الخميس، 26 يوليو 2012

دعونا نعمل

اعتقد ان هذا التراشق الحادث الآن بين المصريين يمينهم ويسارهم علمانيهم وإسلاميهم .. هو امر في غير موضعه .. فقد انتهت الانتخابات وفاز من فاز .. وإمامنا الآن تحد كبير فعلينا ان نستعد للانتخابات البرلمانية القادمة والمتوقع اجراءها بعد اقل من ست شهور من الآن .. وهي فترة قصيرة تحتاج إلى عمل وجهد دءوب لا ينقطع ، هذا الجهد يجب ان يتوجه للهدف الحقيقي والأوحد منه وهو الشعب المصري .. فكفانا تعالي عليه وإهمال لرأية ومواقفه السياسية والاكتفاء باستخدام المنابر الاعلامية -المرئية منها والاليكترونية – دون ادني احساس بان هذه الوسائل رغم اهميتها فإن هذه الأهمية تقف عند حدود معينة ، فهي قد تكون وسيلة للضغط والتوعية ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة للتأثير في الشارع والجماهير ، فالناس تنتظر المزيد منا بعد ما صدعنا رؤوسهم بالحديث عن الديمقراطية وحكم الشعب وسيادة القانون ، الناس تنتظر منا ان نخبرهم بماذا نحن فاعلين لهم اذا اعطونا اصواتهم .. لن يطلبوا منا ان نقول لهم ان هناك فرق جوهري بين مبادئ الشريعة الاسلامية وأحكام الشريعة الاسلامية ، لن يقبلوا منا ان نحدثهم عن مزايا او عيوب تعدد الزوجات بقدر ما يطلبوا منا الحديث عن كيف نزوج ابناءهم من الاساس .. انزلوا للناس في الشوارع على المقاهي ، في النوادي وعلى المصاطب ، عرفوهم من نحن ولماذا نختلف عن الاسلاميين وعن الاشتراكيين .. عرفوهم اننا لم ولن نكون ابدا دعاة انكار للدين او لمبادئه وقيمه العليا كما يدعي البعض علينا .. عرفوهم اننا جزء من هذا المجتمع .. تربنا على قيمه ومثله العليا والتي يشكل الدين مكونا رئيسيا فيها .. اننا ابدا لن نخون ديننا الذي هو عصمة امرنا كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم، ولكن رؤيتنا للدين تنطلق من ايمان عميق بقدسيته وعدم رغبة في دفعه لأتون السياسة ذات القواعد المتغيرة بتغير الظروف المكانية والزمانية ، اقنعوهم اننا لن نكون ابدا ضد قيم العدالة الاجتماعية والمساواة بين البشر جميعا دون تفريق بينهم بسبب الجنس او اللون او العقيدة ، اقنعوهم ان ايماننا بالعدالة الاجتماعية نابع من ايماننا بقيمة الفرد في المجتمع وضرورة العمل على الارتقاء به وبظروفه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، موقنين ان مصلحة المجتمع هي مجموع مصالح الافراد ، بشرط وجود قانون يطبق على الجميع دون تمييز يضمن ألا تتعدى حرية هذا الفرد على حريات غيره من باقي افراد المجتمع. عرفوهم ان امم عيرنا قد نمت وتطورت وازدهرت بفضل هذه الافكار ودورنا ان نرى ماذا فعلوا لينهضوا بمجتمعاتهم ونبدأ من حيث انتهوا هم ، باعتبار ان ما انجزوه هو جزء من منظومة تراث انساني مشترك شاركتا جميعا في صنعه ، عرفوهم ان اكبر الاختراعات العلمية والاكتشافات التكنولوجية منذ الثورة الصناعية ظهرت في دول تتبنى ذات افكارنا ومبادئنا ، فكيف نتصور لهؤلاء ان يقدموا للبشرية هذه الانجازات دون ان يكون هناك مناخ عام يشجع على الحرية والإبداع والابتكار وهو ما نشجع عليه نحن ونسعى اليه . عرفوهم اننا نؤمن بالتعددية بكل ما تحمله من معاني وقيم وأفكار ، نؤمن بان حكم الشعب صاحب القول الفصل هو الذي نريده ونضمنه حتى اخر الزمان ، عرفوهم اننا مستعدين ان نقول رأينا ولكننا مستعدين ايضا ان ندفع حياتنا ثمنا لان يقول المختلفين معنا ارائهم ، عرفوهم ان رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأيهم خطأ يحتمل الصواب ، عرفوهم اننا دعاة حرية ومساواة وإخاء وعدالة. وأننا ابدا لن نخزلهم فينا ان فزنا بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية القادمة . دعونا نعمل الان .. دعونا نعرف الناس من نحن ؟