الأحد، 3 أبريل 2011

اعتذار لتونس الثورة – النموذج والمثل والقدوة للثورة المصرية


نحن ابناء ثورة 25 يناير نتقدم بكل الاعتذار عن ما بدر من بقاياالنظام البائد من سلوكيات حقيرة ووقحة في مباراة الزمالك المصري والافريقي التونسي ، ونعتبر ان هذا العمل قد دبر له بشكل منظم ، فما حدث في استاذ القاهرة لم يكن هدفه الفريق التونسي الشقيق بقدر ما كان يهدف الى اهانة النموذج التونسي الملهم للثورة المصرية ، فنحن ثوار مصر نعتبر ما حدث جزء من مخطط الثورة المضاده التي رات ان هذه المباراة بدلا من ان تكون فرصة لتقارب الشعوب الثائرة تكون فرصة لزيادة الشحن والتباعد والفرقة بين الشعبين الشقيقيان . لذا فاننا نطالب بالاتي :
دعوة كل ثوار مصر للتجمع غدا الساعه الثانية عشر ظهرا امام السفارة التونسية بالزمالك لتقديم الاعتذار الشعبي لشعب تونس الثورة .
مطالبة المجلس الاعلي للقوات المسلحة بضرورة محاسبة المسئولين في نادي الزمالك والذين يعتبروا مسئولين عن اعطاء اشارة الهجوم للعصابة المنظمة الموجوده في المدرجات والتي دفعت دفعا الى هذه المباراة . وخاصة ان من اعضاء الجهازالفني لنادي الزمالك من كان يدعو الى محاصرة الثوار في ميدان التحرير وتجويعهم .
مساءلة السيد وزير الداخلية عن هذا الاخفاق الامني في تامين اول مباراة بين فريق من تونس النموذج والمفجر للثورة المصرية ، وفريق من مصر بعد الثورة ، الامر الذي كان من الاهمية ان يوضع في الحسبان عند التعامل مع مباراة بهذه الاهمية والحساسية خاصة ان الحكومة المصرية هم اول من اعلن عن وجود ثورة مضاده .
مطالبة جماهير نادي الزمالك بمقاطعة كل مباريات فريقهم طالما استمر الجهاز الفني دون تغيير وهم من كانوا في يوم من الايام جزء من النظام البائد .

الجمعة، 18 مارس 2011

مواطن مصري من معمعة لعم

تعيش مصر هذه الايام في اجواء ملتهبه جدا من الحوار الثري والجدل البناء بين ابناء الوطن الواحد ، هذا الوطن الذي يبدو انه يمر يايام هي بالفعل غريبة عليه ، فهو لم يعشها من قبل فقد عاش هذا الشعب طوال اكثر من ستين عاما معتادا على ان حاكمه يرشح له عضو البرلمان على سبيل المثال ويختاره له ايضا ، كما ان هذا الحاكم يقترح له التعديلات الدستورية ويوافق له عليها ايضا ، وبالتالي فان المواطن المصري في هذه الايام كان دائما مواطنا مفعولا به ، ولم يكن ابدا مواطن فاعل باي شكل من الاشكال ، حتى عندما يطلب منه الادلاء بصوته تحت اشراف قضائي كامل فانه يكون ايضا مفعولا به ومسلوب الارادة عندما يجد من يدفع له مئات الجنيهات حتى يوجه صوته وجهه معينة تاتي متفقة مع تطلعات ورغبات الحاكم . الا انه بتفجر ثورة 25 يناير انقلب الوضع واصبح المصري ولاول مرة منذ ستين عاما فاعلا ويصبح صوته ذي قيمة ، ولاول مرة ندخل استفتاء ونحن نجهل نتيجته . وهذا انجاز عظيم يحسب للثورة .

الا انني وفي هذه الايام فاني حريص على حضور اكبر عدد من الندوات التي تؤيد او تعارض التعديلات وقد خرجت منها بعدد من الملاحظات على هذا النوع من الندوات والتي شاركت فيها هذا الاسبوع وهي :

ان معظم الندوات المؤيدة للتعديلات هي ندوات ينظمها اخوان مسلمين او احزاب متعاطفة معهم .

ان معظم الندوات التي تقولا لا للتعديلات هي ندوات منظمة من قبل العلمانيين ياطيافهم المختلفة سواء كانوا ليبراليين او يساريين او ناصريين .

انه رغم انتمائي للفريق العلماني الا انني لاحظت قدرا كبيرا من عدم الموضوعية والتعالي في الندوات التي ينظمها العلمانيين وادعائهم المستفز بانهم هم الاقدر على الفهم وانهم الاخرين "مش فاهمين حاجه" ( يقصدون من يقولون نعم )

ان الاسلاميين كان لهم راي اكثر هدوءا واذكر كلمة قالها شيخ جليل لا اعرف اسمه "ان الثورة وحدتنا ولن ننقسم بعد ذلك ابدا ، وان من يقول نعم فانه يقولها من اجل مصر وكذلك من يقول لا"

ان لاحظت قدرا كبيرا من الاحتفاء بالشعب لمصري في مجموعه في ندوات الاسلاميين في حين راي العلمانيين ان الشعب المصري ما زال غير مستوعب للديمقراطية وانه يجب ان نتركه فترة حتى ينضج .

ان الاسلاميين كان لديهم قدرا كبيرا من التنظيم فهم يعرفون ماذا بفعلون وهم يوزعون منشوراتهم في اماكن محدده وفي اوقات محددة وهذا راجع الى خبراتهم الكبيرة في هذا الامر .

ان الفريق العلماني لا يعرف من الذي يوزع وقد وصل لامر الى ان بعض المنشورات تتهم من يقولون نعم بانهم خانوا الثورة وهو كلام جد خطير .

ان الندوات التي نظمها الاسلاميين كان بها قدر كبير من قبول الاخر اما الندوات التي نظمها الليبراليين فقد كان بها قدرا كبيرا من التمترس حول الذات ومحاولة تسفيه راي الاخر والهجوم عليه بل واتهامه بالعماله للنظام البائد .

