الأحد، 25 يناير 2009

عفوا نصر الله......هل فعلا مات الشعب المصري ؟


قررت ان اسال نفسي هذا التساؤل وانا اقرا قصة قام بها احد علماء الطبيعة على ضفدع، حيث قام باحضار اناء به ماء يغلي ووضع به ضفدع حي فاذا به يقفز هاربا من الاناء شاعرا بسخونة الماء ثائرا عليه ومقررا تركه الى مكان اخر رغم انف واضعه وصاحب قرار القاءه في هذا الاناء ، لكن العالم لم يستسلم بل احضر اناء اخر ووضع به ماء بارد ووضع فيه ذات الضفدع ، فاستشعر الضفدع الراحة والسكينة وترك جسده يسبح في الماء الذي تعود عليه في حياته في البرية ، الا ان هذا العالم لم يكتف بذلك بل احضر شمعة(نعم شمعه) ووضعها تحت الاناء وتركها مدة ليست بالقصيرة وبدا الماء يسخن ويسخن حتى وصل الى درجة الغليان ، الا ان الغريب ان الضفدع لم يقفز وحتى عندما حاول العالم ركله بعصا بيده لم يتحرك ، وفوجئ العالم انه وعند اخراجه للضفدع من الاناء بانه قد مات دون ان يحرك اي ساكن دون ان ينتفض كما فعل قبل ذلك وترك الاناء الذي كان بداخله الماء المغلي . استسلم الضفع وترك العالم الذكي يفعل فيه اي شئ وكل شئ فالعالم قد سخن له الماء تدريجيا وهو لم يستشعر ذلك وترك جسده يتحلل من سخونة الماء حتى فارق الحياة وصارة حسدا هامدا بلا حراك تفعل به الافاعيل ولا فعل له او بمعنى ادق لا حول ولا قوة له .
والذي ادهشني بالفعل هو هذا التشابه الدقيق بين قصة هذا الضفدع وقصة الشعب المصري الان في ظل دعوة السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله للشعب المصري للخروج الى الشوارع بالملايين من اجل فتح معبر رفح وفي ظل ايضا موجة الغلاء الملتهبة والمستمرة التي يتعرض لها وخاصة بعد ارتفاع اسعار موارد الطاقة المختلفة والتي ترتب عليها ارتفاع اسعار سلع اخرى اساسية وغير اساسية ، والمدهش ان احدا من المصريين لم يحرك ساكنا ، وارتضوا الاسعار الجديدة وهو صاغرون ، لم يلتفت احد الى سائق الميكروباص وهو يعلن زيادة تعريفة الركوب واكتفوا بان وضعوا ايديهم في جيوبهم مخرجين الزيادة التي طلبها ، ماذا حدث ؟؟؟ كيف يتم ذلك بهذا الهدوء وهذه الاستكانة والاستسلام ، هل بالفعل مات الشعب المصري مثله مثل الضفدع ، يفعل به الان الافاعيل ولا يحرك ساكنا ، يصدر غازه الى دوله كان ولا يزال يعتبرها عدوة ولا يحرك ساكنا، يقتل ابناءه في عرض البحار، ويهانون كل يوم في الداخل والخارج ولا يحرك ساكنا ، تنتهك حرمات حدوده ولا يحرك ساكنا يقتل جنود له من قبل حرس حدود اسرائيلين ولا يحرك ساكنا ، تحبس زعاماته وتزور انتخاباته محلية كانت او برلمانية او حتى رئاسية ولا يحرك ساكنا ، ماذا حدث ؟؟؟ اندهش اكثر عندما اقرا في كتب التاريخ عن ما فعله المصريين عندما تم نفي احد اهم زعمائهم في عام 1919 وكيف هب المصريين للدفاع عن زعيمهم وزملاؤه ضاربين عرض الحائط بقوانين السلطة والاحتلال ، وكذلك فعلوا مع النحاس في معارضته للاحتلال او لبعض الحكومات غير المنتخبه ،وكذلك فعلوا مع عبد الناصر عندما هزمنا في حرب 1967 وقرر التنحي خرجوا عن بكرة ابيهم للشوارع مطالبينه بالعودة ومصممين على اخذ الثار من العدو الاسرائيلي وعندما احسوا من السادات ترددا في حربه خرجو ايضا منددين بتردده هذا ، و عندما قرر السادات زيادة اسعار بعض السلع خرجوا ايضا الى الشوارع فيما عرف انذاك بانتفاضة الخبز عام 1976 حتى قررت الحكومة التراجع عن قراراتها ، ايضا عندما وقع السادات معاهدة كامب ديفيد استخدموا كل الوسائل لمعارضته سواء كانت وسائل مشروعه او غير مشروعه حتى انتهي الامر بمقتله ، حتى في عهد الرئيس مبارك خرج المصريين مثمثلين هذه المرة في جنود الامن المركزي في مطلع ثمانينات القرن الماضي معترضين على بعض سياسات الدولة ، ام الان فالشعب المصري يفعل به الافاعيل ولا يحرك ساكنا اخر ما استطاع فعله هو الكلام ثم الكلام ثم الكلام ولا فعل . لا اعرف ما حدث اماتت فينا النخوة ام ماتت فينا الرجولة وقيمة اخرى اقترنت دائما بها اسمها الشجاعة . لكن يبدو ان قصة الضفدعة غير بعيدة عن قصة هذا الشعب فالنظام قد استخدم كل الوسائل لاماتة هذا الشعب سواء وسائل سياسية (تزوير انتخابات عن طريق شراء الاصوات والتي استشرت بشدة في السنوات الاخيرة ) اجتماعية (اثارة قضايا هامشية لالهاء الشعب بها من قبيل قضايا عبدةالشيطان ، والمثليون ، والجمعيات الاهلية ومدى انحرافها) واقتصاديا ( الرفع التدريجي للاسعار والرفع المماثل للمرتبات والتعشيم بزيادات وهمية من آن لاخر ثم التحجج بان الوضع لا يسمح وان الاستقرار يقتضي الانتظار وان الغلاء ظاهرة عالمية وغيرها من هذا الحجج البلهاء) .
يبدو ان الشعب المصري قد مات بالفعل ويبدو انه لا امل في افاقته الا بشخص في وزن جمال عبد الناصر ان لم يكن اثقل وزنا ، شخصا تستطيع جموع العامة ان تقف خلفه وتؤمن به وتعمل على تنفيذ اوامره الاصلاحية حتى يتم افاقتهم من غيبوبتهم او قل موتهم . لقد اصبح الامر في حاجه الى معجزة حقيقية ، دعونا لا نقلل من قيمة الديمقراطية كنظام حكم ولكن الازمة ان لم يكن الكارثة التي يعاني منها الشعب المصري لا يستطيع اي نظام حكم مهما كانت درجة مرونته وحصافته ان يقوم بحلها ،فالديمقراطية ينبغى ان يوجد من يستطيع الدفع بها دفعا وفرضها فرضا حتى يستطيع الممسكين على السلطة التنازل عن سلطتهم وترك الامور لجموع الشعب المرحوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى ثقافيا .من الاهمية ان يوجد هذا الكاريزما من اجل ان يعيد الروح في جسد فقد روحه منذ زمن ليس بقريب.

الخميس، 22 يناير 2009

بعد فشل قمة الانظمة العربية هل تتحرك القاعدة العربية?????


كما هو متوقع تمخض الجبل فولد فارا ، ها هي ترتيبات عقد قمة الانظمة العربية قد اجهضت قبل انعقادها، وبعد ما شحذ المتفائلون- او بمعني ادق مدعو التفاؤل- اقلامهم من اجل الثناء علي هذه القمة وعلي نتائجها المتوقعة والتي جعلت الواحد منا يعتقد ان هؤلاء القوم قد تغير حالهم بين عشية وضحاها ليقودوا ثورة حقيقية في العمل العربي المشترك ، ويمدوا يد العون الى اخوانهم المحاصرين الصامدين تحت القصف في غزة الحبيبة ، والواقع ان قمة الانظمة العربية لم يكن ابدا -اذا استخدمنا منطق علمي سليم- متوقعا منها ان تفعل اكثر مما فعلته الدول العربية اثناء هذه الازمة ، وبفرض ان القمة قد عقدت بالفعل فبماذا تفيد وثيقة عهد او وثيقة لحد فيما آل اليه الوضع العربي ، هل بفرض ان الزعماء العرب -كما يحبون ان يطلقوا علي انفسهم- اتفقوا علي مد غزة بالمساعدات العسكرية والاقتصادية والطبية واتفقوا علي اصلاح نظمهم السياسية وتغلبوا علي كافة العوائق القانونية التي تحيط بفاعلية جامعة الدول العربية ، من الذي يضمن لنا ان تكون هذه القرارات كسابقتها توضع في درج اتسع حجمه وقلت قيمته بمرور الزمن؟ من الذي يضمن لنا ان تكون قرارات القمة ما هي الا ذر لرماد في عيون القمة الاقتصادية العربية المزمع عقدها في الكويت خلال الفترة القصيرة القادمة والمفترض فيها ان تتحدث عن التعاون الاقتصادي وليس من المنطقي ان ياتي التعاون الاقتصادي قبل التعاون حتى الانساني ؟ وما ان تنتهي هذه القمة وتعقد الصفقات من تحت المائدة وعلي رؤوس البسطاء من الشعوب العربية ان تعود ريمة الي عاداتها الفديمة من شلل كامل وشامل للعمل العربي المشترك ، وغير المشترك . وقد يقول قائل فلنترك هذه الجامعة المريضة تموت وحدها ، ولنبحث في انشاء منظمة عربية اخري نستطيع من خلالها معالجة سلبيات التنظيم القديم ، وذلك من خلال اقامة تجمع عربي مصغر يكون نواة لتجمع عربي اكبر ، يكون اكثر فاعلية والزاما لاعضائه ، ولكن قد ينسي هؤلاء نقطة هامة جدا وهي ان أي تنظيم عربي هو انعكاس للانظمة العربية ، هذه الانظمة التي نعرف جميعا كيف اتت ومن الذي اتي بها ، فهذا ورث الحكم عن ابائه ، وذاك جاء الي الحكم علي دبابة وذلك علي طيارة واخر جاء حاملا علما امريكيا وثالث حاملا علما فرنسيا او بريطانيا ، أي لم يات أي منهم بارادتنا نحن الشعوب العربية وبالتالي فهم لا علاقة لنا بهم ولا علاقة لهم بنا ، وبالتالي فكيف يعرف من لا نعرفه رغباتنا وامالنا ، وهو الذي اتي قبل ذلك من اجل وادها وتدميرها ، فلننفض هذا التراب الذي غشي عيوننا ، وعقولنا ونقولها كلمة صريحة وواضحة ، ان علي الشعوب العربية ان تتحرك الان وليس بعد ذلك ، علينا ان نسير قبل ان نسير (بضم النون)لا اتحدث عن اصلاح هنا او اصلاح هناك ولكن اتحدث عن خطة عربية شاملة تقودنا الي تغيير شامل ، عندها فقط نستطيع ان نخلع ثوب السلبية ونتحمل مسئوليتنا الوطنية من اجل النهضة الشاملة بعد اكثر من خمسين عاما من الفقر والافقار ، والاستبداد والظلم ، والتفكك والتشرزم ، ولناتي بانظمة هي منا ونحن منها ، انظمة تستطيع ان تقودنا الي عصر جديد ناخد فيه مكاننا بين الامم ، وليكن هذا التحرك شاملا تقوده الاحزاب ، وتحميه المؤسسة العسكرية ، وتباركه الشعوب ، ولتكن الديمقراطية التي حرمنا منها علي مدي اكثر من خمسين عاما هدفا وغاية لنا نستطيع ان نامن بها شر الحاكم اذا استبد ، او غني اذا فسد ، او فقير اذا انحرف ، فلتتحرك القاعدة العربية ولتتركها من هذه الانظمة التي لن يجدي معها اصلاح او تغيير فقد ياسنا منها وياست منا . وقد يرد علينا بان المؤسسة العسكرية التي تطالبها بان تحمي الثورة هي اهم اسباب ما حدث لنا منذ اكثر من خمسين عاما ، واقو ان حديثنا عن هذه المؤسسة يجب ان يكون بفكر جديد واسلوب جديد فقديما كان الزعيم ياتي علي دبابته وهو لا يعرف عن احوال الدنيا الا وحدته العسكرية وبلدته التي اتي منها اما اليوم فقد تغير الوضع واصبحت المؤسسة العسكرية بفضل الثورة الإعلامية التي قربت بين الشعوب وبفضل مرحلة الاسترخاء العسكري التني حبستها فيها هذه الانظمة العميلة اكثر انفتاحا والماما بقواعد اللعبة الدولية واللعبة الداخلية كما اننا لا نستطيع ان ننكر ان المؤسسة العسكرية ما زالت هي اكثر مؤسسات العالم العربي تنظيما وفاعلية رغم الهزائم والاخفاقات التي منيت بها علي مدي اكثر من خمسين عاما، وقد يرد علينا أيضا ان الاحزاب السياسية التي تتحدث عنها هي احزاب مريضة لم يكن ليسمح لها اصلا بالوجود اذ لم تكن بهذا الضعف ، وعلي الرغم من وجاهة هذا الطرح ، فان الاحزب السياسية العربية التي اتحدث عنها هي الاحزاب بالمعني العلمي للكلمة أي كل تنظيم سياسي له برنامجه واهدافه السياسية ، بغض النظر عن صفة الشرعية التي تتمتع بها تلك الاحزاب ام لا .علينا ان نؤمن بان العمل السياسي الحر لا يؤمن بالقيود التي وضعت علينا في هذا العهد الردئ ، فلا فرق بين حزب علماني واخر اسلامي او حزب شيوعي واخر ليبرالي او حزب اثني او طائفي او حتي اممي ، ما دام الجميع يؤمنون بالديمقراطية كالية لتداول السلطة وبالوطن الام الذي نستظل بظله ولا ظل لنا الا فيه فنعم لحرية الاحزاب ونعم بدور فاعل لها في دولة المستقبل التي ننشدها من اجل وطن يتسع للجميع . اما عن الشعوب العربية فلا اقصد بهم ابدا هذه الشرزمة من الفاشلين والمتنطعين علي ارصفة التاريخ معتقدين انه سينصف احلامهم يوما من الايام ، ان حديثي هو عن تنظيمات المجتمع المدني عن النقابات عن الجمعيات الاهلية عن المنظمات غير الحكومية عن المثقفين والطلبة والعمال عن الموظفين ، عن الاطباء والمهندسين ، عن كل فئات المجتمع المتطلعه الي عهد تسوده قيم الحرية والمساواة والاخاء ، فليكن التغيير بهؤلاء الصامتين يائسا ، الراشدون عقلا ، الناقمون وضعا . اننا ابدا لانري فيهم الا وقودا محركا لخطة تغيير طاهرة شاملة لتغيير وضع كرهناه وكرهنا.

