السبت، 17 أكتوبر 2015
الاسترزاق الثوري
شخصيات تقابلها كثيرا في حياتك ، بمجرد ان تجلس معهم يشبعوك حديثا عن ثوريتهم وعن رؤيتهم لسلبيات النظام القائم ، اي نظام وكل نظام ، مهما كان توجهه السياسي وسياساته التنفيذية ، دائما ما يكون ذهنهم حاضر ويتفتق عن عبقرية لا يدركها الا هم ، فهذا متاجر بالدين واخر متاجر بالوطنية وثالث متاجر باحلام البسطاء ورابع مستغل وخامس وسادس وسابع ألخ ...... ، يجهرون بمعارضتهم للنظام في كل مكان واي مكان يسخرون منه يؤلفون النكات التي تظهر عجزه وفشله وغباءه امام المعية عقولهم، يكتبون المقالات والاعمدة والدراسات التي تثبت فشل النظام وغباءه امام رؤاهم العبقرية التي لا حدود لها . وما ان يسمعوا عن مظاهرة في اي مكان حتى يسارعوا بحشد اصدقائهم القليلين فيها دون معرفة سبب المظاهرة او جذورها وامام اول قنبلة غاز او عصا جندي امن مركزي تجدهم يفرون يبتعدون ثم يتجمعون مرة اخرى على اماكن تجمعاتهم المفضلة على المقاهي والمجالس الخاصة فيستعرضون ما قاموا به من بطولات في هذه المظاهرة او تلك وماذا ينوون فعله في المستقبل فهذا يتحدث عن مقالة واخر يتحدث عن تغريده على تويتر وثالث يتحدث عن بوست على الفيس بوك ورابع سينزل صورة التقطها على الانستجرام وخامس وسادس وسابع .ومنهم من يتم استضافته في التلفزيون الفلاني او الاذاعة الفلانية
اعمال رائعه بالفعل ولكن ماذا بعد ..... ان هؤلاء ايها السادة لهم مجموعةمن الثوار بالفعل ولكنهم في رايي ثوار الاسترزاق ، فهم يخشون السجن او الحبس او الضرب او حتى رائحة القنابل ، يخشون كل شئ واي شئ باستثناء قدرتهم على الكتابة والسخرية ، التي غالبا ما يكون عائدها عليهم ماديا ومعنويا كبيرا ، ان هؤلاء يا سادة هم سبب ضياع ثورة يناير ، فهم ثلة من المنتفعين لا قدرة لهم على عمل شئ سوي التظاهر والصراخ اما الفعل فلا شئ اما المواجهه فلا شئ اما تكوين رؤية لحزب او خلافه فلا شئ انهم الظاهرة الصوتية التي لها قيمتها فقط في مرحلة معينةمن العمل الثوري ولكنها ليست كل العمل الثوري ، فالثورة تحتاج الى رؤية وهم بعيدين تماما عن طرح اي رؤية فما يكتبونه على وسائل التواصل الاجتماعي ليس سوي فكرة او انطباع سريع لا يتعدي الا ان يكون رد فعل على فعل اخر سريع مثله ، فالثورة تحتاج الى قيادة وهم قدرتهم على القيادة شبه منعدمه لكونهم لم ينتموا من قبل الى اي تنظيمات سياسية حقيقية ولكنها فقط تنظيمات مقاهي حيث صوت الشيشة يعلو على اي تنظيم ، الثورة تحتاج الى قدرة على التفاوض والاقناع والتعامل مع وسائل الاعلام وهم قدرتهم في الاقناع تقتصر فقط على هؤلاء الاصدقاء المقتنعين بافكارهم بالفعل سواء على الفيس بوك او تويتر او غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي او حتى على مقاهيهم ومجالسهم الخاصة . الثورة تحتاج الى قدرة على الحشد وقدرة على ادارة هذا الحشد وهؤلاء في تظاهراتهم لم يكونوا في يوم من الايام لا قادة مظاهرات ولا حتى منظمي مظاهرات هم فقط اصحاب بوستات دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي وهناك من يستجيب وهناك من لا يستجيب . الثورة تحتاج الى اقامة نظام سياسي ثوري يقام بديلا للنظام الذي تقوم ضده الثورة وبالتالي فمن الاهمية ان يكون بينها العلماء والخبراء والسياسيين القادرين على ملئ الفراغ المترتب على انهيار النظام القديم ولا يحدث هذا الفراغ الذي ما يلبث ان يؤدي الى عودة النظام البائد باقصى سرعة كما حدث في ثورات عديدة في المنطقة العربية .