انه اذا كان هناك من الاسلاميين من اخطا وادعا ان من يقول نعم واجب شرعي فانه هناك من العلمانيين من اخطا ايضا باتهام من قالوا نعم بانهم خونة واغبياء ومش فاهمين حاجه .

في كل لم اكن سعيدا وسط اخواني العلمانيين وسوف اكون اسعد اذا قاموا بابداء قدرا اكبر من المرونة مع اخوانهم الاسلاميين وليعلم الجميع ان هذه الثورة صنعها الكل ولا فضل لاحد على اخر فيها ، فاذا كان العلمانيين من فجر الثورة فان الاسلاميين هم من حموها ، واذا كان العلمانيين هم من اطلق الشرارة فان الاسلاميين هم من اشعلوها لتكون نارا على اعدائها ونورا على ابناءها .

اننا ادعو كل المصريين الى الذهاب الى صناديق الاقتراع يوم السبت القادم 19/3/2011 لابداء رايهم ايا كان هذا الراي دون تسفيه او تخوين او تكفير لراي الاخر مهما كان هذا الراي فالجميع يحبون مصر والجميع حريصين على نهضتها وعزتها مهما حاول المغرضون الايقاع بين ابناء الوطن الواحد .

السبت، 12 مارس 2011

لماذا نعم للتعديلات الدستورية المؤقتة؟

أولا: لأنها مؤقتة حيث تلك التعديلات لن تكون دائمة هي فقط تمهد لبناء مؤسسات منتخبة تقوم بإدارة عملية الانتقال السلمي للسلطة حيث تنص المادة 189 مكرر علي إلزام مجلسي الشعب والشوري التاليين لهذا الاستفتاء في خلال ستة أشهر من انتخاب المجلسين بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد

 

ثانيا : ضرورة إنهاء الوضع الاستثنائي القائم حالياً متمثلا في استمرار المجلس العسكري في السلطة تاركاً مهامه الاصلية معطلة ومحملاً عبئاً ثقيلا علي اخواننا ضباط وصف وجنود القوات المسلحة ، وكذلك يحمل  مؤشراً ولو نفسياً لحالة من عدم الاستقرار في البلاد

 

ثالثا : ان تسليم السلطة الي حكومة مدنية منتخبة في أسرع وقت ممكن هو أهم الأولويات العاجلة لحماية الثورة من مآل يوليو 1952 عندما تكرر مشهد مماثل حيث كان قادة الحركة من ضباط الجيش يصرون علي اجراء انتخابات في غضون ستة أشهر وكان رئيس الحكومة المدنية علي ماهر يرغب في التأجيل لعامين وكان وقتها هو وسليمان حافظ والسنهوري وأخرون يتخوفون من أن إجراء انتخابات سريعه سوف يأتي بحزب الوفد !! وتعلمون أنه بعد ذلك أجلت الانتخابات النزيهه ستون عاما

 

رابعاً : هناك تخوف موهوم من أن تفرز الانتخابات القادمة تيارات غير ديمقراطية ويذكر عادة بالاسم الحزب الوطني أو جماعة الاخوان المسلمين ، أما عن الحزب الوطني فلا يمكن بمنطق عقلي بسيط أن يفوز في انتخابات حرة نزيهه فعلي مدي عقود كان فيها هذا الحزب يملك السلطة كاملة ويحتل البلاد شرقها وغربها أرضها وماءها لم يقنع الناس بانتخابه ولجأ الي التزوير الكامل لارادتهم فمن غير المعقول أن نتوهم انه من الممكن أن يحصل علي حصة أقلية معتبرة من المقاعد فضلا عن حصوله علي أغلبية بافتراض أنه نجا من الحل في القضية المنظورة حاليا أمام القضاء الاداري ، أما الإخوان فبالاضافة الي اعترافهم في كل أدبياتهم السياسية بقبول الالية الديمقراطية في العمل السياسي أوضحوا علي مستويات مختلفة أنهم سوف ينافسون علي ثلاثين في المائه فقط من المقاعد وذلك حسب اسبابهم انهم يرون ان السلطة في الوقت الحالي مغرم لا مغنم وكذلك يريدون ان يوجهوا رسالة طمأنينة للأخر في الداخل والخارج وأنهم يحتاجون الي وقت لتحسين صورتهم المشوهة علي مدي الستين عاما الماضية

 

خامساً : البعض يتحدث عن سقوط الدستور الحالي وعمليات ترقيع وأوضاع غير دستورية وتلك مقولات تشبه العناوين البراقة ولا ترقي الي أي تطبيق عملي فنحن نقر بأن الدستور الحالي ساقط ويجب وضع دستور جديد وهذا ما نفعله الان كما أوضحت في البند أولا ، حيث تلك الطريقة التي من خلالها نضع دستوراً جديدا يحتاج الي وقت للجدل حوله ليعبر عن صراع وتوافق القوي السياسية في مجتمع مغلق منذ ستين عاما ولا أحد يعرف علي وجه الترجيح الأوزان المختلفة لمختلف التيارات السياسية فيه.

 

سادساً : البعض يتحدث عن عدم جاهزية والقوي السياسية التي تشكلت مع الثورة لخوض انتخابات الآن ، وهذا تخوف غريب حقا حيث الآن والآن فقط تملك هذه القوي الوطنية زخم لا نظير له ربما يذبل بعد عام او اثنين بعد ان تتمكن قوي النظام السابق من جمع شتاتها وتجميل حروقها ، ولكم ان تتخيلوا أن صفحة كلنا خالد سعيد أحد مفجري الثورة عدد مشتركيها تجاوز المليون ، ولنا أن نقول ان هناك أحزاب قائمة منذ ما يقرب من أربعين عاماً لم تكن يوما جاهزة للمنافسة ولن تكون جاهزة ابدا وإذا اردنا انتظارهم سوف ننتظر قرون وليس عقود

 