الثلاثاء، 6 يناير 2009

الجزائر..... عودة الى الصف العربي

يبدو ان الجزائر ابت ان لا تغرد بعيدا عن السرب العربي ، فبعد تعديل دستوري غريب على الواقع العربي عموما والجزائري خصوصا قاده الامين زروال الرئيس السابق للجزائر ، حدد فيه الحد الاقصي للفترات التي يقضيها الرئيس في منصبه بفترتين فقط ، وظن البعض ان الجزائر قد تشكل استثناء عن القاعدة العربية ، وانها سوف لن تكرر تجربة تونسية اخرى في تحديد مدة الرئاسة وتراجعها عن ذلك بمجرد اقتراب موعد انتخابات الرئاسة ، تكرر نفس السيناريو في الجزائر وحدث ما حدث باقتراب موعد انتخابات الرئاسة في الخريف القادم فما ان اقتربت هذه الانتخابات وبدأ المراقبوا والمحللين في استشراف مستقبل جزائر ما بعد بوتفليقه حتى عادت الدولة للمربع الاول مرة اخرى وبذات الحجج المستخدمه في كل البلاد العربية بل انها بذات المواد التي وضعت كحاشية للمادة الام . فالسادات في مصر عندما عدل هذه المادة وسمح لرئيس الجمهورية بتولي منصب الرئاسة لفترات متعددة (مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة المصرية) فقد اضاف اليها مادة الشريعة الاسلامية . وكذلك فعل الرئيس التونسي زين العابدين وفعله بشكل مختلف قليلا الرئيس اليمني . اما بوتفليقه فقد وضع بعض الحواشي التي ان حذفت او اضيفت فانه لا قيمة لها بالاساس.
في هذا التقرير سوف نحاول معرفة ماهية هذه التعديلات . واسباب طرحها وموقف القوى السياسية في الجزائر منها . وما هو مستقبل انتخابات الرئاسة ومستقبل الوضع السياسي في الجزائر عموما بعد هذه التعديلات ؟
• ملامح التعديل الدستوري المقترح
يشمل مشروع تعديل الدستور اربعة بنود رئيسية هي :
1. تحديد طبيعة النظام السياسي حاليا في الجزائر بحيث يصبح نظاما رئاسيا كامل الصلاحيات والمهام وليس مشتركا مع البرلمان كما هو حاليا وتحديد صلاحيات السلطة التنفيذية بدلا من الاذدواجية الحالية مع عدم المساس بالسلطتين التشريعية والقضائية .
2. الغاء تحديد عدد المدد والفترات الرئاسية بدلا من فترتين فقط كل منها خمس سنوات .
3. السماح للرئيس بالترشح لفترات متعددة دون قيود واخضاع الاختيار لارداة الشعب عبر انتخابات حرة .
4. الغاء منصب رئيس الحكومة الحالي وتعويضه بمنصب رئيس الوزراء بصلاحيات ومهام جديدة وعديدة ويتولى مهمة تنسيق عمل الجهاز التنفيذي الذي سيخضع مباشرة لرئيس الجمهورية وتحديد برنامج تنفيذي تنموي واحد للبلاد بدلا من برنامجين حاليا واحد لرئيس الجمهورية واخر لمجلس الحكومة .
• تطور الحياة الدستورية (التعديل الخامس ):
منذ استقلال الجزائر والبلاد لم تعرف الا اربعة تعديلات قبل هذا التعديل فقد كان أول دستور عرفته الجزائر كان بعد الاستقلال مباشرة، وتحديدا في عام 1963، ودعا إليه الرئيس أحمد بن بلة آنذاك. ومن ميزاته أنه قرر الاشتراكية كخيار سياسي واشتراكي، واتخذ من الصين والاتحاد السوفياتي سابقا مصدر إلهام في هذا الجانب. ووضع دستور 1963 كل السلطات بين يدي رئيس الجمهورية الذي خرج من حرب التحرير متمتعا بـ«الشرعية الثورية». ثم جاء دستور عام 1976 بعد 11 سنة من الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع آنذاك هواري بومدين إلى الحكم. وقد كرس النص الجديد الخيار الاشتراكي، مع التأكيد على إحداث «ثورة صناعية وزراعية» على الطريقة الصينية. وركز بومدين بين يديه سلطات كبيرة في دستور 1976، واتخذها خطاً لإبعاد خصومه السياسيين وفي إدخال بعضهم السجن مثل الإسلامي محفوظ نحناح الذي كان من أبرز معارضي الدستور. ويعتبر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من بين المساهمين في وضع دستور بومدين. وفي عام 1989 أجرى الرئيس الشاذلي بن جديد استفتاء لتعديل الدستور، بعد ما سمي بـ «ثورة المراهقين» التي جرت في خريف عام 1988 والتي اتخذ على أساسها قرار التعديل، بدعوى أن الشعب يتوق للتعددية. ولأول مرة فقد الحزب الحاكم «جبهة التحرير الوطني» السيطرة على المشهد السياسي، باعتماد أحزاب جديدة كان أقواها على الإطلاق «الجبهة الاسلامية للانقاذ» التي كادت تصل إلى عتبة الحكم في انتخابات البرلمان عام 1991، لكن الجيش تدخل لإلغاء نتائجها، وتم حل الجبهة بقرار قضائي. وفي عام 1995 قدر الرئيس الجنرال الامين زروال أن دستور عام 1989 تسبب في انحراف المسار الديمقراطي، فقرر تعديله في العام التالي. وكان أهم ما في مسودة التعديل منع تأسيس أحزاب على أساس ديني أو عرقي، وتم حل عدة أحزاب وقعت تحت طائلة هذه المحظورات. وكان أهم ما ميز دستور زروال أنه يمنع الرئيس من الترشح لأكثر من ولايتين. ثم اتي التعديل الخامس ليلغي تعديل زروال ويعيد البلاد للمربع رقم واحد.
• ردو الافعال حول التعديل :
بمجرد ما تم طرح التعديل على البرلمان الجزائري والتي كان قد تقدم بها حزب جبهة التحرير الوطنية ذي الاغلبية البرلمانية والموالي للرئيس الجزائري بوتفلسقه ، وافق عليه الاغلبية الساحقة في البرلمان وقد وافق على التعديل 500 نائب من بين 529 نائبا هم اعضاء البرلمان الجزائري فيما صوت 21 بعدم الموافقة وهم من احزاب المعارضة وامتناع ثمانية نواب . وقد قام الرئيس الجزائري بعد ذلك بالتصديق على التعديل في صورته النهائية،وقد انتقدت احزاب المعارضة التعديلات الدستورية قائلة انها تدمر التعددية السياسية وتزيد من التوترات الاجتماعية في البلاد . ويعتبر كثير من المعارضين للتغيير انه تكتيك وحيلة من بوتفليقه للبقاء في السلطة مدى الحياة بعد انتهاء فترة رئاسته الثانية والاخيرة في ابريل عام 2009 . وعلى الجانب الاخر اعتبر مؤيدو بوتفليقه ان تولية فترة رئاسية ثالثة سوف تسمح له بالاستمرار في برنامجه الاصلاحي وجهود تحديث الاقتصاد .كما ستسمح له باستمرار خطة اعادة الاعمار لتحديث ثالث اكبر اقتصاد في افريقيا بعد سنوات من العنف في التسعينيات الذي قتل فيه اكثر من 150 الف شخص.
ففي الجبهة المعارض قال كريم طابو الامين العام لحزب جبهة القوى الاشتراكية (المعارض) ان تعديل الدستور ليس بالمفاجئ واصفا ما حدث بانه مجرد نهاية لترقب طال امده وشدد على ان السلطة تمضي في رعايتها الابدية للنظام . وان هذا القرار لن يغير شيئا في المعضلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للجزائريين ولا حتى في مجابهة التحديدات التي تنتظر البلاد موضحا ان الاعلان عن تعديل الدستور لن ياتي باي شئ ايجابي للشعب الجزائري. اما جبهة القوى الاشتراكية وهي ثاني حزب يعارض الاعلان عن تعديل الدستور بعد غريمه حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية فقد وصف التعديل دستوري بانه يتيح لبوتفليقه الترشح لفترة ثالثة وانه بمثابة اقصاء للجزائريين وقال بيان الحزب الذي يقوده سعيد سعدي ان بوتفليقه يريد البقاء في السلطة مدى الحياة وانه يسعى لتكريس منطق الولاء واقامة نظام العشائر والجهوية ويسعي من خلال تعديل الدستور لتمكين العشيرة من الاستمرار في الحكم . ام الطرف المحايد فقد تمثل في امتناع حزب العمال (اقصي اليسار)عن ابداء راي صريح وواضح من التعديل الدستوري وقال الحزب ان الرئيس استخدم صلاحياته في تعديل الدستور . كما التزمت حركة مجتمع السلم (تيار اسلامي وعضو في التحالف الرئاسي ) بموقف غير واضح تماما فلم ترحب كشريكيها الاخرين في التحالف بنفس الدرجة من الحماس كما لم تعارض التعديل واعتبرت الحركة على لسان احمد ايسعاد رئيس كتلتها البرلمانية ان مجلس الشورى هو المخول ليعطي رايه في هذا الموضوع .
اما الطرف المؤيد فقد تمثل في وصف حزب جبهة التحرير الوطني (عضو التحالف الرئاسي ) التعديل الدستوري بانه هديه لنوابه في البرلمان وكمكافاة لهم على نضالهم من اجل تعديل الدستور معتبرا ان يطمح في تعديل اخر اوسع واشمل للدستور. واعرب التجمع الوطنى (حزب رئيس الحكومة )عن استعداده للمساهمة في انجاح التعديل والاسراع في الانتهاء منه .
• التعديل الدستوري وانتخابات الرئاسة الجزائرية
في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس بوتفليقه لتدشين سباق الانتخابات الرئاسية باعلان قراراه خوض تلك الانتخابات بين لحظة واخرى بعد قرار البرلمان بتعديل الدستور ، قرر اثنان من قيادات احزاب المعارضة دخول تلك الانتخابات حيث اعلن موسى تواتي زعيم حزب الجبهة الوطنية ترشيح نفسه ببرنامج جديد لمنافسة بوتفليقه وفي الوقت نفسه اعلن سعيد سعدي زعيم حزب التجمع من اجل الديمقراطية والثقافة ذي الشعبية في مناطق القبائل عزمه على خوض الانتخابات الرئاسية مقابل التمسك بحضور مراقبين دوليين للاشراف على مراقبة الانتخابات ومنع حدوث اي اعمال تزوير او تجاوزات ،في غضون ذلك يشهد حزب جبهة التحرير (حزب بوتفليقه )تحركات عاجله واجتماعات تنسيقيه برئاسة عبد العزيز بلخادم الامين العام للحزب لوضع برنامج ترشيح الرئيس بوتفليقه وخطة التحرك في جميع الولايات الجزائرية وتسيير حملات التاييد والدعم .
واخيرا فان تعديلا تم قبل انتخابات معروف نتائجها مسبقا تفتح الباب على استمرار الوضع القائم على ما هو عليه ، وهو وضع قد يكون في صالح استقرار الجزائر باعتبار ان الرئيس بوتفليقه لديه من الرصيد الشعبي ما يؤهله لمقبولية عاليه من جانب كل الاطراف التي تؤثر على استقرار الاوضاع في الجزائر ، ولكن ومع ذلك فانه يبقي امام الجزائريين تحدي استمرار حالة العنف التي بعثت في الشهور القليلة الماضية ولكن ومع ذلك فانه من الممكن القول ان احد اسباب عودة العنف في الجزائر طبقا لرؤية بعض المراقبين هو عدم الثقة في شخصية القادم في منصب الرئاسة والرغبة في ارسال رسالة الى كل من يعنيه الامر في الجزائر ان جماعات الاسلام الساسي ما زالت تتمتع بمرونة في الحركة داخل الشارع الجزائري وهو ما قضي عليه هذا التعديل بادخال قدر من الطمانينه في نفوس بعض المتوجسين خيفة على مستقبل الجزائر . ولكن تبقي قضية الديمقراطية هي الضحية الاولي دائما في اي سعي من جانب الانظمة الحاكمة نحو ما يسمونه الاستقرار . فالي متى يظل الاستقرار هو النقيض الفعلي للمارسة الديمقراطية الحقيقية في العالم العربي .

