش واجهض التجربة هناك وتناسى جان بيير فيليو الأستاذ في معهد باريس للدراسات السياسية ان أي ازمة توجد في أي مجتمع هي نتاج مجموعة من الاسباب السايسي منها والاقتصادي والاجتماعي ، كما اننا لا نستطيع ان ننتزع أي دولة من البيئة الخارجية المحيطه بها واذا عرفنا ان البيئة المحيطة بمالي محاصرة بنواعات قبلية وصراعات حدودية وعدم استقرار سياسي وانقلابات عسكرية سواء في موريتانيا او النيجر او حتى السنغال بل ان ازمة الطوارق التي يدعي الكاتب انه تم الانتهاء منها تمتد الى اكثر من دولة في المنطقة مثل ليبيا والنيجر وموريتانيا وبوركينافاسو . وحتى لو افترضنا ان الديمقراطية هيالمدخل للتعامل مع هذا النوع من الازمات المعقدة (ازمة العنف الاسلامي )فان الديمقراطية الوليده في مالي والتي بدات في عام 2002 لم تتجذر بعد بالشكل الذي يستطيع ان يواجه هذا النوع من التنظيمات المسلحة المحترفة .
ان امرا بهذا التعقيد لخصة السيد سوميلو بوبيي مايجا وهو وزير دفاع سابق في مالي يعمل الآن مستشارا أمنيا، في قوله " إن قوة تنظيم القاعدة تستمد من ضعف الدول، كونها تفكر في استمرارها السياسي بدلا من الاستراتيجية" وهذه المقولة رغم بساطتها فانها تلخص الى حد كبير ما وصل اليه وضع هذه الانظمة وقدرتها على مواجهة تنظيم القاعدة . الذي يعتقد الكاتب انه لن يتاتي مواجهته مواجهة فعالي الا بوجود نظام ديمقراطي قوي يستطيع ان يجسر الفجوة بين الشعب وبين الحكومة .
بل ان المتابع لما كتبه جان بيير فيليو يلحظ هذا التناقض في ربطه بين الديمقراطية وتنظيم القاعدة فهو اما مالمثال المالي الذي يبدو انه يعطيه اكبر من حجمه يضرب العديد من الامثلة التي تؤيد عكس وجهة نظره في العلاقة بين الديمقراطية ونشاطية تنظيم القاعدة ففي موريتانيا يتحدث الكاتب ن هذا الانقلاب الذي اطاح بالسلطة الديمقراطية في موريتانيا وتولي الجنرال عبد العزيز في اغسطسط عام 2008 . ويعرج على النيجر التي عزم رئيسها تانجا على البقاء فيالسلطة بعد انتهاء فترة ولايته . الامر الذي مهد الطريق امام انقلاب عسكري . واستمر مسلسل الانقلابات والانظمة الدكتاتورية التي لم تسلم هذه المنطقة منها . واذا عرجنا على الاوضاع الديمقراطية في دول هذه المنطقة سنجد العديد من الامثلة على هذه الانظمة التي لا هم لها الا الاستمرار في السلطة مهما كانت التضحيات فهذا رئيس تشاد الذي تحدث جدا عن رغبته على بناء خندق يحيط بالعاصمه تحميها من المتمردين وكان الدولة اختصرت في العاصمة وبالطبع اختصرت العاصمة في القصر الرئاسي ، ودولة اخرى تعتمد في ديمقراطيتها على عمل انقلاب في ذات مفهوم الديمقراطية نفسه بحيث يفرغه من مضمونها ،وتلك الغت نتائج الانتخابات عندما لم تستهوي فئة عريضة من الفاسدين في نخبتها الحاكمة .

رابعا : دول لديها صعوبة في بسط سيطرتها على كامل اراضيها
لا شك ان دول المنطقة ليس منطقة دول الساحل فقط ولكن المنطقة الافريقية عموما هي دول حديثة بالمعني التاريحي للكلمة ، وبالتالي فقد رسم حدودها ووضع القوانين المنظمة لشئونها الاحتلال فرغم ان الاحتلال قد وضع في اعتباره بعض الامورالمتعلقة بالتوازنات القبلية الا انه لم يستطع ان يحل المشكلة حلا كاملا فقسم دول بالشكل الذي اخل في حدودها جزء من قبيلة وترك باقيالقبيلة في دولة اخرى ، او اعطي لدولة جزء من الاراضي الشاسعة التي يصعب على انظمة تقليدية مثل الانظمة الموجوده في افريقيا التعامل مع هذه المساحات الشاسعه ، وهذه هو وضع العديد من الدول الافريقية مثل السودان ونيجريا وليبيا والجزائر ، الامر الذي افقدها القدرة على السيطرة على حركة الدخول والخروج عبر اراضيها وهو امر لا شك كان مبررا لنشاطية الحركاتالجهادية في هذه المنطقة وتعاطيها مع التوازنات والخلافات القبلية القبلية وهو امر اعتقد انه من الصعب التعامل معه بسهوله الا من خلال وجود دولة مركزية قوية تستطيع ان تبسط نفوذها على كامل ترابها الوطني . وبالتالي فان جزءا اساسيا من قضية اعادة تنظيم القاعدة لانتشاره في المنطقة يرجع الى ضعف الدولة المركزية ذاته. وبالتالي الحاجه الى رؤية شاملة للتعامل مع هذه الدول الكبيرة حجما الصغيرة قدرة على بسط سيطرتها ونفوذها على هذاالحجم .
واخيرا فانه من الاهمية ان يختلف التعامل الغربي مع هذا النوع من المشكلات وان يتعلم من اخطائه التي ارتكبها في السابق سواء في العراق او افغانستان او الصومال او حتى ايران ، فالتعامل الامني ثبت فشله الذريع ، والتعامل الامني ايضا غير المباشر ثبت فشله ايضا ولعل تصاعد العنف الاسلامي في العالم وانتماء معظم اعضاء هذه التنظيمات لدول هذه المنطقة من العالم لهودليل على فشل الغرب في التعامل مع مشاكل هذه المنطقة سواء بشكل مباشر(الندخل المباشر ) او غير مباشر (دعم الانظمة المحلية ) فعلي الغرب ان يفكر ولو مرة واحدة في معالجة الداء الاصلي والذي هو كالسرطان ان لم يتم التعاطي الجدي معه سيتنشر في كل انحاء الجسد دون انتظار مسكنات من هنا واخرى من هناك ، فالقضية هي كيف نعالج الاسباب التي ادت الى ترعرع هذه التنظيمات وليس القضاء الامني عليهم . ولنتوقف عن هذا الاسلوب التقليدي في استخدام اخرين لتنفيذ نخططات دول اخرى فالامر يتعلق هنا بضعف الاداة التي يفكر فيها الغرب لاستخدامها وهي الانظمة المحلية حتى وان كان هذا الدعم الدولي حذر على حد قول كاتب المقال .