سابعاً : هذه التعديلات سوف تمكننا من اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهه تحت اشراف قضائي كامل وتمكن القضاء من الفصل في طعون الانتخابات باحكام ملزمة وتفتح فرص الترشح لمنصب رئيس الجمهورية والذي كان حكرا علي الحزب الحاكم وتقصر فترة رئيس الجمهورية علي أربع سنوات ويعاد انتخابه مرة واحدة فقط ثم تلزم المجلسين بالعمل علي وضع دستور جديد للبلاد وهذه التعديلات كلها ضمن المطالب الوطنية لسنوات مضت

 

إن المسألة تحتاج فقط الي كثير من الثقة بالنفس في أننا عندما نختار سوف نختار بطريقة صحيحة لنا أن نسترجع تلك الأوهام التي سقطت تحت اقدام الثوار من تخاذل الشعب ومواته وانعدام وعيه وعدم قدرته علي تنظيم صفوفه كما سقطت تلك الاوهام والتي كانت مسلمات سوف تسقط امام صناديق الاقتراع الشفافة كل أوهام الخائفين من قرار الشعب

 

إننا اذا رفضنا تلك التعديلات فإنما بذلك نطيل أمد الخطوة الاولي لبناء دولتنا ونعرض ثورتنا لتغيرات في النفوس والصفوف ولعل ما تابعناه من فتن ومؤامرات خلال الايام الماضيه ينبهنا الي ذللك الخطر الكامن في عنصر الوقت

 

فلنقل نعم للتعديلات الدستورية ليس كدستور نهائي ينهي الحالة الثورية بل كخطوة علي طريق بناء مصر الجديدة في ظل بقاء هذه الحالة الثورية رقيباً وضابطاً علي المؤسسات ولنتحمل مسؤليتنا في التوعية بها والدعوة اليها

الأربعاء، 9 مارس 2011

في توابع الثورة المصرية ..... نسامح ولا ننسى

تعيش مصر هذه الايام آلام ما بعد الولادة وهناك حرص من جانب عموم المصريين على ان تمر هذه المرحلة بسلام وخاصة بعد قدوم مولود جديد وهو بالفعل يستحق تحمل آلام ما بعد الولادة ، فهو مصري تندمج فيه الاصالة مع المعاصرة ، وهو مصري تذوب فيه الخلافات الطائفية ، وهو مصري تتحطم فيه الحدود الطبقية الاقتصادية منها والاجتماعية ، وهو ايضا مصري شديد العزم كالرجل ولكنه رقيق الحس كالمراة ،وهو اخيرا مصري بحكمة الكهول وحيوية الشباب . تحطمت كل الحدود وتجسرت الفجوة بين كل الفئات والطوائف والاجيال واصبحنا نستشعر جميعا اننا في وطن واحد به قلب ينبض وروج وثابة للحياة والعمل والانجاز .
ومع ذلك فان آلام ما بعد الولادة هذه غالبا ما تسبب بعض المشاكل لهذا الوليد العظيم فألم الام لا يستطيع المولود ان لا يتاثر به فهو منها وهي منه . ولكن الام قادرة على ان تتعافي فهي تحملت الكثير ويجب عليها ايضا ان تتحمل الاكثر حتى تصل بوليدها الى بر الامان والسلام . ونقصد بالام ما بعد الولادة هنا هو هذه المشاكل المختلفة التي تظهر بين الفينة والاخري لتشغل الراي العام وتوجه وجهته الى غير الوجهه التي من المفترض انه قابع على انجازها ، فلا يمر يوم على مصر المحروسه الان الا ونسمع عن خلافات بين مؤيدين للثورة ومعارضين لها ، او حتى بين مؤيدين للثورة ومؤيدين جدد لها فما ان ننتهي من مشكلة ما حتى تظهر اخري وكأن لسان حال المجتمع يقول ان دليل حيويتي هي تلك المشاكل التي انتجها كل يوم ، ولكن امرا من ذلك لا يؤشر ابدا لحيوية لكنه يؤشر لامراض اجتماعية ينبغي محاصرتها بسرعة. والغريب في الامر ان معظم هذه المشاكل يثيرها من كان في يوم من الايام حملة مشاعل النظام البائد.
فهذه اعتراضات طائفية تم التضخيم منها وظهرت بالشكل الذي يعطي انطباعا انها الاضخم في تاريخ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ، ولكن ومع ذلك فان تعامل بحكمة تم مع هؤلاء الذين كانت اصواتهم تعلو على كل الاصوات المؤيدة للنظام البائد والداعية للاستقرار الذي هو في قاموسهم يرادف الاذعان والطاعة لنظام هو بكل المقاييس الافسد في تاريخ مصر .
ولم يقتصر الامر على هؤلاء فقط بل امتد ليشمل قوى الشرطة والتي يبدو انها لديها الرغبة في قلب الآية بدلا من ان يقدموا الاعتذار للمواطنين على سنين من الاستبداد والاذلال والافساد تعرض لها هذا الشعب على يد هذا الجهاز . فما ان نفرغ من غيابهم عن الشارع ( في رايي هو غياب غير محسوس المخاطر نتيجة لعدم تعود الشعب اصلا على وجود جهاز يضمن الامن الفعلي لهم ) حتى تنفجر فضائحهم ورغباتهم في الايقاع بين ابناء الشعب الواحد من خلال قيامهم بدفع جموع الغاضبين لاقتحام مقارهم والاستيلاء على ما فيها بعد ان قاموا بالتخلص من معظم الاوراق التي تدينهم وتركهم للاوراق التي تدين فئات الشعب بعضها البعض ، فهذا اعلامي مدلس واخر صحفي عمل لحسابهم كمرشد وثالث استاذ جامعي فاسد ، ورابع رجل اعمال راشي ومرتشي ، وخامس وسادس وسابع ، وبدلا من ان ننتبه لوطننا ونحاول اصلاحه والنهوض به يتحول الامر الى ما يشبه التفتيش في النفوس ليس ذلك فقط بل اصبح اتهام التخوين سلاحا يتم اشهاره في وجه الجميع في اي وقت وكل وقت وكل شئ بالمستندات والوئائق التي تركها هؤلاء عامدين متعمدين .
وامتدت آلام ما بعد الولاده هذه لتصل الى فئات الموظفين والعمال ، الذين استيقظوا فجاة ليروا ثورة وقد انجزت فقرروا المطالبة بمساواتهم في الاجور وتحقيق امتيازات لهم لم يكونوا ليحلمون بها في ظل النظام الذي ارتضوا به في السابق واوصلهم الى ما هم يحاولون تغييره الان وكان الثورة هي من فعلت بهم ذلك . واصبحت لغة الحقد والكراهية لكل شئ والرغبة في هدم كل شئ سائدة بينهم وكان لسان حالهم يقول " اخطف واجري" من ثورة كانت تزأر في شوراع مصر وكان هم يرددون بعد كل قرار من جانب النظام البائد مهما كان تواضعه كلمة "كفاية كده وخلينا نشوف"
ومع ذلك دعونا الان نبحث عن حل في العلاقة بين قوي المجتمع المختلفة من مشاكل طائفية وامنية وفئوية . وذلك حتى لا نترك السفينة لقوى الجهل هذه تديرها لتعيد عقارب الساعة الى الوراء .ولتكن دعوة لنا جميعا الى التسامح ، وهذا ما فعله المناضل الاكبر نلسون مانديلا بعد اكثرمن اربعين عاما في سجون جنوب افريقيا ، فقد اطلق فور استتباب الامر له شعاره العظيم "نسامح..لكن..لا ننسى"..هذا الشعار كنت أحسبه..
فالحقد والغل يبقى في الصدر..حتى وإن كانت هناك مسامحة..لأن قيمة المسامحة..تكمن في الأمور التي لا تنسى فعلاً..أما إذا كانت المسامحة في أمر نسي بعد حدوثه..فهذا امتهان للمسامحة..فما فائدة المسامحة هنا..هل للاستعراض ليس إلا!!فنحن نسامح ولا ننسى وذلك رغبة في احترام للنفس وللآخرين وخلق توازن لا بد منه لنظل واقفين .فمن خانني مرة ، أسامحه ، لكن لن أثق فيه مرة أخرى ومن كذب علي مرة ، أسامحه ، لكن لن أصدقه مرة أخرى ولا أنسى ، لا تعني الانتقام ، ولكن تعني أنني لن أهيء الظروف مرة أخرى لحدوث الخطأ .نسامح ولكن لا ننسى حتى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. ولتبقي روح الثورة وثابة كما ولدت من اجل مجتمع يتسع للجميع ويمارس حرياته فيه الجميع .