ضحايا عام 2008 من الشخصيات العامة المصرية

قائمة باسماء الشخصيات العامة الذين فقدتهم مصر عام 2008
1- د. يونان لبين رزق
2- عزيز صدقي
3- ابراهيم شكري
4- رجاء النقاش
5- مجدي مهنا
6- صوفي ابو طالب
7- عبد اللطيف ابو هيف
8- مصطفى خليل
9- يوسف شاهين
10- سامي خشبة
11- رؤوف عباس
12-عبد الوهاب المسيري
13- محمد مدبولي (صاحب مكتبة مدبولي)
14- حسن سليمان (رسام وفنان)
15- محمد عبد الحليم ابو غزاله
16- يوسف صبري ابو طالب
17- سيد متولي (رئيس النادي المصري)
18- الشيخ محمد المسير
19- صلاح الدين حافظ
20- كامل الزهيري
21- محمد سعيد العشماوي
22-مشهور احمد مشهور (رئيس هيئة قناة السويس الاسبق)
23- مصطفي كال حلمي
24- سيد نوفل
25- سعد اردش
26- احسان القلعاوي
27- الشاعر الفلسطيني محمود درويش

الأحد، 28 ديسمبر 2008

براءة الشعب المصري من عمالة النظام المصري


لا استطيع ان اكون مسهبا ولكني ساكون مركزا لعدم قدرتي على الاستفاضة في الكتابة لحالة من الغضب والحزن والعصبية تنتابني بسبب ما يحدث في غزة . ولكني اردت توضيح بعض النقاط عن الشعب المصري وهي :
1- ان لدينا في الشعب المصري يقين ان هناك خيانة تمت من جانب النظام المصري ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة
2- ان هذه العمالة تمثلت في استقبال رئيس الجمهورية لوزير الخارجية الاسرائيلية قبل يومين من الهجوم وتهديدها من القاهرة بانهاء حكم حماس في غزة .
3- وتمثلت ايضا في الاتصال الذي قام به احد المسئولين المصريين وطمان فيه قيادات جماس بانه لا هجوم اسرائيلي خلال هذا الاسبوع على غزة وهو ما دقع الحمساويين بعدم اخلاء المقار الامنية مما تسبب في ارتفاع عدد القتلى .
4- ايضا الدعوة المصرية للفصائل الفلسطينية للحوار في القاهرة وهو ما فسر بانه تغطية على نية اسارئيل في الهجوم .
5- اننا كشعب مصر تبرأ كامل من افعال هذا النظام ونطالب بالاتي :
أ‌. فتح الحدود المصرية الفلسطينية للسماح بدعم الفلسطينيين ماديا وعسكريا ومعنويا.
ب‌. طرد السفير الاسرائييلي ووقف كل اشكال التطبيع مع العدو الاسرائيلي .
ت‌. وقف العمل باتفاقية الكويز وكل ما يترتب عليها من التزامات .
ث‌. وقف تصدير الغاغز لاسرائيل بالاضافة الى وقف تصدير البترول وكل المنتجات والخدمات من والي اسرائيل.
واخر دعوانا اللهم اهلك الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين

الخميس، 13 نوفمبر 2008

سلطان الزمان .....القوة والسياسة في إيران


سلطان الزمان
القوة والسياسة في إيران
The Latter-Day Sultan Power and Politics in Iran By Akbar Ganji
From Foreign Affairs , November/December 2008
بقلم: أخبار جانجي
ترجمة :خالد فياض