ان المخاطر التي تحيط بالثورة اي ثورة في حالة نجاحها يأتي دائما من ابناءها الصغار اصحاب عملية الطحن بلا طحين ، فغالبا ما يعتقد هؤلاء انهم هم الثورة وانهم هم من قاموا بها وكانوا وقودها وبالتالي فهم الاجدر بقيادتها وليس اي شخص اخر او تنظيم اخر ، وهنا تكون الطامة الكبرى فأما نظام سياسي يأتي بديلا للنظام الذي قامت ضده الثورة ، امثال هؤلاء يستطيعون احداث حالة من الضجيج الذي قد يجعل اخرين من النظام البائد يتلقفون هذاالضجيج فيزيدون منه ويقدموه للاعلام والراي العام باعتبار ان الثورة تضيع وان هؤلاء وهم ممثلي الثورة الحقيقيين بداوا في الانقلاب على من هم في السلطة ويدعون انهم ممثلي الثورة وبالتالي فواجبنا جميعا ان نلتف حولهم حتى نزيل هذا النظام المدعي الثورية وتكون النتيجة ان تتحالف قوى النظام البائد مع رموز ثورية من هذا النوع الهش ضد نظام ثوري المفترض انه جزء من الثورة الحقيقية ان لم يكن هو قلبها النابض والمنظم. ويستخدم النظام البائد كل ما اوتي من قوة مادية وعينية ويترك لتلك الرموز الثورية الساذجة وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حتى يظهر للعالم والقوى التي تؤيد الثورة ان هاهم الثوار يعودون مرة اخرى داعين الى اقتلاع النظام الذين اتفقوا في يوم ما على ايصاله للسلطة . وتنجح الخطة وتنتصر الثورة المضادة ولكن هذه المرة يكون الانتصار واضحا وسريعا فبمجرد تحالف قوى النظام البائد مع تلك الرموز الساذجة يتم الاطاحة بالنظام الثوري الديمقراطي المنتخب لا لشئ الا لان النظام الثوري الديمقراطي الموجود في السلطة لا توجد لديهم اي سيطره على قوى الدولة ومؤسسات الحقيقية .
وتبدا العملية تتضح معالمها حيث يتجه النظام البائد المتحالف مع هؤلاء السذج في بسط نفوذه والتخلص من كل من شارك في الثورة ضدهم من قبل سذج او غير سذج فيبدا بالتنكيل بهم ومحاصرتهم والزج ببعضهم في السجون لمدد بسيطة ، بل واستخدام العنف احيانا ضدهم ، فلا يجد هؤلاء السذج من مفر سوى العودة مرة اخرى الى مقاعدهم التي جاءوا منها قبل الثورة الحقيقية وهي المقاهي ومواقع التواصل الاجتماعي والمقالات واللقاءات التلفزيونية ليسبوا هذا النظام بافظع الشتائم ويحقروا منه ويدعون للتخلص منه وووووووووو ولكن هل يستطيعون هم وحدهم عمل ذلك؟ الاجابة تأتيهم من تاريخ ثورة وثورة مضادة نجحوا في الاولى في التحالف مع قوى ثورية حقيقية اعطتهم الحق في التواجد والتفاعل والانصات لرؤاهم وافكارهم ، وثورة مضادة تحالفوا معها بمنطق اعوج وهو " انا وابن عمي على الغريب" وكانت النتيجة هي ضياع ثورة وبقاء الوضع على ما هو عليه من نظام مستبد وقوى متشرذمة مفتته لا رؤية لها ولا هدف اسمى ونظام ديمقراطي منتخب كان يسعى لاثبات وجوده زج به في السجون والمعتقلات .
وبقى هؤلاء السذج في اماكنهم الطبيعية حيث الاسترزاق الثوري من مقالات التاك واي ولقاءات تلفزيونية ساذجة ومنظمات غير حكومية لا مكان لها الا في قاعات الفنادق الفاخرة . ونصل الى السؤال المحوري من الذي باع الثورة وقبض الثمن ، هل هم هؤلاء الموجودين في السجون والمعتقلات والمطاردين والمضيق عليهم في ارزاقهم وحياتهم لانهم باعونا في محمد محمود ام هؤلاء الذين باعوا ثورة لا يملكوها لنظام مستبد تأبط شراً بالقوى الحقيقية للثورة منذ اليوم الاول ؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نرحب بتعليقاتكم لخدمة هدفنا الاسمى في الاصلاح المنشود