الخميس، 17 فبراير 2011

جهاز الشرطة المصري .... كان صرحا من خيال فهوي

لم يكن لعاقل ان يتصور ان جهاز الشرطة المصري سوف تتساقط اوراقه بهذه السرعة بل ان اكثر المتفائلين لهذه الثورة توقع نجاحها لكن بعد ان تكون قد قدمت اكثر من الف شهيد على الاقل وعشرون الفا من الجرحي باعتبار ان هذه الثورة كانت ستواجه جيشا جرارا من رجال الشرطة وقوات الامن المركزي عرف عنه عالميا انه الاكبر كما في العالم حيث انه هو الجهاز الاول الذي يفوق في تعداد افراده والعاملين فيه من جنود وامناء شرطة وضباط عدد الجيش الوطني المصري النظامي ففي اخر احصاءات اشارت الى ان عددهم تجاوز السبعمائة وخمسون الفا بالمقارنة بقوات الجيش البالغة ربعمائة وخمسون الفا فقط ، ليس هذا فقط بل ان هذا العدد ( عدد رجال الشرطة ) يفوق في تعداده عدد قوات الامن الداخلي لدول الاتحاد الاوربي ال25 مجتمعه ، وهو شئ يدعو الى التعجب والاندهاش فكيف بدولة المفترض انها خاضت حروبا كثيرة قبل ذلك والمفترض انها في بيئة اقليمية غير مستقرة ان يكون عدد افراد جيشها اقل عددا من افراد قوات امنها الداخلي ، الا اذا كان الشعب لمصري يشكل تهديدا لامن الدولة اكبر من التهديد الذي قد تشكله دولة اسرائيل على الامن المصري القومي ، بل ان الصادم فعلا للمهموم بالشان المصري ان يعرف ان هذه العدد لا يشمل عدد افراد قوات الامن المركزي وهم عبارة عن مجموعة من المجندين المفترض فيهم تامين حدود الوطن الخارجية الا ان النظام البائد ابى ان يوجههم هذه الوجهة الشريفة واصر على الاستعانه بهم لخدمة اغراض الشرطة الغير شريفة ، وقد تضخم هذه العدد ليصل الى اكثر من مليون فرد(تصوروا ) اي ان مجموع عدد افراد الشرطة وقوات الامن المركزي يقترب من الاثنان مليون فرد ، اليس ذلك مدعاه للدهشة والذهول ايضا ان تسخر دولة كاملة حوالي 2 مليون شخص لتامين الجبهة الداخلية على حد قولهم ، ولكن هل امنت هذه الجبهة ؟