يتساءل العديد من الايرانيين هل لو كان الاصلاحيين قد فازوا في انتخابات 2005 هل كان من الممكن أن يغير ذلك من الواقع الايراني الكئيب ؟ فطبقا لما صرح به عبد الله رامزانزادا وهو متحدث حكومي رسمي سابق فان الموقف الإيراني الآن هو الأسوأ منذ أكثر من خمسين عاما، فطبقا لرؤية العديد من قادة المعارضة في إيران والتي تتفق في كثير من الأحيان مع وجهة نظر الإعلام الغربي فإنهم يرون أن المدان الوحيد في خلق إيران المريضة هو احمدى نجاد فمن رقابة إلى انهيار اقتصادي إلى فساد إلى احتمالية توجية ضربة عسكرية أمريكية.
لكن الواقع عكس ذلك تماما، فهناك تضخيم مبالغ فيه لدور احمدي نجاد وغض النظر عن الحاكم الحقيقي والفعلي في إيران وهو السيد على خاميني قائد المجلس الاعلي للثورة الإسلامية في إيران. فقد منح الدستور الإيراني صلاحيات كبيرة لقائد المجلس الأعلى على حساب كل المؤسسات في الدولة. وقد ضاعف من هذا النفوذ الفترة الكبيرة التي قضاها السيد خاميني في الحكم والتي امتدت منذ عام 1989 فقد أعطت له العديد من العوامل التي ضاعفت من هذا النفوذ. وذلك بشكل رسمي أو غير رسمي، فكل من السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية تخضع خضوعا تاما لسيطرته المطلقة. فخاميني هو رئيس الدولة والقائد الاعلي والمرشد الروحي، هو أيضا المسيطرعلى لاقتصاد والدين والشئون الثقافية وذلك من خلال العديد من المجالس الحكومية العديدة، والمنظمات المقيدة للحريات، مثل الحرس الثوري الذي يعين هو بنفسه أعضائه.
من بين كل القادة الذي حكموا إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979 فقط آية الله خوميني قائد الثورة، وهاشمي رافسنجاني وهو رئيس إيران في معظم فترات التسعينات وعلى خاميني هم فقط الذي كانت لديهم تأثيرات ملموسة في إيران، فبالرغم من التأييد الذي تحقق لأحمدي نجاد فانه لم يكن ذو تأثير مثل أقرانه المائة الذي حكموا إيران في الثلاثين سنة الأخيرة، وذلك على الرغم أيضا من تأييد على خاميني له وإعطائه صلاحيات لم يسبق لرئيس إيراني التمتع بها، إلا أن نجاد كان فقط الاداة الاساسية لتحقيق أهداف خاميني.
أن سلطة خاميني كبيرة بالشكل إلي يصعب مخالفتها، وبالتالي فان أي تفكير في أن سياسة إيران من الممكن أن تتغير في حالة رحيل احمدي نجاد هو أمر بعيد عن الواقع، فسياسة إيران وخاصة الخارجية سوف تبقى كذلك ما دام هيكل السلطة بهذا الشكل.
6في واحد: نصف دستة من الآخر
أن الحكم على حرية الانتخابات في إيران أمر يحتاج إلى قليل من التدقيق، فالانتخابات الرئاسية والبرلمانية وحتى الانتخابات المحلية تعتبر مسرحيه هزلية فالمرشحين ملزمين بالتوقيع على تعهد بأنهم مؤمنين بالثورة نظريا وعمليا وبالدستور الإيراني والإسلام والسلطة المطلقة لقائد المجلس الأعلى للثورةالاسلامية في إيران، وللراحل الخميني. لقد حرم العديد من اليساريين من الدخول في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 1992 عندما كان هاشمي رافسنجاني رئيسا للجمهورية. وفي الانتخابات البرلمانية في فبراير عام 2004 وفي أثناء فترة حكم محمد خاتمي سمح فقط لمائة وتسعين برلمانيا من اصل 290 بالدخول للبرلمان الايراني، ليس هذا فقط بل أن 43% من مجموع المرشحين تم استبعادهم من الدخول في الانتخابات من الأساس. وفي الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2005، وفاز بها احمدي نجاد كانت بالفعل انتخابات مزوره فقد استقال على أثرها العديد من كبار الموظفين الرسميين اعتراضا عليها،ولم يتغير أي شئ رغم هذا، ففي الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا هذا العام تم استبعاد 158 مقعد وترك فقط 132 مقعد للتنافس عليهم، كما أن 26% من المرشحين تم استبعادهم.وقد انتقدت مجموعة الإصلاحيين المجاهدين في منظمة الثورة الإسلامية هذه الانتخابات الديكورية واعتبروها محاولة لخلق برلمان شكلي يدين بالولاء والطاعة للقيادة.
ومع ذلك ومن جهة أخرى فان احد لا يستطيع أن ينكر ان الأوضاع قد تحسنت قليلا فيما يتصل ببعض الأمور. ففي العقد الأول من عمر الثورة الإسلامية كان الوضع غاية في السوء من حيث القمع العنيف للمعارضين، فقد كان الاعتقال السياسي أمرا ممنهجا كما كان التعذيب كذلك أيضا،الا انه قد تلاحظ تحسن واضح ظهر في وضعية حقوق الإنسان في إيران، كنتيجة للحرية المتزايدة التي بدأت الصحافة في التمتع بها، ومناقشتها لقضية انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد بشكل علني. فقد قمنا بالكتابة عن استمرار الجور والظلم من خلال الدفع باالاعتقال فى السجون واحتجازهم دون محاكمة. الا انه ومع ذلك ينبغي التأكيد على التحسن الحاصل في وضعية حقوق الإنسان بالمقارنة بفترة الثمانينيات. إلا أن هذا التقدم قد تباطأ قليلا بتولي احمدي نجاد للحكم. ومع ذلك فانه من الأهمية القول أن تناقص القمع السياسي في البلاد في العقود الثلاث الأخيرة يرجع بصفة أساسية إلى تجذر مفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان في عقل الشعب الإيراني مما صعب المهمة على أولئك المسئولين الذين كانوا يتطلعون إلى متابعة جرائمهم وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان. وعلى ذات الوتيرة فان انتقاد المرشد الاعلي للثورة أصبح أمرا متكررا، فصحفيون من أمثال احمد زيد عبادي وايسا ساهرخيز أعضاء رابطة الصحافة الحرة في إيران والمفكر احمد قابيل الذي ينادي باعتبار الحجاب حرية شخصية وليس فرضا دينيا وغيرهم من الجماعات السياسية الإصلاحية، قاموا بكتابة خطابات مفتوحة ومقالات تديني خاميني وتطالب بمشروع جديد للارتقاء بالأمن الاجتماعي ومنع القمع السياسي، خاصة في الجزء المتعلق بإلزام الإيرانيين بلباس محدد (لم يتم الالتزام بشكل كامل بهذا اللباس في عهد احمدي نجاد كما كان في السابق) إلا انه في الواقع الحالي فان الشباب الإيرانيين أصبح أكثر تمسكا باللباس العصري الذي يعتبر لباسا غير مقبول من جانب النظام الإيراني.
أن اللغة الشعبية الخطابية التي يستخدمها احمدي نجاد أعطت فرصة جيدة لتفحص سياساته ووضعها تحت الملاحظة الدقيقة، فباستخدام لغة واضحة في نقد معارضية فان احمدي نجاد قد شجعهم على استخدام ذات اللغة الواضحة والشفافة، فعلى سبيل المثال في بداية هذا العام صرح محسن ارمين، وهو من الرموز الإصلاحية في إيران، معترضا على سياسات احمدي نجاد في تنحية بعض ممن اسماهم بغير المؤهلين من وجهة نظر النظام ،ودعوتهم لعدم ترشيح أنفسهم في الانتخابات البرلمانية المزمع إجرائها قريبا باعتبارها غير مؤهلين للحفاظ على مصالح البلاد، حيث اعتبر محسن الرئيس احمدي نجاد أول غير المؤهلين لحكم البلاد والذي يجب استبعادهم حتى من الدخول في الانتخابات البرلمانية. وذلك بسبب ما سببه من تضخم اقتصادي أصبح يتزايد يوما بعد يوم، بالإضافة إلى المعاناة اليومية ذات المصادرالمختلفة التي يعانيها الناس نتيجة لسياساته الخاطئة.أما مساعد وزير الخارجية في عهد رئاسة خاتمي السيد محمد صدر فقد وصف السياسة الخارجية لاحمدي نجاد باعتبارها تفتقد إلى الحنكة ومضللة، أو على حد وصفة شخصية وشديدة الجهالة.أن مثل هذا النقد لم يكن موجودا في حقبة خاتمي، فعلى الرغم من اتهام خاتمي أحيانا بأنه كان معاديا للدين فان احد لم يدعي عليه تشجيع السحر والشعوذة والتدين الأحمق كما فعل البعض مع احمدي نجاد .
الا ان ومع ذلك لم يمنع استمرار الرقابة على الصحف ، ففي نهاية عام 2007 وجه المجلس الأمني الوطني الأعلى والذي يصيغ السياسات الأمنية الإيرانية وجه الصحف بما يجب أن تكتبه عن قضايا العلاقات الإيرانية الأمريكية والعراق والانتخابات البرلمانية والرئاسية ومنع نشر وجهات النظر المعارضة للبرنامج النووي الإيراني أو للأقليات القريبة من الحدود الأفغانية أو العراقية أو حصص البترول، هذه الرقابة تمت أيضا فيعهد رافسنجاني وخاتمي.
أن قدرا من الثناء يستحقها احمد نجاد عن اي تقدم حدث في البلاد في عهده "، ولكنه لا يتحمل وحده المسئولية عن ما حاق بالبلاد في عهده وجعلها اسوأ فترة رئاسة منذ قيام الثورة الإسلامية.
السلطان خاميني:
لو كان هناك احد يجب أن يلام على ما وصلت إليه إيران اليوم فسوف يكون ذلك السيد خاميني، الذي قاد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في إيران على مدي عقدين من الزمان سيطر فيها على كل مقاليد الحكم في إيران، أن هذه السيطرة رغم كونها سيطرة تقليدية وفي بعض الأحيان تسمي ارثية، وعادة ما يطلق عليها اسم السلطانية وهي التي تخلط بين الحكم التقليدي والاستبدادي، وعادة ماتحكم من خلال المؤسسة العسكرية والنظام الإداري الذي يعتبر امتداد لحكم آل البيت. أن السلطان عادة ما يؤجل الانتخابات وذلك من اجل إثبات شرعيته وتقويتها، ولكنه ومع ذلك فانه وحتى في حالة إجراء الانتخابات فانه لا يفقد أي من سلطاته. أن السلطان عادة ما يستخدم الدولة بكل سلطاتها، ويحكم بالنيابة عنها، وهو يوجه الاقتصاد طبقا لمشيئته بالاضافة الى سلطاته القمعية وسيطرته على الشعوب، أن شخصا مثل هذا في النظرية عادة ما تجده في التطبيق تحت مسمي خاميني.
أن إيران اليوم هي في الحقيقة دولة سلطانية، ليست شمولية ولا حتى فاشية، فأنت تستطيع في ايران أن تسمع فيها العديد من الأصوات المختلفة،ورغم انها ما زالت من الناحية الرسمية دولة إسلامية ثيوقراطية، لكن نستطيع القول أنها ليست دولة ذات ايدلولجية واحدة مسيطرة، حيث تستطيع أن ترى الليبرالية والاشتراكية والحركات النسوية بديلا للأيدلوجية الحاكمة، والعديد من الإيرانيين يعرفون أنفسهم أحيانا باعتبارها ممثلين لهذه التيارات.كما أن إيران لاتعترف بنظام الحزب الواحد، فعندها حوالي 12 حزب ولكن من الصعب أن تماثل وضعية هذه الأحزاب وضعية الأحزاب في الدول الديمقراطية. أن هذه الأحزاب عادة ما تمثل وجهة النظر المتمايزة على وجهة النظر الحكومية، هذا الوضع خلق ضغطا على خاميني في بعض الأحيان اجبره على الإعلان عن رفضة لبعض عمليات الاغتيال السياسية التي وقعت في عام 1998 .
منذ ثورة عام 1979 والإسلام خدم الدولة الإيرانية، وليس أي شئيا آخر، وقد اعتمد الخميني منذ البداية على الرؤية السلطانية للإسلام (الدولة لها الأولوية على تطبيق الشريعة ) وقد نشر ما يحمل هذا المعني في عام 1988، فالحكم مباح له أن يدمر المساجد والمنازل لو كانت هذه تشكل تهديدا خطيرا للدولة، كما تستطيع الدولة أن تمنع الحج مؤقتا لو أن ذلك شكل معوقا لمصالح الدولة.
لقد منح الدستور الايراني السلطة المطلقة للمرشد الاعلى للثورة الاسلامية ومن هذه المواد الدستورية المادة 57 من الدستور والتي تنص على أن قوة الحكومة في الجمهورية الإسلامية والمتمثلة في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية كلها تحت رقابة القيادة الدينية المطلقة. وقد استخدم خاميني سلطته هذه للسيطرة ليس فقط على السلطات الثلاث للحكومة لكن أيضا على الاقتصاد والدين والشئون الثقافية، وعادة ما يكون ذلك بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال المجالس المختلفة أو من خلال الحرس الثوري، هذه السيادة المطلقة تسمح للمرشد الأعلى بالتدخل الاستبدادي في حياة مواطنية الشخصية. هذا الواقع المتمثل في السلطة الواسعة المخولة له والمضمونة بالدستور كانت بعيدة في معظم الاحيان عن العقلانية .
السلطة غير المتوازنة:
المحرك الرئيسي للقوة هي في قدرة المرشد الأعلى في تعيين وإقالة كبار المسئولين الحكوميين، فقد سمح الرئيس رافسنجاني للمرشد الأعلى خاميني باختيار وزير الثقافة، ووزير الداخلية ووزير المخابرات، والتعليم العالي ووزير الخارجية (دائما ما كان خاميني مهتما بهذه الوزارات على وجه الخصوص قدر اهتمامه بالشئون الخارجية، ومنذ هذا التاريخ في عام 1989، حدد خاميني سلطاته في تعيين وإقالة الوظائف العسكرية الحساسة وكبار القيادات الأمنية. وبالتالي فان القضية ليست هل خاميني يستطيع نزع سلطات احمدي نجاد، ولكن القضية هل يستطيع.
وعلى المستوى التشريعي يمارس خاميني سلطاته وسيطرته على البرلمان، فمن الناحية الرسمية فان وزارة الداخلية هي المشرفة على الانتخابات البرلمانية، لكن في الواقع فان هذه المهمة تدخل تحت سلطات مجلس الحرس (نصف هذا المجلس يعين من قبل المرشد الأعلى).كما أن هذا المجلس من سلطاته مراقبة التشريعات والتأكد من مطابقتها للدستور وللائمة الاثني عشر والقانونيين، هذا بالإضافة إلى سلطتهم في اختيار المرشحين لمنصب الرئاسة. والمرشحون للبرلمان ومجلس الخبراء. في كل فانه وطبقا لتصريح السيد / بهزاد نبوي مؤسس حركة المجاهدين الإصلاحيين في المنظمة الثورية الإسلامية، فان أكثر من 3500 شخص ممن تم ترشيح لخوض الانتخابات البرلمانية عام 1992 لم يكونوا مؤهلين لذلك، كما كان هناك أكثر من 80 عضو معين في البرلمان من غير المؤهلين.كما انتقد خاميني مرارا الإصلاحيين في المجلس السادس واتهمه بانهم موالين للولايات المتحدة ويعملون ضد مصالح النظام، وامتدح المحافظين في البرلمان السابع (2004-2008).مجلس الحرس له أيضا حق الفيتو في منع أي قانون يسنه البرلمان(الرئيس لا يمتلك هذا الحق )فعلى سبيل المثال منع مجلس الحرس البرلمان السادس والذي كان مشكوكا في ولائه لمجلس الحرس، من تخفيض ميزانية هيئة البث الإذاعي. وهو ما أكده أبو الجاسم الغزالي وهو عضو في مجلس الحرس إلى الإعلان انه إذا عارض أربعة أعضاء في مجلس الحرس قرار وافق عليه 60 مليون فان هذا القرار يعتبر في حكم الملغى.
ليس هذا فقط، بل أن خاميني مارس سيطرته على كل المؤسسات الإيرانية المنتخبة وذلك بفضل المساندة الدستورية له، فالمادة 110 أعطته الحق في ضبط كل السياسات، فخاميني له سلطة غير محدودة في رسم السياسات العسكرية والاقتصادية والثقافية والقانونية والتعليمية، وإيصالها إلى مؤسسات الدولة لتنفيذها من خلال المجلس Expediency council (وهو المجلس الذي يعين أعضائه من قبل المرشد الأعلى، وهو المخول بحل النزاعات أن وجدت بين البرلمان ومجلس الحرس )في كلمات أخرى حتى لو استطاع الإصلاحيين السيطرة على المؤسسات المنتخبة، فان أي سياسات مستقلة يحاولون إتباعها سوف لن ترى النور وذلك بحجة معرضتها للسياسات العامة للدولة، . وبالتالي فان أي دور بارز للإصلاحيين في البرلمان سوف يؤدي إلى نتائج أسوأ نتيجة لهذه السيطرة التي يتمتع بها على خاميني.
اما السلطة القضائية فتخضع هي الاخرى لسيطرة خاميني، وعادة ما تم استخدمها كأداة قمع. المحكمة الثورية الإسلامية والتي تتمتع بقدر كبيرمن حرية التصرف خاصة في اوقات الفتن فهي تخضع لسلطات المرشد الأعلى للثورة. وزير المخابرات جوهلام حسين محسني ايجي والذي اتخذ قرارات باعتقال العديد من رموز المعارضة وذلك من خلال المحكمة الخاصة للإمام، والمحكمة التاديبية للموظفين الحكوميين، وكلا المحكمتين مسيطر عليهم من قبل المرشد الأعلى. في عام 1998 وفي عهد الرئيس خاتمي أوقف التحقيقات فيما عرف بجرائم المقيدة وذلك حتى نهاية رئاسة خاتمي (حيث تم فتح التحقيق في أربعة قضايا قتل من بين العديد من قضايا القتل التي وقعت آنذاك ) وتوقفت التحقيقات عند مستوى سعيد إمامي عضو وزارة المخابرات وهو احد المشتبه فيهم الرئيسيين في هذه القضية.
وطبقا لأيدلوجية الدولة، فان خاميني هو المهيمن أيضا على الشئون الدينية، فقد نحى جانبا اية الله محمد رضا مهدي خان وعلى اكبر ناطق نوري، وكلاهما من الأئمة المحافظين، والذين كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في عهد الخميني. لكنهم أصبحوا الآن اقل تأثير واقتصر ظهورهم على المناسبات فقط. أيضا سيطر خاميني على المساجد وقام بتعيين كل خطباء صلاة الجمعة كل أسبوع، كما انه المسئول عن تحديد خطب الجمعة وما يجب أن يقال فيها. الخطباء عادة ما يكونوا مستقلين عن الحكومة ولكن خاميني له سيطرة عليهم وذلك من خلال زيادة التمويل الممنوح لهم.كما انه الذي يحدد من هو الفقيه القادر على التفسير الصحيح للإسلام.
وعلى ذات المستوى فان خاميني هو المسيطر على الشئون الثقافية والأكاديمية. كما انه يراقب وسائل الإعلام بحجة الأمن القومي. ففي نهاية التسعينات وضع خاميني اية الله العظمي اية الله حسين على منتظري وهو الوريث السابق للإمام الخميني تحت الإقامة الجبرية في بيته لعدة سنوات وذلك بعد انتقاده انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وذلك بقرار من المجلس الأمني الوطني الأعلى SNSC.
و في الشئون الثقافية فان سلطة خاميني تمتد لتشمل كل كبيرة وصغيرة. ، ففي عام 1998 منع عبد الله نوري (وزير الداخلية في عهد الرئيس خاتمي )من التحدث في احد المساجد السنية في الريف أثناء احد الاضطرابات التي كان قد قام بها السكان السنة في هذه المنطقة. وعندما رفض نوري تنفيذ أوامره قام خاميني بإقالته من منصبه وإحالته للمحاكمة حيث أدين بعقوبة خمس سنوات في السجن. بالإضافة إلى ذلك فقد قام خاميني بنفسه بفحص قائمة الكتاب المزمع تكريمهم في عام 1998 بمناسبة مؤتمر(الرواية الأدبية في إيران ).خاميني أيضا يؤثر على الإعلام وذلك من خلال سياسات المجلس الأعلى للثورة الثقافية والذي كل أعضائه من المعينين. هو أيضا يجعل من تفضيلاته السياسية معروفة على نطاق واسع الأمر الذي يجعل كل الناس حريصين على إرضائه. وفي عام 1998 خاميني أغدق المديح على بعض الكتاب المسلمين الذين اعتبرهم حماة الدين والساهرين على تنفيذ حدوده في المعركة ضد الغزو الثقافي الغربي.
احتكار العنف:
في أول اجتماع له مع مجلس الوزراء باعتباره القائد الأعلى لمجلس الوزراء. في عام 1989 طرح خاميني نظرية الرعب التي عرفت منهجه في قضايا الأمن الداخلي، والتي تأسست على تفسيره للقران وبداية التاريخ الإسلامي، فقد قال في الاجتماع أن غالبية الناس في الدولة صامتون لكن هناك مجموعات من الأفراد تقدم مصالحها الأنانية على مصالح الشعب هؤلاء من الأهمية أن تستعمل الدولة ضدهم الرعب. وقد وجدت هذه النظرية صلاحية واسعة النطاق ومبررا مقبولا للعديد من عمليات الاغتيال ضد المعارضين في داخل إيران وخارجها بمعني أدق استطاعت هذه السياسة إسكات أصوات المعارضين والذين قد يشكلون تهديدا للنظام.
وفي هذا السياق احتاج خاميني بشدة إلى تأييد المؤسسة العسكرية، لقد كان خاميني منذ زمن مهتم بالعمل الأمني والعسكري، لقد كان هو ممثل الخميني في وزارة الدفاع أثناء الحكومة الانتقالية في عام 1979، ثم انتقل بعد ذلك للعمل فيها ثم شغل منصب مساعد وزير الدفاع، وعندما تأسست وزارة المخابرات ووزارة الأمن عام 1984، عندما كان هو رئيسا للبلاد، طلب خاميني أن يكونا تحت سلطته.
بمرور السنين، زاد خاميني تدريجيا من نفوذ الحرس الثوري وزاد من قوته السياسية والاقتصادية، وبعد فشل محمد باقر ذوالقادر رئيس الحرس الثوري في إنجاح المرشح المنافس لخاتمي في الانتخابات الرئاسية في مايو عام 1997 وأثناء فترة حكم الإصلاحيين، ذاد نفوذ الحرس الثوري والباساج ضد حركات الإصلاح. وزادت قوة حرس الثورة أكثر بوصول احمدي نجاد إلى سدة الرئاسة ،، فقد تضاعفت ميزانية الجيش لتصل إلى حوالي 5% من ميزانية الدولة، وقام خاميني بتسمية رئيس هيئة البث الإذاعي من مجلس حرس الثورة. وتواصل هجوم العسكريين على الإصلاحيين في إيران إلى حد وصف الجنرال حسن فيروزبادي لهم بأنهم عملاء للأمريكان ومنفذين لإرادة سيدهم في البيت الأبيض جورج بوش الابن.
التدخل العسكري في الشأن الاقتصادي هو أيضا كان واضحا فقد كان التدخل سابقا ضمنا أما الآن فهو رسمي، فقد تدخل العسكريين في معظم الأنشطة الاقتصادية وأيضا الحرس الثوري كما شارك بعضهم في تسويق بعض عقود البترول وحقق أرباحا هائلة من وراء ذلك، منذ عام 1990 قام العسكريين والحرس الثوري بتمويل مشروعات إنشاء في وسط طهران العاصمة وذلك قبل وصول احمد نجاد للحكم وقد سهلت لهم السلطات المحلية إعطائهم رخص البناء والتي كانت في السابق هذه الرخص تعتبر من المستحيلات. مضمون الاقتصاد الإيراني نفسه في حالة ليست بالجيدة، فالشركات المسيطر عليها من جانب قوى الأمن بدا نفوذها في ازدياد وما رافقها من قروض سيئة السمعة أضرت بمجمل النظام المصرفي، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أن البرلمان في بداية عام 2008 وافق على إنشاء منظمة للبناء تابعة للباساج وهو الأمر الذي شكل خطوة في اتجاه تعزيز سيطرة الباساج على الاقتصاد القومي على حساب القطاع الخاص، هذا بالإضافة إلى سيطرة البيروقراطية التي أضرت كثير بالاقتصاد الإيراني.
هذا الاعتماد المتبادل بين الإدارة وقوى الأمن ، وهذا التسلل الواسع النطاق لشبكة خاميني من خلال الحرس الثوري قوض استقلالية مؤسسة الحرس الثوري، فعلى سبيل المثال كان الخميني ينأى بنفسه عن تعيين القيادات العليا في الحرس الثوري أما خاميني فهو يتدخل حتى في تعيينات قيادات الفرق، وبالتالي فان إيران الآن لا نستطيع أن نقول عليها أنها دولة ديكتاتورية أو حتى دولة ذات نظام حكم عسكري ولكنها دولة سلطان الزمان.
المزيد من المتشابهات
أن القوة التي يتمتع بها خاميني مؤمنة ومتصاعدة ومستمرة بالشكل الذي لن تتأثر بمجرد فقد احمدي نجاد لسلطته الرئاسية العام القادم بعد انتخابات الرئاسة، وخاصة في مجال السياسة الخارجية.
البعض من منتقدي احمدي نجاد يقولون انه جعل من إيران عرضة لهجوم عسكري من أمريكا وإسرائيل وذلك من خلال تبنيه لسياسات غير حكيمة، الأمر الذي جعل الغرب وإيران على خطي مواجهة وجعل من امكانية وجود خطر عسكري أمر حقيقي. ولكن ما هو دور احمدي نجاد في هذه القضية، أن الواضح أن السياسة الخارجية تقع بشكل كامل في يد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وهو نفس ذات الوضع الذى كان موجودا في السياسة الخارجية الإيرانية في عهد شاه إيران رضا بهلوي وهو الأمر الذي جعل من مساعد وزير الخارجية الإيراني الأسبق في حكومة محمد خاتمي يقول أن السياسة الخارجية في إيران مركزة في يد المرشد الأعلى وذلك عكس الساسة الداخلية التي هي إلى حد ما موزعة على أطراف عدة.