المتابع للشان المصري الداخلي قبل قيام الثورة يستطيع ان يرى ان هذا الجهاز لم يكن له اي صلة بالنراعات الشعبية الداخلية من سرقة وقتل ومشاجرات وخلافه بل انه عرف عنه انه لا يات الا بعد انتهاء المعركة ، ولكل افراد الشعب المصري خبرات كثيفة وقصص طويلة عن ازمات تعرضوا لها سرقة وقتل ومشاجرات ولم يجدوا فيها من يحميهم او يدافع عنهم بل ان الامر المثير انهم كانوا قبل وصولهم يطمانوا اولا بانتهاء الشجار او برحيل القاتل او حتى بمغادرة السارق للمكان الذي سرق منه ( ان اتوا اصلا )، اما عن المخدرات فان ما يضبط منها هو بالكاد اقل من عشر ما يدخل منها البلاد وبافتراض انه تم ضبط كميات معينة منها نتيجة لرغبة لاثبات الذات او حتى تصفية حسابات مع بعض تجار المخدرات فان ما يحدث عقب ذلك هو فقط اثبات الجريمة من خلال كمية معينة يتركوها للنيابة العامة لتحقق فيها والباقي يقوم رجال الشرطة بتوزيعها على انفسهم كنوع من المجاملات الاجتماعية والمتداخل مع فئات الشعب المصري المختلفة له ان يلحظ ان اكبر كميات من نبات البانجو والحشيش توزع في افراح واحتفالات رجال الشرطة وخاصة امناء الشرطة. وهذه الفئة الاخيرة تحديدا هم من ابطال تنظيم حالة المرور في مصر ، فيكفي فقط ان تسير بسيارتك او باي وسيلة مواصلات عامة او خاصة لتكتشف بنفسك كم الرشوة والفساد التي تورط فيها هؤلاء الرجال والتي رصدتها بعض الكاميرات الخاصة ونشرتها على العديد من المواقع والشبكات الاجتماعية الاليكترونية ( الفيس بوك ، اليوتيوب ، التويتر .... الخ ) ولكن احقاقا للحق فانه في الفترة الاخيرة وعندما فاحت الرائحة بشكل ازكم الانوف كثيرا عند المواطن العادي وقليلا عند قيادات رجال الشرطة ، تحول هؤلاء من تلقي رشاوي مباشرة الى تلقي رشاوي غير مباشرة ( كروت شحن هواتف محملة ، سجائر ، وجبات غذائية ...... الخ ) واستمر هذا الوضع المستفز والمقيت حتى قامت الثورة العظيمة في 25 يناير ، لتقضي بصرخات مدوية على صرح من خيال ، هوى في اربع ساعات ( من الساعة الواحدة ظهر يوم جمعة الغضب الموافق الثامن والعشرون من يناير ، حتى الخامسة عصر ذات اليوم ، موعد اعلان نزول الجيش في شوارع محافظات القاهرة والاسكندرية والسويس .

الا ان المثير للفكاهة ان يخرج الان بعض افراد رجال الشرطة ليقولوا "اننا رفضنا اوامر بفتح الرصاص الحي على المتظاهرين لانهم اخوة لنا وابناء واباء" وهو كلام لو تعلمون عبيط . لان من يقول ذلك يفترض اولا في نفسه القدرة على هذا الفعل اي فتح الرصاص الحي ، ويفترض ثانيا ايضا انه لم يفعل ذلك البتة ، ويفترض ثالثا ان الشهداء الذين تجاوزوا الخمسمائة والمصابين الذين تجاوزوا الخمسة الاف قتلوا خطا او بنيران صديقة من جانب رفقائهم المتظاهرين . ان امرا كهذا ينبغي الا يؤخذ بسطحية وتبسط ، فالذين واجهوا المتظاهرين بكل قسوة في شوارع القاهرة والمحافظات الاخرى كانوا رجال الشرطة ، والذين لقنوهم درسا لن ينسوه ابدا الدهر هم الثوار ومن خبرة ذاتية اقول اننا ووجهنا بخمسة عربات امن مركزي وسيارتان مدرعتان في نهاية المعركة كانت الحصيلة هو هروب عربة مصفحة والسيطرة على اخرى وتدمير ثلاث عربات امن مركزي والسيطرة على اثنان ، وما حدث معي حدث في كل المواقع التي واجهت فيها الشرطة المتظاهرين العزل واؤكد على العزل لان من قاموا بمواجهة الشرطة لم يكن معهم الا سواعدهم الفتية وروحهم الوثابة للثورة ، وحبهم للموت كما يحب رجال الشرطة الحياة ، وبالتالي فلا مجال لقول بانهم رفضوا فتح الرصاص بل قل لم يكن لديهم القدرة على الاستمرار في فتح الرصاص الحي على الثوار ، نتيجة لتساقطهم امام الزحف العظيم لهؤلاء الشرفاء المجاهدين . كما لا يجوز الادعاء بانهم رفضوا تنفيذ اوامر لان في هذا اليوم تحديدا انقطعت الاتصالات عن كل من هو موجود في مصر المحروسة من رجال شرطة وثوار باعتراف رجال الشرطة انفسهم وبالتالي فان الاوامر كانت لديهم قبل ان تقوم الثورة ذاتها بفتح الرصاص على المتظاهرين ، ليس ذلك فقط بل ان عشرات الشهداء قد سقط امام مبنى وزارة الداخلية العظيم الموجود في شارع الشيخ ريحان في قلب القاهرة من قناصة وجدوا داخله .

ومع ذلك فانني لا اهدف ابدا مما اقول صب الزيت على النار في العلاقة بين رجال الشرطة والمواطنون فلا مناص من التصالح بين الطرفين ولكن هذا الصلح لا يتم الا بشروط ، اولها هو الاعتذار الواضح والصريح والذي لا لبس فيه من جانب رجال الشرطة للمواطنين ، ليس عما حدث في ايام الثورة الاولى فقط ولكن عما حدث في تاريخ وزارة الداخلية منذ تولي الوزير السابق حبيب عادلي ، على ان يكون هذا الاعتذار على لسان رمز وزارة الداخلية الان وهو وزيرها الحالي الذي تشير المعلومات المبدئية الى انه من رجال الشرطة الشرفاء عن حق هذه المرة ، والاعتذار يحمل في معناه النية بعدم العودة الى السلوكيات التي مورست في السابق ، وثانيا ان يترافق مع ذلك رغبة من جانب النظام السياسي الجديد في وضع قوانين ولوائح تنظم عمل جهاز الشرطة بالشكل الذي يضمن التنفيذ الفعلي لشعارهم الجديد القديم ( الشرطة في خدمة الشعب ) عند ذلك وذلك فقط من الممكن ان نتحدث عن صفحة جديدة في العلاقة بين رجال الشرطة والشعب المصري .

الأربعاء، 19 يناير 2011

نعم ستصبح دول الساحل والصحراء قاعدة لتنظيم القاعدة لو اقتصر التعامل معها على الشق الامني فقط


صدر عن معهد كارنيجي للسلام دراسة عن تنظيم القاعدة في دول المغرب العربي للكاتب الفرنسي الاشهر جان بيير فيليو:الاستاذ في معهد باريس للدراسات السياسية والتي راي فيها اهمية وحتمية التعامل الامني مع تنامي جماعات الاسلام السياسي المسلح في دول المغرب العربي وذلك من خلال التعاون مع الانظمة السياسية في هذه المنطقة على ن يكون النعاون حذر وغير ظاهر حتى لا يكون ذلك زريعة للهجوم على تلك الانظمة بحجة تحالفها مع الغرب الكافر ،وفي القراءة المتفحصة لهذه الورقة قد يخرج القارئ باستنتاج انك امام خبير امني يحاول ان يدير معركة عسكرية بهدف اخضاع العدو دون النظر الي اية اسباب موضوعية اخرى من الممكن القضاء على العدو فيها دون اللجوء الى الحسم العسكري . ولكن بالاقتراب اكثر مش شخصية الكاتب نجد انه استاذ علوم سياسية في معهد باريس للدراسات السياسية ، وعمل كأستاذ زائر بجامعة جورج تاون وقد منح معهد التاريخ الفرنسي جائزته الرئيسية لكتابه "أحداث النهاية في الإسلام" وبالتالي فانه من المفترض انه كاتب يتمتع برؤية شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية ولكن ما سطره في هذه الورقة يكاد يكون رؤية مخابراتية امنية ركزت على كيفية المواجهة الامنية لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء دون أي التفات الي لماذا نشا هذا التنظيم ، ولا الحديث عن لماذا كانت هذه التنظيمات في الاساس . وذلك رغم تنويهاته البسيطه في هذا لاتجاه والتي لا ترتقي ابدا الى حجم الكارثة التي تعاني منها دول هذه المنطقة وادت الى ان تتحول الى مثير جاذب لفلول الجراد الهارب من التضييق عليه في افغانستان والعراق واليمن ، وغيره من مناطق الصراعات كنوع من الانسحاب التكتيكي الذي لا يلبس ان ينظم صفوفه ويعود اكثر قوة وشراسة
ان المطلوب في التعامل مع تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المسلحة ليس المواجهة الامنية فعشران السنين من المواجهات مع هذه التنظيمات اثبتت عدم جدواها وانهم يتلقون الضربات تلو الضربات فلا يزيدهم ذلك الا اصرارا وعنادا ، بل واتساعا ، ولعل في التجربة العراقية واستمرار التوتر والعنف فيها حتى الان لدليل على محدودية الحل الامني في القضاء على ظاهرة بحجم ظاهرة العنف الاسلامي المسلح . والغريب في الامر ان الكاتب يخرج علينا بفكرة يبدو انه يعتقد انها الحل الامثل لعدم تكرار تجربة افغانستان والعراق حيث يقول في ختام مقالته ان من شأن استفزاز "العدو البعيد" والتحريض على تدخل أمريكي أو أوروبي مباشر، أن يخلقا بيئة تمكن القاعدة في المغرب الإسلامي من الصمود والتوسع.وبالتالي فإن حكومات منطقة الساحل يمكنها منع القاعدة من ترسيخ وجودها في منطقتها كما فعلت في أفغانستان، إذا ما تعاونت وكانت جهات فاعلة أساسية، في الوقت الذي تتلقى فيه الدعم الدولي الحذر.
فقد تناسى الكاتب ان هذه التنظيمات تستمد استمراريتها وقدرتها على تقويه ضرباتها من الترسيخ في الاذهان ان العدو الغربي هو المستهدف وهو الداعم لهذه الانظمة المحلية التي ذاقته العذاب بسبب دعم الغرب عموما لهم والولايات المتحدة واسرائيل لهذه الانظمة . فالقضية لم تعد قضية دعم مباشر او غير مباشر فقد اثبتت الاحداث ان الامر لا يتعلق بشكل الدعم ولكنه يتعلق بادراك هذه التنظيمات ذاتها لوجود الدور الغربي من عدمه .
وهو ما سطره ما يسمي الشيخ ابو مسلم الجزائري في رسالة له نشرها على احد المدونات حيث يقول إنّ الخطّة الأمنية الّتي يصبوا إليها الأعداء هي بمثابة البديل لخطّة بوش بإنشاء قاعدة أمريكية " أفريكوم " في الصحراء ، و بعد الضربات الموجعة الّتي نالت النظام الأمريكي و حلفائه و الخسائر الإقتصادية الكبيرة الّتي مُنيت به هذه الدولة الصهيونية و مجيء أوباما و تخوّف أنظمة المنطقة من تزايد عدد المجاهدين إن هم أقدموا على السماح بوجود هذه القاعدة الأمريكية ، كلّ ذلك جعل العدوّ يفكّر في إستراتجية جديدة ، و هي أن تتولّى أنظمة المنطقة بهذه المهمّة برعاية المجموعة الدّولية و على رأسها أمريكا ، مع العلم أنّ مهام القاعدة الأمريكية أفريكوم هي موجودة في الواقع العسكري حيث إختارت أمريكا شتوتغارت الألمانية مقرّا مؤقّتا لها .
ويعدد ابو مسلم الدور الغير مباشر الذي تتبناه الدول الغربية في دعمها للانظمة المحلية في المنطقة وكانه يقرا فكر جان بيير فيليو ولكن قبل ان يسطره بشهرين حيث نشرت هذه المقالة في 23 مارس 2010 ، وهو الامر الذي نرى ان أي استراتيجية امنية فقط في التعامل مع التنظيمات الاسلامية المسلحة ثبت فشلها او على الاقل عدم جدواها علىا لامد البعيد .
ان الدور الغربي يبدو انه يفقد بوصلته لصالح افكار وسياسات تغلب الجانب الامني على غيره من الجوانب فاذا اقتربنا من الصورة بشكل واضح ودقيق من الظروف التي نشات وترعرعت فيها الحركات الاسلامية عموما والمسلحه منها خصوصا نستطيع ان نحددها في اربعة نماذج :
الاولي :دول بها صراعات بمعناها الشامل