العلاقات الايرانية الامريكية:
منذ أمد بعيد والعلاقات الإيرانية الأمريكية يشوبها التوتر وهذا راجع بشكل أساسي إلى التأييد الذي أولته الولايات المتحدة لشاه إيران وهو ما كان يشكل تعارضا مع المطالب العريضة للشعب الإيراني الكاره للشاه. بالإضافة إلى الدور الأمريكي عام 1953 وقيادتهم لانقلاب معارض لرئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق. وقد وصلت العلاقات بين البلدين إلى قمة توترها باندلاع الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني عام 1979 وهي الثورة التي بدأت عهدها باحتلال مجموعة من الطلبة الإيرانيين المتعاطفين مع الإمام لمبنى السفارة الأمريكية في طهران. وطبقا لتصريحات بعض المسئولين الإيرانيين فان الولايات المتحدة هي الدولة التي قامت بتحريض صدام حسين ضده وشنه لحرب ضد إيران استمرت 8 سنوات أسفرت عن مصرع أكثر نصف مليون إيراني وخسائر بلغت تريليون دولار. كما قامت الولايات المتحدة بمهاجمة طائرة إيرانية مدنية في الرحلة رقم 655 وذلك عام 1988, الأمر الذي اجبر الإيرانيين على قبول إنهاء الحرب مع العراق والقبول بقرارات الأمم المتحدة .وبعد وفاة الخميني وبتولي المرشد الحالي مع الرئيس رافسنجاني رأي الاثنين انه من الأهمية بداية علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والغرب عموما، وهو ما بدأه الطرفين بالفعل إلا أن العلاقات ما لبثت في التوتر مرة أخرى وذلك اغتيال بعض المنشقين على النظام الإيراني في بلجيكا، وفي بدايات عام 1997، وجدت إيران نفسها في خطر توجية هجمة عسكرية أمريكية ضدها، وذلك بعد حدوث انفجار في مقر القيادة الجوية الأمريكية في الخبر بالمملكة العربية السعودية وهو الانفجار الذي أسفر عن مقتل حوالي 19 أمريكيا في 25 يونيه عام 1996. وقد اتهمت ايران من جانب كل من المملكة العربية السعودية و FBI بالتخطيط لهذه التفجيرات ،وذلك طبقا لتصريحات ويليام بيري وزير الدفاع الأمريكي آنذاك حيث رصد البنتاجون استعدادات إيرانية للتخطيط لمثل هذه العملية.وبوصول احمدي نجاد للحكم اذدادت احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإيران.
وبمجئ ادراة كلينتون والتي كانت أكثر استعدادا لمهاجمة إيران فقد تابعت سياسته في الاحتواء المزدوج لكل من إيران والعراق وهو الحصار الذي من خلاله تم تحقيق ستة أهداف هي: عظمت من الحصار الاقتصادي على طهران، منعتها من عمل أي قروض خارجية، منعتها من استيرادا التكنولوجيات الحديثة التي من الممكن أن تستخدم من خلال القوات المسلحة.كما قيدت من قدرة الحكومة الإيرانية على استيراد الأسلحة الحديثة لتعزيز قدرتها الدفاعية، ومنعتها من استخدام الطاقة النووية سواء في المجالات العسكرية أو حتى السلمية. بالإضافة إلى التمكن من استخدام الدعاية الإعلامية ضدها لتشوية صورتها، وبعد فوز الإصلاحيين في مايو عام 1997. ظن البعض أن العلاقات بين الدولتين (إيران والولايات المتحدة ) سوف تأخذ منحى آخر وخاصة بعد حضور خاتمي لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2001 هذا الاجتماع الذي ترافق معه بداية ما يسمى بحوار الحضارات. فبعد اجتماع الجمعية العامة حاول كلينتون بشكل غير مباشر أن ينتظر خاتمي خارج غرفة الاجتماعات من اجل أن يصافحه إلا أن خاميني رفض المصافحة باعتبار أن هذه الخطوة هي من الضخامة بحيث من الصعب تقبل تأثيراتها الشعبية.
ومع ذلك فمازال هناك قدر من التعاون بين الولايات المتحدة وإيران خاصة فيما يتعلق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، كما أن طهران رحبت بسقوط حركة طالبان وهي الحركة التي تصفها إيران بأنها حركة سنية متطرفة تناصب إيران العداء باعتبارها دولة شيعية كما أنها تضطهد الشيعة في أفغانستان والدبلوماسيين الإيرانيين. وقد تعاونت إيران مع الولايات المتحدة في إنشاء الحكومة الجديدة وذلك خلال مؤتمر بون ،كما أرسلت إيماءات وذلك بقيام السفير الإيراني في باريس بإرسال رسالة غير موقعة إلى السفير السويسري في طهران اقترح فيها أن تعترف الحكومة الإيرانية بإسرائيل وان تقوم بكبح الجماعات الراديكالية في المنطقة، وتقترح نظام امني جديد في الخليج الفارسي. لكن إدارة بوش كانت في سكرة الفرح بانتصارها في العراق تجاهلت هذا العرض جملة وتفصيلا. وقد فسرت كل أطراف النظام الإيراني هذا التجاهل من جانب إدارة بوش بأنها رسالة أن بعد غزو الولايات المتحدة للعراق سوف تكون إيران الدولة التالية.
وقد تواصلت المساعي الإيرانية لاتخاذ خطوات فاعلة لتفعيل النقاشات الثنائية مع واشنطن وقد بدأت النقاشات بالفعل في عهد الرئيس احمدي نجاد وبدا مستوى الاتصال في الارتفاع. حتى أن احمدي نجاد قد قال انه يأمل في مقابلة الرئيس بوش لكن بوش هو الذي رفض المقابلة وأبدى عدم استعداداه لها. رافسنجاني وخاتمي وهم من المؤيدين لتلطيف العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب عموما أكدوا أن المحادثات لا يمكن استمرارها دون تصديق خاميني عليها وذلك خوفا من اتهامات المحافظين لهم بالخديعة. من جهة أخرى فان احمدي نجادوهو من يوصف بالأصولي والثوري والموثوق به من جانب خاميني يتطلع أيضا إلى علاقات مع الولايات المتحدة. وقد سبق وقال خاميني عن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة بان قطع الروابط معها هو من جوهر سياستنا إلا أننا نؤمن انه من الصعب القطع الكامل لأية روابط إلى الأبد. فالإدارة الأمريكية الحالية تشترط شروطا ضارة بالأمة الإيرانية في حالة إقامة علاقات مع الولايات المتحدة وبالتالي فمن الطبيعي أن نرفض مثل هذه الرابطة الضارة بمصالحنا ولكننا على استعداد لتغيير سياستنا تجاه الولايات المتحدة إذا وجدنا أنها سوف تكون في صالح الأمة الإيرانية .
استمرارية البرنامج النووي
أن هذه القضية تشكل بعدا جوهريا في العلاقات بين كل من الولايات المتحدة وايران . ويبدو أن هذه القضية أمامها الكثير ليحدث تفاهم حولها، لقد تم البدء في هذا المشروع عام 1989 أي في بداية تولي خاميني لمنصب المرشد الأعلى وتم إحضار أجهزة الطرد المركزي والتكنولوجيا النووية في عهد رافسنجاني وتم تحديث أجهزة الطرد في عهد خاتمي.وتابع روحاني بان المرشد الأعلى هو الذي يضبط السياسات. وعندما ذهب روحاني إلى ألمانيا للتحدث مع الأوروبيين عن برنامج إيران النووي في عام 2005 ادعى احمدي نجاد بان هذه المحادثات تتم تحت تصرفه الشخصي ولكن في سبتمبر 2007 صرح روحاني لوكالة مهر للأخبار بأنه وعلى مدى 18 عام لم يسافر إلى أي مكان دون استشارة القيادة العليا.
بالرغم انه في نهاية رئاسة خاتمي أعلن خاميني انه سوف يعلق أنشطة إيران النووية. وقد فسر ذلك في خطبة له لطلاب الجامعة في بداية العام الدراسي حيث قال أننا قمنا بتعليق برنامجنا النووي من اجل أهداف مقدسة ولكن هذا التعليق غير دائم ولكنه مرتبط بأمور أخرى وأننا لسنا على استعداد لأي إيقاف شامل للبرنامج النووي. نعم نحن قبلنا بتعليق البرنامج النووي ولكننا لم نقبل بإيقافه إيقافا شاملا.
أن تفصيلات احمدي نجاد هي مع برنامج نووي إيراني طويل المدى. وقد وصف خاميني موقف احمدي نجاد في احد اجتماعات مجلس الخبراء بانه من الرسوخ بما كان. وهو ذات موقف المحافظين في البرلمان السابع على عكس موقف آخرين في برلمانات سابقه (يقصد موقف الإصلاحيين المقاوم للبرنامج النووي ) فموقف نجاد يأتي كمقاوم من اجل تنفيذ أوامر المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.
الاختلافات المتصارعة
خلاف أساسي آخر بين إيران والولايات المتحدة يتعدي رئاسة احمدي نجاد وهو خلاف متعلق باختلاف الرؤى تجاه الشرق الأوسط، فواشنطن متلهفة لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط دون النظر إلى مصالح إيران وأمنها في ذات المنطقة. كما أن إيران طواقه هي أيضا لتزعم العالم الإسلامي والي بناء قوة لا يستهان بها في الشرق الأوسط هذا ما يؤثر بعمق على السياسات في المنطقة. كما انه حتى وأثناء تعاون إيران مع الولايات المتحدة في أفغانستان كانت إيران حريصة على توريط الولايات المتحدة في المستنقع العراقي كما كانت حريصة على دفعها في أتون الصراع بين حزب الله والفلسطينيين من جهة وإسرائيل من جهة أخري وذلك حتى تكون الولايات المتحدة مشغولة عن ممارسة أي ضغط على إيران. وهو ما أكده السيد روحاني كبير المفاوضين في البرنامج النووي الإيراني أثناء فترة رئاسة خاتمي.
بقصد أو بدون قصد نستطيع أن نلاحظ أن السياسة الإيرانية مع جيرانها لم تتأثر كثيرا بوصول احمدي نجاد للسلطة، فقد كانت هذه الساسة هي منهج مفضل للمرشد الأعلى. يقول المسئولين الإيرانيين أن حرب الأيام الثلاث والثلاثين بين إسرائيل وحزب الله كانت تحت التوجية الكامل لخاميني. كما أكد السيد لاريجاني كبير المفاوضين السابق في البرنامج النووي الإيراني والسكرتير الرسمي للمجلس الأمني الوطني الأعلى SNSC. يصف الصراع بين حزب الله وإسرائيل بأنه ممتع ويعتبر لحظة مذهلة لي ويرجع الفضل في انتصار حزب الله إلى السيد خاميني شخصيا. فيقول انه يوجه إلى الاستراتيجية السلامية للمرشد والتي وضحت منذ الأسبوع الأول لبداية الحرب بين الطرفين.