حيث الصدامات القبلية او الدينية او العرقية ، ولعل النموذج الاكثر وضوحا لنا في هذه المنطقة هو نزاع الصحراء بين المغرب والجزائر التي تدعم البولساريو، وهناك توتر في حالة كمون في جنوب موريتانيا بين القبائل الافريقية والعربية. وما تزال هناك خلافات بين حكومة السنغال والانفصاليين في كاسامانس على الرغم من توقيع اتفاقية سلام بين الجانبين حيث تعارض ثلاثة فصائل متمرده في حركة كاسامانس على الأقل خطوة توقيع اتفاق السلام. وكانت حركة القوى الديموقراطية لكاسامانس بدأت تمردا مسلحا منذ عام 1982 أسفر عن مقتل أكثر من 3500 شخص. وفي النيجر يوجد توتر بين قبائل عرب المحاميد الذين يبلغ تعدادهم 150 ألف شخص وباقي قبائل النيجر، وكانت النيجر قد قررت ابعاد هذه القبائل الى تشاد مما خلق توترا في شرق البلاد. وفي تشاد هناك جماعات متمردة على حكومة انجامينا ولها قواعد قرب الحدود السودانية التشادية، وأخيراً تبادلت الخرطوم وانجامينا الاتهامات حول هذا الموضوع. أما النزاع الاكثر تعقيداً هو بالتأكيد الذي يوجد بين الطوارق والعرب وحكومة مالي، حيث يخوض التنظيم المسلح لقبائل الطوارق والتي تسمى «حركة التحالف من أجل التغيير» حرباً تهدأ وتتصاعد. وقد راهنت القاعدة على هذا النزاع من أجل استثماره خاصة قبائل الطوارق وتعدادها ثلاثة ملايين منتشرة في دول الساحل حيث توجد في مالي والنيجر وبوركينافاسو وليبيا والجزائر. وهكذا فان القاعدة في نشاطها في هذه المنطقة تعتبرها عمقا استراتيجيا تستطيع من خلاله تنظيم صفوفها عسكريا ، ودعم وضعها المادي الذي تاثر بتعدد الجبهات التي تخوضها القاعدة . حيث تتاجر في هذه المنطقة في السلاح والتهريب سواء البشر او المخدرات .
الثانية :دول تعاني من ضعف وضعها الاقتصادي
تعاني العديد من دول هذه المنطقة من ضعف هياكلها الاقتصادية فدول هذه المنطقة تتسم بتفاوت المستوى والاداء الاقتصادي فبلدان الساحل هي من بين الأكثر فقرا في العالم. ويبلغ نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي السنوي 1042 دولار أمريكي في موريتانيا، و 657 دولارا في مالي، و 390 دولارا في النيجر، التي تحتل المرتبة الأخيرة بين 182 دولة في تصنيف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية. (لا تتدبر موريتانيا ولا مالي أمورهما بشكل أفضل، إذ تحتل موريتانيا المرتبة 154 ومالي المرتبة 178). ويمكن للقاعدة في المغرب الإسلامي أن تتحمل القيام بأنشطة حرب عصابات خفيفة في مثل هذه البيئة، فقط لأن الشراكة في الجريمة توفر تدفقا مستمرا للمجندين، مهما كان التزامهم الجهادي ضئيلا. كما ان هناك تفاوت يحدث بين اقتصاديات تتسم بالضعف الشديد اساسا ومن ثم يصعب احداث نمو اقتصادي حققيقي بها كما ان عملية التبادل والتجارة البينية وفقا لذلك ربما تكون نتيجتها ايضا سلبية اكثر منها ايجابية.بالاضافة الى ذلك فان هناك ضعف عام في الاستثمارات الموجهه لهذه الدول ومعظم دول هذه المنطقة من الدول المدينة والفقيرة .
ثالثا :دول تعاني من ازمة ديمقراطية
في مقالته المدعمه بالعديد من الارقام والمعلومات والتخليلات ايضا لم يكلف الكاتب نفسه بالاقتراب من قضية الديمقراطية في هذه المنطقة واكتفي فقط بالعروج عليها سريعا والاستعانة بامثلة تناقض نفسها احيانا ومنزوعه من سياقها احيانا اخرى فعلى سبيل يتحدث الكاتب عن تجربة الديمقراطية في مالي كدليل على ان القاعدة تشكل تهديدا امنيا وليس سياسيا فاعمال العنف في مالي من جانب تنظيم القاعدة لم تتوقف رغم الديمقارطية الموجوده في هذا البلد كما انها لم تتوقف في موريتانيا التي انقلب على نظامها الديمقراطي الجيش واجهض التجربة هناك وتناسى جان بيير فيليو الأستاذ في معهد باريس للدراسات السياسية ان أي ازمة توجد في أي مجتمع هي نتاج مجموعة من الاسباب السايسي منها والاقتصادي والاجتماعي ، كما اننا لا نستطيع ان ننتزع أي دولة من البيئة الخارجية المحيطه بها واذا عرفنا ان البيئة المحيطة بمالي محاصرة بنواعات قبلية وصراعات حدودية وعدم استقرار سياسي وانقلابات عسكرية سواء في موريتانيا او النيجر او حتى السنغال بل ان ازمة الطوارق التي يدعي الكاتب انه تم الانتهاء منها تمتد الى اكثر من دولة في المنطقة مثل ليبيا والنيجر وموريتانيا وبوركينافاسو . وحتى لو افترضنا ان الديمقراطية هيالمدخل للتعامل مع هذا النوع من الازمات المعقدة (ازمة العنف الاسلامي )فان الديمقراطية الوليده في مالي والتي بدات في عام 2002 لم تتجذر بعد بالشكل الذي يستطيع ان يواجه هذا النوع من التنظيمات المسلحة المحترفة .
ان امرا بهذا التعقيد لخصة السيد سوميلو بوبيي مايجا وهو وزير دفاع سابق في مالي يعمل الآن مستشارا أمنيا، في قوله " إن قوة تنظيم القاعدة تستمد من ضعف الدول، كونها تفكر في استمرارها السياسي بدلا من الاستراتيجية" وهذه المقولة رغم بساطتها فانها تلخص الى حد كبير ما وصل اليه وضع هذه الانظمة وقدرتها على مواجهة تنظيم القاعدة . الذي يعتقد الكاتب انه لن يتاتي مواجهته مواجهة فعالي الا بوجود نظام ديمقراطي قوي يستطيع ان يجسر الفجوة بين الشعب وبين الحكومة .
بل ان المتابع لما كتبه جان بيير فيليو يلحظ هذا التناقض في ربطه بين الديمقراطية وتنظيم القاعدة فهو اما مالمثال المالي الذي يبدو انه يعطيه اكبر من حجمه يضرب العديد من الامثلة التي تؤيد عكس وجهة نظره في العلاقة بين الديمقراطية ونشاطية تنظيم القاعدة ففي موريتانيا يتحدث الكاتب ن هذا الانقلاب الذي اطاح بالسلطة الديمقراطية في موريتانيا وتولي الجنرال عبد العزيز في اغسطسط عام 2008 . ويعرج على النيجر التي عزم رئيسها تانجا على البقاء فيالسلطة بعد انتهاء فترة ولايته . الامر الذي مهد الطريق امام انقلاب عسكري . واستمر مسلسل الانقلابات والانظمة الدكتاتورية التي لم تسلم هذه المنطقة منها . واذا عرجنا على الاوضاع الديمقراطية في دول هذه المنطقة سنجد العديد من الامثلة على هذه الانظمة التي لا هم لها الا الاستمرار في السلطة مهما كانت التضحيات فهذا رئيس تشاد الذي تحدث جدا عن رغبته على بناء خندق يحيط بالعاصمه تحميها من المتمردين وكان الدولة اختصرت في العاصمة وبالطبع اختصرت العاصمة في القصر الرئاسي ، ودولة اخرى تعتمد في ديمقراطيتها على عمل انقلاب في ذات مفهوم الديمقراطية نفسه بحيث يفرغه من مضمونها ،وتلك الغت نتائج الانتخابات عندما لم تستهوي فئة عريضة من الفاسدين في نخبتها الحاكمة .

رابعا : دول لديها صعوبة في بسط سيطرتها على كامل اراضيها
لا شك ان دول المنطقة ليس منطقة دول الساحل فقط ولكن المنطقة الافريقية عموما هي دول حديثة بالمعني التاريحي للكلمة ، وبالتالي فقد رسم حدودها ووضع القوانين المنظمة لشئونها الاحتلال فرغم ان الاحتلال قد وضع في اعتباره بعض الامورالمتعلقة بالتوازنات القبلية الا انه لم يستطع ان يحل المشكلة حلا كاملا فقسم دول بالشكل الذي اخل في حدودها جزء من قبيلة وترك باقيالقبيلة في دولة اخرى ، او اعطي لدولة جزء من الاراضي الشاسعة التي يصعب على انظمة تقليدية مثل الانظمة الموجوده في افريقيا التعامل مع هذه المساحات الشاسعه ، وهذه هو وضع العديد من الدول الافريقية مثل السودان ونيجريا وليبيا والجزائر ، الامر الذي افقدها القدرة على السيطرة على حركة الدخول والخروج عبر اراضيها وهو امر لا شك كان مبررا لنشاطية الحركاتالجهادية في هذه المنطقة وتعاطيها مع التوازنات والخلافات القبلية القبلية وهو امر اعتقد انه من الصعب التعامل معه بسهوله الا من خلال وجود دولة مركزية قوية تستطيع ان تبسط نفوذها على كامل ترابها الوطني . وبالتالي فان جزءا اساسيا من قضية اعادة تنظيم القاعدة لانتشاره في المنطقة يرجع الى ضعف الدولة المركزية ذاته. وبالتالي الحاجه الى رؤية شاملة للتعامل مع هذه الدول الكبيرة حجما الصغيرة قدرة على بسط سيطرتها ونفوذها على هذاالحجم .
واخيرا فانه من الاهمية ان يختلف التعامل الغربي مع هذا النوع من المشكلات وان يتعلم من اخطائه التي ارتكبها في السابق سواء في العراق او افغانستان او الصومال او حتى ايران ، فالتعامل الامني ثبت فشله الذريع ، والتعامل الامني ايضا غير المباشر ثبت فشله ايضا ولعل تصاعد العنف الاسلامي في العالم وانتماء معظم اعضاء هذه التنظيمات لدول هذه المنطقة من العالم لهودليل على فشل الغرب في التعامل مع مشاكل هذه المنطقة سواء بشكل مباشر(الندخل المباشر ) او غير مباشر (دعم الانظمة المحلية ) فعلي الغرب ان يفكر ولو مرة واحدة في معالجة الداء الاصلي والذي هو كالسرطان ان لم يتم التعاطي الجدي معه سيتنشر في كل انحاء الجسد دون انتظار مسكنات من هنا واخرى من هناك ، فالقضية هي كيف نعالج الاسباب التي ادت الى ترعرع هذه التنظيمات وليس القضاء الامني عليهم . ولنتوقف عن هذا الاسلوب التقليدي في استخدام اخرين لتنفيذ نخططات دول اخرى فالامر يتعلق هنا بضعف الاداة التي يفكر فيها الغرب لاستخدامها وهي الانظمة المحلية حتى وان كان هذا الدعم الدولي حذر على حد قول كاتب المقال .

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

تنويه

هذه المقالة كتب اثناء قضية مركز ابن خلدون وقد قدمتها بهذاالشكل لمحكمة امن الدولة ومحكمة النقض وقد استعانت محكمة النقض ببعض فقراتها لاثبات براءتنا بعد ذلك ، ولكن هناك بعض الاشياء التي تفتحت لي بعد انتهاء القضية اهمها موقفي من شخص سعد الدين ابراهيم وتفريقي بين اعجابي به على المستوى الفكري وعكس ذلك على المستوى الشخصي . الا ان الامانة العلمية دفعتني الي نشرها كما هي دون حذف او اضافة