ايران واسرائيل :
ستبقي إسرائيل هي لب النزاع بين كل من إيران والولايات المتحدة . فطهران تنظر للحكومة الإسرائيلية باعتبارها المحرض الرئيسي ضدها. ولكن بادعاءات احمدي نجاد والتي أعلن فيها عن نيته تدمير إسرائيل وإنكاره لمذابح الهولوكوست فان احمدي نجاد يعطي الفرصة لإسرائيل من اجل أن تحشد العالم ضدها. انه يختلف قليلا عن الزعماء الإيرانيين السابقين فالخميني كان يؤمن أن إسرائيل يجب تمحى من الوجود كما انه لم يؤمن بدولتين إسرائيلية وفلسطينية يقومون على أساس الحقوق المتساوية بين الطرفين وان كان يؤمن بأنه هناك تمايز بين اليهود ودولة إسرائيل. وكذلك فعل رافسنجاني. حتى خاتمي التي اعتقدت الولايات المتحدة انه قد يقبل بدولتين فلسطينية وإسرائيلية سارع إلى تكرار كلمات الخميني والتي رفض وجود هذه الدولة، ومع ذلك يبقي احمد نجاد الأكثر وضوحا رغم الاختلافات الطفيفة بينه وبين الزعماء الآخرين.
بالرغم من أن زعم احمدي نجاد كان من الممكن أن يضر بالمصالح الإيرانية إلا انه لم يكن ليفعله دون رضا المرشد الأعلى للثورة الإسلامية. وذلك رغم تعامل خاميني الدقيق مع هذه المقولة وحرصة على عدم زج شخصه مباشرة في هذا الإنكار. إلا انه قلل من تأثير هذه المقولة وقال في تجمع في الجامعة أن البعض قد يقول أن هذه المقولة قد زادت العداوة بيننا وبين الولايات المتحدة وأنا أقول لهؤلاء أن الخصومة موجودة فهي جوهرية بيننا واحتمالية توجية ضربة عسكرية أمريكية لإيران لم تتأثر ايحابا أو سلبا بمثل هذه المقولات.
ان المشاكل في الشرق الأوسط تتخطى التعليقات الساخنة عن إسرائيل والهولوكوست كما أنها تبعد عن الثورة الإسلامية التي اندلعت في عام 1979، أن المسئولين الأمريكيين يجب أن يعلمونا أن إسرائيل تتعامل باستعلاء في الشرق الأوسط وهي ترفض تأسيس دولة فلسطينية. أن رؤية الشعوب في الشرق الأوسط ما زالت تدرك انه من الصعب تحقيق سلام في المنطقة بهذة الطريقة. لقد قال بوش في احد جولاته في الشرق الأوسط عام 2008 أن إيران تشكل تهديدا لأمن دول عموما. لكن إيران لا تتحمل أي مسئولية عن الدفع بالولايات المتحدة في المستنقع العراقي أو الأفغاني. لقد لعب البعث العراقي والقاعدة والجيش الباكستاني والأموال السعودية ادوارا أساسية للدفع بالمنطقة تجاه هذا المستنقع الخطير. وليس من الإنصاف الادعاء بان احمدي نجاد هو الوحيد المسئول عما يحدث في الشرق الأوسط الآن فهناك فاعلين آخرين ومشاكل أخرى ساهمت في حالة عدم الاستقرار التي يعيشها الشرق الأوسط الآن.
البحث عن حجرة:
في يونيو القادم سوف تجري انتخابات رئاسية في إيران.وبغض النظر عن من الفائز في هذه الانتخابات فطالما بقى خاميني فلا يوجد تغيير متوقع في السياسة الداخلية. أن التغير الحقيقي سيأتي لاحقا عندما يتحرر الإيرانيين من ربقة الحكم السلطاني. أن نظاما مثل إيران التحول فيه للديمقراطية يعتمد على الإصلاحيين وكيف يخلقون لأنفسهم حجرة كافية يستطيعوا أن يناوروا من خلالها مع مؤسسات الدولة المختلفة خاصة المؤسسة العسكرية. والنخب الاجتماعية والقوى الخارجية. وذلك من اجل خلق حركات اجتماعية متعددة ولاحقا استخدام هذه الحركات للدفع بالبلاد نحو الديمقراطية.
في النهاية فانه لا شك أن المفاوضات الثنائية بين الولايات المتحدة وإيران سوف لن تخدم
العلاقات بين الدولتين وخاصة المصالح القومية. ولكن يجب أن توجه هذه الجهود نحو وقف انتهاكات حقوق الإنسان في إيران والدفاع عن المناضلين من اجل الديمقراطية هناك . ان الولايات المتحدة لا تفعل أي شئ الآن تجاه إيران إلا من اجل وقف البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية وضمان التفوق الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة. الأمر الذي يعني أن أهداف المعارضين والمناضلين الإيرانيين من اجل حقوق الإنسان والديمقراطية ليست من بين أهداف الولايات المتحدة. كما أن هؤلاء لا يستطيعون أبدا تأييد أي تهديد من جانب واشنطن باستخدام القوة العسكرية ضد بلادهم. أن سياسة الادارة الامريكية الحالية في عهد الرئيس بوش هي سياسة تسعي إلى تقوية السلطان خاتمي وتجعل من امكانيات التحول الديقراطي في إيران أمرا غاية في الصعوبة.

الخميس، 30 أكتوبر 2008

قضية البيئة في العالم العربي التعريف، المشاكل والتحديات، آليات المواجهة

مقدمة
احدثت ثورة الانسان التكنولوجية نقلة هامة علي المستويات المادية للمجتمع الحديث وفي مقابل ذلك ادت الي الاسراف في استنزاف الموارد الطبيعية ، والانسان في تطوره مع البيئة اخذ يطور تعامله هذا ، الا ان انشغاله بان ياخذ من البيئة قدر المستطاع جعله ينسى كيف يحافظ عليها بدءا بتقليع الاشجار وانتهاءا بحادثة تشرنوبيل بالاتحاد السوفيتي السابق ، وبات الانسان يبحث كيف يمكن ان يتخلص من الدمار الذي يسببه للبيئة . وبدا واضحا له ان مصانعه تلوث الهواء وان سيارته مصدر للتلوث والازعاج وان سلاحه يدمر ولا يبني . ولهذا لم تعد التنمية في حد ذاتها هي المشكلة وانما المشكلة هي التنمية المتوافقة مع البيئة . لذلك اصبحت قضية التوعية البيئية من خلال وسائل التربية والاعلام بهدف جعل الفرد واعيا بالعلاقات البيئية قضية هامة ومحورية،وذلك لدوره في صون البيئة وتعريفه بوسائل العمل الخلاق لحمايتها وهذا الجانب يحتاج الي المشاركة الجماهيرية أي اسهام الناس جميعا . كما انه من الاهمية السعي نحو ربط التنمية بالبيئة بحيث تصبح التنمية البيئية الطريق الصحيح لتحديد طرق التنمية المناسبة والتي تحتم ضرورة بناء التكنولوجيا البيئية والمحلية من خلال الاعتماد علي النفس . فالتنمية البيئية تعني استغلال العدد الضخم من السكان في الانتاج وتصبح القوى العاملة المحلية اقل تكلفة واكثر فائدة من استيراد التكنولوجيا المتطوره جدا في عمليات الزراعة والبناء .
في هذا البحث سوف نخاول الاقتراب من تعريف محدد لبيئة وكيفية تطويعها لرغبات الانسان حتى تصبح البيئة في خدمة الانسان منتجه ومتطوره ، كما سنحاول الاقتراب من وضعية البيئة في العالم العربي ونستكشف ماهيتها والجهود المبذولة للحد من تلوث البيئة في العالم العربي بالاضافة الى المقترحات التي من الممكن تقديمها الى صانع القرار لمواجهة المشاكل المتصاعدة نتيجة الاهمال في العناية بقضية البيئة .























المبحث الاول
تعريف البيئة
علم البيئة هو العلم الذي يحاول الإجابة عن بعض التساؤلات عن كيف تعمل الطبيعة وكيف تتعامل الكائنات الحية مع الأحياء الآخرين أو مع الوسط المحيط بها سواء الكيماوي أو الطبيعي. وهذا الوسط يطلق عليه النظام البيئي. لهذا نجد النظام البيئي يتكون من مكونات حية وأخري ميتة أو جامدة.
اولا : البيئة ومفهومها وعلاقتها بالإنسان
البيئة لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها فنقول:- البيئة الزرعية، والبيئة الصناعية، والبيئة الصحية، والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية، والسياسية.... ويعنى ذلك علاقة النشاطات البشرية المتعلقة بهذه المجالات... كذلك نقول أيضا أن البيئة هى إجمالي الأشياء التي تحيط بنا وتؤثر علي وجود الكائنات الحية علي سطح الأرض متضمنة الماء والهواء والتربة والمعادن والمناخ والكائنات أنفسهم، كما يمكن وصفها بأنها مجموعة من الأنظمة المتشابكة مع بعضها البعض لدرجة التعقيد والتي تؤثر وتحدد بقائنا في هذا العالم الصغير والتى نتعامل معها بشكل دوري". فالحديث عن مفهوم البيئة إذن هو الحديث عن مكوناتها الطبيعية وعن الظروف والعوامل التي تعيش فيها. الكائنات الحية. أن البيئة هي الوسط الذي يحيط بنا كبشر بما فيه من مكونات حية من نباتات وحيوانات متباينة الخصائص والتي استمدتها من المكونات غير الحية مثل المناخ والتربة وأنواع الصخور وملامح سطح الأرض.
الباحثين البيئة الى قسمين رئيسيين هما وقد قسم بعض
البيئة الطبيعية وهي عبارة عن المظاهر التي لا دخل للإنسان في وجودها أو استخدامها
والبيئة المشيدة وتتكون من البيئة الاساسية المادية التي شيدها الانسان


ثانيا : البيئة والنظام البيئي
يطلق العلماء لفظ البيئة على مجموع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات الحيوية التي تقوم بها، ويقصد بالنظام البيئي أية مساحة من الطبيعة وما تحويه من كائنات حية ومواد حية في تفاعلها مع بعضها البعض ومع الظروف البيئية وما تولده من تبادل بين الأجزاء الحية وغير الحية، ومن أمثلة النظم البيئية الغابة والنهر والبحيرة والبحر، وواضح من هذا التعريف أنه يأخذ في الاعتبار كل الكائنات الحية التي يتكون منها المجتمع البيئي ( البدائيات، والطلائعيات والتوالي النباتية والحيوانية) وكذلك كل عناصر البيئة غير الحية (تركيب التربة، الرياح، طول النهار، الرطوبة، التلوث...الخ) ويأخذ الإنسان – كأحد كائنات النظام البيئي – مكانة خاصة نظراً لتطوره الفكري والنفسي، فهو المسيطر- إلى حد ملموس – على النظام البيئي وعلى حسن تصرفه تتوقف المحافظة على النظام البيئي وعدم استنزافه.
ثالثا : المفهوم الشامل للبيئة
انعقد في عام 1972 بمدينة ستوكهلم عاصمة السويد مؤتمر الامم المتحدة للبيئة البشرية وقد سبق انعقاد المؤتمر مرحلة اعداد اتصلت لمدى عامين حفلا بنشاط عالمي شمل المجتمعات الصناعية والمجتمعات النامية واختلفت وجهات النظر بين الدول الصتاعية والدول النامية حول المسلك البشري الواجب اتباعه في البيئة فقد رات الدول الصتاعية ضرورة ان تبقى الدول النامية دون خطط تصنيع لان ذلك يؤدي الى تلويث البيئة مما ينتج عنه مضاعفات واضرار في مجالات عيش الانسان المختلفة واستشهدت هذه الدول بما تعانيه من مشكلات التلوث اقتصاديا وصحيا واجتماعيا الا ان الدول النامية اعتبرت هذا الصراخ باهوال التلوث لا مبرر له مادام الناس في الدول الصناعية يتمتعون بمستوى معيشة مرتفع وتحمس البعض من افريقيا وامريكا اللاتينية وارتفع صوتهم بالقول مرحبا بالتلوث الذي يرفع من مستوى معيشة ابناء مجتمعاتنا . وعلى الرغم من اختلاف وجهتى النظر فيما يتعلق باسلوب التعامل مع البيئة الا ان الذين اجتمعوا في ستوكهلم في اكتوبر من عام 1972 تحت مظلة الامم المتحدة اظهروا وعيا بان مستقبل التنمية بل وربما بقاء الجنس البشري اصبح محفوفا باخطار متزايدة بسبب تصرفات الانسان الخاطئة في البيئة التي بدات تئن من الاذى وتعجز عن امتصاصه لقد تميز مؤتمر ستوكهلم بالاعلان العالمي للبيئة ووضع توصيات تمثل منطلقات اساسية لفهم البيئة ومواجهة المشكلات التي اوجدتها مطالب الانسان المتزايدة والمترفة في الكثير من الاحيان وكان لاعلان ستوكهلم وما اتخذ على اساسه من مبادرات دولية واقليمية ووطنية . الفضل في تنمية وعي افضل لطبيعة المشكلات واساسها ،مما حد بالمتابعين للبيئة وقضاياها لاعتبار مؤتمر ستوكهلم منعطفا تاريخيا ارسى دعائم فكر بيئي جديد يدعو الى التعايش مع البيئة والتوقف عن استغلالها بنهم وشراهة ،اما بالنسبة للفظة البيئة فقد اعطاها مؤتمر ستوكهلم فهما متسعا بحيث اصبحت تدل على اكثر من مجرد عناصر طبيعية (ماء وهواء وتربة ومعادن ومصادر للطاقة ونباتات وحيوانات ) بل هي رصيد الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لاشباع حاجات الانسان وتطلعاته .والتمييز بين الموارد المادية والاجتماعية التي تتكون منها البيئة الطبيعية والاجتماعية يساعد على الفهم ولكن هناك صلات شتى ومعقدة بين هذين هذين النظامين فالبيئة الطبيعية تتكون من الماء والهواء والتربة والمعادن ومصادر الطاقة والنباتات والحيوانات وهذه جميعها تمثل الموارد التي اتاحها لله للانسان كي يحصل منها على مقومات حياته غذاء وكساء ودواء وماوى اما البيئة الاجتماعية فتتكون من البنية الاساسية الاجتماعية والمؤسسات التي اقامها . ومن ثم يمكن النظرالى البيئة الاجتماعية على انها الطريقة التي نظمت بها المجتمعات البشرية حياتها والتي غيرت البيئة الطبيعية لخدمة الحاجات البشرية وتسكل العناصر المشيدة او المبنية للبيئة استعمالات الاراضي للزراعة واقامة المناطق السكنية والتنقيب فيها عن الثروات الطبيعية والمناطق الصناعية والمراكز التجارية والمستشفيات والمدارس والمعاهد والطرق والموانئ والنشاط الاقتصادي .
ويمكننا الان ان نضع تعريفا محددا للبيئة على انها الاطار الذي يعيش فيه الانسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء وماوى ويمارس فيه علاقاته مع اقرانه من بنى البشر ووفق هذا التعريف يتبين ان البيئة ليست مجرد موارد يتجه اليها الانسان ليستمد منها مقومات حياته وانما تشمل البيئة ايضا وعلاقة الانسان بالانسان التي تنظمها المؤسسات الاجتماعية والعادات والاخلاق والقيم والاديان . ان كل الاستخدامات للفظة البيئة التي نسمعها ونقراها لا تخرج عن اطار التعريف الذي خلصنا اليه وان كانت التجزئة للتعريف تساعد على فهمه ومن الاستخدامات الشائعة في هذا الاطار لفظة البيئة المحلية وهي كما وصفها الدكتور مصطفى عبد العزيز في مرجع الانسان والبيئة تعتبر بمثابة الرقعة من الكوكب الارضي بمختلف ما فيها من ابعاد والتي قدر له ان يعيش فيها مع غيره من مخلوقات وجماد تتوسدها ارض قد تكون قاحلة او جرداء وقد تكون من الخصوبة بمكان لتهبه اطيب الثمرات وقد تطوى بين ثناياها انفس الكنوز واعظم الثروات وتعلوها سماء قد تكون صافية او ملبدة بالغيوم والسحاب وتتلالا بقمرها ونجومها اثناء الليل وتستطع بشمسها الوهاجة ابان النهار ويتوسط الارض والسماء فضاء يتاثر طقسه ومناخه بالموقع الجغرافي لهذه البيئة المحلية فقد يكون قارس البرودة مليئا بالاعاصير والانواء وقد يكون متوهج الحرارة ومعتدل الاجواء وبجانب ما نستطيع ان نتبينه في هذه البيئة من موجودات احيائية وجمادية ظاهرة للعيان فهاك كذلك من الكائنات الدقيقة ما لا نستطيع ان نستشعر وجوده الا باستعمال اقوى المجاهر والعدسات هذه الكائنات منها المفيد كبكتريا التحلل التي تعيد الى الارض مكونات كل ما يلقى فيها من اجسام ميتة وفضلات ومن الكائنات الدقيقة ما يسبب الامراض كالسل والكوليرا (امراض بكتيرية) والانفلونزا والجدرى والحصبة (امرالض فيروسية )
هذه البيئة بما فيها من يابسة وماء وسماء ومخلوقات حية هي التي نطلق عليها اسم البيئة البيوفيزيائية وهي نفسها التي اطلقنا عليها سابقا البيئة الطبيعية على اساس ان هذه البيئة تشتمل على كائنات حية وهي التي تعنيها لفظة النيوفيزيائية ،ومكونات غير حية (الماء والهواء واليابسة والطاقة ) وهي التي تعنيها لفظة فيزيائية ويعد هذا الطراز من البيئات الاساس الذي يتاثر معه الانسان في شتى ما يقوم به من اوجه نشاط ، وبقدر مدى تاثر وتجاوب الانسان لهذا الطراز الرئيسي من البيئات وبقدر استغلاله العقلاني لما فيه من مكونات وامكانيات يكون مصيره ومدى نجاحه في معترك الحياة وتجاوب الانسان مع البيئة الطبيعية (البيوفيزيائية ) هو الذي ينشئ شق البيئة الثاني وهو البيئة المشيدة.
البيئة اذن هي كل متكامل يشمل اطارها الكرة الارضية وهي كوكب الحياة وما يؤثر فيها من المكونات الاخرى للكون وكمحنويات هذا الاطار ليست جامدة كالسلعة في مخزن بل انها دائمة التفاعل مؤثرة ومتاثرة والانسان واحد من مكونات البيئة يتفاعل مع مكوناتها بما فيه اقرانه من بني البشر وقد ورد هذا الفهم الشامل للبيئة على لسان السيد يوثانت الامين العام الاسبق للامم المتحدة حيث قال"اننا جميعا شئنا ام ابينا نسافر سوية على ظهر كوكب مشترك وليس لنا بديل معقول سوى ان نعمل جميعا لنجعل منه بيئة نستطيع نحن واطفالنا ان نعيش فيه حياة كامل وآمنه ".
وهكذا فان البيئة بمكوناتها هي نعمة الله للانسان وعليه ان يحصل على رزقه ويمارس علاقاته دون اتلاف او افساد مصداقا لقوله تعالى كلوا واشربوا من رز ق الله ولا تعبثوا في الارض مفسدين " صدق الله العظيم .

















المبحث الثاني
البيئة في العالم العربي
المشاكل والتحديات
تغطي البلدان العربية منطقة واسعة تمتد من الخليج العربي في الشرق الى المحيط الاطلسي في الغرب ومن سلاسل جبال سوريا ولبنان في الشمال الىالهضبة الاستوائية وسهول الصومال في الجنوب وتضم هذه الرقعة الفسيحة سلسلة نظم ايكلوجية متنوعة ، يمكن اظهار بعض السمات التي تميز البلدان الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي (العراق وسوريا ولبنان والاردن وفلسطين عن بلدان الخليج العربي (البلدان الاعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربي واليمن )وتلك التي تميز بلدان حوض نهر النيل عن بلدان شمال افريقيا التي لا توجد فيها انهار كبيرة وللعالم العربي شواطئ تطل على ثلاثة بحار شبة مغلقة البحر الابيض المتوسط والبحرالاحمر والخليج العربي ) تعاني من التلوث بدرجات متفاوتة .
وعلىالرغم من هذه التنوع تواجه بلدان المنطقة العربية بدرجات متفاوته في حدتها عددا من المشاكل المشتركة البيئة وتصنف هذه المشاكل الى فئتين ، هما :شح الموارد والتلوث البيئي : حيث يعاني العالم العربي ككل من شح شديد في المياه ويعاني العالم العربي ككل من شح شديد في المياه ويعاني من نقص في الاراضي الصالحة للزراعة يزيد من تفاقمه التدهور البيئي والتصحر، كما ان الانتقال للعيش في المناطق الحضرية بمعدلات سريعة يخلق مشاكل تلوث هواء كبيرة وتوجد المدن الكبري في المناطق الساحلية مما يؤدي الى مشاكل تلوث للشواطي وتسهم جميع هذه المشاكل كل بطريقتها في تخفيض جودة الحياة ( لا سيما بالنسبة للفقراء )واعاقة جوانب القدرة البشرية والتسبب في تكاليف اقتصادية كبيرة لا تستطيع هذه البلدان تحملها وسنناقش كل منها بايجاز فيما يلي .
اولا : شح المياه
يعاني العالم العربي من شح متزايد في مصادر المياه الصالحه للشرب ويعتبر من اكثر مناطق العالم معاناة من ضغط شح المياه وقد صنف البنك الدولي 22 بلدا تحت خط الفقر المائي التي تعرف بانها تلك البلدان التي يقل فيها نصيب الفرد عن 1000 متر مكعب من المياه سنويا ويوجد بين الاثنين والعشرين بلدا هذه 15 بلدا عربيا . وقدر البنك ان متوسط موارد المياه المتجددة في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا المصنفة ضمن هذه الفئة ،ستنخفض عن مستواها في عام 1997 الذي كان يزيد قليلا عن 1000 متر مكعب سنويا للفرد الى 740 مترا مكعبا سنويا للفرد في عام 2015 وتقوم عدة بلدان بالفعل باستخراج المياه من مصادر غير متجددة ويفاقم من حالات نقص المياه الفعلي مشاكل جودة المياه الناتجه عن القاء الملوثات في الانهار والجداول والمواد الكيميائية الزراعية المتسربة مع مياه الصرف .
وتفاقم عدة عوامل مشاكل المياه في المنطقة من بينها ما يلي :
1. تتشاطر حوالي 85% من بلدان المنطقة مجموع كمية المياه المتاحة مع بلد اخر علىالاقل اما بوصفه مشاطئا او يتشاطر مستودع مياه جوفية مشترك وتمكنت البلدان الاقوى الواقعة اعلي النهر واسفله من تحديد حصص المياه للبلدان المشاطئة الاخرى او التي تتشاطر معها المستودع المائي وتعوق العوامل السياسية تقاسم المياه على نحو رشيد .
2. تضع الزيادةالسريعة في سكان المنطقة ضغطا متزايدا على المياه المتوافرة لكل فرد في حين ان استمرار استعمال نسبة كبيرة من المياه في الزراعة تحرم المستخدمين الاخرين من الصناعة والمنازل من المياه وفي الحالةالاخيرة تسهم ايضا في تفاقم المشاكل الصحية ولا يمكن لحالات نقص المياه الحالية الا ان تزداد سوءا حتى دون ان ناخذ فى الحسبان النتائج المتوقعة للتغيير المناخي .
3. برامج الاقتصاد في استعمال المياه واعادة استعمالها برامج ضعيفة ولا يوجد في أي بلد من بلدان المنطقة نظم فعالة لادرارة الطلب علىالمياه ولا اليات اقتصادية لترشيد استعمال المياه .
4. لا يوجد في أي دولة عربية برامج لادارة المياه كما لا تستخدم الادوات الاقتصادية اللازمة لترشيد الاستخدام المتزايد من المياه .
ثانيا : شح الاراض الزراعية وتدهور نوعيتها
الاراضي الصالحة للزراعة والرعي وزراعة الاشجار شحيحة ايضا ، وكان متوسط الاراضي المزروعه لكل فرد في البلدان العربية 0.24 هكتار فقط في عام 1998 مقابل 0.4 هكتارا لكل فرد في عام 1970 ، وقد ادت الممارسات الزراعية التي لا يمكن استمرار تحملها والعوامل الطبيعية مث الرياح والفيضانات وقطع الاشجار لاستعمالها كحب الى فقدان التربةالمتجة والىالتصحر .
ثالثا : التحضر وتلوث الهواء
مع انه لا يوجد تباين ملحوظ في درجات التحضر (الانتقال للعيش في المناطق الحضرية ) بين البلدان . فان التحضر كان سريعا اثناء النصف الثاني من القرن العشرين ففي عام 1950 كان يعيش في المناطق الحضرية ربع السكان العرب فقط ، وارتفع هذا الرقم في نهاية القرن العشرين الى 50 % واثناءالفترة من عام 1990 الى عام 1995 شهدت جميع البلدان معدلات نمو في التحضر تساوي او تتجاوزالمتوسط العالمي الذي يبلغ 2.5% وفي اواخر القرن العشرين ادي التحضر الذي غذته الهجرة على نطاق واسع من المناطق الريفية الى المناطق الحضرية وكذلك الزيادة الطبيعية الى مشاكل تلوث هواء كبيرة في المدن العربية وكان لقطاعات النقل والصناعة والطاقة تاثيرات ضارة كبيرة على صحة الانسان نتيجة لاستعمال البنزين الحاوي لمادة الرصاص في اسطول من السيارات القديمة والاستعمال غيرالكفؤ للوقود الاحفوري في توليد الطاقة وانبعاث الجسيمات واكاسيد الكبريت في الغازات المنبعثة من المصانع .
رابعا : تلوث الشواطئ
كما لوحظ سابقا تقع بعض المدن الكبيرة في البلدان العربية علىالشواطئ وادي التلوث الذي مصدره البر بما في ذلك تصريف مياه الصرف الصحي في البحر الى تدهور المناطق الساحلية التي بدورها تكلف البلدان 1-2 بليون دولار امريكي كل عام على عائدات سياحية ضائعه .





المبحث الثالث
التصدي للتحدي البيئي
تحتاج البلدان العربية للتصدي لهذه المشكلات ومعالجة الجوانب الاخرى لشح الموارد الطبيعية وتدهور البيئة ولكن المشاكل التي يواجهها العديد من هذه البدان لا تزال قوية وقد ازداد الوعي بان التركيز علىالحفاظ على الموارد يساوي في اهميته التركيز على مكافحة التلوث وانه يتعين ان تراعي التنمية المستدامة لثلاثة مبادئ رئيسية :
أ‌- الاستخدام الرشيد لموارد البيئة الناضبة والتوقف عن هدرها في اسراف لا مبرر له لموارد لاتعوض والاستثمار في تامين موارد بديلة .
ب‌- الالتزام في استهلاك الموارد المتجددة (نباتا وحيوانا ) بقدرة هذه الموارد على تجديد نفسها حتى لاتفنى مع مرورو الزمن .
ت‌- الالتزام بقدرة البيئة علىالتعامل المامون مع ما نلقيه فيها من نفايات وملوثات .
مما لا شك فيه ان طرق التقيد بهذه المبادئ تتنوع وفقا لظروف البلد ونظمه الايكلوجية ولكنها ستتطلب في جميع الحالات برامج بيئية تدار بفاعليه والادارة البيئة مفهوم جديد نسبيا بالنسبة لجميع البلدان وتصارع جميعها بعض المشاكل الخاصة التي يشكلها هذه المفهوم وتشمل هذه المشاكل .
· الاتساع المستمر لنطاق المنظومة البيئية التي تتعين ادراتها . وقد توسع هذه النطاق على مدى السنين ليشمل المقاطعة فالمدينة فالدولة فمجتمعات الدول المجاورة فكوكب الارض كله ، ولكل من هذه النطاقات مشاكل متداخله ايضا .
· التغيرالمستمر في معايير النوعية التي يسعى أي نظام ادراة بيئية لتحقيق الالتزام بها وياتي هذا التغير من تعميق فهمنا للاسباب الكامنة وراء الظاهرة البيئية ذات الاثار غير المرغوب فيها ومن ثم اعادة النظر في الصفات المطلوب الالتزام بها .
· حقيقة ان الادوات الرسمية لتحقيق الاهداف الاجتماعية كسن القوانين يمكن ان تكون عديمة الجدوى في محال البيئة لا سيما في المجتمعات النامية وقد يكون انفاذ القوانين صعبا بل مستحيلا احيانا وربما من الاجدى تلبية الاهداف البيئية بوسائل اخرى مثل حملات التوعية الجماهيرية والضغط الاجتماعي والحوافز الاقتصادية والمساعدة الفنية .
· وجود قيود اخرى على الادراة البيئية والعمل البيئي مثل القيم الاجتماعية السائدة او قوة المصالح المكتسبة اومشكلة العوامل الخارجية او محدودية الخبرة في الشئون البيئية في العديد من البلدان .
· ظهور قضايا بيئية عالمية جديدة حيث تاثرت البلدان العربية بالمشاكل ذات الابعاد الكونية مثل استنزاف طبقة الاوزون والتغيرالمناخي وفي الوقت نفسه يتفاوت تاثير التغيرات العالمية على المناطق المختلفة في تغير انماط سقوط المطر الذي يؤثر على بلدان حوض نهر النيل على نحو مختلف من تاثيره على بلدان شمال افريقيا وارتفاع مستويات مياه البحر يؤثر على مصر على نحو مختلف عن تاثيره علىا لبحرين او على البلدان الواقعة على الشاطئ الشرقي للبحر الابيض المتوسط ويتعين ان تظل البلدان العربية علىاطلاع على البحوث في هذه البلدان لتقليل المخاطر في المستقبل .
· وفي نفس الوقت انتعش الاهتمام العربي بالبيئة علىالصعيدين الحكومي والشعبي وكذلك في المعاهد الاكاديمية ومعاهد البحوث وتعكس استراتيجية حماية البيئة التي ترد خطوطها العريضة في الجزء التالي ، التفكير الجديد في الطريقة التي تمكن البلدان العربية من التقدم في هذا الميدان الهام بشكل خاص للتنميةالانسانية .
نحو استراتيجية لحماية البيئة
تجسد الاستراتيجية المقترحة عددا من المبادي التوجيهية العامة التي يمكن الاستفادة منها لوضع برامج عمل بيئية وتستند هذه المبادئ التوجيهية بدورها الى دعامتين :
(1) جوانب القوة والضعف في الظروف البيئة العربية الحالية .
(2) فهم عام للتطورات الاخيرة في مختلف مجالات العمل البيئي
ويتطلب التنوع الايكلوجي في العالم العربي اتباع طرق علاج مختلفة للمشاكل البيئية في البلدان المختلفة ولكن المبادئ التوجيهية تتسع بما فيه الكفاية لتطبيقها بصورة عامة .
سمات استراتيجية لحماية البيئة في البلدان العربية :
في ضوء التحليل الوارد اعلاه والتغيرات المستمرة في العالم العربي ، نقترح الابعاد الستة التالية لاستراتيجية العمل البيئي العربي :
1- العمل ضمن اطارين زمنيين . تتعذر معالجة جميع المشاكل البيئية العديدة والمتنوعة التي تواجه البلدان العربية في وقت واحد ولذلك يتعين ان توضع خطط عمل تهدف الى حماية واصلاح البيئة العربية الى مستويين :
· وضع خطط قصيرة الاجل ، تغطي خمس سنوات مثلا وتعالج مشكلات ذات طبيعة ملحة .
· وضع خطط طويلة الأجل تأخذ في الحسبان الخطط القصيرة الأجل لكنها تعالج المشاكل التى تحتاج الى جهد مستمر على مدى فترة زمنية اطول .
2- وضع سلم اولويات العمل على اساس علمي رصين .
3- وقف اسباب تدهور البيئة: فغالبا ما يبذل قدر كبير من الجهود لمعالجة تاثيرات تدهور البيئة قبل ايلاء الاهتمام المناسب لوقف اسباب التدهور وهذه الجهود لا تعود بمردود ايجابي . خاصة وان هناك حالات تكون فيها التاثيرات شديدة بحيث يتوجب تقسيم الجهود بين علاج التاثيرات من جهة وازالة اسباب المشاكل من الجهة الاخرى وفي هذه الحالات يلزم بذل جهد كبير جدا في دحرجة المشاكل البيئة من منطقة الى اخرى او من وقت الى وقت لاحق حيث سيؤدي دائما الى كلفة طائلة وافضل نهج هو معالجة المشاكل في مرحلة مبكرة .
4- تعزيز القدرة العربية علىاستخدام ادوات الاقتصاد البيئي الحديثة . ان اتقان استخدام ادوات التحليل الحديثة يمكن ان يوفر لصانعي الساسة تقديرات دقيقة للضرر الذي لحق بالبيئة نتيجة لعدم اتخاذ اجراءات او التأخر في اتخاذها ، ويمكن ان يساعد على معالجة المشاكل البيئية بسرعة وفعالية ومن بين هذه الاداوت حساب الاثار البيئية الخارجية للانشطة الاقتصادية وتعديل احصاءات اجمالي الناتج القومي لاظهار ما يستهلك من موارد وما يحدث من تلف بيئي والقيمة الحقيقة للاستثمارات مع مرور الزمن وهذه الادوات متوفرة واخذة في التحسن وتطبيقها يزداد يسرا ويمكن ان تكون مفيدة جدا لصانع القرارالعربي وتساعده في ان يتخذ بثقة قرارات رشيدة بشان المسائل البيئية .
5- اعتماد استراتجية الانتاج الانظف: استراتيجية الانتاج الانظف تغطي نطاقا واسعا من المواضيع بما فيها تخفيض استهلاك الموارد الطبيعية بسرعة وعلى نحو ملموس وتجنب استخدام المواد شديدة السمية او الضارة بالبيئة وتحسين تصميم وتصنيع المنتجات لتخفيف العودام المنبعثة والقمامات والنفايات وتشجيع اعادة التدوير . وتتعرض هذه الاستراتيجية ايضا لنظام القيم الاجتماعية والظروف التي ينشا في ظلها الطلب الاجتماعي على المنتجات والخدمات . ومن ثم تحاول تعديل هذه النظم لتخفيف استهلاك الكماليات غير الضرورية التي تبدد الموارد وتضر بالبيئة وتسعى البلدان الصناعية الىتحقيق ما يعرف بالمعامل 4 على الاجل القصير والمعامل 10 على الاجل الطويل وينطوي الاول علىمضاعفة الانتاج بنصف المدخلات من الموارد الطبيعية والطاقة ويشير الثاني الى انتاج نفس الانتاج بعشر المدخلات وتنطوي استراتيجية الانتاج الانظف على فهم ديناميكي لمفهوم الانظف حيث سيكون هناك مع تطور درايتنا الفنية وفهمنا لحقيقة المشاكل البيئية وتعاظم قدرة المجتمع علىالتصدي لها . دائما نمط للانتاج والاستهلاك افضل من وجهة النظر البيئة من نمط نسعى اليوم لتحقيقه.
6- زيادة المشاركة الشعبية في خطط عمل حماية البيئة في التعامل مع القضايا البيئية : فقد كان ولا يزال السؤال الاساسي هو كيف يمكن تحقيق التوازن المناسب بين متطلبات التنمية وضغطها على البيئة من جهة والحاجة لحماية البيئة من جهة اخرى ولتحقيق هذه التوازن قد يتطلب الامر احداث تغييرات كبيرة في خطط التنمية وقد تتعارض هذه التغيرات بدورها مع مصالح مجموعة اجتماعية او اخرى ولذلك ينبغى بذل كل جهد لكسب تاييد الشعب لهذه التغييرات . ويتعين ان يقوم هذا الدعم على توعية الجمهور بابعاد المشاكل البيئية والسبب الذي يدعو للاخذ بنهج معين لمعالجتها وينبغى استطلاع الراي العام بشان الخيارات المقترحة وان يؤخذ هذا الراي ماخذ الجد لان الشعب هو الذي يتاثر بالمشاكل وبالحلول على حد سواء ولا يمكن ان تنجح جهود حماية البيئة على الاجل الطويل بدون دعم الشعب .
وتوجد ثلاثة عوامل حاسمة في حشد الراي العام بالنسبة للقضايا البيئية:
الاول هو دمج الوعي البيئي في التعليم والتدريب على جميع المستويات وفي جميع الميادين بحيث يبدا هذه الدمج في اوائل مراحل التعليم ويستمر حتى الدراسات الجامعية العليا (الهندسة والادراة والاقتصاد والقانون )وفي معاهد البحوث.
والثاني هو تعبئة وسائط الاعلام المكتوب والمسموع والمرئي بالاضافة الى الفنانين والادباء للفت انتباه الجمهور الى القضايا البيئية والحصول على دعمه.
الثالث هو تشجيع المشاركة الشعبية في سن التشريعات وفي الامتثال لها بعد سنها .وهذه المهمة ليست سهلة في مجتمعات ما زالت تفتقر في ممارستها وتشريعاتها الى الاهتمام بالمشاركة الشعبية في صنع القرار وتنفيذه ولكنها ذات اهمية حاسمة لكي تعطي التشريعات البيئية وخطط العمل البيئية ثمارها .
الاطار المؤسسي لحماية البيئة
اخذت معظم البلدان العربية بنهج السيطرة والتحكم تجاه الشئون البيئة وهذا النهج الذي فشل في البلدان الصناعية فشل ايضا في البلدان العربية وكبديل يتعين الاخذ بنهج اكثر فعالية وتوحي الخبرة في العديد من البلدان النامية والبلدان الصناعية ان من الصواب البدء بادوات غير مباشرة على سبيل المثال الرقابة الذاتية وتاخير استعمال التدخل المباشر الى ان يصبح واضحا ان الادوات غير المباشرة غير فعالة ويتعين اتخاذ تدابير اخرى .
وتظل هناك افعال مباشرة ضرورية لمساعدة المطالبين على تغيير سلوكهم قبل التركيز على عقابهم ومنها
· تعظيم استعداد المجتمع للامتثال وزيادة الموارد اللازمة للامتثال الى اقصى حد ممكن.
· اقناع الناس بقيمة جهودهم الاضافية ومساعدتهم على بذل هذه الجهود
· استعمال اليات السوق (على سبيل المثال وضع معلومات ايكلوجية على البطاقات التي توضع علىالمنتجات )لزيادة وعي المجتمع بالاثار البيئية للمنتجات والخدمات .
· اشراك المجموعات المتأثرة بالتلوث او هدر الموارد في وضع المواصفات البيئية والتحقق من الامتثال لها (الرقابة الذاتية )
· الحفاظ على مسئولية الحكومة في انفاذ الامتثال حتى مع وجود الرقابة الذاتية .
· معالجة الخداع والغش والمعاقبة بقوة على ارتكابها .
· وضع نظام رقابة صارم وشامل وذي مصداقية .
التعاون العربي في شئون البيئة
ان ترابط النظم البيئة العربية وما يجري في طرفيها (الموارد والملوثات )يفرض على الدول العربية ان تتعاون في رعايتها وتتوافر لدى بعض البلدان العربية خبرة تعود الى عقود سابقة من التعاون (مثلا من خلال الاتفاق او عدم الاتفاق على طرق استعمال موارد المياه المشتركة ) وعلى الرغم من ان التجربة مختلطة في هذا المجال فانه يمكن للبلدان العربية ان تنظر في ثلاثة مستويات من التعاون فيما بينها بشان المسائل البيئة العامة .
v على الصعيد الحكومي
اصبح تعزيز اداء مجلس الوزراء العرب المسئول عن البيئة مسالة ملحة حتى يتيح الاطار المناسب لرعاية موارد البيئة المشتركة وتسوية النزاعات التي قد تقوم بين البلدان العربية حول الاستعمال المشترك لهذه الموارد ولتعزيز التعاون العربي والمدافعة عن المصالح العربية في المحافل الدولية واحدى المسائل التي يتعين ان يعالجها المجلس هو عدم اتساق او تضارب بين المصالح العربية (مثلا في مجال سياسات الطاقة او تغيير المناخ ) ويتعين على المجلس ان يحدد هذه الاختلافات وان يقنن نطاقها او يضيقها وان يمنع ظهورها في المحافل الدولية اذا اقتضى الامر .
1- على صعيد العمل العلمي
v لا تزال البحوث والدراسات البيئة متفرقة بين عدد من الدول العربية وادى هذه الى اضعاف البحث في مجالات هامة تتصل بحماية البيئة في البلدان العربية مثل استخدام الطاقة الشمسية لا سيما في مجال تحلية المياه .
v انشاء كيانات جديدة ليس هو افضل الطرق بالضرورة لتعزيز الجهود العلمية العربية المشتركة ولكن ينصح يتقسيم المهام وتبادل الخبرات والمعلومات وقد يساعد تجميع الكيانات العربية في كيان تعاوني في الحالات التي تتجاوز فيها تكلفة المنشات قدرة او احتياجات اي بلد عربي بمفرده .
v تقع مسئولية تنشيط العمل العلمي العربي على عاتق الحكومات العربية وبوسع رجال الاعمال العرب بقدر معقول من الانفاق والجهد تطوير ثقافة بيئية قادرة على النجاح وتسويقها وهذا من شانه ان يعزز كفاءة استعمال الموارد البيئة وان يكبح التلوث ام يعكس اتجاهه وينبغي ان تقدم الحكومات العربية الحوافز اللازمة للاعمال للقيام بهذه المهمه .
2- على صعيد العمل الاهلي
في بعض الحالات النادرة والجديرة بالثناء اظهرت المنظمات غير الحكومية خبرة ومعرفة في القضايا البيئية وتبنت قضايا بيئية تهم المجتمع ودافعت عنها باقتناع وتصميم .
الا انه نظر لعدم وجود عدد كبير من المنظمات المدنبة التي تعمل من اجل حماية البيئة في البلدان العربية فان فعالية اتحاد هذه الجمعيات الذي انشئ في اواخر القرن العشرين سيظل محدودا ما لم تبذل جهود لتقوية هذه الجمعيات بوصفها قوة جماهيرية تدعم الحكومات والمنظمات المهنية في جهودها الرامية للتغلب على المشاكل البيئة .






الخاتمة
ان الهدف الحقيقي لبرامج المحافظة على البيئة في المجتمعات العربية هو احداث تغيير في اتجاهات الناس وفي البنية الطبيعية و انشاء علاقات جديدة بينهم وبين الموارد الاقتصادية وادخال الوسائل التكنولوجية الحديثة في الانتاج و ما يتبع ذلك من تغيرات لاساليب الانتاج ولمفاهيم الثروة والدخل والاستهلاك مما يترتب عليه تغيير في التركيب الاجتماعي والعلاقات ومجموع القيم الاجتماعية وادخال مفاهيم علمية جديدة في السلوك والعادات والخبرات التقليدية في مجالات العمل الجماعي والحياة السياسية والتعليم والادارة والصحة وغيرها .
والحفاظ على البيئة عندما يتم لا يحدث دون مشاكل او معوقات وهذه المعوقات تتمثل في القيم والعادات السيئة المتوارثة وسيطرة العقلية التقليدية علي تفكير اغلب ابناء هذه الشعوب ، كما تعاني هذه الشعوب ايضا من مشكلات تتعلق بنظم التعليم فيها فالامية سمة من السمات الرئيسية وهبوط المستوى التعليمي نتيجة كثرة الطلاب وقلة الخبرات العلمية والاجهزة وضيق القاعات مما ادى الي تردي المستوى التعليمي وانخفاض القدرة الابداعية واستمرار الاعتماد علي التكنولوجيا المستورده ... هذا بالاضافة الي المشكلات المرتبطة بوضع المراة الاجتماعي وقلة انتاجيتها .. والمشكلة السكانية والتي تتمثل ليس في مجرد ارتفاع الزيادة السكانية وانما في عدم استثمار الطاقات البشرية الاستثمار الامثل .هذه كلها مشاكل تتعلق ببرامج التنمية المستدامة ولا سبيل امثل لحلها سوى من خلال اعلام مستنير وجاد يضع اصابعه علي مشاكل المجتمع ويعالجها العلاج الامثل . من هتا جاءت اهمية الاعلام في المحافظة على البيئة وجعلها في خدمة الانسانية جمعاء وليس بجعلها معوق اساسي في عملية التنمية كما هو حادث الان.